لماذا تدعم واشنطن وأنقرة الهجوم على كسب
الجمل- دميتري مينين- ترجمها عن الروسية : مظهر عاقلة:
انشغل العالم بالأزمة الأوكرانية وشبه جزيرة القرم عن الأزمة السورية وخلال تلك الفترة حقق الجيش العربي السوري حدثاً هاماً للغاية عكر مزاج البيت الأبيض وذلك بإستعادة مدينة يبرود في القلمون ,هذه القيمة الإستراتجية التي يمكن مقارنتها مع وادي بنجشير في أفغانستان.
تعتبر يبرود مركز القلمون وتمتد لعدة كيلومترات على طول الطريق الرئيسي دمشق_حلب ,كما تمتد على الحدود اللبنانية ومحاطة من جميع أطرافها من الجبال.
في يبرود احتشدت عشرات الآلاف من الجماعات المسلحة والتي تشكل العمود الفقري للجبهة الإسلامية بزعامة زهران علوش المعروف بعلاقته الوثيقة مع المخابرات السعودية والمخابرات المركزية الأمريكية والتي ترى فيه واشنطن واحدًمن قادة المستقبل في البلاد و رجل الرهانات الكبرى.
ووفقاً لبعض المحللين أن واشنطن ضغطت على موسكو للتأثير على الأسد في عدم مهاجمة مدينة يبرود لما له من آثار قوية في تفجير الوضع اللبناني .ولكنه كان من الواضح أن مسألة إسترداد القلمون مسألة وقت.
الطبيعة الجبلية الصعبة ليبرود وإتخاذ 13 راهبة و3 من مساعديهم دروعاً بشرية ورهائن بعد أن اختطفوا من دير مار تقلا في معلولا,أدى إلى تجميد العمليات العسكرية وذلك حرصاً على المدنيين والراهبات .ولكن ما أن تمت صفقة التبادل بين الحكومة السورية والعصابات المسلحة اتحذ القرار وبدأت القوات السورية الهجوم الممنهج بعملية سميت ب"الجبال البيضاء" جنباً إلى جنب مع قوات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني,وحررت المدينة بظرف 48 ساعة.
فقد المعارضون في هذه المعركة عما لايقل عن 1500 مقاتل بين قتيل وجريح وأسير ومنهم من فر إلى القرى المجاورة ومنهم من فر بإتجاه الحدود اللبنانية حيث قام الجيش اللبناني بملاحقتهم وإلقاء القبض على بعضهم.كما إعترفت جبهة النصرة بمقتل أحد قادتها والمدعو أبو عزام الكويتي وهو من قام باختطاف الراهبات,في حين بقي مصير زهران علوش مجهولاً.
يقوم الجيش العربي السوري بضرب طوق خانق على الحدود السورية-اللبنانية لمنع تدفق الإرهابين وقطع الإمدادات ,الأمر الذي حقق نتائج ملموسة وأهمها تحرير النصب التذكاري "قلعة الحصن" في مدينة حمص. ومن المتوقع أن مدينة حمص والتي تعد ثالث أكبر المحافظات السورية سيتم إستعادتها بشكل تدريجي وستصبح قريباً بالكامل تحت سيطرة الحكومة السورية ,هذا إن لم يتم تدخل خارجي.
أما بالنسبة للغرب فهو الأكثر قناعة بأن التوازن في الصراع السوري لايميل لصالح أتباعه,ورغم ذلك لايرضى بديلاً عن تغيير النظام في دمشق.
السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد تحدث في 20 مارس بمركز وودرو ويلسون :أن دمشق عنيدة وأقوى بكثير مما كان متوقعاً.وفي تقييم مماثل أعرب مدير وكالة المخابرات المركزية جون برينان قائلاً:لحظة تغيير النظام تم تفويتها وإن تمكن الأمريكيون بشكل أو بآخر أو بإعجوبة ما بالإطاحة بنظام الرئيس الأسد فإن البديل هو "فراغ السلطة"و"الفوضى" والحالة السورية لن تكون أحسن حالاً من ليبيا وربما أسوأ .فورد لم يخف سراً بأن الأمريكيين يدركون جيداً وجود تنظيم القاعدة في صفوف الجماعات المسلحة في سوريا الأمر الذي يشكل تهديداً على السوريين والأمن الأقليمي والدولي.فورد لم يستغل اي فرصة للتفاوض مع الحكومة السورية بل على العكس.
أما المحلل العسكري في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى جيفري وايت فيرى أن الجمود في الصراع السوري يكمن في الإجراءات الفعالة الأخيرة التي إتخذها الجيش السوري وذلك بالقيام بمئات العمليات القتالية في جميع المحافظات والتي تتسم بالنوعية وتكلل بالنجاح. ووفقاً لجيفري وايت أن إنتصار الأسد سيتم بسيطرته على المنطقة الممتدة من دمشق إلى حلب وومن هنا فإن جميع الجهود الاستراتجية للحكومة السورية تتركز بهذه المنطقة وبشكل جيد.وتتجاهل الإنتكاسات الطفيفة في المحافظات الأخرى .يتابع وايت على الرغم من المقاومة العنيفة التي تبديها المعارضة الإ أنها تنهار فجأة وبسرعة تضعف وذلك بسبب التأثير التراكمي لسلسلة الهزائم وصعوبة التنقل بالإضافة على فقدان الدعم الشعبي لها.
استغل الأسد الأزمة الأوكرانية-الروسية للقضاء على المجموعات المسلحة قبيل الإنتخابات الرئاسية والمقرر عقدها في يوليو عام 2014 , الإ أن هذا الأمر قد يدفع واشنطن للقيام بعمل عسكري ضد سوريا, وهم عازمون على وقف تقدم الأسد ويتجلى ذلك بالإعلان المفاجئ بعد نصر الأسد في يبرود بتعليق العلاقات الدبلوماسية مع سوريا من دون إعطاء أي تفسير أو إن كان هناك خرق للإتفاقيات الدبلوماسية,كما تعليق السفارة والقنصلية في ميشيغان وتكساس وآمر العاملين فيها بمغادرة الأراضي الأمريكية.
في هذا الوقت تشهد الحدود السورية-التركية والتي زارها مستشارين أمريكيين اشتباكات عنيفة في محاولة لسرقة الإنتصارات حيث هاجمت قوة كبيرة من المسلحين ومعظمهم من تنظيم القاعدة على منطقة كسب الحدودية في محاولة للسيطرة على مدينة اللاذقية,جاء الهجوم بتغطية المدفعية التركية والقوى الجوية ,حيث تم إسقاط طائرة سورية حربية .تقدمت الخارجية السورية برسالتين للأمم المتحدة للإحتجاج على الدعم التركي للإرهابين والإرهاب.سقط في هذه الإشتباكات إبن عم الرئيس هلال الاسد قائد الدفاع الوطني في اللاذقية كما سقط عدد من المدنيين بين قتيل وجريح جراء انفجار صاروخين من نوع غراد في إحدى أحياء المدينة.
زعيم المعارضة التركية لحزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو حذر البرلمان التركي من مخططات أردوغان المستقبلية في جر البلاد لمواجهة عسكرية مع سوريا,كما طلب من هيئة الأركان العامة عدم السعي وراء مغامرات تدفع بتركيا في مستنقع الشرق الأوسط.
بعد سقوط يبرود مباشرة تعرضت بعض المواقع المدنية والعسكرية للإطلاق القذائف المدفعية والصواريخ من الجانب الإسرائيلي في مرتفعات الجولان .وذكرت القيادة العليا للجيش والقوات المسلحة السورية أن هذه الإعتداءات تشكل إنتهاكاً مباشرةً لمعاهدة فض الإشتباك بين سوريا وإسرائيل في الجولان.
الضربة الأمريكية الكبرى يمكن تطبيقها من جهة الأردن ,حيث عملت واشنطن لفترة طويلة في غرفة عمليات سرية ضمت ممثلين عن الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل و 11 دولة عربية,الجبهة الجنوبية هي الجبهة الفعلية للوصول إلى دمشق وبالفعل الأعمال العدائية جارية حيث إستولى المسلحون مؤخراً على السجن المركزي بدرعا.
بطبيعة الحال الهجوم على دمشق لن يتوقف ويبرود ليست الإ البداية لإيقاف هذا الهجوم ,القيادة العسكرية السورية تدرك تماماً نوايا المسلحين والقوى الداعمة لها,لذلك تسعى لبناء خط دفاعي صلب على الأقسام الأكثر خطورة بين الحدود ومن ثم العمل على تحرير البلاد كلها
26\03\2014
ترجمت من المصدر:
http://www.fondsk.ru/news/2014/03/26/reshitelnyj-povorot-v-sirijskoj-vojne-pobeda-asada-v-uschele-kalamun-26617.html
الجمل
إضافة تعليق جديد