كلينتون تشيد بـ«التجميد الجزئي»: غير مسبوق وأقلّ ممّا نودّ
حاولت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس، تلطيف مواقفها من الاستيطان الإسرائيلي، مع إبقاء جوهرها، وهي أن عمليات البناء «لا يمكن أن تمنع استئناف المفاوضات». هذا الموقف هو ما نقلته الوزيرة الأميركية إلى نظرائها العرب في مراكش، أثناء مشاركتها في «منتدى المستقبل»، الذي ينعقد بمبادرة مشتركة لدول مجموعة الثماني (ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان وبريطانيا وروسيا) و20 دولة من دول المنطقة.
كلينتون حاولت إبداء بعض التوازن في تصريحاتها، من دون أن تستطيع إخفاء الميول إلى تبنّي ما تطرحه الحكومة الإسرائيلية، أي «تفاوض في ظل الاستيطان»، رغم أن الإدارة الأميركية كانت صاحبة السقف المرتفع في شروط استئناف التفاوض، حين كان رئيسها باراك أوباما يدأب على إعلان «رفض الاستيطان، بما في ذلك النمو الطبيعي».
الوزيرة الأميركية حاولت العودة بتصريحاتها إلى مضمون كلام أوباما السابق، مع بعض التعديلات، فأعلنت، قبل لقاء مع نظيرها المغربي الطيب الفاسي الفهري في مراكش جنوب المغرب، أن «موقف إدارة أوباما من المستوطنات واضح ولا لبس فيه، وهو لم يتغيّر: إن الولايات المتحدة لا تقبل بشرعية مواصلة (إقامة) المستوطنات الإسرائيلية»، رغم أنها كانت قد أيّدت، السبت الماضي، العرض الإسرائيلي بتجميد جزئي للاستيطان، ووصفته بأنه «عرض غير مسبوق».
هذا التعبير عادت وكرّرته كلينتون في مراكش، غير أنها أرفقته بإشادة بجهود الفلسطينيين في المجال الأمني. وحاولت تبرير موقفها مما قدّمه الإسرائيليون بالقول إن «عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي تجميداً جزئياً للاستيطان أقل مما كنّا نود. لكن إذا ما طبّق، فإنه سيكون أول تقييد من نوعه للاستيطان، ما سيكون له أثر مهم». وأضافت «أدعم الأطراف عندما أرى أنهم يقومون بخطوات في اتجاه تعزيز هدف حل الدولتين».
وأضافت كلينتون «قلت لرئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو إن هذه المبادرات الإيجابية من جانب الفلسطينيين يجب أن تؤدي إلى مبادرات إيجابية من جانب إسرائيل بشأن تنقلاتهم والمعابر والتنظيم الإسرائيلي للأمن في الضفة». وقالت إن «إسرائيل قامت ببضع خطوات في هذا الاتجاه، لكن يتعيّن عليها القيام بجهد أكبر بكثير».
وأقنعت التبريرات الأميركية وزير الخارجية في السلطة الفلسطينية رياض المالكي الذي قال إنه «راضٍ عن التبريرات التي قدّمتها» كلينتون بشأن تغيير موقف إدارتها من الملف الاستيطاني. وفي السياق، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بي جي كرولي أن الوزيرة ستغادر المغرب اليوم الثلاثاء للقاء الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة غداً.
في ظل هذه الأجواء والتصريحات الأميركية الملتبسة حيناً والمتملّقة حيناً آخر، رأت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن الولايات المتحدة «تتعامل مع قضية المستوطنات مثل حالة الطقس: موضوع مهم للنقاش، لكن يستحيل تغييره». وذكّرت بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان قد «اقترح تغيير ذلك».
في المقابل، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، الموجود في مراكش أيضاً، إن «كل الدول العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية ومصر، تشعر بخيبة أمل بالغة تجاه المحادثات الأميركية ـــــ الإسرائيلية»، وأضاف «إن هذه النتائج تظهر أن إسرائيل يمكنها الإفلات من أي شيء من دون أي موقف قوي يمنعها من المضي قدماً».
وأكد موسى أن الدول العربية تدعم الموقف الفلسطيني القائل بأن استئناف المفاوضات لا طائل منه من دون وقف توسعة المستوطنات، محذّراً من أن «الفشل يلوح في الأفق عموماً».
في هذا الوقت، كان المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل يستكمل جولة «الطمأنة» الأميركية في المنطقة، حيث حطّ أمس في الأردن، والتقى الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عبّاس.
ودعا الملك الأردني، بحسب بيان للديوان الملكي، الولايات المتحدة إلى أداء دور قيادي من أجل إيجاد بيئة مواتية لإطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط. وشدّد على «ضرورة استغلال الفرصة المتاحة لتحقيق السلام عبر إطلاق مفاوضات سلمية جادة وفاعلة تعالج جميع قضايا الوضع النهائي، على أساس المرجعيات المعتمدة، ووفق برنامج زمني محدد، للوصول إلى حل الدولتين الذي يمثّل السبيل الوحيد لتحقيق السلام».
من جهته، أكد ميتشل «التزام الولايات المتحدة بتحقيق السلام الشامل والدائم، والاستمرار بالعمل بجدية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حلّ الدولتين»، وفق البيان.
ولم يرشح عن لقاء عبّاس وميتشل غير تصريحات السفير الفلسطيني في عمان، خيري عطا الله، الذي قال إن المباحثات تركزت على الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات، حيث جدد أبو مازن تأكيد رفض استئناف المفاوضات من دون وقف كامل للاستيطان.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد