النص الكامل لكلمة السيد حسن نصر الله في الاعتصام
أعلن الأمين العام لـ<حزب الله> السيد حسن نصر الله ان المعارضة لن تخرج من الشارع قبل تحقيق الهدف الذي ينقذ لبنان. وقال ان الفرصة ما تزال متاحة وأن أبواب التفاوض ما تزال قائمة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ونبه الى أنه إذا أصر الفريق الحاكم على رفضه، <فإننا لن نقبل بعد مدة حكومة وحدة وطنية يرأسها أحد منهم، وسيتحول هدفنا الى إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية تمهد لانتخابات نيابية مبكرة>.
وكشف السيد نصر الله أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة طلب الى قيادة الجيش خلال حرب تموز وقف إمدادات المقاومة بالسلاح الى الجنوب، وأنه أرسل إليه وسطاء للتراجع عن هذا القرار. واتهم أطرافا في الفريق الحاكم بالطلب من الولايات المتحدة الإيعاز الى إسرائيل بشن الحرب على لبنان.
ورفض نصر الله بشدة الفتنة المذهبية والطائفية والحرب الأهلية، وقال إننا لن نرفع السلاح في وجه أحد <حتى لو قتلتم ألف أحمد محمود> (الشهيد الذي سقط أخيرا). وأضاف ان دم كل لبناني خط أحمر نحميه بدمنا، وكذلك عرضه وماله وبيته.
وأشاد بالجيش اللبناني واعتبره الضمانة الأمنية، داعيا الى المحافظة عليه، لأن انهيار الجيش سيفقد لبنان مناعته، واتهم أحد الأجهزة الأمنية اللبنانية بلعب دور خطير خلال الحرب، مقترحا تشكيل لجنة قضائية لبنانية أو عربية للتحقيق في ما جرى خلال الحرب.
ودعا نصر الله الى المشاركة في صلاة الجمعة غداً بإمامة الداعية فتحي يكن في الوسط التجاري، كما دعا الى المشاركة في الحشد الجماهيري الأحد المقبل لتأكيد الإصرار الشعبي للمعارضة.
فقد وجه السيد نصر الله يوجه كلمة مساء أمس الى المحتشدين الذين غصت بهم ساحتا رياض الصلح والشهداء، وذلك عبر شاشات كبيرة، مباشرة على الهواء.
وجاء في كلمته:
أيها الإخوة والأخوات، أيّها المعتصمون من أجل لبنان واستقلاله وحرية وكرامة لبنان وسيادته، السلام عليكم ورحمة جميعا ورحمة الله وبركاته.
كنت أتمنى أن أكون بينكم في ساحة من ساحات الشرف والصمود والمقاومة في هذا الطقس البارد بأجوائه الطبيعية ولكنه الحار بالمودة والمحبة والتعاون ودفء الأخوة الوطنية من أجل لبنان والأمة.
قبل أن أبدأ كلمتي هذه إليكم أتمنى إن شاء الله أن أكون في يوم من الأيام بينكم في تلك الساحة. قبل أن أبدأ واحتياطا لختام الكلمة للأسف لدينا بعض العادات اللبنانية السيئة وهي إطلاق النار ابتهاجا بمناسبة أو أخرى، أنا أتمنى على من يستمعون إليّ عند انتهاء الكلمة أن لا يطلقوا الرصاص، هذه عادة سيئة يجب أن نقلع عنها كلبنانيين، يجب أنّ نتجنب إطلاق الرصاص في أي اتجاه حتى في اتجاه السماء، المكان الوحيد للرصاص صدر أعداء لبنان: العدو الإسرائيلي. لذلك واحتياطا أتمنى وأؤكد وأعتبر أنّ هذه الليلة عند انتهاء الكلمة من يطلق الرصاص هو مدسوس يريد الإساءة إليّ وإلينا وإلى كل المعارضة الوطنية.
أولا أتوجه إلى أهل الشهيد أحمد محمود بالتعزية والمواساة لأقول لهم إنّ ابنكم استشهد في ساحة الدفاع عن لبنان وكرامته وعزته وتحريره، الشهيد أحمد محمود هو شهيد للمقاومة بامتياز وهو ليس شهيدا في شوارع لبنان الداخلية بل هو شهيد في الدفاع عن استقلال وسيادة لبنان وفي التحرك من أجل إنقاذ لبنان.
يجب أيضا أن أتوجه بالشكر إليكم أنتم يا أشرف الناس وأطهر الناس وأحب الناس وأعز الناس، إلى كل الذين جاؤوا من كل المناطق اللبنانية يوم الجمعة إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء من أجل إنقاذ لبنان، إلى كل الذين ما زالوا يحتشدون في كل ليلة من أجل إنقاذ لبنان، أتوجه إليكم بالشكر وأقول لكم إنّ ما تقومون به هو أمر عظيم وشريف لأنّه يخدم هدفا وطنيا نبيلا وشريفا وهو إنقاذ لبنان من خلال إنهاء حالة الاستئثار والتسلط والتفرد وإقامة حكومة وحدة وطنية للمشاركة والوفاق والتوافق والتعاون والتضامن.
أيها الإخوة والأخوات، لقد حاولوا في الأيام الماضية من خلال الشغب والاعتداء على المعتصمين ذهابا أو إيابا وصولا إلى قتل الشهيد أحمد محمود أن يدخلوا الخوف إلى قلوبكم وأن يمنعوكم من المجيء إلى ساحات الاعتصام ولكنهم فشلوا ونسوا أنكم شعب لا مكان للخوف في قلبه، يراهنون اليوم على تعبكم ومللكم وهم لا يعلمون أنكم شعب لا يمل ولا يكل ولا يتعب، قالوا بالأمس إنهم يتوقعون أن تنطلق من ساحتكم صرخة الاستسلام وهم تناسوا بالأمس القريب كيف وقفتم أنتم 33 يوما، ليس فقط في البرد أو تحت المطر أو في العراء، وإنما تحت أعنف قصف جوي ومدفعي في العقود الماضية. صمدتم رغم التهجير والقتل والمجازر واحتضنكم أهلكم اللبنانيون في كل المناطق اللبنانية ومن كل الطوائف اللبنانية ولم تستسلموا. نعم هم دعونا إلى الاستسلام من أول يوم ولكننا رفضنا أن نستسلم، هم راهنوا على هزيمتنا ولكننا لم نهزم وبقينا هنا في أرضنا أرض الآباء والأجداد أعزاء أقوياء لا تنحني لنا قامة ولا تنكسر لنا إرادة، لا نعرف التعب ولا الملل ولا الكلل من أجل لبنان والأمة.
قولوا لهم اليوم من ساحة الاعتصام، قولوا لهم غدا في صلاة الجمعة، قولوا لهم في كل ليلة، قولوا لهم يوم الأحد في الحشد الكبير، قولوا لهم بعد الأحد إنكم أيها المراهنون على استسلامنا: واهمون واهمون واهمون . قولوا لهم نحن أقوى من التعب والجوع والبرد والكلل والملل وأقوى من قصف الصواريخ فكيف بقصف الكلمات، نحن أقوى من الحرب فكيف بالتهديد، نحن شعب في معركة الإرادة لن ننكسر إن شاء الله.
أيها الإخوة والأخوات، ليس من الصدفة أن تكون القوى اللبنانية على اختلاف انتماءاتها الطائفية والمذهبية والسياسية والمناطقية التي احتضنت المقاومة وشعبها في حرب تموز وآب هي نفسها اليوم التي تشكل المعارضة الوطنية اللبنانية وتدعمها، وكذلك ليس من الصدفة أنّ الشعوب والحكومات والأشراف في العالم الذين وقفوا إلى جانب المقاومة في الحرب هم الذين يقفون إلى جانب المعارضة اليوم. وفي المقابل، ليس من الصدفة أنّ كل أولئك الذين دعموا الحرب الإسرائيلية على لبنان هم الذين يدعمون بقية الحكومة الساقطة المتواجدة في السراي الحكومي.
أنا باسمكم أدعو الدول العربية الحريصة على لبنان أن لا تتدخل كطرف ولا تدعم فريقا على حساب فريق. من يرد سلامة وخلاص ووحدة لبنان فيجب أن يمد يده لكل اللبنانيين وأن لا تكتفوا بتقارير سفرائكم في لبنان، تفضلوا إلى لبنان وتعرفوا إلى الحقائق السياسية والشعبية والميدانية عن قرب، وابذلوا جهودكم المشكورة من أجل مساعدة لبنان وإنقاذه.
الحكومة الفاقدة الشرعية
وأقول لبقية الحكومة الفاقدة للشرعية: إنّ استنادكم إلى الدعم الأميركي والغربي لا يجديكم نفعا على الإطلاق. من تستندون إليه اليوم وفي مقدمتهم جورج بوش هو أحوج ما يكون إلى المساعدة وإلى من ينقذه. فلنأخذ مثلا العراق حيث يتواجد أكثر من 150 ألف جندي أميركي وينفق مئات مليارات الدولارات وكل الإدارة الأميركية تتابع الموضوع العراقي. العراق ليس ملفا كلبنان في يد وزارة الخارجية الأميركية، ومع ذلك ما هي النتيجة في العراق، النتيجة هي الفشل وتمزق العراق والحرب الأهلية والطائفية والآفاق المسدودة، هذه هي نتيجة ومصير أي بلد يراهن على بوش وجيشه وإدارته. ماذا يمكن أن تقدم لكم أميركا وهي الغارقة في وحول المنطقة من أفغانستان إلى العرق إلى فلسطين إلى لبنان.
هذه الحكومة اللبنانية تلقت على مدى سنة ونصف سنة من الدعم الأميركي والغربي وما زالت ما لم تتلقه أي حكومة في تاريخ لبنان، ألا يثير هذا الشكوك والشبهات؟
لماذا هذا الغرام الأميركي بهذه الحكومة وبرئيس هذه الحكومة، لكن ما يثير الشبهة أكثر والشكوك أكثر هذا المديح الإسرائيلي اليومي لهذا الفريق الحاكم في لبنان، هل هناك وراء الأكمة ما لا نعرف وما نجهل؟
أليس من العار أن تجتمع الحكومة الصهيونية المصغرة وهي عادة تجتمع عندما يكون هناك أمر يتهدد أمن ومصالح إسرائيل أليس من العار أن تجتمع حكومة إسرائيل المصغرة وموضوع جلستها فقط كيف يمكن أن نساعد هذه الحكومة المتهالكة في لبنان؟ وقال بعضهم يمكن أن نساعدهم بالخروج من القسم الجنوبي اللبناني من بلدة الغجر، وقال بعضهم فلنخرج من مزارع شبعا ونقدمها هدية ودعما سياسيا ومعنويا للفريق الحاكم من لبنان، ولكن ماذا فعلوا لكم، لم يخرجوا لا من الغجر ولا من مزارع شبعا، حتّى في هذه زهدوا في أن يقدموا لكم دعما معنويا، ألا يدعو كل هذا الدعم الأميركي والغربي والإسرائيلي إلى التوقف وإلى التأمل.
نصر على مطلبنا
أيّها الإخوة والأخوات، نحن في المعارضة الوطنية اللبنانية نصر على مطلبنا وعلى هدفنا وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية لبنانية حقيقية. لماذا، لأنّ تركيبة لبنان الخاصة المتعددة المتنوعة تعني أنّ حكومة فريق واحد وتسلطه كان دائما يضع لبنان أمام الحائط المسدود في كل شيء. لبنان لا يقوم إلاّ بالمشاركة وبالتوافق وبالتضامن والتعاون وليس بالاستئثار. نريد حكومة وحدة وطنية لأنّها السبيل الوحيد لمنع أي وصاية أجنبية، ليسمع العالم كله، نريد حكومة لبنانية قرارها لبناني وإرادتها لبنانية وسادتها لبنانيون وهذا ما نتطلع إليه، وهي التي تشكل الضمانة للبنان وأمنه واستقراره ومستقبله وازدهاره وسلامته ووحدته. نحن نرفض أي وصاية أجنبية سواء كانت لعدو أو لصديق أو لشقيق وهذه هي الحقيقة.
يسألوننا اليوم لو كنتم أنتم المعارضة الحالية أصبحتم في يوم من الأيام أكثرية نيابية وشكلتم حكومة، هل ستعطوننا الثلث الضامن؟ أنا أقول لهم باسم حزب الله وكفريق في المعارضة، نعم نحن نؤيد إعطاء أي معارضة في لبنان ثلثا ضامنا لأننا نؤمن بالشراكة والتعاون والتوافق ولا نؤمن بحكم فريق على حساب فريق آخر. وعندما نعطي، لو كنّا أكثرية، الثلث الضامن لأي معارضة نعطيها ونحن واثقون لأنه ليس هناك ما نخافه على الإطلاق، وليس هناك لدينا أيّة التزامات دولية أو التزامات إقليمية نريد أن نقوم بتمريرها من خلال حكومة أكثرية معينة. نحن نريد مصلحة لبنان ومصلحة لبنان هي تلك التي نتوافق عليها جميعا.
أيها الإخوة والأخوات، عندما سدت أبواب الحوار وعطّلت طاولة التشاور وَوُوجِهْنَا بالاستئثار وبالإصرار على التسلط كان خيارنا الأخير أن ننزل إلى الشارع، ولكننا ونحن في الشارع وفي الاعتصام وفي التظاهر لم نوقف ولم نقفل أبواب التفاوض، كل الذين يدعوننا إلى الحوار نقول لهم نعم، أبواب الحوار مفتوحة مع قادة المعارضة ورموزها وأبواب المبادرات مفتوحة، لكن بالتأكيد لسنا بحاجة إلى العودة إلى طاولة حوار فضفاضة لتضييع الوقت. لن نخرج من الشارع لنذهب إلى طاولة حوار يتم خداعنا فيها من جديد. نحن سنبقى في الشارع ومن يرد أن يتفاوض مع المعارضة ويتحاور معها فأبواب قادتها على اختلافهم مفتوحة.
اليوم هناك مبادرة لمجلس المطارنة الموارنة الذي نحترم، نحن نعتبر هذه المبادرة تحمل العديد من الإيجابيات وتستحق أن تناقش وأن يُتَلاَقى على أساس بنودها فيُقْبَل ما يقبل ويُعَلَّق أو يؤجل ما يعلّق أو يؤجّل. الباب مفتوح للتفاوض، وليس صحيحا أنّ المعارضة لا تحاور ولا تفاوض ولا تناقش، بل الخيارات كلها مفتوحة، ولكن أقول لهم فاوضونا وحاورونا ونفاوضكم ونحاوركم ولكننا باسم كل المحتشدين الليلة وأمس وغدا لن نخرج من الشارع قبل تحقيق الهدف الذي ينقذ لبنان.
الضوابط
أيها الأخوة والأخوات، ما دمنا مستمرين في اعتصامنا أريد أن أؤكد على الضوابط التي تحدثنا عنها منذ اليوم الأول: لا شتائم. البعض من المتحمسين في ساحات الاعتصام قد يطلق شعارات مهينة لشخصيات في الحكومة، نحن نرفض أي إهانة شخصية لأحد، أي إهانة أي شتيمة أي كلام غير لائق وغير أخلاقي لا يجوز أن يصدر من اعتصامكم. نحن نؤكد على اعتصامنا وعلى تحركنا السلمي والمدني والحضاري. طبعاً، هم عندما قتلوا الشهيد أحمد محمود أرادوا أن يجرونا إلى صدام مسلح وإلى القتال، ولكن باسم الشهيد أحمد محمود، باسم كل رفاقه، باسم كل رجل وامرأة وطفل صغير وشيخ كبير في المعارضة الوطنية اللبنانية، أقول للفريق الحاكم ولقواه السياسية، وللأسف، لبعض ميليشياته: نحن نرفض الحرب الأهلية. نحن نرفض الفتنة بين الطوائف أو الفتنة بين أتباع المذاهب، أو الفتنة بين القوى السياسية. نحن نرفض أي صدام مسلح في الشارع بل نرفض أي نوع من أنواع التصادم في الشارع. أردناه تحركاً حضارياً سلمياً، أثبتنا ذلك يوم الجمعة في الحشد الذي ليس له سابقة في تاريخ لبنان ولو وهّنوا به في وسائل إعلامهم، التي تكبر ما يفعلون وتصغر ما تفعلون، ولكن الصورة واضحة لكل العالم.
أنا أقول للبنانيين ولكل شعوب المنطقة: من يدفع الأمور باتجاه الحرب الأهلية، في الحرب الأهلية الكل خاسر. لن أقول لكم أنتم تخسرون ونحن نربح، لا، كلنا يخسر. كل اللبنانيين يخسرون في الذهاب إلى الحرب الأهلية أو إلى الفتنة المذهبية. في العراق الكل يخسر، في فلسطين الكل يخسر. ما يعدنا به بعض الملوك العرب، للأسف، من حروب أهلية في لبنان والعراق وفلسطين، هو خسارة لنا جميعاً، والربح الصافي سوف يذهب إلى إسرائيل وأميركا والمحافظين الجدد وأصحاب نظريات الفوضى الخلاقة. نحن في لبنان لن ننجر إلى أي فتنة. لو قتلتم أحمد محمود، لو قتلتم ألفا مثل أحمد محمود نحن لن نرفع السلاح في وجه أحد.
هؤلاء نسوا وكثير منهم كانوا في الحكومة التي منعت التظاهر في أيلول ,93 وأطلق النار علينا وسقط لنا عشرة شهداء وخمسون جريحاً ولم نرفع السلاح في وجه أحد. أقول لكم نحن لسنا بحاجة للسلاح لنهزمكم، لأن سلاحنا فقط في وجه الصهاينة، نحن بأصواتنا نهزمكم، بدم أحمد محمود نهزمكم، بدم أي شهيد مظلوم يمكن أن تسفكوا دمه نهزمكم، بإصرارنا على الوحدة وعلى الأخوة وعلى الإلفة.
فليسمع العالم وليعرف، خصوصاً الشعوب العربية التي يحاولون تأليبها على المعارضة اللبنانية بالأكاذيب، هم يقتلوننا ونحن نقول لهم: نحن نريد أن نكون معكم وأن تكونوا معنا سوياً. أيها القتلة، أقول لكم: نحن بالدم سننتصر على سيوفكم.
لا للفتنة
أيها اللبنانيون، سمعت وللأسف، أن بعض الزعامات الدينية أو السياسية تحرض في المجالس الداخلية وتقول: إن لدى حزب الله 30 ألف صاروخ موجهة إلى بيوتكم! لم يكن هذا سلوكنا في يوم من الأيام، وأنا من هنا، أقول لهؤلاء الزعماء ومن يصغي إليهم: من هدمنا له داراً في لبنان فليأت ويطالبنا، من سفكنا له دماً في لبنان فليأت ويطالبنا، ولكن أنتم الذين تحرضون كم دمرتم من بيوت وكم قتلتم من أنفس وكم سفكتم من دماء؟! بكل صراحة، نحن لا نريد أن نقاتل أحداً ولن نقاتل أحداً، ونحن لا نريد أن نهدد أحداً ولن نهدد أحداً. إن دم كل لبناني وأنا أريد أن أؤكد هذا المعنى، اليوم، في بعض المناطق يثيرون الكثير من الشائعات، وخصوصاً في مدينة بيروت، ويقولون لهم إن قوى سياسية معينة في المعارضة ذات لون مذهبي تريد أن تهاجم أحياءكم وذلك من أجل استثارة النعرات المذهبية والطائفية، فليسمعني أهل بيروت وكل اللبنانيين: إن دم كل لبناني من أي طائفة أو مذهب أو حزب أو تيار سياسي أو منطقة لبنانية، إن دم كل لبناني هو دمنا، وإن عرض كل لبناني هو عرضنا، وإن مال كل لبناني هو مالنا، وإن بيت كل لبناني هو بيتنا. هذا هو الخط الأحمر الذي نحميه بدمنا لو سفكتموه، هذا هو الخط الأحمر الذي نحميه برموش عيوننا ولو تآمرتم علينا أو أردتم جرنا إلى فتنة. نحن لن ننجر إلى حرب أهلية ولا إلى فتنة ولا إلى شكل من أشكال التقاتل الداخلي. الحمد لله، اليوم، لدينا ضمانة وطنية حقيقية هي مؤسسة الجيش اللبناني، الذي أثبت حتى الآن بقيادته وضباطه ورتبائه وجنوده، أنه جيش كل لبنان. هذه الضمانة يجب أن نحافظ عليها جميعاً، ويجب أن لا نسمح بأي تشرذم أو تشقق في داخل مؤسسة الجيش، ويجب أن تترفع القوى السياسية عن التفكير باستخدام أي من ضباط أو جنود الجيش اللبناني لمصلحتها، لأن انهيار الجيش، لا سمح الله، سوف يفقد لبنان مناعته.
لقوى الأمن الداخلي أقول: يجب أن تثبتوا أيضاً أنكم مؤسسة وطنية حقيقية، وأنكم لا تعملون لمصلحة فريق لبناني على حساب فريق لبناني، لتشكلوا أيضاً إلى جانب الجيش ضمانة وطنية حقيقية.
أيها الأخوة والأخوات، عندما نزلتم إلى الشوارع واعتصمتم مساء الجمعة ومساء السبت واحتشدتم يوم الأحد في القداس صباحاً وبعد الظهر في المهرجان وفي الليل في الاعتصام المعهود، كيف تعامل معكم الفريق الحاكم، الفريق الذي يدعي ويتحدث عن الديموقراطية وعن الحريات العامة وعن حق حرية التعبير.كانت حركتم حضارية اعترف بها كل العالم. وكان انضباطكم مدهشاً وأنتم دائماً تدهشون العالم، في الحرب في السلم في التظاهر. ماذا فعلوا كيف تصرفوا ؟ وهّنوا بحشدكم الغير مسبوق، ولكنهم للأسف، أرسلوا شللهم المسلحة، وأنا يحزنني أن يجلس البعض معنا على طاولة الحوار ليناقش سلاحاً مقاوماً لم يوجه إلى الداخل، ويريد أن ينزع هذا السلاح، وهو يأتي بالسلاح ويخزن السلاح ويوزع السلاح في أكثر من منطقة وأكثر من مكان. أرسلوا شللهم المسلحة لتعترضكم في طريق العودة وتقتل الشهيد أحمد محمود وتجرح آخرين.
ضاقت صدورهم بالديموقراطية التي يدعون أنهم يحافظون عليها. كما وجهوا تهديدات إلى شخصيات في المعارضة، وخصوصاً تلك الشخصيات الوطنية التي تنتمي إلى الطائفة السنية الكريمة. ألم يرسلوا السيارات والمسلحين لمحاصرة البيوت والأماكن التي تنتسب إلى هؤلاء الزعماء والشخصيات؟! هل هذه هي الديموقراطية هل هذه هي الحرية؟؟
لقد تظاهرتم لأيام وليال طويلة، إني أسألكم وأسأل اللبنانيين وأسأل العالم: في ظل نظام الأجهزة الأمنية كما تسمونها، في ظل نظام الأجهزة الأمنية هل قطع عليكم أحد الطريق؟ في طريق الذهاب أو الإياب؟ هل قتل متظاهر لأنه ذاهب إلى اعتصام أو عائد من اعتصام؟ لكن الأخطر في ما يجري اليوم، الأخطر هو التحريض المذهبي، لقد كفوا عن التحريض الطائفي، اليوم ليس هناك حديث عن مسلمين ومسيحيين في لبنان، كل الحديث عن سنة وشيعة في لبنان. قالوا عن الحشد الكبير يوم الجمعة، إن هذه المظاهرة شيعية وتجاهلوا المشاركة الكبيرة والعارمة من كل الطوائف، ليصورا وكأن المسألة مظاهرة شيعية في مقابل حكومة سنية. لا المظاهرة شيعية ولا الحكومة سنية، هذه هي الحقيقة. ثم جاؤوا بعد ذلك ليقولوا إن المظاهرة هي لحزب الله، يعني في المرحلة الأولى أرادوا أن يحيدوا بقية أطراف المعارضة، ثم من خلال الطابع المذهبي للمظاهرة، ثم جاؤوا ليحيدوا حركة أمل وليقولوا إن هذه المظاهرة لحزب الله، ثم جاؤوا بعد ذلك ليركزوا حملتهم الشديدة على حزب الله وخطابهم الإعلامي المنسق والمتفق عليه، يقولون اعتصام حزب الله وحلفائه. يريدون أن يتجاهلوا بقية قوى المعارضة الحقيقية. عل كل حال، خلال الأيام الماضية انكشف زيف هذا الادعاء، وأن التظاهر والاحتشاد الليلي هو تعبير حقيقي وصادق عن كل أطياف المعارضة الوطنية اللبنانية. هذا الشعار المذهبي سقط وسيسقط، ولكنهم يواصلون العمل على أساسه. في كل الادعاءات السابقة في إعلامهم وخطابهم، يستهدفون ويخاطبون الشارع السني في لبنان، ومن خلاله أيضا الشارع السني على امتداد العالم العربي والإسلامي، ويتصورون أنهم بذلك يسيئون إلى مكانة حزب الله وإلى مكانة القوى المشاركة في المعارضة الوطنية اللبنانية. تارة يقولون المعارضة تريد تغيير اتفاق الطائف، وهذا افتراء وكذب، وأخرى يقولون التظاهر هدفه التغطية على قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ثم يستحضرون العراق وغير العراق، ولا أريد أن أدخل في التباسات هذا
الاستحضار، وآخر الأكاذيب، ويناقضون أنفسهم عندما يقولون: السرايا الحكومي محاصر وفي نفس الوقت يبثون عبر شاشاتهم عن الوفود التي تتقاطر إلى السرايا الحكومي. كيف يكون السرايا محاصراً وتأتي كل هذه الوفود.
في كل الأحوال، التحريض المذهبي خطيئة وجريمة تاريخية ودينية وإنسانية وسياسية كبرى، وإذا أخذت مكانها الطبيعي فإنها تحرق الجميع. التحريض المذهبي لعب بالنار، واليوم أنا أطالب بلجنة تحقيق عربية من جامعة الدول العربية أو إسلامية من منظمة المؤتمر الإسلامي، تأتي إلى هنا وتحقق. أنا أقول من يحرض مذهبياً أو طائفياً هو خائن، وليحققوا. من الذي يقدم اليوم خطاباً طائفياً أو مذهبياً؟ من الذي يحرض؟ من الذي يوزع بيانات تحلل قتل أبناء هذه الطائفة أو تلك الطائفة؟ من الذي يحول الصراع السياسي في لبنان إلى صراع مذهبي؟ ثم يعرفون هم ويعتقدون وهذه شهادة لنا: أننا في حزب الله تحديداً وفي بقية قوى المعارضة الوطنية، حساسون اتجاه الفتنة الطائفية، وحساسون اتجاه الفتنة المذهبية بين الشيعة والسنة. وأيضاً يحاولون أن ينالوا من حزب الله ويقولون إن مكانتنا في العالم العربي تراجعت، وينصحوننا، كلهم يوجهون النصح لحزب الله ولي شخصياً، ويقولون لا تضيعوا ما جمعتموه، ولا تضيعوا مكانتكم في العالم العربي. العالم العربي يعرف، وحصلنا على هذه المكانة لأنه يعرف، أننا أصحاب قضية شريفة ومقدسة ونحن نخدم قضيتنا. نحن لسنا طلاب مناصب ولا طلاب مكانة ولا طلاب شهرة، حتى في حكومة الوحدة الوطنية المقبلة، نحن لا نطالب بحصة لحزب الله. إنني أعلن أمامكم بوضوح: إن المقاعد الوزارية التي تعطى لحزب الله في حكومة الوحدة الوطنية سنتخلى عنها ليشارك فيها حلفاؤنا في المعارضة. نحن لسنا طلاب سلطة ولا طلاب منصب، نحن أصحاب قضية، نفتديها بدمائنا وأبنائنا، وأقول لهم ليعرفوا من يخاصمون اليوم ومن يواجهون اليوم، نحن قوم لا نخاف من الشتائم ولا من السباب ولا الاتهامات، فليسمعوني جيداً: نحن نخلص لقضيتنا وشعبنا وأمتنا ونقدم من أجلها أبناءنا ودماءنا وأرواحنا وماء وجوهنا، لا فرق عند الواحد منا أن يجلس على العرش أو أن يشيع في نعش.
الى العرب
ثانياً، أخاطب كل لبناني وكل الشعوب العربية والإسلامية الذين يتابعون اليوم أحداث لبنان بشكل تفصيلي وأسألهم لنبحث عن مكانتنا عندهم: هل يرضى أي لبناني أو أي عربي، أن نسكت أو ندعم حكومة يعلن عن دعمها كل يوم جورج بوش وإيهود أولمرت؟ هل تقبلون أن ندعم أو نسكت عن حكومة ثبت بالدليل القاطع أنها لا تملك قراراً وطنياً لبنانياً وإنما تخضع لإرادة وقرار السفير الأميركي فيلتمان ومن ورائه كوندليزا رايس؟ نحن نريد حكومة لبنانية وطنية لا تخضع لأي أجنبي كما قلت سواء كان عدواً أو صديقاً أو شقيقاً؟ هم ليدافعوا عن تسلط واستئثار الفريق الحاكم، يختبئون خلف العنوان المذهبي السني والشيعي، ويحاولون أن يصورا للسنة في لبنان وللسنة في العالم العربي، أن المعارضة تستهدف حكومة السنة في لبنان! هذا ليس صحيحاً. هذه الحكومة الغير شرعية ليست حكومة السنة في لبنان وليست حكومة وطنية إلا إذا تشكلت على أساس حكومة وحدة وطنية، هذه حكومة السفير الأميركي. وأنا أقول لكم وليسمع كل العالم وأقول صادقاً وقد عودتكم على الصدق: لو كانت هذه الحكومة حكومة السنة في لبنان لكنت أنا أول المطيعين لهذه الحكومة.
فليتوقفوا عن اللعب بالمذهبية، ولو أردتم أن تدخلوا الملف الفلسطيني في ساحة الصراع فصفحة قوى المعارضة اللبنانية مشرقة ومضيئة في ما يعني فلسطين، ولكن أين صفحتكم. لو أردتم أن تدخلوا التباسات الموقف في العراق، فأنتم تعرفون: نحن أصلاً ضد الغزو الأميركي للعراق وأعلن هذا بوضوح وشتمنا، ولم نهتم للشتائم لأن الموقف كان حقاً، أما أنتم فأدعياء بقاء الاحتلال الأميركي، وتمدحون هذا الاحتلال وترونه صائباً وتعارضون إنهاءه، وتدعون إدارة بوش إلى احتلال سوريا وإلى احتلال المزيد من الأرض العربية والإسلامية. نحن مع المقاومة في فلسطين، في العراق في كل مكان يحمل فيه وطني شريف سلاحه من أجل تحرير أرضه من الاحتلال والهيمنة والوصاية. لا تخلطوا المسائل ولا تشبهوا الأمور على الناس، لا تحتجوا بموقف فئة شيعية هنا أو هناك، كما لا يجوز أن يحتج أحد من الشيعة بموقف فئة سنية هنا أو هناك. هل ليجوز لشيعي أن يقف ويحاسب الأهل الكرام والأحباء والأخوة، أهل السنة في العالم لأن رئيساً عربياً وقع صلحاً مع إسرائيل في كامب ديفيد ويحمل أهل السنة مسؤولية صلح كامب ديفيد؟ هل يجوز أن يحمل أحد أهل السنة مسؤولية بعض الزعماء الذين يصافحون الصهاينة ويطبعون مع الصهاينة ويحاصرون الانتفاضة في فلسطين؟ أبداً. الشيعة ليسوا حساباً واحداً، والسنة ليسوا حساباً واحداً وليسوا معسكراً واحداً. وليسوا مشروعاً واحداً. في كل بلد هناك شيعة وسنة هنا وهناك، هناك مسلمون هنا وهناك. هناك مسيحيون هنا وهناك. فليحاسب بعضنا الآخر على أساس مواقفه الوطنية والقومية التي تخدم مصالح وطنه ومصلح أمته. دعوا هذا الأمر جانباً. ولكن من المؤسف والمحزن أنه في الأيام الأخيرة عمموا على بعضهم البعض وأعادوا فتح ملف الحرب الأخيرة في تموز وآب، ليعيدوا تحميل حزب الله مسؤولية الحرب والدمار والتبعات الاقتصادية وإلى آخره، ويبدو أن هناك تعميما واضحا وتركيزا واضحا. أنا من الذين كانوا يحرصون دائماً على تأجيل الكلام في هذا الملف لمصلحة اللبنانيين، ولكن ما دمتم تصرون فاسمعوا، قبل أن أشرح وأوضح أقول للمعارضة جميعها وخصوصاً للجمهور الذي يعتبر نفسه معنياً مباشرة بالمقاومة، ما أقوله ليس له عندنا نتائج ولا ردات فعل وسوف يستغرب العالم: كم نحن وأنتم أخلاقيون ومتسامحون ومتواضعون وحريصون، ما اقوله لن يغير من الهدف شيئاً، وسوف نبقى نقول لهم: تعالوا معاً لنشكل حكومة وحدة وطنية، ولكن اسمعوا عن الحرب: أنا أدعو إلى تشكيل لجنة قضائية لبنانية من قضاة نزيهين أو لجنة قضائية عربية من قضاة نزيهين، ولتفتح تحقيقاً في مسألة الحرب الأخيرة. هم يتهموننا، ولكن أنا اليوم بصراحة سأتهمهم. الذي طلب من أميركا، من جورج بوش وديك تشيني بشكل رسمي أن تشن الحرب على لبنان بدليل أنّ الحوار حول سلاح المقاومة باعتقادهم وصل إلى طريق مسدود وأن لا إمكانية داخلية لبنانية لانتزاع سلاح المقاومة لأنّها قوية وذات جمهور لبناني عريض في كل الطوائف وهذا ما أكّدته استطلاعات الرأي العامة، ولأنّ الجيش اللبناني جيش وطني يرفض الصدام مع المقاومة، قالوا لهم لا سبيل لبناني ومحلي لإنهاء مسألة المقاومة، الطريق الوحيد هو أن تطلب الإدارة الأميركية من حكومة (ايهود) أولمرت أن تشن حربا كبيرة مدمرة قاضية ليس على حزب الله فقط بل على حزب الله وعلى كل الذين يؤيدونه أو يحتضنونه حتى لا تبقى لهذه المقاومة باقية ولا تقوم لها حتّى في المستقبل قائمة.
الإدارة الأميركية قبلت هذا الطلب وأرادت أيضا توظيفه في انتخابات الكونغرس التي جرت بمعنى أنّه لو نجحت الحرب لجاء بوش والمحافظون الجدد ولقالوا للأميركيين ها نحن قضينا على أحد أهم التنظيمات الإرهابية في العالم، وفي المخطط حضّروا لسجن في مستوطنة في شمال فلسطين المحتلة اسمها روشبينا وهي قاعدة عسكرية أيضا وقاعدة جوية يمكن أن تتسع لعشرة آلاف سجين. هل هؤلاء السجناء سيكونون فقط من حزب الله، لا، كان السجناء سيكونون مِنْ كل مَنْ يعارض الفريق المتسلط الحاكم في لبنان. وقبلت الإدارة الأميركية وأعطت الأمر لإسرائيل. من الذي طلب؟ أنا لا اتهم كل فريق 14 آذار، لا اتهم كل الفريق الحاكم، لا اتهم كل شخصياته، أنا لم أذكر أسماء أمام أحد، لا أمام صحفي أميركي ولا غير صحفي أميركي، لكن الذين جلسوا مع الأميركيين وطلبوا منهم أن تشن إسرائيل علينا الحرب يعرفون أنفسهم وأنا أعرفهم وأتمنّى أن لا يأتي يوم من الأيام أقول أسماءهم.
مسؤولية الحرب
الذي يتحمل مسؤولية الحرب في تموز ليست المقاومة التي يعترف لها البيان الوزاري بوضوح بأنّ لها الحق بالعمل من أجل تحرير الأرض والأسرى. عندما يعطى هذا الحق للمقاومة المقاومة مقاومة وليست وزارة خارجية، المقاومة تحرر الأرض والأسرى بالسلاح وليس بالمفاوضات والدبلوماسية. نحن اُعْطِينَا هذا الحق في البيان الوزاري وفعلنا بالحق الذي أُعْطِينَاه في البيان الوزاري. الذي يتحمل مسؤولية الحرب والدمار هو الذي طلب من أميركا وإسرائيل أن تتخذ هذه العملية ذريعة لتشن الحرب على لبنان، وأنا أقبل بقضاء محايد ولجنة تحقيق محايدة.
أيضا، أنا في أيام الحرب قلت لكم إنّ جون بولتون غير المأسوف على رحيله يريد أن يوقع بيننا الفتنة كلبنانيين عندما أعلن عن مفاجأته أنّ المسؤولين في لبنان قبلوا مسودة المشروع الأميركي الفرنسي ثمّ تخلفوا عن ذلك، ولكنه كان يقول صدقا. هم قبلوا بمسودة المشروع الأميركي الفرنسي لكن عندما وُوجِهُوا بالرفض الوطني في لبنان عدلوا عن ذلك. قلت لكم أيام الحرب إنّ أولمرت يريد أن يوقع بيننا ولكن لم أقل لكم أنّه يكذب، استعملت عبارة حمّالة أوجه. عندما كان يقول إنّ جهات في الحكومة اللبنانية تتصل بنا وتصر علينا أن نواصل القتال، هذا الكلام من أولمرت صحيح ونحن نعرف من هم هؤلاء، وأرجو أنّ لا يأتي اليوم الذي أذكر فيه أسماءهم أمام العالم.
أنا أخاطبكم من هنا وبجواركم رئيس الحكومة الفاقدة للشرعية. أنا أسأله والشهود كلهم ما زالوا أحياء، أسأله يا دولة الرئيس: في وسط الحرب عندما دمّر الصهاينة بالغارات الجوية كل الجسور والطرق والمعابر من أجل قطع خطوط إمداد المقاومة في الجنوب، وهم ما ضربوا الجسور من أجل الجسور ولا الطرقات من أجل الطرقات وإنّما كانوا يريدون قطع خطوط الإمداد للمقاومة وفشلوا وبقي الإمداد مستمرا حتّى آخر يوم ولم يتوقف... أسأله: ألم تأمر أنت يا دولة الرئيس، الجيش اللبناني بمصادرة سلاح المقاومة الذي ينقل إلى الجنوب أم لا؟
أريد أن أسأل: هل يقبل لبناني سواء كان مسلما أم مسيحيا، هل يقبل لبناني سواء كان سنيّا أو شيعيا أو درزيا أن يحصل هذا في أيام الحرب؟ هل يقبل أي عربي سواء كان مسلما أم مسيحيا سنيا أو شيعيا أن يعمل رئيس حكومة لبنان على قطع خطوط الإمداد للمقاومة التي كانت تخوض معركة الدفاع عن لبنان وعن الأمّة؟ فقط لأنّه سنّي يجب أن أسكت عنه لو كان شيعيا لذكرته منذ اليوم الأول. سوف يخرج غدا رئيس الحكومة الساقطة شعبيا ليقول <إنّو السيد حسن يتجنّى عليّ> أنا أقبل بلجنة تحقيق والشهود أحياء ومن أرسلتُهم ليتوسطوا لديه في الليل من أجل أن يجمّد هذا القرار ما زالوا على قيد الحياة.
ولكن الأهم والأخطر، نحن في لبنان ندفع الضرائب للحكومة وهي بدورها تدفع رواتب الموظفين في المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية وتدفع الموازنات وتشتري التجهيزات... من المفترض أنّ الأموال التي يدفعها الشعب اللبناني وتبنى بها أجهزة أمنية أن تبنى الأجهزة الأمنية لحماية اللبنانيين وحماية أمنهم وممتلكاتهم والدفاع عنهم، في الحرب كان من المفترض أن تعمل بعض الأجهزة الأمنية التابعة للفريق الحاكم على ملاحقة الجواسيس والشبكات الإسرائيلية التي كانت تقدّم المعلومات للإسرائيليين ليقوموا بالقصف، ولكن للأسف الشديد أقول لكم، وأنا حاضر أيضا للجنة تحقيق مستقلة ومحايدة، إنّ أحد الأجهزة الأمنية الرسمية التابع للفريق الحاكم كان يعمل في فترة الحرب للبحث عن أماكن قيادات حزب الله لتشخيصها، وقد عملت مجموعة من هذا الجهاز الأمني الرسمي للأسف الشديد لتحديد المكان الذي كنت أتواجد فيه أنا شخصيا أثناء مرحلة الحرب.
أكتفي بهذا المقدار عن الحرب، ولو أردت أن أستمر سواء قبل الإخوة والرفاق في المعارضة أو لم يقبلوا، لو لم نكن حريصين على هذا الوطن، لو لم نكن مدركين للحساسيات المذهبية والطائفية لوقفت في الرابع عشر من آب ليس لأتحدث عن حكومة وحدة وطنية وإنّما لأتحدث عن خونة يجب أن يحاكموا في لبنان.
أنا أسامح
لكن مع كل الذي قلته لكم، وهنا يتفاجأ العالم وتتفاجأون، نحن أبناء هذه القيم وهذه الثقافة ثقافة الحرص على الوحدة، ثقافة التسامح وثقافة المحبة، أنا أسامحهم وإذا أرادوا أن يحاسبوني أنا جاهز للحساب. اليوم وأيضا حرصا على الحساسيات المذهبية، قبل أشهر اعتقلت مجموعة للأسف أنها تنتمي إلى جهة أصولية سنية وكانت تخطط لاغتيالي، وقام الكثيرون من عمائم وغير عمائم وطعنوا في هذه المسألة وأنا سامحتهم، وقلت إنني أسقط حقّي. ما زالوا في السجن أمام القضاء الذي لم يحسم مسألتهم حتّى الآن ولا أعرف لماذا، ولكن أنا أطلب من القضاء اللبناني أن يطلق سراح أعضاء هذه المجموعة التي كانت تخطط لاغتيالي وأن يعيدهم إلى بيوتهم في بيروت وفي الطريق الجديدة وسامحهم الله جميعا.
مجددا أخاطبهم، أخاطب الفريق الحاكم المستأثر: لن تستطيعوا أن ترهبونا بالشغب ولن تستطيعوا أن تمنعوا الناس من المجيء إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء، لن تستطيعوا جرنا إلى الفتنة المذهبية، لن تسمعوا صرخة استسلام ولا ضعف ولا وهن لأنّ مطالبنا محقة. ما زلنا نقول لكم تعالوا لنقيم حكومة وحدة وطنية، وأقول لكم: الوقت لا يلعب لمصلحتكم، أبدا، فهذا سيدكم في البيت الأبيض ترتجف أعصابه ويتهاوى في كل مكان. تعالوا لنعود إلى بعضنا البعض كلبنانيين، لا مكان للعناد، الفرصة ما زالت متاحة وأبواب التفاوض ما زالت قائمة ولا زلنا نقبل في المعارضة، لم نقل إنّ مطلبنا الوحيد هو إسقاط الحكومة، قلنا تعالوا نحول الحكومة الحالية إلى حكومة وحدة وطنية، الحكومة التي يرأسها فؤاد السنيورة، ولكم فيها الأغلبية وللمعارضة ثلثٌ ضامن من أجل أن نضمن لبنان...
لكن إذا أصررتم على العناد ورفضتم، نحن الآن في المعارضة بدأنا ندرس خيارا آخر، بعد مدة لن نقبل حكومة وحدة وطنية يرأسها أحدٌ منكم. بعد مدة سيتحول هدفنا إلى إسقاط هذه الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية تجري انتخابات نيابية مبكرة وأنتم تعرفون لمن الأكثرية ولمن الغلبة. في انتخابات 2005 أخذتم الأكثرية على عجل بقانون ظالم وبتحالفات المُخَادَعَة، في الانتخابات المقبلة لن يكون مكان للخداع لأنّ المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. بعد الانتخابات المبكرة ستكون المعارضة أكثرية وستشكل حكومتها وسيرأس حكومتها شخصية سنية وطنية شريفة نظيفة نزيهة يعرف العالم كله نزاهتها. وهؤلاء السنة الوطنيون في لبنان كُثُر القادرون على تحمل مواقع قيادية من هذا النوع. ولكن لن نلغيكم ولن نشطبكم، سنعطيكم في الحد الأدنى، أنا أوافق أن نعطيكم الثلث الضامن ونشارككم لأنّنا نؤمن أنّ لبنان بلد الشراكة والمشاركة والتوافق والتعاون.
صلاة الجمعة
أيها الإخوة والأخوات، للتعبير عن استمرارنا في هذا التحرك السلمي الحضاري، أنا أدعو المسلمين في كلمتي هذه بالتحديد للمشاركة غدا في صلاة الجمعة التي ستقام في ساحاتكم، ساحات الشرف والمقاومة السياسية الحقيقية وليس المزيفة أو المدَّعَاة، أدعوكم للمشاركة في صلاة الجمعة التي ستعبر عن وحدتنا وتلاحمنا في وجه كل أشكال الفتنة والتفرقة، بإمامة سماحة العلامة الشيخ الدكتور فتحي يكن، وأقول للمصلين من المسلمين الشيعة باعتبار أننا عادة نصلي الظهر غالبا أنّ صلاة الجمعة هذه تجزيكم عن صلاة الظهر ويمكنكم بعدها أن تصلوا صلاة العصر وتكفيكم. أدعوكم وأدعو كل من يستمع إلى أوسع مشاركة في صلاة الجمعة هذه لأنّها عبادة لله الواحد الأحد ولأنها تعبير نريد أن نوجهه لكل أولئك الذين يتربصون بنا من أجل الفتنة والتفرقة والتصارع. قد تجدون أرضا للفتنة والحرب الأهلية في مكان ما في العالم لكن في لبنان لن، لن يكون هناك قتال بين الشيعة والسنة.
الأمر الثاني، أدعوكم وأدعو كل المشاهدين والمستمعين إلى المشاركة في الحشد الجماهيري الكبير يوم الأحد في الساعة الثالثة عصرا لتجديد التعبير عن الموقف ولتأكيد الحضور الشعبي والإصرار الشعبي للمعارضة الوطنية اللبنانية، كما نقول لهم في كل ليلة، سنقول لهم الأحد عصرا، سيسمعوننا في كل صور الفريق الحاكم، من الساحات، من بيوت الفقراء، من الأكواخ، من الخيم، من البيوت المهدمة، من أحياء المهاجرين بالفقر والمهجرين بالحرب، سنسمعهم صوتنا نحن في المعارضة الوطنية اللبنانية لن نستسلم وسوف نبقى في الساحات حتّى نقيم حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية الضامنة للبنان لكل اللبنانيين، المنقذة للبنان والمدافعة عن لبنان التي تعالج أزماته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لنسمعهم أننا مصرون على الهدف وسنواصل الطريق مهما كانت التضحيات.
أيها الإخوة والأخوات من كل الطوائف والمذاهب والأحزاب والتيارات، أنتم منتصرون حكما، وكما قلت لكم في الدعوة: كما كنت أعدكم بالنصر دائما أعدكم بالنصر مجددا. هم يواصلون حرب تموز وآب ونحن نواصل معركتنا في الدفاع عن هوية لبنان ووحدة لبنان وكرامة لبنان، عشتم جميعاً، طاب ثرى الشهيد أحمد محمود طاب ثرى شهدائكم ، عشتم وعاش لبنان.
المصدر : السفير
إضافة تعليق جديد