نصرالله: المقاومة إرادة شعبية عارمة وراسخة وعصية على الكسر ولا يمكن محاصرتها وعزلها
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن المقاومة الوطنية في لبنان قوية وراسخة في الوجدان الشعبي وتحظى بالدعم والحب والاحتضان الكبير وهي ليست حالة عابرة تمر مرور الكرام أو طارئة أو وافدة من الخارج ولذلك فهي عصية على الكسر.
وقال نصر الله في كلمة له أمس خلال حفل الإفطار السنوي المركزي الذي أقامته هيئة دعم المقاومة إن كل الذين حاولوا كسر المقاومة منذ انطلاقتها وعزلها فشلوا وسيفشلون لأنها ليست تنظيما أو حزبا أو حركة أو فصيلا يمكن أن يحاصر أو يعزل أو يمس به بل هي إرادة شعبية عارمة وصلبة مع إيمان وبصيرة واستعداد كبير للعطاء.
وأضاف نصر الله إن المقاومة تستند إلى المنطق والحجة والتجربة والبرهان والإنجازات والانتصارات التي تثبت جدواها فهي قاتلت وجربت وتألمت وقدمت شهداء وجرحى وقصفت وهجرت وأنجزت وانتصرت وهذه القناعة أصبحت موجودة في وجدان الشعب وعقله ووعيه وقلبه وتجري كالدم في عروق أبنائه الشرفاء الذين استثمروا في المقاومة بأعز ما لديهم وهو فلذات أكبادهم ودماؤهم وأرواحهم وأعزاؤهم.
ولفت نصر الله إلى أن المقاومة ومنذ انطلاقاتها كانت تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف هي تحرير الأرض اللبنانية المحتلة وتحرير الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال وعملائه واستعادة أجساد الشهداء والمساهمة في حماية لبنان أرضا وشعبا من الاعتداءات والتهديدات والأخطار الإسرائيلية إلى جانب الجيش والقوى الأمنية لأن المقاومة لا تدعي أنها تتحمل مسؤولية لبنان ومواجهة الأخطار وحدها.
وقال نصر الله إن الهدف الأول أنجز على مراحل من عام 1985 حتى عام 2000 ولكن بقيت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني المحتل من بلدة الغجر تحت الاحتلال الإسرائيلي والهدف الثاني أنجز أيضا على مراحل وكان آخرها عملية الرضوان ولكن بقيت ملفات بعض الشهداء عالقة أمثال يحيى سكاف ومحمد عادل فران وعبد الله خليل عليان وملفات المفقودين وأجساد شهداء ما زالت محتجزة عند العدو أما الهدف الثالث فبدأ منذ عام 1993 عندما اعتدى العدو على الجنوب وردت المقاومة بقصف المستعمرات الصهيونية فتدخلت الوساطات الدولية ونشأ حينها تفاهم تموز الشفهي وكانت أول معادلة للمقاومة هي وضع المستعمرات الصهيونية الشمالية مقابل قصف قرى وبلدات الجنوب.
وأوضح نصر الله أن هدف المساهمة في حماية الشعب اللبناني استمر مع تفاهم تموز حتى عدوان نيسان من العام 1996 حيث صمدت المقاومة والجيش اللبناني وسورية أمام الضغط الدولي الهائل الذي مكن من التوصل إلى ما سمي تفاهم نيسان الذي هو تفاهم تموز ولكنه مكتوب والذي كرس معادلة حماية قرى وبلدات الجنوب مقابل عدم قيام المقاومة بقصف المستعمرات الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة.
وأشار نصر الله إلى أن هذه المعادلة ساعدت المقاومة على الاستمرار في عملياتها النوعية وصولا إلى تحرير الجنوب عام 2000 لتأتي بعدها حرب تموز عام 2006 مع معادلة جديدة تقول إن مجيء إسرائيل إلى لبنان لشم الهواء وفرض شروطها وتحقيق أطماعها أمر انتهى وإن هناك شيئا اسمه توازن الردع أو توازن الخوف.
وقال نصر الله إن التوازن بالنظرة التقليدية يفترض أن تملك نفس العديد والعدة والسلاح والقوة العسكرية والبشرية والاقتصادية والسياسية والأمنية والجغرافية للعدو ونحن لا ندعي أننا نملك ما يملكه جيش العدو بل على العكس وهنا مدرسة المقاومة في لبنان إنها مقاومة شعبية باحتضان شعبي وببصيرة وفعل ميداني واستعداد للتضحية وحسن استفادة من الإمكانات وهو ما أوصلها إلى مرحلة توازن الرعب حيث بات الإسرائيلي يحسب للبنان ألف حساب إذا أراد الاعتداء عليه أو على مياهه وثروته النفطية ومواطنيه وقراه وبنيته التحتية.
وأوضح الأمين العام لحزب الله أن الاستحقاق الوطني الكبير الذي يعني لبنان كله هو الأطماع والأخطار والتهديدات الإسرائيلية التي لا يناقشها أحد في لبنان لأن العدو الإسرائيلي لا حدود لأطماعه وخاصة أنه بات على وشك سرقة النفط والغاز اللبناني دون أن يحرك أحد ساكنا.
وأشار نصر الله إلى أنه لا يجب أن يغيب هذا الهم الوطني والسيادي الكبير والخطير عن مجالس اللبنانيين ونقاشاتهم رغم المشاكل الكثيرة التي يعانون منها وأنه يجب عليهم بحث هذه المخاطر بشكل علمي وموضوعي ودراسة الخيارات المتاحة والتخلي عن مناقشة هل سلاح المقاومة شرعي أم لا والإجابة عن تساؤل هل هناك حاجة في لبنان للمقاومة وسلاحها أمام التهديدات الإسرائيلية أم لا.
وأكد نصر الله أن الولايات المتحدة الأمريكية غير قادرة على تقديم أي ضمانات للبنان تجاه الأخطار الإسرائيلية لأن إسرائيل هي مشروعها الأول في المنطقة وهي تبيع العرب وجامعة الدول العربية والأمة الإسلامية كلها من أجلها كما أنها تتخلى عن حلفائها الذين خدموها عشرات السنين من أجل مصالح إسرائيل التي هي مصالحها في المنطقة.
ولفت نصر الله إلى أن الولايات المتحدة لم تعد القوة القادرة على فرض ما تريد على العالم حيث هزمت في العراق وهي الآن تبحث كيفية لملمة هزيمتها في أفغانستان كما أنها تقارب أي ملف في المنطقة بخوف وحذر.
وشدد نصر الله على أنه ليس أمام اللبنانيين لمواجهة المخاطر والتهديدات الإسرائيلية إلا المقاومة والعزيمة والتضحية بمساعدة الأصدقاء في سورية وإيران وأي مكان آخر في العالم.
وجدد نصر الله استعداد حزب الله للحوار بلا قيد أو شرط ضمن أي إطار أو صيغة وسواء قبل تشكيل الحكومة أو بعدها لمناقشة استراتيجية وطنية للدفاع عن لبنان لأن الحزب صادق في حماية بلده ومقدراته وكرامته وهو عرض منذ انطلاق طاولة الحوار استراتيجية دفاعية لم يأت أحد من الفريق الآخر ليناقشها حتى الآن بشكل فني وعلمي وعسكري وتقني لأنهم غير جديين في ذلك بل يريدون فقط سلاح المقاومة.
وقال نصر الله إن تواجد مقاومة فاعلة وجادة ومؤثرة ومخلصة في لبنان هدفها مواجهة العدو بعدما تراكمت لديها عناصر الخبرة البشرية والقدرات المادية يجعل من الطبيعي جدا أن تكون في دائرة الاستهداف من قبل العدو على اعتبار أنها تعطل مشاريعه وأهدافه وتمنعه من الهيمنة وهذا الاستهداف يكون ضد بنيتها وبيئتها ومن يقف إلى جانبها وعلى كل صعيد أمنيا وعسكريا وثقافيا وسياسيا وإعلاميا واقتصاديا واجتماعيا ونفسيا ومعنويا.
وأشار نصر الله إلى أن المقاومة تجاوزت الكثير من الصعوبات والمحن والمؤامرات بفضل إرادة شعبها وصبره وتضحياته وهي ستتجاوز المرحلة الجديدة التي دخلها لبنان والمنطقة وستتجاوز الصعوبات القائمة والحاضرة والآتية بنفس الإيمان والبصيرة والعزم والإرادة والصبر والتحمل والاستعداد للتضحية التي يعرفها العدو الإسرائيلي.
وأضاف نصر الله إن العدو الإسرائيلي يسترجع اليوم كل الخطط والمناورات والنقاشات ويعيد النظر فيها على ضوء المستجدات التي حصلت في الأشهر الأخيرة ويعرف أنه أمام قوة حقيقية ومقتدرة إذا توفرت لها الفرصة في لبنان لتكون في موقعها الطبيعي ضمن استراتيجية دفاعية وطنية كاملة فهذا يعني أن عينه ستكون على الجليل قبل أن تكون على بيروت.
وأكد الأمين العام لحزب الله أن لبنان لم يعد لقمة سائغة في فم العدو وخصوصا الإسرائيلي لأنه بات قويا بما يكفي لأن لا يفرض عليه أحد بعد اليوم شروطه ومشاريعه كي لا نقول إنه هو الذي سيفرض شروطه ومشاريعه.
ودعا نصر الله اللبنانيين إلى تقوية مؤسسة الجيش وتعزيزها أو تحييدها بالحد الأدنى لأن الدولة ولبنان والسلم والاستقرار لن يبقوا إذا سقط الجيش أو شرذم أو قسم ولأن لبنان بحاجة إلى الجيش ليمسك الوضع ويمنع الفلتان فضلا عن أنه عامل أساسي في حماية لبنان من الأخطار والتهديدات الإسرائيلية.
وقال نصر الله إن ارتكاب الجيش لبعض الأخطاء هنا وهناك يفترض أن تعالج بحدودها ولكن مؤسسة الجيش يجب ألا تمس وأن يحافظ عليها.
وحذر نصر الله من محاولات البعض العمل على خلق الفتنة في كل لبنان وليس في منطقة محددة داعيا الجميع من أجهزة الدولة وقوى الأمن والجيش والمواطنين إلى الحفاظ على الأمن لأنه مسؤولية مشتركة وإلى التعاون من أجل تجاوز المرحلة الصعبة.
وأوضح الأمين العام لحزب الله أن نظريات الإقصاء والعزل لا تؤدي إلى أي مكان ولذلك فنحن لسنا مع إقصاء أحد أو عزله بل جاهزون للحوار واللقاء وإذا كان هناك خلاف على الموضوع السوري مع بعض القوى فنستطيع تحييده ونتفق على الموضوع اللبناني.
وقال نصر الله إنه لا خيار أمام أي شعب يريد العيش موحدا وبناء دولته ومواجهة تحديات المستقبل إلا الحوار واللقاء ولذلك أدعو السوريين والمصريين والعراقيين والفلسطينيين واللبنانيين وجميع الشعوب الى الحوار.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد