رؤية اللوبي الإسرائيلي البريطاني لموقف الجامعة العربية من الأحداث السورية
الجمل: نشر الموقع الالكتروني الخاص بلجنة الاتصالات البريطانية ـ الإسرائيلية، التي تمثل كبرى منظمات اللوبي الإسرائيلي البريطاني البحثية، ورقة تطرقت لتحليل التوترات الجارية حالياً بين سوريا وجامعة الدول العربية، فما هي طبيعة إدراك جماعات اللوبي الإسرائيلي البريطانية لهذه التوترات وما هي حسابات الفرص والمخاطر التي رصدتها معطيات الورقة؟
* موقف الجامعة العربية إزاء سوريا: منظور اللوبي الإسرائيلي ـ البريطاني
تحدثت الورقة البحثية عن موقف الجامعة العربية الأخير إزاء ملف الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، مشيرة إلى النقاط الآتية:
• قيام الجامعة العربية بإصدار قرار تعليق عضوية سوريا يمثل استجابة دبلوماسية جديرة بالملاحظة.
• مصدر الملاحظة المثير للاهتمام في موقف الجامعة العربية، يتمثل في أن الجامعة ظلت طوال المراحل السابقة، تبدو وكأنها غير معنية بالقضايا العربية، إضافة إلى أدائها العاجز المصحوب بالخلافات والانقسامات.
• اتخاذ الجامعة العربية لموقف موحد إزاء نظام معمر القذافي الليبي، وقد كان موحداً ليس بسبب وحدة الجامعة العربية، ولكن بسبب أن نظام معمر القذافي نفسه كان منعزلاً عن الجامعة العربية.
• موقف الجامعة العربية إزاء دمشق، بدا مشحوناً بالخلافات والتناقضات، ومن أبرزها تناقض القرار مع البند الثامن من ميثاق الجامعة، والذي يلزم أعضاء الجامعة باحترام السيادة الداخلية للدول العربية الأعضاء.
• طوال الحقب الماضية ظلت دول الجامعة العربية تمتنع عن التصويت إزاء المسائل المتعلقة بالسيادة الداخلية لدولها الأعضاء، ولكن هذه المرة سعت دول الجامعة العربية لجهة تجاوز ذلك.
• قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا، يشكل سابقة مثيرة للجدل والخلاف، وسوف تكون لهذه السابقة المزيد من التداعيات الإقليمية، خاصة أنها كسابقة تشير إلى أن شيئاً قد حدث وتغير داخل الجامعة العربية.
خلصت الورقة البحثية من هذه النقاط، إلى أن المفتاح الأساسي لفهم التطورات الجارية حالياً داخل الجامعة العربية، هو صعود طموحات محور الرياض ـ الدوحة، الأمر الذي يشير بدوره إلى أن هذا المحور سوف يظل فاعلاً لجهة القيام بدور في عملية توجيه وإعادة توجيه فعاليات الاحتجاجات السياسية العربية الجارية حالياً.
* محفزات قرار تعليق عضوية دمشق
أشارت الورقة في هذا الجانب إلى بعدين، يمكن الإشارة إليهما على النحو الآتي:
• البعد المعلن: جاء قرار تعليق عضوية سوريا، تحت مبررات أن دمشق، رفضت الالتزام بتطبيق خطة مبادرة الجامعة العربية لإنهاء العنف، ومبادئ هذه الخطة هي: إطلاق سراح السجناء ـ سحب القوات السورية من المدن ـ الدخول في حوار مع المعارضة ـ السماح بنشر المراقبين في سوريا. وأضافت الورقة بأن دمشق قد وافقت على خطة المبادرة، ولكن الجامعة العربية رأت بأن دمشق برغم الموافقة، فإنها لم تقم بتنفيذ المبادرة.
• البعد غير المعلن: أشارت الورقة إلى هذا البعد ضمن حوالي أربعة أسطر فقط. ولكنها تضمنت ما قل ودل: إن تنفيذ خطة مبادرة الجامعة العربية معناه تسليم السلطة لنظام بديل تقوده المعارضة الخارجية. وبالتالي، وبحسب إشارة الورقة، فإن دمشق، قد سعت للتعامل الهادئ المتدرج مع مبادرة خطة الجامعة العربية ضمن استراتيجية تضمنت قدراً من عنصر كسب الوقت.
نلاحظ هنا أن الورقة البحثية لم تسعَ لإصدار أي حكم تقييمي، وفقط اكتفت بتوصيف خطة المبادرة العربية ضمن البعدين المعلن، وغير المعلن. وذلك على النحو الذي ينطوي على تفسير محتوى ومضمون إنذارات الجامعة العربية الأخيرة لدمشق.
* الجديد في موقف الجامعة العربية: تأكيد الذات
سعت الورقة البحثية إلى توصيف التطور الجديد في موقف الجامعة العربية الجاري إزاء سوريا على أساس اعتبارات النقاط الآتية:
• خلال مرحلة ما قبل انهيار نظام الرئيس المصري حسني مبارك، كان التحالف الأساسي داخل الجامعة العربية بين مصر والسعودية.
• شهدت مرحلة ما قبل انهيار نظام حسني مبارك، المزيد من الخلافات السعودية ـ القطرية، فالسعودية تتعامل بعداء منقطع النظير مع إيران، بينما ظلت قطر أكثر سعياً لجهة التعاون مع إيران، بسبب رغبة الدوحة في ضبط التوازنات الخليجية، وفي نفس الوقت الحفاظ على المصالح القطرية ـ الإيرانية، بسبب حقل الغاز الخليجي الضخم الذي ظلت تتقاسمه طهران والدوحة.
• بعد انهيار نظام الرئيس المصري حسني مبارك، سعت الرياض إلى بناء الروابط الوثيقة مع قطر، بما أدى إلى صعود نفوذ محور الرياض ـ الدوحة داخل الجامعة العربية.
تشير المعطيات الجارية برأي الورقة إلى أن محور الرياض ـ الدوحة، قد حقق نجاحاً في الملف الليبي، ويسعى حالياً إلى تحقيق النجاح في ملف تتبيع تونس، والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى بعد صعود حزب النهضة الإسلامي، ونفس الشيء بالنسبة لمصر، إذا استطاعت الحركات الإسلامية الفوز بالانتخابات بما يؤدي إلى تحالف حزب العدالة والحرية (الإخوان المسلمون) وحزب النور (التيار السلفي الوهابي) ـ ولكن برغم ذلك، سوف يواجه محور الرياض ـ الدوحة عقبة كبيرة في الملف السوري، وذلك ـ كما ألمحت الورقة ـ بسبب الآتي:
• الموقف اللبناني الداعم لدمشق من الصعب تغييره.
• الموقف العراقي الداعم لدمشق من الصعب تغييره.
• الموقف الأردني الداعم لدمشق من الصعب تغييره، وذلك برغم خلافات عمان ـ دمشق، فإن عمان لن تستطيع أن تحمل لواء العداء ضد دمشق.
• الموقف الإيراني الداعم لدمشق من الصعب تغييره.
• الموقف الروسي والصيني الداعم لدمشق من الصعب تغييره.
هذا، وأشارت الورقة البحثية إلى أن النجاح الذي حققه محور الرياض ـ الدوحة في الملف السوري انحصر فقط في مجال الفعاليات الإعلامية وتحديداً عن طريق "قناة الجزيرة" التابعة لقطر، و"قناة العربية" التابعة للسعودية.
تحدثت الورقة البحثية عن الحسابات الاستراتيجية، مشيرة إلى أن الرياض، برغم تعاونها مع قطر، فإن السياسة السعودية تقوم على اعتماد جانب إضافي هو العمل من أجل بناء القدرات الاستراتيجية السعودية، وعدم الاعتماد على واشنطن، والتي يمكن في لحظة ما أن تتخلى عن الرياض. أما قطر فمن غير الممكن لها بناء مثل هذه القدرات، وبالتالي لن يكون أمام الدوحة من خيار سوى المفاضلة بين الرياض، وواشنطن، ثم المناورة مع طهران.
وبالنسبة لإسرائيل، أشارت الورقة البحثية بأنه يتوجب على تل أبيب أن تركز على متابعة التطورات السورية الجارية عن كثب مع الأخذ في الاعتبار بأن حدوث أي انهيار في دمشق سوف لن يؤدي سوى إلى صعود أوضاع سورية غير مستقرة وشديدة الانقسام والخلافات العدائية. وإضافة لذلك، يتوجب على تل أبيب المضي قدماً في مخطط الضغط على الرياض لجهة تصعيد وتائر الخصومة ضد طهران. وذلك لأن أي تعاون إيراني ـ سعودي سوف لن يؤدي إلا إلى جعل إسرائيل تقف في مواجهة الخيارات الأكثر خطورة في تاريخها المعاصر.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد