حليفان جديدان ينضمان إلى محور التدخل الأمريكي- الإسرائيلي
الجمل : تشير معطيات وملامح المسرح السياسي الدولي الآن، إلى بروز جديد لقوة جديدة تتمثل في (محور التدخل).. والحليفان المؤسسان اللذان يشكلان العضوية المؤسسة لهذه الـ(شراكة) الجديدة، هما: الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل، وعلى مايبدو فإن هناك شركاء جدد يمثلون أقوى المرشحين لنيل عضوية الشراكة في هذا المحور، هما: اثيوبيا التي انضمت عملياً على ما يبدو إلى هذا المحور، بعد قيامها تحت غطاء أمريكي- إسرائيلي بمهاجمة وغزو أراضي الصومال.. أما العضو الرابع الذي يتلمس الطريق من أجل الانضمام، فهو اليابان..
لم تقم إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، بتنفيذ عدوان جديد، في الفترة الأخيرة، بعد أفغانستان والعراق، وبرغم ذلك، يمكن القول: إن الإدارة الأمريكية قد أرست سابقة خطيرة في النظام الدولي، تمثلت أبرز ملامحها في الآتي:
• شن الحرب ضد تنظيمات مثل القاعدة وليس ضد دول بعينيها وحسب.
• تبرير الدفاع عن النفس وفقاً لـ(مبدأ الضربة الاستباقية).
• تأويل النصوص القانونية الدولية وفقاً للمصالح الأمريكية.
• العمل على تغيير الأنظمة السياسية وانتهاك سيادة الدول وفقاً لـ(رؤية) البيت الأبيض لأمريكي.
• التذرع دائماً بـ(التهديدات) المستقبلية من أجل تبرير العدوان على الآخرين.
على هذا النحو قامت إسرائيل بملاءمة ومماثلة هذه الـ(سابقة) الأمريكية، وأصبحت تستهدف كل منطقة الشرق الأوسط، متذرعة بالـ(حجج) والمبررات الأمريكية نفسها، لجهد استهداف تنظيمات حزب الله، حماس، والجهاد الإسلامي، إضافة إلى انتهاك سيادة لبنان، والسلطة الفلسطينية.. وتهديد دول المنطقة الأخرى بـ(شن) الحرب عليها..
حالياً يمثل التورط الإسرائيلي العدواني ضد لبنان، وقطاع غزة نقطة البداية لتوليد حرب واسعة.. لن تؤدي إلا لإنتاج المزيد من الكراهية والعداء لأمريكا وإسرائيل.. وما لا يقدره الأمريكيون والإسرائيليون، أن أعداءهم الجدد هذه المرة سوف يكونون أكثر حزماً وقوة في المواجهة.. وسوف تندم إسرائيل كثيراً في المستقبل على موقفها (الرافض) للمفاوضات حول الأسرى..
أرسلت اثيوبيا -الشريك الثالث المفترض في محور العدوان- قواتها لغزو الصومال في يوم 20 تموز الجاري، متذرعة بـ(دعم الحكومة الصومالية التي عينتها أمريكا من قبل بمؤازرة أمراء الحرب الأهلية في الصومال)، ولكن الهدف الواضح يتمثل بدعم حلفاء أمريكا وإسرائيل في منطقة القرن الأفريقي، والتي تمثل القطاع الجنوبي في مخطط خارطة الشرق الأوسط الكبير، ومثلما يهدد التدخل العدواني الإسرائيلي بحرب شاملة في منطقة شرق المتوسط، فإن التدخل العدواني الاثيوبي في الصومال يهدد أيضاً بحرب شاملة في منطقة القرن الأفريقي.. وذلك ضمن الأجندة نفسها والذرائع نفسها المتمثله بـ: إعادة صياغة المنطقة الجغرافية الواسعة التي تتضمنها خارطة الـ(شرق الأوسط الكبير).. ولكن اثيوبيا على ما يبدو مثلها مثل إسرائيل.. سوف يكون مصيرها الندم في المستقبل.. لان تحركها العدواني قد أدى إلى تحريك الحركات الإسلامية المتشددة في القرن الأفريقي.. وباتت تهدد بالإطاحة بالنظام في جيبوتي –أخلص حلفاء أمريكا وإسرائيل في المنطقة- وبالتالي إذا (طار) النظام في جيبوتي.. فسوف تطير معه كل القواعد الأمريكية والإسرائيلية والفرنسية في منطقة القرن الأفريقي.. إضافة إلى أن اثيوبيا نفسها، والتي يوجد فيها 20 مليون عربي مسلم يتمركزون في جزئها الجنوبي من بين عدد سكانها الإجمالي البالغ 60مليون نسمة، سوف تواجه خطر الانقسام، لأن الفصائل المسلحة الـ(عربية الإسلامية) في جنوب اثيوبيا قد بلغ عددها خمس فصائل.. وعلى خلفية دعم الـ(20)مليون عربي اثيوبي لها.. فإن مصير اثيوبيا سيكون الانقسام إلى دولتين.. (عربية) في الجنوب.. وأخرى في الشمال..
اليابان -الشريك المفترض الرابع- في محور التدخل، أظهرت الكثير من الإشارات والتلميحات التي تبرز رغبتها بالانضمام إلى (محور التدخل)، وذلك عندما تبنت على طاولة المفاوضات ضرورة اللجوء إلى الخيار العسكري في التعامل مع كوريا الشمالية..
وبرغم الـ(خمسين) عاماً الماضية، بعد الحرب العالمية الثانية، والتي استمتعت فيها اليابان بنمو وانتعاش اقتصادي، جعل منها ثاني أغنى دولة في العالم، والأكثر تقدماً في مجال التكنولوجيا.. فإن الـ(نخبة) اليابانية لم تتخل عن (نزعة العداء القومي) التي ظلت سمة مميزة لعلاقة اليابان مع جيرانها في منطقة الباسفيكي وشرق آسيا، وهو مر تؤكده خبرة الحروب العدوانية والاستعمارية اليابانية في تلك المنطقة خلال القرون الأربعة الماضية.
تحالفت اليابان مع ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، وبعد استسلام اليابان في هذه الحرب، أصبحت المؤسسة العسكرية اليابانية مثلها مثل الألمانية، تعمل فقط على أساس اعتبارات العقيدة العسكرية الدفاعية.. ولكن حالياً أصبحت اليابان تتذرع بـ(الحجج والمبررات الأمريكية- الإسرائيلية نفسها) بإسقاط اللوم على الـ(خطر الكوري الشمالي) والـ(إرهاب الكوري الشمالي).. وذلك من أجل أن تسمح لها الإدارة الأمريكية بـ(إعادة بناء المؤسسة العسكرية اليابانية على أساس اعتبارات العقيدة العسكرية الهجومية).. وذلك حتى تساعد أمريكا وإسرائيل بفعالية في الـ،(حرب ضد الإرهاب) في منطقة آسيا والباسفيك.
حذرت الصين وروسيا وكوريا الجنوبية، أمريكا من مغبة دعم اليابان في توجهاتها الجديدة.. ولكن المعطيات الجارية تؤكد أن الإدارة الأمريكية تريد اليابان هذه حليفة للرئيس جورج دبليو بوش. بالطريقة نفسها التي كانت بها اليابان حليفة لـ(هتلر).. ولا أهمية للتاريخ الماضي (الطويل) في نظر الإدارة الأمريكية.. وما هو مهم فقط هو التاريخ الآتي.. الـ(قصير) على المدى المنظور..
لقد صنعت الإدارة الأمريكية(محور الشر).. كهدف افتراضي يوفر الـ(تغطية) لعملية فرض الهيمنة الأمريكية على العالم.. والآن بدا واضحاً أن المحور الحقيقي الذي يمارس الشر هو (محور التدخل).. والذي سوف يوسع دائرة استهدافه للعالم.. ولن تكون دائرة الاستهداف حصراً هي منطقة الشرق الأوسط.. بل سوف تتوسع لتشمل: كوريا الشمالية، وجنوب شرق آسيا، وفنزويلا وكوبا، وكوستاريكا.. إضافة إلى كامل القارة الافريقية..
إن التدخل الإسرائيلي العدواني الجديد في جنوب لبنان، لتدخل الاثيوبي في الصومال، ما هي إلا بداية حلقة جديدة تهدف إلى فرض السيطرة الأمريكية.. ولكن ما لا يعرفه الأمريكيون أو الإسرائيليون، أن توسيع دائرة الحروب، سوف يطلق الشر المستطير من عقاله.. وسوف تتحقق أطروحة الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز القائلة بـ(حرب الجميع ضد الجميع).. في العالم سوف تكون بسبب أمريكا وإسرائيل..
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد