تل أبيب: نأمل للسعودية النجاح في حربها على اليمن
تنظر إسرائيل إلى اليمن وتطوراته، بما يشمل التدخل العسكري السعودي، على أنه ساحة صراع بين معسكر معادٍ لتل أبيب ومعسكر حليف لها. لإسرائيل والدول التي تسميها «المعتدلة» في الخليج مصالح مشتركة، وإحداها الموقف من الساحة اليمنية. وإرسال إسرائيل طائراتها لقصف اليمن أو الامتناع عن ذلك والاكتفاء بما لدى السعودية وحلفائها، لا يغير من طبيعة المصلحة الإسرائيلية، التي وصفها الإعلام العبري أمس، بأنها تتقاطع مع المصلحة السعودية والخليجية، في وجه الأعداء المشتركين. ولم يكن أمراً عبثياً، أن يورد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في خطابه الأخير أمام الكونغرس، مدينة صنعاء باعتبارها إحدى العواصم التي التحقت بمحور المقاومة إلى جانب كل من بغداد وبيروت ودمشق. كلام نتنياهو يختصر الرؤية الإسرائيلية من اليمن وتطوراتها، وعلى لسان رأس الهرم السياسي في تل أبيب. بل إن نتنياهو لم يكتف بذلك، وعاد لاحقاً للدعوة إلى الاتحاد مع المحور المقابل لحور المقاومة (دول الاعتدال العربي)، في مواجهة الأعداء المشتركين، واليمنيون من بينهم.
وإذا كان المسؤولون الإسرائيليون قد فضلوا، كما يبدو إلى الآن، الامتناع عن التعليق المباشر حول تطورات الوضع في اليمن والموقف من التدخل العسكري السعودي والحليف، إلا أن الإعلام العبري تكفّل بعرض الموقف. صحيفة «يديعوت أحرونوت» أشارت إلى أن التدخل السعودي في اليمن يشكل أخباراً جيدة من ناحية إسرائيل، مع التمني للرياض كل النجاح، وكشفت أن الحلف المتشكل لضرب الحوثيين ليس وليد الساعة، بل جرى الإعداد له منذ أشهر.الحلف المشكل جرى التحضير له منذ أشهر وليس وليد الساعة
القناة الثانية العبرية أشارت إلى أن سيطرة الحوثيين على اليمن، ومن ورائهم إيران، تُقلق إسرائيل ودول العالم، إذ إن سقوط عدن وباب المندب يشكل خطراً على المصلحة الإسرائيلية المباشرة وعلى دول الاعتدال العربية وعلى رأسها السعودية، فيما رأت القناة العاشرة العبرية أن إسرائيل تواجه نفس التحدي تماماً و«سيطرة الحوثيين على باب المندب، هو كابوس للدول العربية المعتدلة، التي نقف إلى جانبها في هذا الصراع».
وأشار موقع «واللا» العبري إلى أن مخاوف إسرائيل في ما يتعلق باستيلاء الحوثيين على اليمن لا يقارن بمخاوف واستياء الرياض وعواصم عربية أخرى، ربطاً بتمدد الإيرانيين في الشرق الأوسط الذي لا يقابله إلا تقاعس واضح وسافر من قبل الأميركيين في وجه طهران. وأضاف أن نتائج العملية العسكرية السعودية في اليمن قد لا تكون حاسمة، إلا أنها تعبّر بوضوح عن مدى الإحباط السعودي والأردني والمصري من تصرفات الأميركيين مقابل إيران.
وذكر «واللا» أن الخطر الحوثي لا يرتبط فقط بإمكان مهاجمة السفن الإسرائيلية في باب المندب، بل إن السيطرة الحوثية على اليمن تثير المزيد من القلق في الجانب الإسرائيلي، إذ إن قوة إيران المتزايدة في المنطقة ستسمح لها بتحسين وضعها وقدرتها على المناورة في وجه الأميركيين والأوروبيين، كلما زاد تأثيرهم في دول مثل العراق وسوريا واليمن.
موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» أشار في تقرير لمراسله للشؤون الأمنية، رون بن يشاي، إلى أن ما يجري في اليمن هو «حرب الجميع ضد الجميع»، لكن التدخل السعودي العسكري هو «خبر جيد من ناحيتنا، وعلينا فقط أن نأمل أن ينجحوا في مهتمهم».
وكشفت الصحيفة أن القوة العسكرية للسعودية والدولة المتحالفة معها، التي تهدف إلى كبح الحوثيين وصدهم، جرى التحضير لها منذ أشهر وليست وليدة الساعة، مضيفةً أن المصلحة الإسرائيلية مما يجري واضحة، إذ إن ممرات تهريب السلاح من إيران إلى غزة تمر عبر باب المندب وعن طريق اليمن، وهذا البلد سبق أن استخدم كعادة فرعية للإيرانيين في الطريق إلى السودان عندما كانوا يحاولون تهريب السلاح من هناك إلى مصر فأنفاق غزة، وهذه القاعدة تعززت بعد سيطرة الحوثيين، رغم أن السودان لم يعد حليفاً لإيران، وهذا تطور هام بالنسبة إلى إسرائيل.
وأوضحت «يديعوت آحونوت» أنه يكفي من ناحية إسرائيل، منع الحوثيين وحلفائهم الإيرانيين من السيطرة على مضيق باب المندب، الذي يعد ذا أهمية استراتيجية لدول المنطقة، وعلى رأسها إسرائيل. لكن الصحيفة في الوقت نفسه أشارت إلى أن النجاح أو الفشل في اليمن، بالنسبة إلى السعودية، هو مسعى مصيري، ويدركون (في السعودية) أن العملية الجوية لا تكفي وحدها، حتى لو تلقوا معلومات استخبارية من الأميركيين وجهات أخرى في المنطقة، لذلك حشدوا قوة برية كبيرة، وعلى ما يبدو ينوون استخدامها، لأنهم يدركون أنه فقط عبر قوة كهذه يمكن معالجة الحوثيين.
من جهتها ركزت صحيفة «إسرائيل اليوم»، أيضاً على ما سمته الخطر الحوثي في اليمن، مشيرةً إلى أن التطورات الأخيرة في هذا البلد، وتحديداً سيطرة الحوثيين عليه، يؤكد من جديد أن اليمن قد تحول من رمز للنجاح الأميركي إلى رمز للفشل، بما ينسحب أيضاً على الشرق الأوسط برمته، محذرةً من إيران تتحول إلى القوة العظمى الإقليمية، وقد نحصل على شرق أوسط جديد يكون من الموصى فيه التحدث باللغة الفارسية.
محمد بدير
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد