مسيحيو الشرق يبلغون البابا قلقهم ودعوات إلى يوم غاضب

18-09-2006

مسيحيو الشرق يبلغون البابا قلقهم ودعوات إلى يوم غاضب

عبر غبطة البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذوكس عن قلقه البالغ لتصريحات قداسة البابا بنديكت السادس عشر وردود الفعل الغاضبة التي رافقتها على مدى الأيام الماضية.

وأوضح غبطته في رسالة بعث بها إلى البابا أمس حالة التعايش والتعاون والانسجام لمسيحيي الشرق منذ بداية الدعوة الإسلامية وحتى يومنا هذا مؤكداً ان مسيحيي الشرق هم الأكثر معرفة ودراية وفهماً للمسيحية والإسلام معاً، أكثر من أي جهة أخرى في هذا العالم. ‏

وقال: لقد أقمنا أفضل العلاقات القائمة على احترام الأديان وحرية ممارسة الشعائر انطلاقاً من أن العلاقة الجوهرية السامية بين المسيحية والإسلام وثقافة التعايش الفريدة انطلقت من هذا الشرق ومن هذه الأرض التي هي أرض الديانات المقدسة مشيراً إلى إشادة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني بهذا التعايش وهذه العلاقة التي عرفها واطلع عليها خلال زيارته التاريخية إلى سورية. ‏

وأوضح أن وقائع هذه الزيارة وما كتب عنها وما قيل فيها صار جزءاً من تاريخ الفاتيكان ومرحلة من مراحل التطور الذي أراده قداسة البابا الراحل. ‏

وأكد أننا لا نريد الخوض في تفصيلات تتناول علاقة المسيحية بالإسلام والإسلام بالمسيحية تلك العلاقة الزاخرة بالمواقف التي تكرس التعايش والاحترام المتبادل مشيراً إلى أن أطول السور الواردة في القرآن الكريم هي التي تتحدث باحترام وتقدير شديدين عن المسيحية. ‏

وقال: إن الحديث عن الدين كموضوع وبحث أكاديمي لا يستقيم مع حقيقة ان الدين عقيدة وإيمان يمارسه المؤمنون فلكل الحق كل الحق في ممارسة شعائره الدينية كما يشاء ولا مجال هنا للاجتهاد واعتبار الدين قضية فكرية بقدر ما هي قضية عقائدية وان تناولها بهذا الشكل يمس المفاهيم والمعتقدات آملين ان تسهموا في رفع جوهر الأديان من على مائدة الحوارات والاجتهادات والاستشهادات التي عفى عليها الزمن وان تتم مقاربة هذه الثوابت العقائدية للأديان من منظور معاصر لا من منظور العصور الوسطى. ‏

وختم، ان الدين ليس لممارسة الترف الفكري والفلسفي بمقدار ما هو للعيش والتعايش بالمحبة بما ينسجم مع المعتقدات والشرائع والشعائر أيضاً وهذا ما يتسم به الشرق الذي فيه نعيش منذ بداية الرسالات السماوية وحتى اليوم.

ومن جهة أخرى حث رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي على تحويل يوم الجمعة المقبل إلى يوم "للغضب العاقل" بسبب تصريحات البابا بنديكت السادس عشر المسيئة للإسلام، رافضا اعتبار ما ورد على لسان البابا أمس بأنه الاعتذار المنشود.

وقال الشيخ القرضاوي أمس خلال برنامج الشريعة والحياة الذي تبثه الجزيرة "ندعو المسلمين في يوم الجمعة القادم، آخر جمعة من شهر شعبان، أن يجعلوه يوم غضب عاقل. نريد غضبا سلميا غير متهور".

وطالب المسلمين بعدم التعرض للكنائس ودور العبادة وحث السفراء العرب والمسلمين لدى الفاتيكان على تقديم احتجاجات كتابية على تصريحات بابا روما.

وكان البابا قد قال أمس في عظة في كاستلغوندولفو قرب روما إنه "في غاية الأسف" للغضب الذي أثارته تصريحاته التي أدلى بها في ألمانيا الأسبوع الماضي، وإن اقتباسا استخدمه من نص من العصور الوسطى عن الجهاد لا يعكس رأيه الشخصي.

ورفض القرضاوي اعتبار هذه التصريحات اعتذارا للمسلمين بل "اتهاما" لهم ملوحا -في حال عدم سحب النص الذي ورد في محاضرة البابا الثلاثاء- بالانسحاب من مؤتمر الحوار المسيحي الذي عقد جلسات في روما وبرشلونة.

واعتبر القرضاوي توضيحات الفاتيكان القائلة إن المسلمين أساؤوا فهم تصريحات البابا إساءة أخرى للمسلمين. وقال "حين يكون الكلام صريحا لا نسأل عن النيات".

من جهته قال أمين عام الاتحاد محمد سليم العوا في تصريحات له "ما لم يسحب النص من المحاضرة فستبقى الإساءة قائمة".

وكان نائب المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر محمد حبيب قد اعتبر في وقت سابق أن توضيحات بابا روما ليست كافية وأن المطلوب هو اعتذار واضح.

وقال في مقابلة له إن كلمة البابا ليست اعتذارا وليست كافية. وأضاف "كنا نود أن يذكر البابا أفكاره ورؤيته للإسلام الذي يمثل المحبة والحق والعدل والحرية والسلام".

في هذه الأثناء اعتبر أكبر زعيم للكنيسة الأرثوذكسية أن توضيحات البابا قد تنقذ زيارة مقررة قريبا للأخير إلى تركيا إلا أنها لن تخفف من غضب العالم الإسلامي.

وقال البطريرك المسكوني بارثولوميو من مقره بإسطنبول إن تهدئة الغضب على الأرجح أصعب من إنجاز الزيارة المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

يشار إلى أن وزير الخارجية التركي عبد الله غل كتب إلى البابا الألماني الأصل يدعوه إلى عدم إلغاء الزيارة إلى تركيا الساعية إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وفي القاهرة قال بطريرك الكرازة المرقسية وبابا الإسكندرية البابا شنودة الثالث إنه كان ينبغي على بابا الفاتيكان أن يضع في اعتباره ردود الفعل الغاضبة من المسلمين قبل أن يستشهد بمقولات قديمة تثير مشاعرهم الدينية.

وأضاف في مؤتمر صحفي عقده بمقره البابوي أنه كان ينبغي على بنديكت أيضا أن يذكر في ما أورد من ردود العالم المسلم الذي رد على الإمبراطور البيزنطي في وصف الإسلام والمسلمين.

وفي الرياض دعا مجلس الشورى السعودي بابا الفاتيكان إلى الاعتذار لجميع المسلمين على "التجاوزات الخطيرة" التي تحدث عنها خلال محاضرته والتي تناول فيها العقيدة الإسلامية.

وردا على تصريحات البابا، قال المفتي العام للسعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ إن "روح الجهاد في الإسلام حق شرعه الله للمسلمين" وإن أديانا أخرى لجأت إلى القتال قبل الإسلام.

وأعرب المفتي عن "ألمه لما تحدث به بابا روما" معتبرا ذلك "محاولة تجاهل رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتشكيك في دينه وكونه من عند الله عز وجل".

من ناحيته اعتبر بطريرك المسيحيين الموارنة في لبنان الكاردينال نصر الله صفير أن الانتقادات التي وجهت إلى البابا "سياسية الطابع" مشددا على ضرورة التعاون بين المسيحيين والمسلمين, وخاصة في لبنان. وأضاف أن الإسلام عموما يحترم المسيح كنبي، وللمسيحيين والمسلمين مصلحة في التعاون.

 

الجزيرة + وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...