أجندة أعمال الدورة 45 لمؤتمر ميونيخ للأمن الدولي

15-02-2009

أجندة أعمال الدورة 45 لمؤتمر ميونيخ للأمن الدولي

الجمل: شهدت مدينة ميونيخ الألمانية خلال أيام 6-7-8 شباط انعقاد مؤتمر ميونيخ الـ"45" للأمن وهو مؤتمر أمني سنوي ظلت تشهد مدينة ميونيخ انعقاده بشكل دوري منذ عام 1962، وعلى أساس الاعتبارات التنظيمية الإجرائية يمثل مؤتمر ميونيخ للأمن منتدى – ملتقى سنوي يعمل كأرضية للنقاش والحوار بين الأطراف العربية الدولية الرئيسية حول أجندة الأمن الدولي وتوجهات سياساتها الخارجية والأمنية إزاء القضايا الدولية، وبرغم أن التركيز يتم بشكل غالب على أجندة علاقات عبر الأطلنطي الأمنية – السياسية فإن الكثير من الملفات والقضايا الأمنية والسياسية الإقليمية الأخرى بدأت تفرض حضورها القوي وعلى وجه الخصوص ملف الشرقين الأوسط والأدنى وروسيا والقوقاز وآسيا الوسطى إضافة إلى شبه القارة الهندية.
* مؤتمر ميونيخ الأمني الـ 45: أبرز المعلومات والخطوط العامة:
أبرز الأطراف التي شاركت في المؤتمر هي الولايات المتحدة الأمريكية – فرنسا – ألمانيا – روسيا، إضافة إلى حلف الناتو وبلدان الاتحاد الأوروبي وما كان لافتاً للنظر تمثل في الآتي:
• رفعت واشنطن مستوى تمثيلها ومشاركتها، ففي الماضي كان الوفد الأمريكي في المؤتمر على مستوى وزير الدفاع، أما في هذه المرة جاء التمثيل الأمريكي على مستوى نائب الرئيس (جو بايدن).
• خفضت -بالمقابل- روسيا مستوى تمثيلها ومشاركتها ففي الماضي كان الوفد الروسي في المؤتمر على مستوى الرئيس الروسي، أما في هذه المرة فقد جاء التمثيل الأمريكي على مستوى نائب رئيس الوزراء (إيفانوف).
• التمثيل الفرنسي في المؤتمر كان على مستوى الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي.
• التمثيل الألماني في المؤتمر كان على مستوى المستشار الألماني أنجيلا ميركل.
إضافة لذلك في الوقت الذي طرحت فيه كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا توجهاتها الاستراتيجية – الأمنية خلال العام المقبل، اكتفت روسيا بالتأكيد على عدم وجود أي تغيير في التوجهات الاستراتيجية الروسية التي سبق أن طرحها الرئيس السابق فلاديمير بوتين أمام جلسة مؤتمر عام 2007 الماضية.
* أجندة جدول أعمال الأمن الدولي إلى أين؟
برغم تعدد الأطراف التي شاركت في المؤتمر فقد تمحورت جميع هذه المشاركات على:
أولاً: المنظور الأمريكي: تطرق جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، إلى تحديد النقاط الآتية باعتبارها تمثل الأولويات الأمنية الأمريكية للعام 2009:
• السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة ستؤكد على استخدام الوسائل الدبلوماسية بدلاً عن الوسائل العسكرية.
• الولايات المتحدة ستعتمد على لهجة خطابية وأسلوب جديد في علاقات واشنطن مع العالم.
• ستتمسك الولايات المتحدة بأن الأمن البشري والاقتصادي لا يمكن الفصل بينهما باعتبارهما غير قابلين للانقسام.
• لا يوجد تضارب بين الأمن الأمريكي والقيم الأمريكية.
• القوة العسكرية الأمريكية لا يمكن فصلها عن القوة الدبلوماسية الأمريكية.
• إن الولايات المتحدة في حالة استعداد وجاهزية كاملة لاستخدام القوة العسكرية لحماية أمنها القومي.
• إن الولايات المتحدة ستستخدم كل موارد القوة المتاحة لها –عسكرية، دبلوماسية، مخابراتية، قانونية، ثقافية- للقضاء على الأزمات قبل استفحالها واتساع نطاقها.
• ستركز واشنطن على الجمع المزدوج بين قدراتها العسكرية والدبلوماسية.
إضافة لذلك أشار بايدن في مداخلته إلى روسيا بالتحديد وتطرق إلى أن واشنطن ستعتمد سياسة خارجية خاصة إزاء روسيا ستقوم على النقاط الآتية:
• ستسعى واشنطن إلى إيقاف تدهور علاقاتها مع موسكو.
• ستولي واشنطن عناية فائقة لسياسة أوباما الساعية لإعادة تهدئة العلاقات مع موسكو.
• بالنسبة للمناطق المجاورة لروسيا التي تنظر إليها موسكو باعتبارها ذات أهمية فائقة الحساسية لروسيا فإن الولايات المتحدة سوف لن تعترف لأي بلد في العالم بوجود مجال حيوي لنفوذه خارج نطاق حدوده.
• سبق أن أقرت موسكو بأن حركة طالبان وتنظيم القاعدة يشكلان تهديداً للأمن والسلم الدولي والإقليمي، والآن فقد آن الأوان لتقوم موسكو بالتعاون مع حلف الناتو الذي يخوض حرباً في أفغانستان ضد تنظيم القاعدة وحركة طالبان.
إضافة لذلك فقد تضمنت مداخلة نائب الرئيس بايدن في المؤتمر الأمني الملاحظات والنقاط الآتية:
• إن منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان يجب النظر إليها باعتبارها المجال الحيوي الذي يتوجب أن ينصب تركيز حلف الناتو عليه.
• إن السياسة الأمريكية إزاء إيران ستركز على الآتي:
- إخبار الإيرانيين بشكل مباشر لجهة ضرورة إيقاف البرنامج النووي الإيراني والكف نهائياً عن دعم حزب الله وحركة حماس.
- بعد التأكد من التزام طهران بتنفيذ هذه الشروط فإن الولايات المتحدة ستلتزم بالتعامل الكامل معها.
- بالنسبة لأفغانستان لا يوجد أي بديل حالي أمام واشنطن سوى المضي قدماً في تنفيذ مخطط تثبيت استقرار أفغانستان باستخدام المزيد من القوات الأمريكية والمزيد من جهود حلف الناتو ومطالبة باكستان بالكف عن اللامبالاة إضافة إلى مطالبة المزيد من الأطراف الدولية بالإسهام في تثبيت استقرار أفغانستان.
يقول المراقبون والمحللون أن ما كان لافتاُ للنظر والاهتمام في مداخلة بايدن تمثل في الآتي:
• لم تشر أو تتعرض لا من بعيد ولا من قريب للصين.
• لم تشر أو تتعرض لا من بعيد ولا من قريب لملفات أمريكا اللاتينية والوسطى كفنزويلا والأكوادور وكوبا.
• لم تشر أو تتعرض لا من بعيد ولا من قريب لكوريا الشمالية.
• لم تشر أو تتعرض لا من بعيد ولا من قريب للملفات الإفريقية الساخنة حالياً.
وتشير التحليلات والتعليقات إلى أن تجاهل بايدن لهذه الملفات هو أمر مقصود ويفهم منه أن واشنطن تريد الانفراد بخياراتها الخاصة إزاء هذه المناطق والملفات بعيداً عن حلفائها الأوروبيين وهذا معناه أن على حلفاء أمريكا الأوروبيين المشاركين في المؤتمر أن يتركوا واشنطن وشأنها لكي تتصرف بحرية وفق ما تراه إزاء الملفات التي لم تتطرق إليها مداخلة بايدن.
ثانياً: المنظور الأمني الأوروبي: ويتضمن منظورين فرعيين هما:
• المنظور الأمني الفرنسي: تضمنت مداخلة الرئيس ساركوزي الإشارة إلى النقاط الآتية:
- التعاون الدولي من أجل الأمن والازدهار في القرن الحادي والعشرين يجب أن لا يقتصر حصراً على أوروبا وأمريكا الشمالية وإنما يجب أن يشمل كذلك بقية بلدان العالم.
- إن فرنسا لا تعتقد بأن روسيا تشكل خطراً مهدداً للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
- إن حل الخلافات والتعامل بين الاتحاد الأوروبي وروسيا هو أمر ضروري لضمان سلامة الأمن الأوروبي.
- يجب العمل لبناء الثقة مع روسيا.
- ترى فرنسا أن هيكل الأمن الدولي الجديد، يجب وبالضرورة أن يكون هيكلاً عالمياً، إضافة إلى ضرورة إدماج روسيا ضمن هذا الهيكل.
- إن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي تصلح بشكلها الحالي لأن تكون سياقاً مناسباً لهيكلية الأمن العالمي وإدماج روسيا.
• المنظور الأمني الألماني: تضمنت مداخلة المستشارة الألمانية ميركل الإشارة إلى النقاط الآتية:
- إن عام 2009 سيكون فائق الحساسية والأهمية لاختبار المجتمع الدولي.
- إن مفهوم تنظيم وحشد الجهود الأمنية هو الأسلوب الصحيح للتعامل مع الأزمات والحروب ومنع وقوعها في القرن الحادي والعشرين.
- إن مفهوم التنظيم وحشد الجهود الأمنية يجب أن يتم التأسيس عليه لجهة إسقاطه ضمن استراتيجية حلف الناتو وفي الوقت نفسه يجب أن يعمل الناتو كساحة للتعامل والتعاون السياسي.
ثالثاً: المنظور الأمني الروسي: تضمنت مداخلة إيفانوف نائب رئيس الوزراء الروسي النقاط الآتية:
• التأكيد على أن مخطط الاستراتيجية الأمنية الروسية للعام 2009 ما يزال ساري المفعول بالنسبة لموسكو.
• إن روسيا لن تقبل بوجود نظام عالمي يسيطر عليه قطب واحد.
• تسعى روسيا إلى الظهور والصعود لمركز قوة عالمي مستقل بذاته.
• إن روسيا ترحب بأي تغيير جديد في توجهات السياسة الخارجية الأمريكية.
هذا، وعموماً ما هو واضح من خلال النقاط التي تضمنتها مداخلات مؤتمر ميونيخ الأمني لعام 2009 يتمثل في الآتي:
• إن الموقف الأمريكي إزاء روسيا ما يزال يتسم بقدر من الاستهداف والتمادي في جهود واشنطن الهادفة للسيطرة على بلدان ومناطق الجوار الروسي، كالقوقاز وآسيا الوسطى والبلطيق.
• إن الموقف الفرنسي يتميز بالتباين والخلاف الواضح مع موقف واشنطن إزاء روسيا وإزاء هيكلية النظام الأمني العالمي.
• إن الموقف الألماني برغم انه يتسم بالغموض وعدم الوضوح إلا انه كان أكثر تركيزاً على ضرورة الاعتماد على حلف الناتو ليس كمنظمة عسكرية – أمنية وإنما كمنظمة أمنية – سياسية – عسكرية.
• إن الموقف الروسي يتفق مع الموقف الفرنسي ولكنه يختلف مع الموقف الأمريكي.
تأسيساً على ما سبق فإن كل التوقعات تفيد لجهة أن واشنطن ستسعى بشكل حثيث إلى توريط موسكو في أفغانستان إضافة إلى محاولة الحد من التحركات الدبلوماسية الفرنسية، وتقول بعض المعلومات أن الحرب الدبلوماسية الأمريكية – الفرنسية أصبحت على وشك الاندلاع وعلى وجه الخصوص في ملفات النزاعات الإفريقية حيث تعمل أمريكا من أجل انتزاع النفوذ الفرنسي في بلدان أفريقيا الفرانكفونية وعلى وجه الخصوص بلدان غرب ووسط إفريقيا وعلى ما يبدو أن عدوى مواجهة خط باريس – واشنطن الدبلوماسية ستنتقل قريباً إلى الملفات الشرق أوسطية!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...