محللون : الولايات المتحدة لا تريد تقاربا بين الحليف السعودي وسوريا
حافظت السعودية وسوريا في أسوأ أزماتهما على حد أدنى من قنوات الاتصال الفعالة, ولم تكن الصراعات –على شدتها كما كان خلال الحرب العراقية الإيرانية- تخرج إلى العلن رغم الخلاف الأيديولوجي البيّن وانتماء البلدين إلى حلفين متصادمين: سوفياتي وأميركي.
غير أنه يبدو أن البلدين لم يعودا يخشيان تفجر الخلافات منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري المقرب جدا من العائلة المالكة السعودية في 2005, قبل أن تتبعه هزة هي انشقاق نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام وما وجهه من اتهامات لدمشق في قضية الاغتيال, ثم هزة ثالثة, عندما شبه الرئيس السوري بشار الأسد –بعد نهاية الحرب على لبنان- قادة عربا بأشباه الرجال لأنهم وصفوا أسر حزب الله جنديين إسرائيليين بالمغامرة.
إن أحد دوافع السعودية على إبقاء قناة الاتصال مفتوحة مع سوريا بحسب مراقبين هو حرصها على تفادي انهيار نظام الحكم السوري, وهو سيناريو سيكون له أثر الدومينو في المنطقة.
غير أن الرياض تبدو وكأنها تزهد في هذا الدور, حتى عندما يتعلق الأمر بمواضيع يضيق فيها الخلاف كالعراق, بدليل غيابها عن مؤتمر دمشق الأخير لدول الجوار, ولم تكلف نفسها عناء حتى إرسال موظف من سفارتها على حد قول نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الذي أعلن أن بلاده ليست مسؤولة عن الخلل في علاقات البلدين.
تصريح الشرع الذي وصف الدور السعودي بالمشلول جاء بعد أشهر فقط من تصريح للرئيس الأسد قال فيه إن علاقات سوريا بالمملكة "في حال جيدة", وما انتابها "غيمة مرت", مشيدا بالدور السعودي عربيا.
ويقول مدير معهد الخليج في واشنطن علي آل أحمد إن ما غيّر نبرة الخطاب السوري منذ تصريح الأسد هو إقرار المحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري "رجل المملكة في لبنان وحليفها الرئيسي".
ويضيف في اتصال مع الجزيرة نت أن ما عكر العلاقات أكثر هو استثناء سوريا "ذات الدور الرئيسي في فلسطين" من اتفاق حكومة الوحدة الفلسطينية الذي رعته الرياض, وكان ذلك خطأ سعوديا وأحد أسباب فشل الاتفاق.
ويقول علي آل أحمد إن الولايات المتحدة تحاول منع تطور علاقات حلفائها بسوريا, وإن كانت هي ذاتها تحرص على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة معها, فحضرت مؤتمر دمشق, وغاب الوفد السعودي, وكذلك فعلت مع إيران في العراق, حيث التقت مسؤوليها, لكن أبدت عدم رضاها عن زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى طهران.
غير أن عمرو حمزاوي كبير باحثي معهد كارنيجي للدراسات الدولية يرى أن حديث الأسد في مارس/آذار الماضي كان انفراديا, ويلاحظ أنه قوبل بصمت سعودي, يتوقع أن يكون الرد هذه المرة أيضا.
وإن السعودية متحفظة على إظهار أن علاقاتها مع سوريا على أحسن ما يرام, وهو ما يؤشر إليه غيابها عن مؤتمر دمشق, كما لو أرادت أن تقول إنها لا تريد التنسيق مع سوريا في العراق, خاصة أن دبلوماسيتها متكتمة ولا ترضى بأخطاء تحسب عليها, وإن كانت في الغياب إشارة أخرى إلى واشنطن وبغداد مفادها أنها ليست راضية عن سياساتهما.
ويستبعد حمزاوي أي تقارب سعودي سوري بتحريك من إدارةٍ أميركيةٍ راغبةٍ في استمالة سوريا في الموضوع العراقي, فواشنطن ما زالت شديدة التردد فيما يخص العلاقات مع سوريا, وتركيزها هو لتفعيل دور إيران في العراق لقوة أوراقها, عكس دمشق.
الولايات المتحدة لا تريد تقاربا بين الحليف السعودي وسوريا –يقول حمزاوي- لكن ذلك لا يعني أنها تسعى لإثارة الخلاف بينهما, ويبقى الأكيد أنه بعيدا عن لغة الدبلوماسية, فإنها ما زالت "تقسم دول المنطقة معسكرين أعداء وأصدقاء" وسوريا ما زالت في المعسكر الأول.
إلياس تملالي
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد