هل تشتعل جبهة المواجهة السابعة في اليمن

13-04-2010

هل تشتعل جبهة المواجهة السابعة في اليمن

الجمل: انخفض حجم تدفقات التقارير والمواد الإعلامية والإخبارية التي ظلت لبضعة أشهر ماضية ترصد معطيات الوقائع الجارية في الساحة السياسية اليمنية و الصراع على مسرح المواجهات.. فهل يا ترى انتهت الأزمة اليمنية وآن الأوان لإغلاق ملفاتها؟ أم أنها هدأت نسبيا في انتظار الشرارات الجديدة التي يمكن أن تشعل نيرانها مرة أخرى؟
توصيف الوقائع الجارية
تقول آخر المعلومات بأن الأيام الثماني الأولى من شهر نيسان "أبريل" الحالي قد شهدت خمسة تطورات يحمل كل واحد منها المزيد من المؤشرات, ففي يوم 1 نيسان "أبريل" نجح ثلاثون سجينا انفصاليا جنوبيا في الهرب من أحد السجون اليمنية بعد أن انفجرت قنبلة أدت إلى تدمير جزء من السجن وحدوث اضطراب بين رجال الشرطة والسجناء والحراس . وتقول المعلومات والتسريبات بأن الذي ألقى القنبلة كان أحد رجال الشرطة المسؤولين عن حراسة السجن نفسه, وفي يوم 2 نيسان "أبريل" أعلن الزعيم الانفصالي الجنوبي طارق الفضلي عن إنهاء اتفاقية الهدنة مع الحكومة اليمنية وهي التي لم يكد يمض على توقيعها بضعة أسابيع, وتقول المعلومات بأن السبب هو قيام قوات الأمن اليمنية بتنفيذ محاولة لاعتقاله, وقد فشلت محاولة الاعتقال هذه عندما تصدى أنصار الزعيم الفضلي لقوات الأمن اليمنية بما أدى إلى تراجع هذه القوات, وفي يوم 5 نيسان "أبريل" حدثت عملية اعتقال للناشط اليمني الجنوبي ناجي بن ناجي وابنه عندما كانا في مزرعتهما بمنطقة الضالع, وتقول المعلومات بأن أحد عناصر قوات الأمن اليمنية قد نفذ هذه العملية, هذا وقد أدت عملية الاعتقال إلى حدوث حالة ثورة عارمة في المنطقة, وفي حادثة أخرى في نفس اليوم تم اغتيال شرطي يمني كان يقف على أحد حواجز التفتيش المنتشرة بحافظة شبوة, وإضافة لذلك حدثت عملية إضراب عام بواسطة الانفصاليين اليمنيين الجنوبيين في مناطق الضالع وحابلين وفي محافظة لحج, وأيضا في بعض مناطق محافظة أبين, وفي يوم 7 نيسان (أبريل) اعتقلت السلطات اليمنية عشر انفصاليين يمنيين ناشطين في محافظة لحد وأعقب ذلك حدوث إضراب عام وعصيان مدني دعا إليهما الحراك الجنوبي في محافظتي لحد والضالع, أما يوم 8 نيسان "أبريل" فقد حدث انفجار في مدينة الضالع اليمنية الجنوبية أدى إلى جرح بعض الأشخاص إضافة إلى قيام قوات الشرطة اليمنية بإطلاق الرصاص في الهواء من أجل تفريق حشود المتظاهرين المطالبين باستقلال اليمن الجنوبي, وشهد نفس اليوم اندلاع المظاهرات في منطقة حابلين في محافظة لحد وفي بعض مناطق محافظة أبين.
إضافة إلى هذه التطورات فقد شهدت مناطق صعدة اليمنية، الواقعة إلى الجنوب الشمالي من شريط الحدود السعودية اليمنية, هدوءا نسبيا بدا واضحا من خلال تطوراته الجارية أن أطراف الصراع الثلاثة: الحكومة السعودية-الحكومة اليمنية-والحوثيين, مازالوا ينظرون بالكثير من عدم المصداقية والشكوك إزاء مدى إمكانية استقرار الأوضاع واستتباب الأمن في المنطقة, وبرغم تبادل عمليات إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين فإن كل طرف يقوم بشكل شبه معلن بالمزيد من عمليات التعبئة والتجهيز لجولة المواجهة السابعة والتي قد تندلع قريبا.
أما في مناطق وسط اليمن وبالذات في المناطق القبلية ومراكز النفوذ الديني إضافة إلى المدن اليمنية الكبيرة فإن شبكة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية بدأت وهي أكثر قوة وثقة بالنفس, فقد شهدت الأسابيع الماضية تدفقا كبيرا وعلى وجه الخصوص بواسطة الشباب السعودي والخليجي الناشطين في تنظيم القاعدة, سواء المنظمين في صفوفه منذ فترة سابقة أو الذين تم تجنيدهم مؤخرا على خلفية نداءات الجهاد التي أطلقها زعماء تنظيم القاعدة والتي طالبت المسلمين بالقدوم إلى اليمن لأداء فريضة الجهاد المقدس ضد الأميركيين والمتعاملين معهم في المنطقة.
وبالنسبة للأوضاع الإقليمية المحيطة باليمن, تشير وقائع التطورات الجارية إلى أن حركة الشباب الصومالي الحليفة لتنظيم القاعدة قد سيطرت على العديد من المواقع الجديدة, وشددت قبضتها على العاصمة الصومالية مقديشو مع التشديد على محاصرة مقر الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد زعيم حركة المحاكم الشرعية, وفي تطور بالغ الخطورة فقد سعت قوات حركة الشباب الصومالي إلى شن العمليات العسكرية ضد قوات الاتحاد الأفريقي التي تقوم حاليا بمهام حفظ السلام, وتقول المعلومات بأن حركة الشباب الصومالي قد وسعت من روابطها مع تنظيم القاعدة وعلى وجه الخصوص حركة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية, وإضافة لذلك تشهد منطقة خليج عدن المزيد من التطورات العسكرية الأمنية البحرية فقد وصلت المزيد من قطع البحرية الأميركية وحلف الناتو إضافة إلى بعض دول جنوب شرق آسيا.
بيئة الصراع اليمني: إشكالية احتقانات العنف الكامن
تشهد بيئة الصراع اليمني هذه الأيام حراكا زاحفا بطيئا في مناطق الشمال والوسط ولكنه يمضي بوتائر سريعة في مناطق جنوب اليمن, وتجدر الإشارة إلى أن هذا الحراك يتميز بالخصائص الآتية:
• أطراف الصراع: وهي ثلاثة أطراف داخلية تتمثل فيمسرح الصراع اليمني الحوثيين في الشمال وتنظيم القاعدة في الوسط والانفصاليين في الجنوب, إضافة إلى الحكومة اليمنية, و طرفين إقليميين هما السعودية وإيران, وأطراف دولية هي أميركا وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا إضافة إلى بعض الدول الغربية الأخرى.
• موضوعات الصراع: تدور الصراعات عادة حول السلطة والثروة وفق نموذجين أحدهما يعتمد منظور الهوية والآخر يعتمد منظور المصالح, وبالنسبة للصراع اليمني-اليمني, نجد تداخلا بين هذين المنظورين فالانفصاليون اليمنيون الجنوبيون يريدون هويتهم المنفصلة من خلال فصل مناطق جنوب اليمن وإقامة دولتهم الخاصة بهم, أما الحوثيون فيريدون بعضا من الهوية المستقلة ولكن ضمن اليمن إَضافة إلى بعض المزايا الأخرى المتعلقة بقسمة السلطة والثروة, أما تنظيم القاعدة فهو يريد الجزيرة العربية كلها بما في ذلك اليمن والسعودية ودول الخليج بحيث يتسنى له إقامة الأمارة الإسلامية ويؤسس دولة الخلافة الإسلامية الجديدة.
• تفاعلات الصراع: أدت تفاعلات الصراع اليمني-اليمني إلى تفاعلات صراع الأطراف الثالثة, فقد سعت السعودية إلى توجيه ضربة استباقية ضد الحوثيين الشماليين, وإذا كانت مبررات العملية العسكرية السعودية على المستوى المعلن هي القضاء على التمرد وتحقيق الاستقرار في اليمن ومنع المسلحين الحوثيين من التسلل إلى السعودية, فإنها على المستوى غير المعلن تهدف إلى ردع حركة النهوض الشيعي داخل السعودية إضافة إلى خوض حرب وكالة تتيح تصفية الحسابات مع إيران داخل الساحة اليمنية, أما بالنسبة لأميركا, فقد سعت إلى التدخل بكافة الوسائل في اليمن, تحت مبررات معلنة هي الحرب ضد الإرهاب وحرمان تنظيم القاعدة من الملاذات الآمنة في اليمن, ولكن المبررات غير المعلنة تمثلت في أن أميركا ظلت تسعى منذ فترة طويلة لاستدراج عناصر القاعدة من أجل التجمع في اليمن بما يخفف الضغط على أميركا في أفغانستان وباكستان, ويخفف الضغط على إسرائيل في مناطق شرق المتوسط, ويخفف الضغط على أميركا في الساحة العراقية.وإضافة لذلك فإن هذه المواجهات مع الحوثيين والانفصاليين الجنوبيين وتنظيم القاعدة يمكن أن تمثل فرصة ملائمة من أجل الحصول على المزيد من المساعدات المالية التي تفك اختناقات الاقتصاد اليمني وأيضا المساعدات العسكرية التي يمكن أن تساعد نظام صنعاء في الدفاع عن وجوده واستمراره أمام خصومه الداخليين المتزايدين.
تشير المعطيات الجارية المتعلقة بجهود حل أزمة صراعات الملف اليمني إلى أن المعادلة النهائية الخاصة بحسابات هذه الصراعات لم تسفر عن أي نتيجة حاسمة وبكلمات أخرى لا يوجد طرف يمني رابح, ولا طرف يمني خاسر وفقط بالنسبة للأطراف الخارجية الأربعة أميركا, إسرائيل, السعودية, إيران فإن الطرف الخاسر بحسب الحسابات الحالية هو المملكة العربية السعودية, فقد خسرت المزيد من المال والعتاد والرجال ولكنها لم تحصل على شيء ولم تنجح في تحقيق شيء إضافة إلى أنها واجهت المزيد من الانتقادات في مختلف الأروقة السياسية والإعلامية وهو أمر بلا شك سوف يلقي بالمزيد من التداعيات السالبة على مكانة المملكة العربية السعودية في أوساط الشعوب الإسلامية ودول منظمة المؤتمر الإسلامي, وبرغم ذلك, وكما هو واضح فإن حكومة المملكة ظلت خلال هذه الأيام تسعى بشكل حثيث إلى تصحيح موقفها السابق من خلال الابتعاد عن السقوط في مستنقع النزاع اليمني-اليمني, وما يمكن أن يجلبه ذلك من مخاطر تزايد الابتزاز الأميركي-الإسرائيلي للقدرات السعودية, ولكن وبرغم الإدراك الدبلوماسي الوقائي السعودي الحالي فمن غير المعروف ما يمكن أن يحدث إذا اندلعت جولة جديدة من المواجهات في المسرح اليمني خاصة أن السعودية سوف يكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل عليها أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ذلك, فالقتال يدور على تخوم حدودها الجنوبية، وهذا من جهة أما من الجهة الأخرى فإن أميركا سوف لن تترك السعودية تقف موقف الحياد, وأما الساحة اليمنية فسوف تظل لفترة طويلة معبأة باحتقانات العنف الهيكلي الاقتصادي السياسي الاجتماعي الكامن والذي ما تزال مفاعيله السالبة تلقي بظلالها القاتمة وما زالت المعلومات تنقل العديد من المشاهد الدراماتيكية المؤلمة والتي كان آخرها خبرا يقول بأن "طفلة" يمنية قد توفيت بعد أن جامعها زوجها اليمني "الطاعن" في السن.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...