المسرح الباكستاني – الأفغاني وسيناريو المؤامرة القادمة
الجمل: طغت التطورات الدولية والإقليمية على التطورات الجارية في مسرح الحرب العسكرية والسياسية في منطقة باكستان – أفغانستان. وقد أدى تصاعد التوتر حول الملف النووي الإيراني، والتصعيدات الإسرائيلية، والأزمة اللبنانية، والتطورات السياسية الجارية في تركيا، إلى حالة من عدم الاهتمام النسبي بالأوضاع الميدانية الجارية في مسرح باكستان – أفغانستان:
* المسرح الباكستاني - الأفغاني وإشكالية الثنائيات:
تعددت مفارقات الثنائيات السياسية والعسكرية الموجودة في المسرح الباكستاني – الأفغاني، ومن أبرز هذه الثنائيات النوعية:
* ثنائية حلفاء أمريكا:
* نظام الرئيس حامد كرزاي في أفغانستان.
* نظام الرئيس برويز مشرف في باكستان.
* ثنائية أعداء أمريكا:
* حركة طالبان وحلفاؤها في جنوب أفغانستان، والتي تمثل حركة التمرد الأصولي الذي تدعمه قبائل الباشتون السنية المتشددة الموجودة جنوب أفغانستان، وتحديداً في المناطق الجبلية الموجودة على امتداد خط الحدود الباكستانية – الأفغانية.
* مليشيات منظمة القبائل، والتي تمثل التمرد الأصولي الذي تدعمه قبائل الباشتون السنية المتشددة الموجودة في شمال باكستان، وتحديداً في المناطق الجبلية الموجودة على امتداد خط الحدود الباكستانية – الأفغانية.
* المسرح الباكستاني – الأفغاني: الأطراف وأهدافها:
يعمل تحالف أمريكا – نظام كرزاي في أفغانستان من أجل القضاء على التمرد السني الباشتوني الذي تقوده حركة طالبان وحلفاءها في جنوب أفغانستان.
وعلى الجانب الآخر يعمل تحالف أمريكا – نظام برويز مشرف على القضاء على التمرد السني الباشتوني الذي تقوده الجماعات الإسلامية المسلحة في شمال باكستان وبالمقابل من ذلك، يعمل تحالف حركة طالبان – مناطق القبائل من أجل:
* الأهداف التكتيكية وتتمثل في:
* القضاء على الوجود الأمريكي في باكستان وأفغانستان.
* القضاء على نظام كرزاي الأفغاني ونظام مشرف الباكستاني.
* الأهداف الإستراتيجية وتتمثل في:
- المرحلة الأولى:
* إقامة دولة إسلامية في أفغانستان.
* إقامة دولة إسلامية في باكستان.
- المرحلة الثانية:
* تحرير كشمير من السيطرة الهندية وإدماجها ضمن باكستان الإسلامية.
* السيطرة على دول آسيا الوسطى الخمسة (تركمانستان، طاجيكستان، أوزبكستان، قيرغيزستان، وكازاخستان) عن طريق التحالف والتعاون مع الحركات الأصولية الإسلامية السنية الموجودة في هذه البلدان، وذلك من أجل إقامة دولة إسلامية أصولية سنية فيها..
- المرحلة الثالثة:
* التعاون مع حركات الإيغور الأصولية الإسلامية السنية الناشطة في غرب الصين، من أجل الاستيلاء على الإقليم (وتحديداً محافظة سينغيانغ الصينية) وفصله عن الصين، وإقامة دولة إسلامية أصولية سنية فيه.
* تحرير القدس وفلسطين.
- المرحلة الرابعة:
* توحيد هذه الدول ضمن "خلافة" إسلامية سنية أصولية.
* تصدير الثورة الأصولية الإسلامية السنية إلى بقية أجزاء العالم.
* المسرح الباكستاني – الأفغاني: مسارات الصراع الحالية:
على الجانب الأفغاني:
استطاعت الولايات المتحدة توريط حلف الناتو معها في المسرح الحربي الأفغاني، الذي أصبحت القوات الأمريكية فيه تتحمل قليلاً من الصعاب في العمليات القتالية، تاركة لقوات حلف الناتو مهمة العمل في مناطق المواجهات العسكرية الساخنة وبالذات في المناطق الجبلية الوعرة الجنوبية، وحالياً تسيطر قوات الناتو – أمريكا – نظام حامد كرزاي على المدن الرئيسية فقط، أما المناطق الريفية الواسعة فقد أصبحت تحت سيطرة حركة طالبان المباشرة، أو غير المباشرة عن طريق حلفائها الآخرين..
على الجانب الباكستاني:
استطاعت الولايات المتحدة توريط نظام برويز مشرف في مخططاتها الحربية في أفغانستان، وبسبب ذلك تزايد السخط الشعبي ضد نظام برويز مشرف، والذي استطاعت القوى الإسلامية استغلاله، بالعمل على محورين:
* تصعيد "المعارضة السياسية" ضد نظام مشرف على النحو الذي جعله على حافة السقوط والانهيار.
* تصعيد "المعارضة العسكرية" ضد نظام مشرف في مناطق القبائل، على النحو الذي جعل هذه المناطق لا تخرج عن سلطة الدولة الباكستانية وحسب، بل وتلحق الخسائر الفادحة بالجيش الباكستاني المدعوم أمريكياً، وتجعله يقف عاجزاً عن الدخول إلى هذه المناطق من أجل السيطرة عليها وإخضاعها لسلطة الدولة..
* المسرح الباكستاني – الأفغاني: سيناريو المؤامرة الأمريكية – الإسرائيلية القادمة:
تشير آخر الدراسات التي أعدها الخبير الاستراتيجي الأمريكي أنطوني إتش كورديسمان، والتي نشرها الموقع الإلكتروني لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأمريكي، إلى آخر المعطيات المتعلقة بالتطورات الميدانية الجارية حالياً في المسرح الباكستاني – الأفغاني، والتي تتمثل في النتائج الآتية:
* إن الولايات المتحدة وحلفائها يواجهون في أفغانستان خطر طالبان وحلفاءها، وفي نفس الوقت يواجهون في باكستان خطر الميليشيات الموجودة في مناطق القبائل..
* إن حركة طالبان الأفغانية وميليشيات منطق القبائل الباكستانية يمثلون شيئاً واحداً، وذلك بسبب الاعتبارات الآتية:
* وحدة المذهبية التي تقوم حصراً على النزعة الأصولية الإسلامية السنية المتشددة.
* وحدة السند الاجتماعي، والذي يتمثل حصراً في قبائل الباشتون التي تشكل كياناً إثنياً واحداً، وبكلمات أخرى فإن الباشتون هم سكان مناطق جنوب أفغانستان وشمال باكستان.
* إن خط الحدود الباكستانية – الأفغانية، هو خط لا معنى له من الناحية العملية بالنسبة لقبائل الباشتون الموجودة على الجانبين الأفغاني والباكستاني، فهم يتحدثون لغة واحدة هي "الباشتونية"، ويدينون بمذهب واحد هو "الإسلام السني"، إضافة إلى ترابطهم الاجتماعي القبلي الإثني الشديد، على النحو الذي يجعل منهم أسرة واحدة..
ويخلص كورديسمان إلى أن وجود قبائل الباشتون بهذه الطريقة سوف يترتب عليه استمرار تهديد الأصولية الإسلامية، ولما كانت عملية القضاء عليها غير ممكنة، فإن تصاعد هذا الخطر واحتمالات سيطرة الأصولية الإسلامية السنية على أفغانستان وباكستان أصبحت مجرد مسألة وقت.
ويرى كورديسمان ضرورة تفادي هذه الـ "مخاطر" بالوسائل السياسية غير العسكرية، وذلك عن طريق:
• تقسيم أفغانستان بحيث يتم فصل جنوب أفغانستان الباشتوني.
• تقسيم باكستان بحيث يتم فصل شمال باكستان الباشتوني.
• ضم منطقتي الباشتون ضمن دولة واحدة، وقد أطلق عليها كورديسمان دولة "باشتونستان".
ويرى كورديسمان بأن قيام أمريكا بإقامة دولة "باشتونستان" سوف يؤدي إلى الـ "فرص" الآتية:
• ضمان السيطرة الأمريكية على أفغانستان.
• ضمان السيطرة الأمريكية على باكستان.
المخطط الأمريكي – الإسرائيلي إزاء "باشتونستان" المفترضة يمضي لأبعد من ذلك فهو يرى إمكانية:
• توظيف باشتونستان "السنية" ضد إيران "الشيعية".
• توظيف باشتونستان ضد أنظمة دول آسيا الوسطى، وبكلمات أخرى، دفع باشتونستان لدعم الحركات الأصولية في آسيا الوسطى على النحو الذي يدفع دول آسيا الوسطى الحالية إما إلى التحالف مع أمريكا طلباً للمساعدة، أو اللجوء إلى روسيا طلباً للمساعدة، والتي سوف تضطر بدورها إما إلى طلب المساعدات من أمريكا، أو اللجوء إلى مواردها، على النحو الذي سيؤدي إلى استنزاف قدرات روسيا ويورطها في صراعات آسيا الوسطى..
• توظيف باشتونستان ضد الصين، بحيث تقدم المساعدات والدعم للحركات الأصولية الإسلامية في إقليم سينغيانيغ الموجود في غرب الصين، ولما كان عدد المسلمين السنيين في غرب الصين يبلغ حوالي 150 مليون مسلم، فإن إشعال الإقليم سيؤدي إلى استنزاف وإضعاف القدرات الاقتصادية والبشرية الصينية..
وعلى هذا النحو، كما هو واضح، فإن الإدارة الأمريكية، من المتوقع تبعاً لدراسات وبحوث مراكز الدراسات الإستراتيجية والسياسة الدولية الأمريكية أن تعمل باتجاه توسيع دائرة الفوضى أكثر فأكثر في باكستان وأفغانستان.. على النحو الذي يتيح الفرصة لإقامة "باشتونستان" تمهيداً لجولة أخرى من دوائر الفوضى في المنطقة!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد