'من وإلى' في عدد سابع: رهان متواصل على الأصوات الجديدة
تواصل مجلة 'من وإلى'، مع صدور عددها السابع، رهانها على تقديم أصوات عربية جديدة. المجلة الثقافية الشهرية وضعت أمامها هدفاً طموحاً بأن تكون 'مجلة جامعة للأصوات العربية الجديدة' بقياسها الصغير غير المعتاد (22.5*12 سم) وفي إطار توجه تجريبي مغاير لما هو سائد في المجلات الثقافية العربية. التوزيع الواسع للمجلة الذي يصل الى عدة بلدان عربية، مهمة ليست بالسهلة في ظل صعوبات التوزيع المعروفة في العالم العربي (توزع 25 ألف نسخة شهرياً). واستطاعت المجلة استقطاب وإلقاء الضوء على مجموعة واسعة من الأسماء والتجارب الجديدة اللافتة من معظم البلدان العربية.
القدس ودمشق والدوحة وعمّان والقاهرة وبيروت وبلدان المغرب العربي وأكثر. عواصم ومدن وبلدات يضمها غلاف واحد. وحلم شفاف لوحدة عربية يبدو في اللوغو المتموضع على غلاف العدد، وأعلى وأقصى يمين كل صفحة زوجية. الغلاف الأول والأخير صورتان من أرشيف مؤسسة جدران بالإسكندرية/مصر. الافتتاحية (لرئيس التحرير نجوان درويش) جاءت نصاً عن 'زياد' (الرحباني). أما أول ما يلتقيه القارئ بعدها فهو رسالة بعنوان 'وأنا أيضاً فزعان' يكتبها أحمد الزعتري من الأردن، ترافقها صور إبراهيم الملا لتفاصيل أجواء قلعة دمشق إبان حفلات 'زياد'. هاني زعرب من مغتربه الفرنسي يكتب شهادة عن تجربته مع حالة 'ستاند- باي' التي يعيشها شعبه الفلسطيني والتي كانت موضوع معرضه الأخير، الذي حاول من خلاله 'قتل الرسام' الذي فيه كما يقول. تجربة مؤسسة جدران في الإسكندرية في 'اصطياد المجتمع من خلال الفنون' تكتبها أسماء عزايزة من فلسطين. شبوب أبو طالب من الجزائر حاور الشاعر السوري نوري الجراح (أحد أبرز شعراء الحداثة العربية) عن أدب الأطفال في الثقافة العربية بمناسبة فوز الشاعر الجراح بجائزة لأدب الطفل عن'كتاب الوسادة' (للأطفال من السابعة حتى السابعة والسبعين). كما تضمن العدد نصاً للشاعر العراقي الراحل عبد الأمير جرص بعنوان 'في رأسي كلمات ليست في رأسك' وهو من سلسلة أعمال سيصدرها أصدقاؤه في نهاية العام، ترافقه لوحة اكرليك على قماش لمحمد سامي من العراق. رائد وحش من دمشق كتب عن 'صورة الأحمق في شبابه'، مرفق بلوحة اكرليك على كانفاس لتمارا نوري. أحلام شبلي تقدّم مشروعاً فوتوغرافياً بعنوان 'صورة ذاتية'. شعر لفراس حرام من النجف/العراق، وعماد الدين موسى من عامودا/سورية. شيماء حامد تشتري ملابسها الداخلية من قاع المنشية، مع لوحة 'موسيقى' لوائل طربيه من الجولان السوري. بينما أغرى غياب الحراس بشار الحروب لخلق تمائم بصرية على حيطان قرية شطنا الأردنية لتحمي القاطنين خلفها. مريم حسن في محاولتها للامتزاج 'استخدمت التقطيع والتكسير للتأكيد على فكرة التمزق والإحساس بالديناميكية وانجذاب الجزئي'، من خلال استخدام التصوير الفوتوغرافي التقليدي مع معالجة العمل بالكمبيوتر. بالإضافة إلى قصة قصيرة لمصطفى مصطفى 'الجلسة قد ترفع الليلة' مع قطط بشار الحروب. ومن العراق، يفلفش يوسف أبو الفوز أوراق حسن بلاسم المخرج السينمائي العراقي المقيم في فنلندا. سناء شدال بين المغرب وألمانيا تتحدث عن 'أبي ليس له أنياب'. فرقة 'جين' الموسيقية التي يهجس أعضاؤها أن يكونوا 'جيناً' مشاركاً في التغيير الاجتماعي للمجتمع، في إصدارها الأول من دمشق عرض لعبد الله الكفري مع صور كارول الفرح. حجي جابر يتحدث من جدة في السعودية عن صعوبة 'أن تكون صحافياً دون الثلاثين في الجزائر' من خلال تجربة الجيل الجديد من الصحافيين هناك، مع صورة بعنوان 'تفصيل من شارع الحمراء' لحازم عريقات. فقرة غياب 'أيقونتان تتجاوران' لرشا الأمير من لبنان حول علاقة الشاعر الراحل محمود درويش ببيروت وتجربة الأمير كناشرة مع اثنين من كتبه، يقابل نصها صورة فوتوغرافية لمشهد من عسير/السعودية بعدسة شتيفان فنكلر. أصحاب 'زان استديو' في فلسطين، تبنوا خيار الصور الفوتوغرافية الفنية والملصق كوسيلة لتبنّي توجه ساخر... في تناول غير نمطي للتوثيق. أسماء أخرى مختلفة وأبواب تشي أسماؤها بتوجهات المجلة ذات المنحى المغاير: من وإلى، معارض، سرد متقطع، تجارب، حوار، نص، بما إنو، شعر، قاع المدينة، ناصية السينما، ملامح موسيقية، تجارب شبابية وغيرها، بالإضافة إلى 'دليل من وإلى' الذي يتضمن دليلاً للفعاليات الثقافية وللجامعات والمؤسسات التعليمية وصفحات الكترونية للثقافة والفنون في العالم العربي ومؤسسات ومراكز ثقافية ومؤسسات شبابية وعناوين لصفحات مختلفة وغيرها..
التكثيف أبرز صفات 'من والى'. نصوص قصيرة تتقاطع مع لغة بصرية نجحت في الحصول على حيز مهم من صفحاتها، بإخراج فني جذاب. مصورون وفنانون تشكيليون يرون في المجلة أحد الأمكنة النادرة السانحة لتقديم نتاجهم البصري بعيدا ً عن هيمنة النص، أو العمل الصحافي الإخباري، مع اعترافهم باحترام المجلة للمصور/ة وعدم اعتباره/ها شخصاً هامشياً ـ كما السائد، فـ'من والى' تذكر أسماء الفنانين والمصورين في فهرس المحتويات مثلها مثل أسماء الكتاب. ويظل رهان المجلة على المنحى النوعي التصاعدي للأعداد المتتالية، بالإضافة إلى القدرة على صنع موضوعات لا تقتصر على التجارب الثقافية والفنية بل تمتد لتجارب مجتمعية وتنموية وحتى رياضية وعلمية وكل ما يندرج تحت خانة تجارب جديدة.
بهيج وردة
المصدر: القدس العربي
إضافة تعليق جديد