أبرز التهديدات الداخلية التي يواجهها النظام الإيراني
الجمل: تواجه إيران المزيد من الضغوط الخارجية الإقليمية والدولية بسبب برنامجها النووي، وفي الوقت نفسه تواجه العديد من الضغوط الداخلية والمحلية بسبب الخلافات والتباينات المذهبية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغير ذلك من عوامل الصراع والتناحر:
• التهديدات الداخلية:
يفهم الإيرانيون تماماً حقيقة أن تزايد الاضطرابات الداخلية التي يتم تنظيمها ودعمها بواسطة الأطراف الخارجية سوف تعمل في حقيقة الأمر بمثابة المقدمة التي سوف تأتي بعدها الضربات الأمريكية.
أبرز التهديدات الداخلية التي تواجه إيران تتمثل في الآتي:
- تهديدات اجتماعية: مصدرها الاقليات الاثنية والمذهبية والعرقية.
- تهديدات سياسية: وتتمثل في الحركات العلمانية المعارضة لمشروع الجمهورية الإسلامية، إضافة إلى الخلافات بين أنصار نظام الثورة الإسلامية الإيرانية.
- تهديدات اقتصادية: وتتمثل في عدم توازن التنمية الاقتصادية.
- تهديدات أمنية: وتتمثل في شبكات العملاء التي تعمل داخل إيران، لمصلحة المخابرات الأمريكية، ومخابرات الدول الحليفة لأمريكا.
- تهديدات عسكرية: وتتمثل في الحركات المسلحة التي بدأت في الظهور والقيام ببعض الاغتيالات والتفجيرات في بعض المناطق الإيرانية.
• اتجاهات التهديدات الداخلية:
إيران في حد ذاتها يمكن أن تكون أكثر استقراراً لو تخلت الأطراف الخارجية عن التحرش بها واستهدافها، وبسبب مفاعيل التهديدات الخارجية تحركت مفاعيل التهديدات الداخلية، ويمكن توصيف ذلك على النحو الآتي:
- التهديدات الاجتماعية: من المعروف أن إيران تضم الكثير من القوميات والاثنيات والطوائف، فإضافة إلى الأغلبية الفارسية السكانية الشيعية التي تمثل 60% من إجمالي الشعب الإيراني، البالغ عدده حوالي 70 مليوناً، هناك الـ40% من إجمالي هذا العدد تتنوع وتتوزع جغرافياً على النحو الآتي:
* شمال إيران: يغلب على السكان الطابع الاثني الاذربيجاني الذي ينتمي الى الإسلام السني.
* غرب إيران: يغلب على السكان الطابع الاثني الكردي الذي ينتمي إلى الإسلامي السني وبقدر أقل الإسلام الشيعي.
* جنوب غرب إيران: يغلب على السكان الطابع الاثني العربي الذي ينتمي إلى الإسلام السني.
* جنوب شرق إيران: يغلب على السكان الطابع الاثني البلوشستاني الذي ينتمي إلى الإسلام السني المتشدد.
وقد اهتمت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة بالعمل على تسييس هذه الأقليات، وإضفاء طابع الـ(حركية) السياسية والعسكرية والأمنية عليها، ففي شمال إيران، قامت الأجهزة الامريكية بالتنسيق مع السلطات الأذربيجانية من أجل تكوين ودعم الأحزاب السياسية الخاصة بذوي الأصول الأذربيجانية الموجودين في شمال إيران، ودفعهم إلى معارضة النظام الإيراني، عن طريق رفع الكثير من المطالبة العالية السقف المستحيلة التحقق في ظل هذه الظروف.
وفي غرب إيران قامت سلطات الاحتلال الامريكي الموجودة في العراق، بالتنسيق مع إسرائيل والفصائل الكردية الموجودة في شمال العراق، بدعم وتعزيز قدرات حزب الحياة الحرة الكردستاني الذين ينضوون تحت لواء الأكراد الإيرانيين ودفع عناصره المسلحة من أجل التسلل عبر الحدود العراقية- الإيرانية إلى داخل إيران وتنفيذ العمليات العسكرية وعمليات الحرب النفسية عن طريق توزيع الكتب والمنشورات التي تحرض أكراد إيران على (الثورة) والمعارضة المسلحة.
وفي جنوب غرب إيران، قامت الأجهزة الأمريكية، بالتنسيق مع بعض الأطراف الخليجية في إحياء ملف إقليم عربستان، وتنظيم وتحريض العرب السنة الذين يقطنون في إقليم خوزستان الإيراني الحالي بالعمل من أجل معارضة النظام الإيراني وتجديد الدعوة للانفصال.
وبالنسبة لمنطقة جنوب شرق إيران، فقد قامت الأجهزة الأمريكية بالتنسيق مع جهاز المخابرات الباكستاني، في عملية تنظيم الجماعات الجهادية السنية البلوشستانية المتطرفة، والتي قامت بالفعل بتنفيذ بعض العمليات داخل منطقة بلوشستان الإيرانية التي تشكل امتداداً لمنطقة بلوشستان الباكستانية، وقد استهدفت هذه العمليات مهاجمة عناصر الحرس الثوري الإيراني (الباسدوران) وبعض المرافق العامة.
هذا بالنسبة للأقليات، أما بالنسبة للمعارضة العلمانية الإيرانية فقد قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والبنتاغون بالتنسيق مع قيادة القوات الأمريكية الموجودة في العراق، بتجميع عناصر حركة مجاهدي خلق، ضمن معسكرين داخل العراق وعلى مقربة من الحدود العراقية- الإيرانية، وتبع ذلك قيام هذه الجماعة بالعديد من العمليات السرية والاستخبارية المشتركة مع عناصر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والموساد الإسرائيلي، والقوات الخاصة الأمريكية، داخل الأراضي الإيرانية.
يقول الصحفي غريس زاميليس في صحيفة آسيا تايمز بأن الولايات المتحدة من حيث المبدأ تقوم بدعم وتأييد جماعات المعارضة السياسية التي تسعى من أجل القضاء على نظام الثورة الإسلامية الإيرانية، واستبداله بنظام علماني يقوم على غرار نموذج الحكم الديمقراطي الغربي.
ويشير تقرير مؤسسة جيمس تاون إلى أن هناك من يطالب بإبقاء القوات الأمريكية في العراق، وفي الخليج العربي وأفغانستان بشكل دائم، وذلك لوضع النظام الإيراني الحالي تحت دائرة الردع والضغط، حتى ينهار إما تلقائياً بسبب عدم القدرة على الصمود في وده الضغوط والعقوبات، أو بواسطة ثورة شعبية داخلية على غرار الـ(ثورات الملونة) أو بتوجيه الضربات العسكرية الأمريكية- الإسرائيلية.
وعموماَ ظلت مذهبية الأمن القومي الأمريكي في منطقة الخليج العربي تعتمد على مبدأ (العمود المزدوج) الذي يتكون من السعودية وإيران، ويعتقد الخبراء الأمريكيون بأن مجلس الأمن القومي قد تعاون مع وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض والبنتاغون، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية في الحيلولة دون حدوث أي صدام سعودي- إيراني بشأن الخليج، وبأن الأمريكيين استطاعوا (تأمين) الصمت السعودي التام إزاء قيام شاه إيران بدور شرطي الخليج خلال الخمسينيات والستينيات والثمانية أعوام الأولى من سبعينيات القرن الماضي، وبالفعل ابتلع السعوديون بكل سهولة قيام شاه إيران باحتلال جزر الخليج الثلاثة: أبو موسى، طنب الكبرى وطنب الصغرى.. ولكن على خلفية قيام الثورة الإيرانية وأزمة الرهائن وانقطاع العلاقات الإيرانية- الأمريكية، قامت إدارة ريغان بدعم نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وزودته بالقنابل الكيميائية من أجل القضاء على القوات الإيرانية، بشرط استعمالها عند الضرورة القصوى، وتحديداً عندما تقوم الأعداد الكبيرة من القوات الإيرانية بدخول الأراضي العراقية وتعجز قوات الجيش العراقي السابق عن صدها بالوسائل الحربية التقليدية.
وبرغم كل ذلك لم يقرر الأمريكيون التخلي نهائياً عن إيران، وكانوا يطمحون إلى إقناع النظام الإيراني بضرورة عودة التعاون الأمريكي- الإيراني في الشؤون المتعلقة بحفظ أمن الخليج وآسيا الوسطى.
ولكن تغيرت على ما يبدو توجهات الإدارة الأمريكية عندما بدأت إيران تتبنى الدفاع عن القضية الفلسطينية وتدعم الأطراف العربية في الصراع العربي- الإسرائيلي، وتقوم بدعم المنظمات الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني، إضافة إلى تصريحات زعيمها بضرورة تحرير القدس.
تقول بعض المعلومات الخافتة بأن الإدارة الأمريكية ماتزال ترغب في عودة التعاون الأمريكي- الإيراني، بشرط التخلي عن القيام بأي دور في ملفات الصراع العربي- الإسرائيلي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد