لقاء بغداد: أمريكا وسورية وإيران على طاولة واحدة
الجمل: كل العيون على سوريا وإيران والولايات المتحدة في لقاء 10 آذار المنعقد في بغداد. واللقاء الذي سوف يركز على الأمن، يمثل المرة الأولى التي يلتقي فيها وجهاً لوجه المسؤولون من البلدان الثلاثة منذ 2004م. وقد رفضت إدارة بوش سابقاً كل التماسات ومناشدات التفاوض مباشرة مع إيران.
والآن يقول الرئيس –بوش- (الدبلوماسية سوف تلعب دوراً هاماً في تأمين مستقبل العراق)، وسوف يتولى زلماي خليل زاده (السفير الأمريكي الحالي في العراق) تمثيل الولايات المتحدة في اجتماع المستوى الوزاري الذي سوف ينعقد يوم السبت القادم.
المؤتمر يأتي وسط توترات متصاعدة بين دمشق- طهران، وواشنطن حول تورط وتدخل سوريا وإيران في العراق، ومخالفة قرارات مجلس الأمن الدولي حول لبنان، والبرنامج النووي الإيراني، ودعم المنظمات الإرهابية مثل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله.
برغم الخلافات، يقول الخبراء الدوليون المهتمون بشؤون الشرق الأوسط بأن المصالح الأمريكية والإيرانية في العراق تعتبر متداخلة ومتقاطعة، فإيران لا تريد حرباً أهلية، ولا قيام دولة فاشلة في العراق، كذلك فإيران تريد استمرار نفس الحكومة الموجودة الآن في بغداد، وهي الحكومة التي تدعمها الإدارة الأمريكية حالياً وتحرص على استمرارها ونجاحها.
حاول بعض الخبراء تشجيع البيت الأبيض لكي يمضي قدماً في التعامل وجهاً لوجه مع سوريا وإيران، وأن يجعل من هذا التوجه جزءاً رئيسياً من السياسة الخارجية الأمريكية في التعامل مع السوريين والإيرانيين.
وحتى الآن لا توجد تكهنات بإمكانية حدوث اجتماعات ثنائية جانبية أمريكية- سورية، أمريكية- إيرانية، على هامش مؤتمر بغداد.
إضافة إلى إيران وسوريا والولايات المتحدة، فإن المؤتمر سوف يضم ممثلين للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، ومجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية.
كذلك يرى الخبراء بأنه من غير المعروف مدى مصداقية الدور الذي يمكن أن تلعبه الأطراف الخارجية في التأثير على العراق، ويقول ريتشارد هولبروك السفير الأمريكي السابق في الأمم المتحدة، بأن المؤتمر الإقليمي هو فكرة جيدة، ولكنه حذّر من أن الحرب يتم شنها على الأرض بواسطة القوى الوحشية التوجه، وهي قوى لا تهتم ولا تلتزم عادة بما يقال ويحدث في مؤتمرات اللاعبين الدوليين، وفي هذا الاتجاه حذّر الزعماء العراقيين علناً بتحفظاتهم إزاء هذا المؤتمر ودوره الفاعل في تدويل الصراع العراقي، على أساس اعتبارات أن العراقيين وحدهم هم القادرون على حل انقساماتهم وتسوية خلافاتهم الطائفية. وقال الزعماء العراقيون لمجلة ديرشبيغل الألمانية بأن إيران والسعودية والولايات المتحدة، وغيرهم، هم مجرد غرباء، ولن يستطيعوا حل الصراع العراقي.
يوجد بعض المتفائلين بين العراقيين، منهم على سبيل المثال: لبيد عباوي نائب وزير الخارجية الذي صرح في راديو أوروبا الحرة قائلاً: (نحن الآن في موقف نستطيع أن نطلب فيه من البلدان المجاورة لنا بأن تفعل وتقدم الكثير من أجل مساعدة العراقيين ودعم العراق بدلاً من القيام فقط بإصدار التصريحات السياسية).
يستدل المتفائلون بتجربة اتفاقية مؤتمر برلين عام 2002م، والتي أدت إلى إنهاء القتال الذي كان دائراً آنذاك في أفغانستان وهو مؤتمر كان فيه الإيرانيون حاضرون.
الدبلوماسيون يتوقعون أن يعالج مؤتمر بغداد الأمني سلسلة من القضايا والمسائل: فالسعوديون يؤيدون التمرد السني، والإيرانيون يؤيدون الميليشيات الشيعية. وهناك بعض الوعود التي تم التوصل إليها في مؤتمر الملك السعودي عبد الله والرئيس الإيراني أحمدي نجاد الأخير في الرياض. ومن أبرز هذه الوعود: العمل من أجل القضاء على الصدع والانشقاق الشيعي- السني. كذلك هناك توقعات بأن يتعرض المؤتمر لقضية اللاجئين العراقيين الذين فاق عددهم المليونين، وهو عدد –كما تقول صحيفة الواشنطن بوست- يشكل ثاني أكبر كارثة إنسانية في الشرق الأوسط بعد كارثة تهجير الفلسطينيين في عام 1948م.
من المفترض أن يغطي المؤتمر توصية لجنة بيكر- هاميلتون القائلة بـ(التشديد من أجل السيطرة على ضبط الحدود وإدارة مسألة اللاجئين، وتقديم المساعدات الاقتصادية والفنية للعراق، والدعم الدبلوماسي للتسوية السياسية.
وعموماً نقول بأن المتوقع بشكل كبير هو أن تستغل الإدارة الأمريكية المؤتمر وتعمل من أجل طرح مسألة التدخل الإنساني الدولي، من أجل مواجهة العنف العراقي الذي قد يتطور إلى مذبحة دامية في نهاية الأمر، وبالتالي يتسنى للإدارة الأمريكية أن تستغل سيطرتها على الأمم المتحدة، وتقوم بتوريط المزيد من دول العالم في إرسال قواتها إلى العراق بحيث تعمل تحت الإشراف الامريكي، وتكون النتيجة قيام القوات الدولية بحماية الاحتلال الأمريكي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد