مبارك يثير زوبعة اعتراضات في الهلال الشيعي
استنكرت بغداد وطهران تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك لقناة العربية الفضائية حول أن العراق يعيش حربا أهلية، وأن ولاء أغلب الشيعة في المنطقة هو "لإيران وليس لدولهم". في الوقت نفسه طالب نواب وقيادات شيعية في الكويت مبارك بالاعتذار عن تصريحاته.
بالمقابل ، سعى متحدث رئاسي مصري إلى التخفيف من حدة تصريحات مبارك ، وقال إن الرئيس المصري قصد من تصريحاته هو التعاطف الشيعي (العراقي)مع ايران بالنظر لاستضافتها للعتبات المقدسة.
وأشار رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته إبراهيم الجعفري في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس جلال طالباني ورئيس مجلس النواب عدنان الباجه جي إلى "ما ورد على لسان" الرئيس مبارك "بشأن ولاء الشيعة لإيران، مما يفهم على أنه طعن في وطنيتهم وحضارتهم، وان عن غير قصد".
وأكد الجعفري أن هذا التصريح: "سبب ازعاج شعبنا العراقي من مختلف الخلفيات الدينية والمذهبية والقومية والسياسية، وأثار أيضا استغراب واستياء الحكومة العراقية".
من جانبه، قال الرئيس طالباني الاحد ان تصريحات مبارك "سببت ازعاجا للشعب العراقي بمختلف طوائفة وقومياته واثارت استياء الحكومة العراقية".
وأضاف: "ما سمعناه هو اتهام خطير لأكثرية الشعب العراقي الذين حددهم الأخ حسني مبارك بـ65 بالمئة وأن الواقع هو أن الشيعة في العراق وطنيين وعروبيين وأن انتماءهم للعراق لا يوازيه أي انتماء آخر".
وقال طالباني : "أثار استغرابنا توصيف المشاكل الأمنية في العراق بأنها حرب أهلية في الوقت الذي أثبت فيه شعبنا بأنه بعيد كل البعد عن الحرب الطائفية فضلا عن الحرب الأهلية".
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن بلاده تستخدم نفوذه لتأمين "استقرار" المنطقة، وذلك ردا على تصريحات للرئيس مبارك حذر فيها من تأثير إيران على الشيعة.
وقال المتحدث حميد رضا اصفي في مؤتمره الصحافي الأسبوعي إن "الجمهورية الإسلامية تسعى إلى تأمين الاستقرار والأمن في المنطقة".
وأضاف أن "لإيران تأثيرا كبيرا في العراق، لكننا لا نستخدم هذا التأثير مطلقا للتدخل في الشؤون الداخلية العراقية. تأثيرنا روحي واستخدمناه دائما لتعزيز التفاهم والتقارب بين المجموعات الدينية والاتنية".
وكانت طهران قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية بالقاهرة اثر توقيع الرئيس المصري السابق أنور السادات اتفاق كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل.
تنديد من شيعة الكويت
في السياق نفسه، ندد نواب وقيادات شيعية في الكويت اليوم الأحد بشدة بتصريحات الرئيس المصري حسني مبارك المثيرة للجدل حول ولاء الشيعة العرب لإيران وطالبوا بالاعتذار عنها.
وقال النائب حسن جوهر في مؤتمر صحافي عقد في مجلس الامة (البرلمان) الكويتي "اننا لا نستجدي شهادات الولاء والطاعة لاوطاننا من (الرئيس المصري حسني) مبارك ولا غيره. انها تصريحات غير مسؤولة (..) ولا تخدم سوى إثارة الفتنة الطائفية".
وطالب جوهر في المؤتمر الذي حضره ثلاثة نواب شيعة في البرلمان "باعتذار رسمي واضح من الرئيس المصري" عن تصريحاته.
من جهته، اعتبر النائب صالح عاشور "ان تصريح مبارك يكرس سياسة استخباراتية غربية لضرب استقرار المنطقة"، مضيفا أن "الشيعة الغوا الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان ووضعوا علم بلادهم لبنان في حين ما زال علم إسرائيل يرفرف في قلب الأمة العربية مصر".
وأعلن عاشور أن عددا من النواب سيقدمون طلبا لمناقشة هذه التصريحات في جلسة البرلمان القادمة في 17 نيسان/ابريل الحالي. وطالب النائب صلاح خورشيد الحكومة الكويتية باصدار بيان يدين تصريحات الرئيس المصري.
وفي السياق ذاته، قال رئيس تجمع العلماء المسلمين الشيعة في الكويت محمد باقر المهري أن ولاء الشيعة في الخليج هو اولا لبلدانهم.. وأضاف لوكالة فرانس برس "ان ولاءنا اولا واخيرا لاوطاننا ونحن مستعدون ان ندافع بالسلاح ضد أي اعتداء على بلداننا".
محاولة مصرية لاستيعاب الغضب
من جانبه، قال سليمان عواد، المتحدث الرئاسي المصري، إن "ما قصده السيد الرئيس (مبارك) هو التعاطف الشيعي (العراقي) مع إيران بالنظر لاستضافتها للعتبات المقدسة".
وأضاف عواد في تصريحات للصحافيين أن موقف مبارك "يعكس قلقه البالغ من استمرار تدهور الوضع الراهن وحرصه على وحدة العراق وشعبه وعلى استعادة الهدوء والاستقرار وتحقيق الوفاق الوطني بين كافة ابناء الشعب العراقي الواحد". وتابع عواد بان مصر تتعامل بدون "تفرقة أو تمييز" مع جميع أطياف الشعب العراقي.
مبارك: ولاء أغلب الشيعة ليس لدولهم
وفي حديث لقناة "العربية" السبت 8-4-2006، قال الرئيس مبارك إن العراق يعيش حربا أهلية، مؤكدا أن انسحاب القوات الأمريكية منه الآن سيشكل "مصيبة" ويوسع دائرة العنف لتشمل "المنطقة كلها".
وأكد أن ولاء أغلب الشيعة في المنطقة هو"لإيران وليس لدولهم". وقال ردا على سؤال عن التأثير الإيراني في العراق "بالقطع إيران لها ضلع في الشيعة.. الشيعة 65 بالمئة من العراقيين وهناك شيعة في كل هذه الدول وبنسب كبيرة والشيعة دائما ولاؤهم لإيران. أغلبهم ولاؤهم لإيران وليس لدولهم".
وأوضح مبارك أن "الحرب ليست على الأبواب. هناك حرب أهلية تقريبا بدأت. شيعة وسنة وكرد والاصناف التي جاءت من آسيا (..) العراق مدمر تقريبا حاليا".
وأضاف مبارك "إذا انسحب الأمريكيون الآن ستكون مصيبة. الحرب ستشتعل أكثر بينهم (العراقيون) (..) وقوى كثيرة ستدخل إيران تدخل وهذا وذاك".
وأضاف أن العراق سيكون في هذه الحالة "مسرحا لحرب أهلية بشعة وبعد ذلك ستشتعل العمليات الإرهابية ليس في العراق فقط بل في المنطقة كلها".
وأشار مبارك إلى أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان قادرا على الإمساك بزمام الأمور "لو كان عادلا". وقال إن "المشكلة معقدة من الأصل لأن تكوين العراق من عدة مجاميع مختلفة لن يترك الوضع يستريح أبدا. لذلك لو كان صدام عادلا في تصرفاته لم يكن حصل ما حصل".
نفي توريث الحكم
وجدد الرئيس المصري نفيه إمكانية توريث الحكم لنجله جمال، مؤكداً أن نظامه مستمر في إجراء الإصلاحات السياسية والدستورية التي وعد بها خلال حملته الانتخابية.
وقال إن "توريث الحكم في مصر ليس وارداً أبداً.. (وأن) مبدأ التوريث انتهى". وأضاف مبارك أن "مجلس الشعب (البرلمان) المصري أجرى تعديلاً دستورياً لمواجهة معضلة انتقال السلطة في مصر".
وكان البرلمان المصري أقر تعديلاً دستورياً في مايو/أيار الماضي يسمح بانتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع الحر المباشر بعد تزكيته من قبل 250 من أعضاء المجالس المنتخبة في مصر.
وعارضت قوى وأحزاب المعارضة المصرية الشروط التي وضعها التعديل الدستوري بدعوى أنه يحتكر اختيار مرشح الحزب الحاكم في المنصب، خصوصاً وأن جميع أحزاب المعارضة المصرية بما فيها حركة الإخوان المسلمين المحظورة لا تتوافر على مثل هذا العدد في المجالس المنتخبة.
وكان جمال مبارك، 42 عاماً، نفى في مقابلة مع التلفزيون المصري في نهاية الشهر الماضي أن تكون "لديه الرغبة أو النية " للترشح لمنصب الرئاسة. ونفى الرئيس المصري اليوم إمكانية تعيين نائب له في الفترة الحالية.
وقال "أنا لست مستعدا لتعيين نائب للرئيس، حتى يختلف مع رئيس الحكومة". وقال الرئيس المصري إن الحكومة مستمرة في مسيرة الإصلاحات التي بدأتها.
وتوقع أن يتم إقرار قانون مكافحة الإرهاب بدلاً من قانون الطوارئ في مدة أقصاها سنتين. وقال إن إقرار قانون الطوارئ سيأخذ "من سنة ونصف إلى سنتين كحد أقصى حسب مناقشات تعديل الدستور".
ووصف مبارك العلاقات المصرية-الأمريكية "بالجيدة جداً"، مشيراًَ إلى أن واشنطن لا تمارس أي ضغوط على مصر بخصوص مسائل الإصلاح السياسي. وقال إنه لن يقوم بزيارة إلى واشنطن خلال العام الحالي.
وسئل عن عدم زيارته للعاصمة الأمريكية خلال العامين الماضيين، فقال "هو يعني أنا يجب أن أحج (لواشنطن) كل سنة؟". وأضاف "هذه السنة لدينا بعض الإصلاحات والقوانين التي تمنعني من المغادرة، حتى أنه كانت لدي دعوة لزيارة الصين، إلا أنني لم أذهب".
وعن إمكانية قطع المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر، قال مبارك "سوف يأتي وقت نستطيع الاستغناء عنها (المساعدات)..لأن هذا الدعم لن يكون إلى الأبد.. وسوف يقل".
إضافة تعليق جديد