سورية: حرب الناتو "الإنسانية" التالية (22)
الجمل - جيروا أو كولما- ترجمة: مالك سلمان:
مع إصرار الناتو وإرهابيي ‘مجلس التعاون الخليجي’ على تدمير الجمهورية العربية السورية بواسطة السيارات المفخخة والتعذيب وقطع الرؤوس ونشر الفوضى والخراب, لم تظهر الحكومة السورية أي دليل على الانهيار الحتمي. وقد أرسلت روسيا 5 سفن حربية إلى البحر الأبيض المتوسط.
الصين مستمرة, ولو بدبلوماسية شديدة, في إدانة تدخل الناتو؛ وقدمت فنزويلا النفط لمساعدة سوريا في التكيف مع العقوبات؛ وتم تحديد الميزانية المالية السورية لعام 2013؛ كما استمرت المطاعم والمقاهي في فتح أبوابها كالمعتاد في مدينة دمشق؛ كما تستمر العلاقات الثنائية الدبلوماسية والتجارية بين سوريا ومعظم الدول المحبة للسلام في العالم. باختصار, لا تزال سوريا تحتفظ بالعديد من الأصدقاء في العالم, كما أن الشعب السوري مصمم على مقاومة العدوان الإمبريالي حتى النهاية. ويمكن للمرء القول إن لسوريا أصدقاء حقيقيين في العالم أكثر من ائتلاف الدول المقيتة التي تهاجمها.
منذ عدة أشهر, التقت الحكومة السورية مع مسؤولين من جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في دمشق لمناقشة إمكانية توسيع التجارة الثنائية بين الدولتين الوطنيتين. تقاوم كوريا الشعبية الإمبريالية الأمريكية منذ ‘الحرب الكورية’ في 1950, عندما قامت الولايات المتحدة – بمباركة من الأمم المتحدة – بتدمير 19 مدينة كورية بشكل كامل, مما أرغم السكان على العيش في الكهوف.
تبعاً للبروفسور بروس كمينغز من جامعة شيكاغو, في كتابه "كوريا الشمالية", كان جنرالات البنتاغون يخططون لإبادة شعب كوريا الشمالية بشكل كامل.
كانت الخطة الشيطانية تقضي بخلق ما وصفَ بالصحراء النووية من كوريا الشمالية وعبر منشوريا في الصين. وقد وضع الخطة جنرال أمريكي اسمه دوغلاس مكارثر. كانت ‘عملية ميناء هَدسون’ تدريباً عسكرياً تضمنت إرسالَ قاذفات – 52 فوق كوريا الشمالية في محاكاة لحملة قصف نووي قيامية كان الجيش الأمريكي يخطط لإطلاقها ضد الشعب الكوري. كان هذا ‘الحل النهائي’ الآخر في القرن العشرين, والذي لم يسمع به معظم الناس.
كانت خطة الجنرال مكارثر, بكلماته هو, تتمثل في "إلقاء بين 20 و 30 قنبلة ذرية عبر رقبة منشوريا." وتابع بحماسة شديدة أن هذه القنابل "كانت ستنتشر خلفنا – من بحر اليابان إلى البحر الأصفر ... حزام من الكوبالت الإشعاعي ... يتمتع بحياة نشطة تمتد بين 60 و 120 سنة. وطوال 60 سنة لن يكون هناك غزو بري لكوريا من الشمال."
أودى قصف كوريا الشمالية, المفوض من قبل الأمم المتحدة, إلى إبادة أكثر من 3 مليون إنسان. إنه, بكلمات كمينغز, "الهولوكوست الخفي" في القرن العشرين. من الأفضل لأولئك الذين يهزؤون من الصورة الغريبة, أو "المتطرفة", أو "الاستبدادية", أو "المجنونة" لكوريا الشمالية في العالم أن يفكروا في ذلك الجحيم الأرضي الذي فرضه "المجتمع الدولي" على شعب ذلك البلد, قبل إطلاق الأحكام على رفضه الاستسلام, وعقليته المنغلقة, والغرائبية الواضحة التي يتمتع بها نظامه السياسي.
إن نجاة كوريا الشمالية من الإبادة التي قامت بها الأمم المتحدة ضرب من المعجزة. ففي الحقيقة, على الرغم من القصف الذي أعادها إلى العصر الحجري, استطاعت كوريا الشمالية من تأمين مستوى عيش لشعبها أفضل من المستوى الذي يؤمنه النظام الفاشي الأنيق التابع للولايات المتحدة في الجنوب حتى أواسط الثمانينيات من القرن العشرين, على الرغم من العقوبات المستمرة التي فرضها "المجتمع الدولي" والتهديدات العسكرية من الجنوب المحتل من قبل الغرب. فاليوم, تتمتع كل عائلة في كوريا الشمالية بالرعاية الصحية والتعليم المجانيين, على النقيض من الولايات المتحدة "الحرة". ولا يحتاج الفلاحون في كوريا الشمالية للقلق على سلامة أولادهم عندما يرسلونهم إلى المدارس, على عكس الناس في الولايات المتحدة "الحرة". قال الرئيس السابق ﻠ "منظمة الصحة العالمية" ﻠ "أجانس فرانس برس" في 30 نيسان/إبريل 2010 إن كوريا الشمالية تتمتع بنظام رعاية صحية يجب أن يغار منه العالم المتقدم بأجمعه. تتمتع أنظمة "محور الشر" بميلٍ ساديٍ كبير لتأمين الرعاية الصحية المجانية لشعوبها!
لا يجد مواطنو كوريا الشمالية أي داع للقلق حول احتواء المنتجات التي يأكلونها لمواد مؤذية للصحة نتيجة الأطعمة المعدلة وراثياً, حيث أن هذه الأطعمة ممنوعة في كوريا الشمالية. وعلى النقيض من الولايات المتحدة "الحرة" حيث فقدت ملايين العائلات منازلها منذ بداية الأزمة الاقتصادية في 2008, لا يخاف مواطنو كوريا الشمالية من إمكانية فقدانهم لمنازلهم أو وظائفهم لأن الدولة مسؤولة عن توفيرها لهم. إن ملايين الأمريكيين بلا منازل أو وظائف اليوم, مع اقتراب مستويات الفقر إلى 60 مليون. ليس هناك فقر شديد في كوريا الشمالية. إن معظم مشاكل البلد الاقتصادية الفعلية ناشئة عن العقوبات المفروضة من قبل "المجتمع الدولي" الغاضب على شعب كوريا الشمالية لرفضه الاستسلام بعد حملة القصف الوحشية في الخمسينيات من القرن الماضي.
إن العلاقات الثنائية القوية بين كوريا الشمالية والجمهورية العربية السورية مثال حي على التضامن الموجود بين الدول التي تعرضت لهجمات من قبل الإمبريالية اليورو – أطلسية. فقد تلقت الجمهورية العربية السورية دعماً كاملاً وعلنياً من أصدقائها في أمريكا الجنوبية منذ بداية حرب الناتو السرية على سوريا في 17 آذار/مارس 2011, عندما قام القناصة بإطلاق النار على الأمن والمحتجين معاً في مدينة درعا.
على النقيض من أشباه اليساريين الذين يدعون معارضتهم للإمبريالية الأمريكية ويزعمون أنهم يدعمون فنزويلا وكوبا بينما يهللون – في الوقت نفسه – لفرق الموت الفاشية المدعومة من "سي آي إيه" باسم "الديمقراطية" و "الحرية", يقوم المناهضون الحقيقيون للإمبريالية والشيوعيون وأصحاب النزعات التحررية ونشطاء السلام بدعم المقاومة الوطنية للشعب السوري بقيادة الرئيس الأسد. فكما يعرف جميع الناس المثقفون سياسياً, لم يكن بشار الأسد أبداً السببَ في مشاكل سوريا العميقة والمعقدة. ففي سوريا, تدعم المعارضة الديمقراطية للأسد – مثل ‘الحزب الشيوعي السوري’ (بكداش) – الحربَ التي تشنها حكومة الأسد على الإرهاب.
ما لا يفهمه اليساريون البرجوازيون الصغار الذين يهللون للمتمردين المسلحين هو المبدأ الماركسي – اللينيني الأساسي للتناقضات الرئيسية والثانوية. فعلى سبيل المثال, سوف يبقى الشيوعي معارضاً لنظام بشار الأسد الرأسمالي بشكل مطلق. هذا تناقض أساسي في سياق أوقات السلام. بكلمات أخرى, عندما يعم السلام سوريا, يعارض الشيوعي دكتاتورية البرجوازية في ظل بشار الأسد. ولكن في أوقات الحرب, تتغير الظروف المادية ويصبح التناقض الرئيسي تناقضاً ثانوياً. الآن التناقض الرئيسي هو بين الإمبريالية والسيادة القومية. وفي هذا السياق, على الشيوعي أن يدعمَ الحكومة البرجوازية ضد المعتدين الأجانب الذين يحاولون استعمارَ الأمة وتدميرها.
في هذا السياق إذاً, يساند الشيوعي الحقيقي الأسد في صراعه ضد العدوان الإمبريالي. فقد أصبح الفرق بين الشيوعي والوطني البرجوازي الآن تناقضاً ثانوياً. ففي الصراع الحالي ضد الإمبريالية, بمقدور الطبقات التوحُد للدفاع عن الأمة. ولكن حالما تتم هزيمة الإمبريالية, سوف تصبح التناقضات بين الشيوعيين والوطنيين البرجوازيين أساسية مرة أخرى. فدعم الأسد أو كيم يونغ أون, إذاً, ليس دعماً لشخصه بالذات, ولا لسياساته الاجتماعية والسياسية المحددة, أو الإيديولوجيا السياسية التي يمثلها هؤلاء الأشخاص. إنه ببساطة تأكيد على حق الأمم في تقرير مصيرها.
ما ينقص يساريي البرجوازية الصغار اليوم هو هذا الفهم الأولي للديالكتيك والتكتيك الثوري. فعندما انضم الشيوعيون إلى الجيش البريطاني للدفاع عن الإمبراطورية البريطانية ضد هتلر في الحرب العالمية الثانية, كانوا يحاربون للدفاع عن المكاسب المتواضعة التي حققوها في بريطانيا عبر الصراع الطبقي ضد النظام النازي الذي كان سيحرمهم حتى من تلك الحقوق الأساسية. لكنهم لم يكونوا يحاربون من أجل تشرشل أو الملكة. فعلى العكس من ذلك, رؤوا قتالهم كمرحلة ضرورية في الصراع الدائر من أجل التحرر الاجتماعي والسياسي. كانوا يفهمون أن عليهم التعامل مع الدولة الرأسمالية بعد زوال التهديد النازي. وقد تجلت نفس التناقضات الرئيسية والثانوية في التحالف البطولي بين الحزب الشيوعي الفرنسي والجنرال ديغول أثناء الاحتلال النازي لفرنسا. الفرق بين أولئك الشيوعيين واليساريين الهزيلين اليوم هي أن الشيوعيين السابقين كانوا يمتلكون فهماً مادياً وعلمياً للصراع الطبقي وتعقيدات التكتيك الثوري الحقيقي في زمنهم.
على الرغم من الاتهامات اليومية المستمرة التي يطلقها ما يسمون ﺑ "الثوار" وأداة الدعاية التابعة للاستخبارات البريطانية ("إم آي 6), "المرصد السوري لحقوق الإنسان" سيء السمعة – عداك عن المنظمات المرتبطة بالحكومة الأمريكية مثل "مرصد حقوق الإنسان" ("هيومن رايتس ووتش") و "منظمة العفو الدولية" – لم يتم إثبات جريمة واحدة من الجرائم التي نُسبت إلى قوات الأمن السورية. ولكن المئات, إن لم يكن الآلاف, من الجرائم التي نفذتها العصابات المسلحة المدعومة من الناتو/مجلس التعاون الخليجي قد تم نشرها على الإنترنت من قبل الإرهابيين أنفسهم.
من الواضح أن صبيانَ الناتو فخورون بقدرتهم على فعل ما يريدون دون أية محاسبة. وكما يجبر نمط الإنتاج الرأسمالي معظمَ الناس على العمل لساعات أطول حيث يتم حجب الإعلام المستقل بمثابة سياسة للشركة, وحيث تحل طاعة الشركة محل التفكير النقدي, تم تقليص مواطني المجتمعات الغربية إلى كتلة من المغفلين التافهين في استمرارهم على الاقتيات على طعام الإعلام الوسخ, دون أية معرفة بالإنذارات الصحية حول الدعاية الحربية للناتو والمنتشرة على صفحات الإعلام الإلكتروني المستقل.
في 4 كانون الأول/ديسمبر, زار وزير الصحة السوري سعد النايف كوبا لحضور "المؤتمر الدولي للصحة الكونية" في هاڤانا. زار الدكتور النايف عدة مشافٍ وشركات تصنيع بيوتكنولوجية وصيدلانية في كوبا وأكد على رغبة سوريا في الإفادة من الخبرة الكوبية في المجال الطبي.
تعرضت الخدمات الطبية السورية, المجانية للجميع, لضغوط كبيرة لعدة سنوات نتيجة الرعاية الطبية الزائدة التي تم تقديمها لأكثر من مليون لاجىء استقبلتهم الحكومة السورية من العراق بعد الغزو الأمريكي في سنة 2003. إذا أراد المرء أن يتحدث عن أجندة إنسانية حقيقية في سورية, عليه أن يتحدث عن الكرم والدعم اللذين أغدقتهما دمشق على اللاجئين من العراق المحتلة من قبل أمريكا وفلسطين المحتلة من قبل إسرائيل.
وكما في حالة كوريا الشمالية المذكورة أعلاه, هناك أشياء كثيرة مشتركة بين كوبا وسوريا.
على غرار كوبا, انتهج نظام البعث في سوريا سياسة الإصلاح الزراعي في الستينيات من القرن العشرين, حيث قام بإعادة توزيع الأراضي على الفلاحين وإطلاق مشاريع زراعية طموحة بهدف الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الغذائي. وكما يمكن لأي زائر إلى سوريا أن يلاحظ, تتمتع البلاد بقطاع زراعي مزدهر, حيث أن الأسواق تفيض بالخضار والفاكهة الطازجة. بينما يتم إجبار المزارعين في العراق المحتل من قبل الولايات المتحدة على إنتاج المحاصيل المعدلة وراثياً, إلا أن المواد المسممة للغذاء ممنوعة في الجمهورية العربية السورية.
تتمثل إحدى التقنيات التي يلجأ إليها الإعلام الرسمي في خداع الشباب الساذج والأمي سياسياً في إطلاق إشارات "معادية للإمبريالية" بين الفينة والأخرى, بهدف تشبيه مرتزقة الإمبراطورية بالثوار الحقيقيين. ولذلك يقارن مارك إيربان, في "بي بي سي", "الأساليب الثورية" ﻠ "الثوار" بأساليب ماو وتشي غيفارا. فمنذ البداية, تم تصوير "الربيع العربي" من قبل الإعلام الرسمي بصفته انتفاضة عفوية ضد العولمة. وأكل معظم اليساريين الطعم:
"عندما قاد ماو جيشه الشيوعي في "مسيرته الطويلة" في الصين في سنة 1934, كان صراعاً من أجل البقاء حرض حفزه تطويق "منطقة محررَة" قال نقاده إنه أعلن عنها بشكل مبكر.
كما ناقش تشي غيفارا مفهومَ "المنطقة المحررة" مع فيديل كاسترو. وفي حربهم ضد الجيش السوفييتي, أعلن "المجاهدون" في بعض الأحيان أجزاءَ من أفغانستان, مثل "وادي بانجشير", مناطقَ محررة أيضاً."
نرى هنا مقارنة بين ماو وتشي غيفارا و "المجاهدين" الإقطاعيين المدعومين من قبل الولايات المتحدة ضد الحكومة الاشتراكية في أفغانستان خلال الثمانينيات من القرن الماضي. وهذا كل ما يحتاج إليه المرء لخداع اليساري ما بعد الحداثي: ألبِس عصابة من الفاشيين القتلة الرداءَ الشيوعي فتضمن غطاءً يسارياً فعالاً للإمبريالية الصرفة.
الإمبريالية تعشق الثوار. فعندما قام الثوار الأسبان بقيادة فرانسسكو فرانكو بشن الحرب على الحكومة الديمقراطية في إسبانيا في سنة 1936, سارعت الإمبريالية إلى مساعدتهم على شكل حملة من القصف. وقد تكرر السيناريو نفسه في ليبيا العام الماضي, حيث لعب الحلفاء دور دول "المحور" التي أوصلت الفاشيين إلى السلطة عن طريق القصف.
تلقى الإسلامو – فاشيون اليمينيون الليبيون دعماً كبيراً أيضاً من الليبراليين والتروتسكيين من أمثال "حزب الشغيلة الإشتراكيين" في بريطانيا و "الحزب الجديد المعادي للرأسمالية" في فرنسا. خلال "الحرب الأهلية الإسبانية", تلقى فرانكو أيضاً الدعمَ من التروتسكيين في إسبانيا عندما رفضوا الانضمامَ إلى "الجبهة الشعبية" ودعمَ الحكومة الديمقراطية ضد الفاشيين. وبعد "الثورة الروسية" في سنة 1917, كان شعار "لا هذا ولا ذاك" – الذي يعبر عن موقف تروتسكي في رفض عقد اتفاقية سلام مع الألمان, مما أدى إلى ضياع الثورة تقريباً – الموقف الرئيسي الذي أجمع عليه التروتسكيون. لا نؤيد الناتو, لكننا لا نؤيد الأسد أيضاً. هذا هو الغباء الذي تتصف به مواقف التروتسكيين منذ الثلاثينيات من القرن الماضي وحتى هذه اللحظة.
خلال "الحرب الأهلية الإسبانية", على سبيل المثال, شجعَ التروتسكيون الهجمات على الكنائس المسيحية. وقد تم ارتكاب فظائعَ وجرائمَ ضد الإنسانية ضد الكهان الكاثوليك في الوقت الذي كانت تحاول فيه "الجبهة الشعبية" أن تكسبَ الدعم بين صفوف الكاثوليكيين التقدميين للمقاومة الشعبية الديمقراطية ضد فرانكو. يكتب جي. آر. كامبل:
"تم التعاطي مع جهود الحزب الشيوعي في توضيح أن نشاطاً مثل هذا لا علاقة له بالأساليب الثورية بكثير من السخرية والاستخفاف. لكن إحدى المشاكل الهامة التي تواجه الشغيلة الأسبان تمثلت في كسب الفلاحين المتدينين في ‘الجبهة الشعبية’. وقد أعاق حرق الكنائس تحقيق هذه المهمة الحيوية مما ساعد الثورة المضادة, إلى درجة أنه تم القبض على المجموعات الفاشية, في عدة مناطق من البلاد وبالجرم المشهود, وهي تحرق الكنائس قبل التمرد الفاشي.
"في أوج ‘الحرب الأهلية الإسبانية’ عندما كانت الفاشية على وشك السيطرة على السلطة, حث تروتسكي أتباعَه على مهاجمة الحكومة الإسبانية البرجوازية و ‘الجبهة الشعبية’. فقد كتب: ‘من الضروري الانتقال إلى هجوم أممي ضد الستالينية.’ وقد أسرَ ذلك فرانكو وهتلر وموسوليني. فليس من المستغرب إذاً أن يكتب غوبلز في مذكراته أن النازيين كانوا يستخدمون الدعاية التروتسكية لكي يكسبوا الشغيلة في صفوفهم خلال ‘عملية بارباروسا’.
"هذه البلاغة شبه اليسارية, والتي تخدم الإمبريالية, تعود إلى تروتسكي, هذا الرجل الذي دفعه تعطشه للسلطة في الاتحاد السوفييتي إلى التعاون مع ألمانيا النازية واليابان العسكرية."
يتلقى الإسلامو – فاشيون الدعمَ نفسه الآن في سوريا, بينما يمارس التروتسكيون ألاعيبَهم الاعتيادية في تقنيع نزعتهم الإمبريالية بعبارات شبه ثورية. حيث يستمر "حزب الشغيلة الاشتراكيين", وعلى الرغم من المعلومات الغزيرة التي تثبت موقفه الخاطىء, في دعم فرق الموت التابعة للناتو بينما يقنِعون مواقفهم غير التحليلية بعبارات يسارية مثل "اللجان الثورية".
وفي فرنسا يقدم "الحزب الجديد المعادي للرأسمالية" – الهزلي والمتناغم مع تروتسكي العجوز – الدعمَ الكامل للمتمردين السوريين, حيث يقنع رجعيته بعبارات مثل "الثورة الدائمة". متى سيتعلم هؤلاء الناس؟
هناك احترام كبير في سوريا البعثية لكوبا. فالعديد من الدكاكين والمحلات, في كافة أنحاء البلاد, تبيع صورَ وكتبَ تشي غيفارا. وقد تمثلت إحدى التقنيات الرئيسية ﻠسياسة خلط الأوراق والزعزعة التي انتهجها "الربيع العربي" في تصوير الرجعيين اليمينيين على غرار "الثوريين الشيوعيين". فقد لجأت الرأسمالية دوماً إلى استخدام رموز اليسار بهدف تعزيز نفسها في أوقات الأزمات الاقتصادية الحادة. ولهذا السبب اختار الفاشيون الألمان في العشرينيات من القرن الماضي اسمَ "الاشتراكيون الوطنيون". فقد كانت محاولة قامت بها الطبقة الحاكمة لإعادة توليد الرأسمالية من خلال استخدام وتشويه رموز الاشتراكية. ولهذا السبب أيضاً أصبحت القبضة البروليتارية رمزَ الثورات الملونة الممولة من "سي آي إيه" اليوم.
على غرار سوريا, تقاوم كوبا الإرهابَ الأمريكي منذ قيام الثورة في سنة 1959. وقد شملت رغبة أمريكا في "تحرير" الشعب الكوبي تسميمَ المحاصيل باستخدام الأسلحة البيولوجية, وزرع العبوات الناسفة في الفنادق, وتفجير الطائرات المدنية, ووضع الإسمنت في حليب الأطفال, وفرض حظر اقتصادي رهيب على شعب هذا البلد.
ولكن, وعلى الرغم من هذه الحملة الإرهابية المستمرة, تستمر كوبا في المقاومة, مثلها مثل كوريا الشمالية وسوريا. ويبين التعاون الوثيق بين سوريا وكوبا في القطاع الصحي تصميمَ كلا البلدين على مواجهة الحرب بالسلام, والكراهية بالحب, والمرض بالصحة.
على الرغم من احتلال فرق الموت التابعة للناتو و "مجلس التعاون الخليجي" مناطقَ عديدة من حلب حيث يفرضون نسخة فجة طالبانية من "قانون الشريعة" على المواطنين المروَعين, يستمر الجيش السوري في القتال من أجل استقلال وسيادة الشعب السوري الذي يدعم هذا الجيش بشكل ثابت ومطلق. إن هؤلاء الجنود, مثل زملائهم الليبيين في سنة 2011, هم الأبطال الحقيقيون, والثوريون الحقيقيون لما يسمى "الربيع العربي".
جميع التقدميين في العالم يدعمون الجمهورية العربية السورية. وكلما استمر أوليغاركيو أوروبا والأطلسي ودماهم الخليجية في نهجهم الكولونيالي الجديد القائم على الإبادة الجماعية في المشرق العربي, كلما تنامى الشعور بالإحباط والغضب في هذه البلدان نتيجة التقشف والبؤس والأكاذيب. وإذا لم يوقف أوليغاركيو أوروبا والأطلسي هذا الجنون, سوف يجدون أنفسهم في مواجهة شعوبهم عندما يدرك الناس من هم الدكتاتوريون الفعليون في هذا العالم.
تُرجم عن: ("دسدنت ڤويس", 21 كانون الأول/ديسمبر 2012)
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد