تباين عربي وإسلامي حيال الخطاب: تاريخي.. وعبارات فضفاضة
تباينت ردود الفعل العربية والإسلامية حيال خطاب الرئيس باراك اوباما في القاهرة، أمس، بين من وصفه بـ«التاريخي» واعتبره مقدمة لإصلاح العلاقات بين واشنطن والعالم الإسلامي، وبين من انتقده حيث انه لم يكن عادلا خلال مقاربته للقضية الفلسطينية، معتبرا انه ما زال أمامه الكثير من العمل، خصوصا حيال الصراع العربي الاسرائيلي.
وقال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إن الخطاب يتضمن «مقاربة جديدة، حيث بدا أن الولايات المتحدة ستتعامل بتوازن مع قضايا المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وضرورة قيام الدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان الإسرائيلي والحقوق الفلسطينية التي يجب أن تحترم». وأضاف «اوباما كان واضحاً في حديثه عن حماس، وتحدث عنها كما تحدث عن السلطة الوطنية الفلسطينية، لأن هذا هو الواقع الفلسطيني». واعتبر أن «تجاهل الوضع الفلسطيني لن يخدم القضية، وحديثه يأتي في إطار الحركة نحو إقامة سلام».
وفي القاهرة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية حسام زكي إن «الخطاب تاريخي، ويشكل أساسا للسياسة الأميركية إزاء العالم الإسلامي على مدار سنوات حكم أوباما، سواء أكانت إدارة واحدة أم إدارتين». واعتبر أن «أوباما وضع في خطابه أساسيات الموقف الأميركي إزاء الصراع العربي الإسرائيلي».
وقال نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد حبيب انه «خطاب علاقات عامة أكثر من أي شيء آخر». وأضاف «كافة ما ورد في الخطاب هو عبارات فضفاضة لم تحدد مفهوم الإرهاب، وهل المقاومة دفاع عن الأرض وضد الاحتلال تدخل في نطاق الإرهاب». وتابع «هناك نظرة ظالمة من الرئيس الأميركي إزاء القضية الفلسطينية، لا تختلف في كثير أو قليل عن رؤية الرئيــس السابق جورج بــوش والمحافــظين الجدد».
وانتقد حبيب إصرار أوباما على المضي قدماً في «الأعمال العسكرية في أفغانستان والعراق وإغفاله الاعتراف بالجرائم الوحشية التي ارتكبها بوش ومجرمو حربه تجاه إبادة مليون عراقي».
لكن شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي وصف الخطاب بأنه «تاريخي»، معتبرا انه «بداية أميركية للمصالحة مع العالم الإسلامي». ودعا إلى «ترجمة ما ورد في الخطاب من أقوال إلى أفعال».
كما أشاد بالخطاب مفتي مصر علي جمعة ومجمع البحوث الإسلامية في الأزهر والبابا شنودة والزعيم السابق لحركة «الجهاد الإسلامي» المصرية كمال حبيب.
وقال مفتي سوريا أحمد بدر الدين حسون «إننا كمسلمين وعرب نشكر أوباما على إنصافه للإسلام تاريخياً، ولكننا نطالبه أيضاً بالعمل على تحويل الأقوال إلى أفعال واقعية في ما يخص واقعنا المعاصر». وأضاف «نريد أن نطمئن اوباما ألا يخاف على المسيحية في الشرق، لأنها ستبقى تشرق على العالم من هذه الأرض التي ولدت فيها».
واعتبر النائب السوري محمد حبش انه «ينبغي عدم الشعور بالإثارة المفرطة. إن الرجل كان في القاهرة لخدمة مصالح بلاده، ولكن يمكن التوصل إلى سبيل للوصول إلى أرضية مشتركة للاستفادة من خطابه الذي اتسم بالاعتذار بعد أخطاء بوش المتكررة تجاه العالم الإسلامي».
وفي بغداد، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إن «استخدام التعابير القرآنية سيساهم بإيجابية عالية في تغيير الصورة، لكن هناك ضرورة للأفعال». وأضاف «العرب ينتظرون من الإدارة الأميركية أن تتجه نحو الضغط على إسرائيل».
وشكك زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، في بيان، بإمكانية تغير السياسة الأميركية. وقال «لا يعود إلى اوباما تغيير سياسة أميركا، لان الخبراء الذين يقررون هذه السياسات كانوا وما زالوا معادين للإسلام، وهذه السياسة ستستمر». وأضاف أن «الخطابات المعسولة تعبر فقط عن شيء واحــد، أن أميــركا تريد أن تبني مقاربة مختلفة لإخضاع العالم ووضعه تحت سيطرتها».
وفي عمان، اعتبر وزير الإعلام والاتصال الأردني نبيل الشريف أن «اوباما لم يكتف بالمشاعر والعواطف، بل تحدث عن مواقف سياسية محددة، خصوصا دعمه لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وفق صيغة حل الدولتين التي يدعمها الأردن وكل الأطراف العرب».
لكن المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الاردنية همام سعيد اعتبر أن الخطاب لم يأت بجديد، ولن يعمل على تجسير الفجوة بين العالم الإسلامي والغرب. ودعا إلى دعم المقاومة في فلسطين، موضحا أن «مهمة أوباما مكملة لمهمات من سبقه من المحافظين الجدد».
وقال أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن اسحق الفرحان إن اوبــاما لم يكن عادلا في تناوله للقضــية الفلسطينية، لأنه دعا فقط إلى تجــميد النشاط الاستيطاني ولم يطــالب بتفكيك كل المستوطنــات التي تم تشييدها في الأراضـي الفلسطينية.
واعتبر الرئيس التركي عبد الله غول إن اوباما «من خلال الرسائل والتطمينات التي أطلــقها، اظهر انه زعيم بناء يمكن للــدول الإسلامية أن تدخل معه في شراكة من اجل السلام والاستقرار في المنطقة».
وشدد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إكمال الدين إحسان اوغلو على أن الدول الإسلامية ستراقب الآن كيف ستكون عليه سياسات الولايات المتحدة في المنطقة عقب «إعلان حسن النوايا هذا». ودعا المديــر العام للمنظمة الإسلامية للتربيــة والعلوم والثقافة عبد العــزيز التويجري، اوباما إلى أن «يتبــع القول العمل».
وفي نيويورك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن الأمل في أن يؤدي خطاب اوباما إلى فتح فصل جديد في العلاقات بين واشنطن والعالم الإسلامي. واعتبر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، في بروكسل، أن خطاب اوباما «يدشن صفحة جديدة في العلاقات مع العالم العربي والإسلامي» وفي تسوية نزاعات الشرق الأوسط.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية اريك شوفالييه إن «هذا الخطاب يشير بوضوح ومن دون مواربة إلى التزام الولايات المتحدة من اجل السلام، سواء في أفغانستان أم باكستان أم العراق أم الشرق الأوسط، ومن أجل الحق والعدالة، مع التأكيد مجدداً بصورة خاصة على إغلاق معتقل غوانتانامو، ومن اجل الديموقراطية».
ووصف وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الخطاب بأنه «إشارة مهمة على وجود حاجة ملحة إلى حدوث تقدّم في عملية السلام»، معتبراً أن الخطوة التالية ستكون باتجاه إجراء محادثات مباشرة بين العرب وإسرائيل.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد