تحول في العلاقات الإيطالية مع الولايات المتحدة الأمريكية
أظهرت الانتقادات الايطالية الأخير لسياسات الولايات المتحدة، وخصوصاً للضربات العسكرية في الصومال والخطة الأميركية الجديدة للعراق، أن ثمة تحولاً رئيسياً في المقاربة التي تعتمدها روما حيال واشنطن في عهد رئيس الوزراء رومانو برودي. لقد ولّت أيام الدعم غير المشروط الذي كان يقدمه رئيس الوزراء الايطالي السابق سيلفيو برلوسكوني.
إن العلاقات بين الحليفين على ضفتي المحيط الأطلسي، والتي تغيرت جوهرياً منذ تولي برودي السلطة خلفاً لبرلوسكوني عقب انتخابات نيسان من العام الماضي، ستكون أمام اختبار آخر قريباً، إذ يتعين على الحكومة الايطالية أن تقرر ما إذا كانت ستسمح بتوسيع مقرر لقاعدة عسكرية أميركية في ايطاليا وما إذا كانت ستسعى الى استرداد 26 أميركيا متهمين في عملية خطف نفذتها وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي" لرجل دين مصري في ميلانو.
ونشرت صحيفة "لا ريبوبليكا" ليسار الوسط أمس أن "التحالف مع الولايات المتحدة اليوم لم يعد ضرورة حيوية لأن أحدا لا يهددنا مباشرة". وأضافت: "نحن أطلسيون في الخيار، استناداً الى حساب بارد لما هو مريح... لكن أحدنا يمكنه أيضاً إبداء شكوكه بصورة منطقية".
وتتركز الانتقادات الايطالية على السياسات الرئيسية للولايات المتحدة. وخلال الأسبوع الماضي، كان وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما يتحدث عن الهجمات الأميركية على أفراد يشتبه في أنهم من تنظيم "القاعدة" في الصومال، فاكد أن ايطاليا تعارض "المبادرات الأحادية التي يمكن أن تشعل توترات جديدة في منطقة معروفة أصلاً بدرجة عالية من عدم الاستقرار". وردد برودي التصريحات ذاتها.
وأول من أمس، انتقد داليما خطة الرئيس الأميركي جورج بوش لارسال مزيد من الجنود الى العراق، معتبراً أن هذه الاستراتيجية غير مقنعة. وكانت حكومة برودي دائماً ضد الحرب في العراق وانهت الشهر الماضي سحب كتيبة ايطالية كانت أرسلتها حكومة برلوسكوني.
هذا النوع من الانتقاد لم يكن مسموعا في واشنطن خلال السنوات الخمس التي أمضاها برلوسكوني في الحكم. بيد أن برودي أكد أن لديه أولويات مختلفة عن سلفه. وهو شدد خلال حملته الانتخابية على أنه سيركز على العلاقات مع الدول الأوروبية الأخرى والعمل من أجل سياسة خارجية مشتركة للاتحاد الأوروبي، علماً أنه أيد إقامة علاقات "بناءة" مع واشنطن.
وقال داليما الأحد: "نحن لسنا مناهضين لأميركا". ووافق برودي على ابقاء 1800 جندي ايطالي في اطار قوة المساعدة الأمنية الدولية في أفغانستان "إيساف" التابعة لحلف شمال الأطلسي. كما اضطلع بدور ريادي في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً لانهاء الأزمة في لبنان الصيف الماضي، ووافق على ارسال 2500 جندي في اطار القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل".
غير أن القرارات التي يمكن أن تعكر العلاقات لم يحن أوانها بعد. وعلى حكومة برودي أن تقول ما إذا كانت توافق على خطة لدى واشنطن لتوسيع قاعدة عسكرية أميركية في فيتشنزا بشمال شرق ايطاليا. ومن المقرر أن تعلن الحكومة الايطالية قرارها الجمعة المقبل.
كذلك على الحكومة أن تقرر ما إذا كانت ستطلب من السلطات الأميركية استرداد 26 اميركيا مطلوبين لتورطهم مع "السي آي إي" في خطف رجل دين مصري عام 2003 في ميلانو.
وكان برودي تحدى واشنطن الشهر الماضي باعلانه أنه لن يعارض اطلاق اسم رئيس الوزراء سابقاً الاشتراكي بتينو كراكسي على شارع في منطقة سيغونيلا بصقلية، وهو المكان الذي يضم قاعدة جوية شهدت حادثة شهيرة إذ وقف فيها كراكسي متصدياً للولايات المتحدة عام 1985، رافضاً تسليم أفراد الكوماندوس الفلسطيني الذي خطف الباخرة "أكيلي لاورو" وقتل عجوزاً أميركياً كان من ركابها السياح.
المصدر: أ ب
إضافة تعليق جديد