سورية: حرب الناتو "الإنسانية" التالية (33)
الجمل - طوني كارتالوتشي- ترجمة: د. مالك سلمان:
بعد 10 سنوات من الحرب/الاحتلال في العراق, وموت أكثر من مليون إنسان بما في ذلك الآلاف من الجنود الأمريكيين, استناداً إلى مزاعم كاذبة بامتلاك البلد "أسلحة دمار شامل", إنه لضرب من النفاق الفاجر أن نرى الغرب يقوم بتقديم التسليح والتمويل والدعم السياسي لإرهابيين في سوريا يمتلكون, في الحقيقة, مثل هذه الأسلحة ويستخدمونها ضد الشعب السوري.
قتل 25 شخص على الأقل بعد هجوم بالأسلحة الكيماوية استهدف الجنودَ السوريين على يد إرهابيي الولايات المتحدة/الناتو في مدينة حلب الشمالية.
تقع مدينة حلب بالقرب من الحدود السورية – التركية. ففي حال شحن مخزون الأسلحة الكيماوية المسروقة في ليبيا إلى سوريا, فإنها ستمر عبر تركيا بالإضافة إلى أسلحة أرسلتها الولايات المتحدة من ليبيا, زائد الآلاف من الإرهابيين الليبيين الذين أصبح معروفاً الآن أنهم يقاتلون في سوريا, ومن المرجح أن يتم استخدامها لاستهداف مدن مثل حلب.
والأسوأ من هذا, فأي أسلحة كيماوية يتم إدخالها إلى البلد سوف تورط الناتو بشكل مباشر أو عبر الإهمال الكبير, بما أن الأسلحة ستكون قد مرت عبر تركيا, العضو في الناتو, وعبر عملاء "سي آي إيه" الأمريكيين الذين بات من المعروف أيضاً أنهم يعملون على طول الحدود بالتعاون مع الإرهابيين المدعومين من الغرب داخل سوريا.
أسلحة الدمار الشامل الليبية في أيدي الإرهابيين
وقعت ترسانة الأسلحة الليبية في أيدي المتطرفين الطائفيين بمساعدة من الناتو في سنة 2011 أثناء المحاولات الحثيثة لإسقاط البلد الشمال أفريقي. ومنذ ذلك الوقت, قام المتطرفون الليبيون, بقيادة "المجموعة الإسلامية المقاتلة الليبية" التابعة للقاعدة, بتسليح المتطرفين الطائفيين في العالم العربي, من مالي إلى سوريا شرقاً.
بالإضافة إلى الأسلحة الخفيفة, يتم أيضاً نقل أسلحة ثقيلة عبر هذه الشبكة الضخمة. جاء في صحيفة "واشنطن بوست" في مقالة بعنوان "الصواريخ الليبية طليقة":
"أكد لي ضابطان سابقان في قسم مكافحة الإرهاب في ‘سي آي إيه’ الأسبوع الماضي إن الفنيين قاموا بتجهيز 800 من أنظمة الدفاع الصاروخي المحمولة (والمعروفة ﺑ ‘مان بادز’) – بعضها من المجموعة الجهادية الأفريقية المسماة ‘بوكوحرام’ المرتبطة بالقاعدة – لاستخدامها المحتمل ضد الطائرات التجارية القادمة إلى النيجر, وتشاد, وربما نيجيريا."
بالإضافة إلى أن هذه الأسلحة متوجهة إلى النيجر بكل تأكيد, وربما إلى نيجيريا, فإنها ستتوجه بالتأكيد إلى سوريا. فقد تأكد أن إرهابيي "المجموعة الإسلامية المقاتلة الليبية" يتدفقون إلى سوريا من ليبيا. ففي شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2011, ذكرت صحيفة "ديلي تلغراف" في مقالها المعنون "أحد القادة الإسلاميين الليبيين يلتقي بالمجموعة المعارضة ‘الجيش السوري الحر’ ": "التقى" عبد الحكيم بلحاج, رئيس "الهيئة العسكرية في طرابلس" والقائد السابق ﻠ "المجموعة الإسلامية المقاتلة الليبية", "مع قادة ‘الجيش السوري الحر’ في اسطنبول وعلى الحدود التركية," تبعاً لمسؤول عسكري يعمل مع السيد بلحاج. "وقد أرسله إلى هناك مصطفى عبد الجليل (الرئيس الليبي المؤقت)."
كما اعترفت "التلغراف" في مقالة أخرى بعنوان "قادة ليبيا الجدد يقدمون الأسلحة للمتمردين السوريين":
"أجرى المتمردون السوريون محادثات سرية مع السلطات الليبية الجديدة يوم الجمعة, بهدف تأمين الأسلحة والأموال لدعم تمردهم على نظام الرئيس بشار الأسد, كما عرفت ‘ديلي تلغراف’.
وفي الاجتماع, الذي عقد في اسطنبول وضمَ مسؤولين أتراكاً, طلب السوريون ‘المساعدة’ من الممثلين الليبيين وقد تلقوا الأسلحة والمتطوعين.
‘هناك خطط لإرسال الأسلحة والمقاتلين الليبيين, حتى, إلى سوريا," قال مصدر ليبي تحدث إلينا مشترطاً عدم ذكر اسمه. ‘هناك تدخل عسكري قادم. وسوف ترون ذلك في غضون عدة أسابيع.’"
ولاحقاً في ذلك الشهر, نقل أن حوالي 600 إرهابياً ليبياً قد دخلوا إلى سوريا للشروع في عمليات قتالية, ولا يزالون يتدفقون إلى البلد منذ ذلك الوقت.
إن "الصواريخ الطليقة" في ليبيا التي تحدثت عنها "واشنطن بوست" تظهر الآن في ساحة المعركة في سوريا. وبينما نقلت وسائل إعلامية من أمثال "الغارديان", في مقالتها "الأسلحة و ‘مان بادز’: المتمردون السوريون يحصلون على الصواريخ المضادة للطائرات", أن الصواريخ قد تم نشرها في أنحاء مختلفة من سوريا, إلا أنها حاولت التعتيم على ربط ذلك بالأسلحة الليبية المسروقة وإرهابيي القاعدة الذين أدخلوها. وعلى النقيض من ذلك, نشرت "التايمز" اعترافات علنية من الإرهابيين أنفسهم يقرونَ بالحصول على أسلحة ثقيلة تشمل صواريخ أرض – جو من ليبيا.
جاء في مقالة "التايمز" المعنوَنة "المقاتلون الليبيون يصدرون ثورتهم إلى سوريا":
"إن بعض السوريين أكثر صراحة فيما يتعلق بالمساعدات التي يقدمها الليبيون. ‘لديهم أسلحة أثقل من الأسلحة التي نمتلكها," يقول فراس تميم, الذي سافر أيضاً في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون لتقصي المقاتلين الأجانب. "اشتروا هذه الأسلحة لسوريا, ويتم استخدامها على الخطوط الأمامية.’ وقد رأى تميم, بين الأسلحة, صواريخَ أرض – جو روسية الصنع تعرف باسم ‘سام 7’.
يتجاهل معظم المقاتلين الليبيين الأسئلة حول نقل الأسلحة, لكنهم قالوا في كانون الأول/ديسمبر إن هذا ما يفعلونه بالضبط. ‘نقوم الآن بجمع الأسلحة في ليبيا,’ قال مقاتل ليبي في سوريا للصحيفة اليومية الفرنسية ‘لوفيغارو’. ‘وحالما ننتهي من ذلك, علينا أن نجد طريقة لنقلها إلى هنا.’"
من الواضح أن تدخل الناتو في ليبيا قد ترك ترسانة مدمرة ضخمة في أيدي المتطرفين الطائفيين, الذين تقودهم منظمة "المجموعة الإسلامية المقاتلة الليبية", المصنفة على لائحة المنظمات الإرهابية من قبل وزارة الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة ووزارة الداخلية البريطانية, والتي تقوم الآن بتصدير هذه الأسلحة وهؤلاء المتطرفين إلى جبهة الناتو الأخرى في سوريا. فقد تم توثيق عبور الأسلحة الليبية والإرهابيين الليبيين للحدود التركية – السورية, بمساعدة الناتو, ومن الواضح الآن أن الأسلحة الثقيلة, بما في ذلك الأسلحة المضادة للطائرات, قد عبرت الحدود أيضاً.
نقلت "الغارديان" في مقالتها المنشورة في تشرين الثاني/نوفمبر 2011, والمعنوَنة "مخزون الأسلحة الكيماوية الليبية سليم, تبعاً للمفتشين":
"إن مخزون غاز الخردل والمواد الكيماوية سليمة كلها ولم تتعرض للسرقة خلال الانتفاضة التي أسقطت معمر القذافي, تبعاً لمفتشي الأسلحة."
لكنها نقلت أيضاً:
"أثار إهمال أو اختفاء بعض الأسلحة التي كانت موجودة في عهد القذافي القلق من أن هذه القوة النارية يمكن أن تهدد الأمن اللإقليمي في حال وقوعها في أيدي المتطرفين الإسلاميين أو المتمردين النشطين في شمال أفريقيا. ويخشى البعض من إمكانية استخدامها من قبل الموالين للقذافي لزعزعة الاستقرار في ليبيا.
وقد حثت ‘هيومن رايتس ووتش’ المجلس الانتقالي الوطني الحاكم في ليبيا الشهر الماضي للتصرف بشأن أعداد ضخمة من الأسلحة الثقيلة, من بينها صواريخ أرض – جو, قالت إنها غير محروسة بعد شهرين من الإطاحة بالقذافي. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون الأربعاء إن الأمم المتحدة سترسل خبراءَ إلى ليبيا للمساعدة في ضمان عدم وقوع المواد النووية والأسلحة الكيماوية في الأيدي الخاطئة."
وبينما يزعم المفتشون أن الأسلحة الكيماوية الليبية هي في يدي "الحكومة" وليس في أيدي "المتطرفين", يتضح من اعتراف الحكومة الليبية نفسها أنها متورطة في إرسال المقاتلين والأسلحة إلى ليبيا.
علينا أن ننتظر لنرى من أين جاءت هذه الأسلحة الكيماوية. فإذا ظهر أنها جاءت من الترسانة الليبية فإن الناتو, وخاصة الولايات المتحدة وتركيا, سوف يواجه تهمة تزويد إرهابيي القاعدة بأسلحة الدمار الشامل, وهو نفس السيناريو الذي كان يخشاه الغرب طيلة السنوات العشرة الماضية, السيناريو الذي ضحى الغرب بحرياته ودماء الآلاف من جنوده من أجل منعه.
إن تورط الإرهابيين المدعومين من الغرب في استخدام الأسلحة الكيماوية, بغض النظر عن مصدرها, كلف الغرب شرعيته المهزوزة سلفاً, وعرَضَ مؤسساته للخطر, كما هزَ ثقة الكثير من المساهمين المستثمرين فيها – سياسياً, ومالياً, وصناعياً, وإستراتيجياً. ومن الحكمة بالنسبة لهؤلاء المساهمين أن البحث عن مخارج وتأسيس البدائل خارج النظام العالمي الممثل في "وول ستريت" و لندن.
العنوان الأصلي: إرهابيو القاعدة المدعومون من الولايات المتحدة والناتو يستخدمون الأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري
تُرجم عن ("غلوبل ريسيرتش", 19 آذار//ارس 2013)
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد