سورية: حرب الناتو "الإنسانية" التالية(25)
الجمل- بروفسور ميشيل تشوسودوفسكي- ترجمة- د. مالك سلمان:
تورطت إسرائيل الآن بشكل عملي في الحرب على سوريا بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على مركز أبحاث سوري في 30 كانون الثاني/يناير 2013.
المقالة التالية, المنشورة في شهر حزيران/يونيو الماضي, تركز على الدور السري لإسرائيل في إذكاء الانقسامات الطائفية داخل سوريا ودعم التشكيلات الإرهابية "الجهادية" في سوريا, بالتنسيق مع الولايات المتحدة والناتو ودول الخليج.
تبرز مقالة نشرت في "جيروسليم بوست" في حزيران/يونيو (2012) الهدفَ غير المعلن للسياسة الخارجية الأمريكية, أي تفتيت سوريا كدولة قومية مستقلة – على طول الخطوط الإثنية والدينية – إلى كيانات منفصلة و "مستقلة". كما تؤكد المقالة على الدور الإسرائيلي في عملية زعزعة الاستقرار السياسي في سوريا. تحمل المقالة عنوان: "سياسي كردي مخضرم يدعو إسرائيل إلى دعم تقسيم سوريا" (للصحفي جوناثان سباير) ("جيروسليم بوست", 16 أيار/مايو 2012).
يهدف التمرد المسلح المدعوم من الولايات المتحدة – وبمساعدة إسرائيل – إلى "تفتيت سوريا".
تتمثل خطة "بَلقنة الجمهورية العربية السورية" في إذكاء الانقسامات الطائفية التي ستقود, في نهاية المطاف, إلى "حرب أهلية" على غرار ما حدث في يوغوسلافيا السابقة. ففي الشهر الماضي, تم إرسال "مسلحين من المعارضة" السورية إلى كوسوڤو لتنظيم جلسات دورات تدريبية للإفادة من "الخبرة الإرهابية" ﻠ "جيش تحرير كوسوڤو", المدعوم من الولايات المتحدة, في مقاتلة القوات المسلحة اليوغوسلافية.
دعا شركوح عباس, رئيس "المجلس الوطني الكردستاني السوري" المتواجد في الولايات المتحدة, "إسرائيل إلى دعم تقسيم سوريا إلى مجموعة من الكيانات الفدرالية المبنية على الإثنيات المتعددة في البلد."
يتمثل أحد "سيناريوهات تقسيم" سوريا, التي تشكل مجتمعاً علمانياً متعدد الإثنيات, في تشكيل دول منفصلة "مستقلة" سنية, وعلوية/شيعية, وكردية, ودرزية. وقد قال عباس: "نحتاج إلى تفتيت سوريا". (المصدر السابق)
"وقال المعارض الكردي السوري إن سوريا فدرالية, مقسمة إلى أربع أو خمس مناطق على أساس إثني, سوف تشكل أيضاً منطقة ‘عازلة’ طبيعية لإسرائيل ضد القوات الإسلامية السنية والشيعية." (المصدر السابق).
من باب المفارقة, بينما يقال إن القوات الإسلامية تشكل التهديدَ الرئيسي للدولة اليهودية, تقوم تل أبيب بتقديم الدعم السري ﻠ "الجيش السوري الحر" الإسلامي.
(الخارطة رقم 1)
الاجتماع خلف الأبواب المغلقة في وزارة الخارجية الأمريكية
تم عقد اجتماع لوزارة الخارجية الأمريكية على مستوى عالٍ في شهر أيار/مايو مع أعضاء من المعارضة الكردية السورية. وقد حضر الاجتماع ممثلون عن "المجلس الوطني الكردي"؛ وروبرت ستيفن فورد, السفير الأمريكي النشط إلى سوريا (الذي لعب دوراً مفتاحياً في توفير الدعم للمتمردين)؛ بالإضافة إلى فريدريك سي. هوف, وهو شريك عمل سابق لريتشارد آرميتاج, الذي يعمل الآن بصفته "المنسق الخاص حول سوريا" في الإدارة الأمريكية. كما التقى الوفد بمساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى, جيفري فلتمان.
فريدريك سي. هوف وروبرت ستيفن فورد وجيفري فيلتمان هم صناع السياسة السورية الرئيسيون في وزارة الخارجية الأمريكية, والذين تربطهم علاقات وثيقة مع "الجيش السوري الحر" و "المجلس الوطني السوري".
إن التصريحات العلنية لقائد "المجلس الوطني الكردي" شركوح عباس بُعيدَ الاجتماع الذي عقدته وزارة الخارجية الأمريكية تشير إلى أنه قد تمت مناقشة تقسيم الجمهورية العربية السورية على طول الخطوط الإثنية والدينية وكذلك إقامة "كردستان مستقلة". "وصفَ مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر الهدفَ [من الاجتماع] كجزء من ‘الجهود الحثيثة ... لمساعدة المعارضة [الكردية] السورية لبناء معارضة أكثر تماسكاً للأسد.’"
دعا رئيس "المجلس الوطني الكردي" واشنطن إلى دعم إنشاء دولة كردية مستقلة تتكون من "منطقة مستقلة في سوريا؛ تنضم إلى حكومة كردستان الإقليمية في العراق – على الحدود مع المنطقة الكردية في سوريا؛ أو ربما دولة كردية أكبر" [كردستان الكبرى].
وقد قال شركوح عباس: "يسعى الشعب الكردي, في كافة أجزاء كردستان, إلى حقهم في تشكيل دولة كردية مستقلة. ولا يمكننا أن نحقق هذا الهدف الغالي إلا بمساعدة الديمقراطيات الغربية, وفي مقدمتها الولايات المتحدة." ("سوريا: الخيار البديل", "شبكة إي كورد", 22 أيار/مايو 2012)
من الجدير بالملاحظة, في هذا السياق, أن إقامة "كردستان الكبرى" كانت على جدول البنتاغون منذ عدة سنوات كجزء من "خطة إعادة رسم الشرق الأوسط" الأوسع. (أنظر الخارطة رقم 2 أدناه)
إن هذا الخيار, الذي لا يبدو محتملاً في المستقبل القريب, سوف يتضارب مع مصالح تركيا التي تشكل حليفاً قوياً للولايات المتحدة وإسرائيل. أما السيناريو الآخر, الذي تقلبه أنقرة, فيتكون من ضم تركيا لأجزاءَ من كردستان السورية. (راجع الخارطة رقم 1 أعلاه)
سوف تشمل "كردستان الكبرى" أجزاءَ من إيران وسوريا والعراق وتركيا, كما هو مبين في خارطة "الشرق الأوسط الجديد" التي أعدها الكولونيل (المتقاعد) رالف بيترز, الذي كان مدرساً في "الأكاديمية العسكرية الأمريكية", وتم نشرها في سنة 2006. وعلى الرغم من أن الخارطة لا تعكس, بشكل رسمي, عقيدة البنتاغون, إلا أنها استخدمت في برنامج تدريبي في "معهد الدفاع" التابع للناتو للضباط الكبار. وربما تكون هذه الخارطة, بالإضافة إلى خرائط أخرى مشابهة, قد استخدمت في "أكاديمية الحرب الوطنية" ودورات التدريب العسكرية.
(الخارطة رقم 2: "الشرق الأوسط الجديد")
تُرجم عن ("غلوبل ريسيرتش", 31 كانون الثاني/يناير 2013)
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد