جنيف 2: " أصدقاء سوريا " يعرقلون فرص السلام وموسكو ترغب بمشاركة السعودية وإيران
رمت موسكو، أمس، كرة إنجاح المؤتمر الدولي في جنيف في ملعب الدول الداعمة للمعارضة السورية، إذ أصرّت على معرفة الأطراف المعارضة المستعدة للمشاركة في هذا المؤتمر، مكررة دعوتها إلى توسيع الدائرة لتشمل دول جوار سوريا والسعودية وإيران، فيما واصلت باريس محاولاتها التشويش على «جنيف 2» برفضها مشاركة طهران فيه.
في هذا الوقت، أعاد رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان إحياء موضوع فرض منطقة حظر طيران فوق سوريا، لكنه شدد على ضرورة موافقة مجلس الأمن عليه.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود، إن «ثمة ضرورة للاستفادة من الاتفاق بين لافروف ونظيره الأميركي جون كيري لحل الأزمة السورية عن طريق المفاوضات»، في إشارة إلى التوافق على عقد مؤتمر دولي في جنيف لحل الأزمة السورية.
وأضاف بان «يجب ألا نفقد الزخم. هناك توقعات كبيرة بأن يعقد هذا الاجتماع في أقرب وقت ممكن»، لكنه امتنع عن تحديد موعد لإجرائه، مشيراً إلى أن ثمة مشاورات تجرى بهذا الشأن.
وحث الأمين العام للمنظمة الدولية السلطات السورية على السماح لفريق خبراء الأمم المتحدة بدخول البلاد بهدف التثبت من اتهامات باستخدام السلاح الكيميائي في المعارك بين القوات السورية والمسلحين. وأشار إلى أن قائد الفريق العالم السويدي اكي سيلستروم «يجمع معلومات من مصادر مختلفة، لكن من المهم جدا أن يتمكن من إجراء تحقيق على أرض الواقع»، مضيفا أن الفريق مستعد للسفر في أي وقت.
وقال لافروف، من جهته، «اتفقنا مع الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة حل الأزمة السورية عن طريق الحوار»، مضيفا أن تنظيم مؤتمر دولي حول سوريا «يجب أن يتم بأسرع ما يمكن»، لكنه أشار إلى أنه «من المبكر جدا تحديد موعد لهذا المؤتمر»، موضحا أن موسكو تفضل أن «يعقد المؤتمر برعاية الأمم المتحدة».
وشدد لافروف على أن مشاركة المعارضة السورية أمر أساسي لنجاح المؤتمر، موضحاً «الشيء المهم الآن هو معرفة من هي الأطراف السورية التي لديها استعداد للمشاركة في هذا المؤتمر، ومن دون هذا لن يحدث أي شيء على الإطلاق. والمهمة الثانية هي تحديد دائرة المشاركين من الدول الأخرى إلى جانب سوريا».
وكرر الوزير الروسي دعوته إلى إشراك طهران والرياض في المؤتمر الدولي، مشيراً إلى أن «موسكو تنطلق من موقف مفاده أنه يجب دعوة كل الدول المجاورة وإيران والسعودية والمشاركين في مؤتمر جنيف الأول».
ومن المفترض أن يشارك أعضاء في الحكومة السورية ومن المعارضة في المؤتمر، وهو ما يبدو صعبا لأن بعض مجموعات المعارضة ترفض الاعتراف بالرئيس السوري بشار الأسد محاوراً في المفاوضات.
وتطالب موسكو من جانب آخر بأن تتم دعوة إيران والسعودية إلى هذا المؤتمر، باعتبارهما دولتين أساسيتين لم تشاركا في مؤتمر «جنيف1».
من جهة ثانية، أعلن لافروف أنه «لا يفهم» كل الاحتجاجات على بيع أسلحة روسية للسلطات السورية. وقال «نحن لا نخفي أننا نزوّد سوريا بأسلحة دفاعية بموجب عقود موقعة، من دون انتهاك الاتفاقيات الدولية». وأضاف «نحن نزوّد سوريا أساسا بأسلحة دفاعية على صلة بأنظمة دفاع جوي، وهو أمر لا يؤدي إلى الإخلال بميزان القوى في المنطقة وتوفير أية امتيازات في الصراع مع المعارضة».
إلى ذلك، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة في سوتشي، بدور المنظمة الدولية في حل القضايا العالمية الراهنة. وقال إن «روسيا باعتبارها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن تدافع باستمرار عن الدور المركزي لهيئة الأمم المتحدة في الشؤون الدولية»، مضيفاً أن «القضايا الدولية التي نواجهها نحن والأمم المتحدة صعبة للغاية، وحلها يتطلب منا جميعاً الاهتمام والمهنية واحترام المبادئ الأساسية للقانون الدولي».
وذكر الكرملين أن بوتين ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بحثا، في اتصال هاتفي بينهما، آخر التطورات في سوريا. وأوضح الكرملين أن «كاميرون تحدث مع بوتين عن اتصالاته الجديدة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن سوريا. وبدوره تحدث بوتين عن محادثاته الجديدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو». وأشار بيان الكرملين إلى أن بوتين وكاميرون «اتفقا على مواصلة الحوار حول سوريا».
وفي باريس، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو أن بلاده ترفض مشاركة إيران في المؤتمر الدولي حول سوريا. وقال إن «الأزمة السورية تصيب بعدواها المنطقة بأسرها. هناك محك الاستقرار الإقليمي، ونرفض أن يشارك بلد يمثل تهديداً لهذا الاستقرار في هذا المؤتمر». وتابع «كل طرف يعبر عن موقفه اليوم. سنحاول التقريب (بين هذه المواقف) لإفساح المجال أمام انعقاد هذا المؤتمر بالأشخاص الملائمين والشكل الملائم بحيث يكون مفيداً وفاعلاً».
وأقر لاليو بأن مسألة اختيار المشاركين في العملية التفاوضية أساسية لضمان نجاح المؤتمر. وقال «بالنسبة إلينا من الواضح أن الائتلاف الوطني السوري (المعارض) الذي يعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري هو في صلب التفاوض. لكننا لن نكون متصلبين حيال الأسماء التي ستمثل المعارضة في المفاوضات. يعود إلى المعارضة أن تختار» تلك الأسماء. وبالنسبة إلى ممثلي النظام، كرر وجوب «ألا تكون أيديهم ملطخة بالدماء».
في هذا الوقت، برزت محاولة جديدة من قبل تركيا لإعادة إحياء فكرة فرض حظر للطيران فوق سوريا. وقال أردوغان، في ندوة نظمها معهد «بروكينغز» في واشنطن ردا على سؤال عن لقائه الرئيس باراك أوباما امس الاول ومناقشته معه مسألة إقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا «بالنسبة الى منطقة حظر جوي، لا يمكن أن يتخذ القرار بين الولايات المتحدة وتركيا، ينبغي أن يمر هذا الأمر بمجلس الأمن الدولي».
وتابع «نحن الآن بصدد عملية ترتيب مؤتمر في جنيف.. اذا اتخذت هذه العملية قراراً بشأن مثل هذه المنطقة فإن تركيا ستفعل كل ما هو ضروري».
وأضاف أن «أوباما تحدث امس عن عملية من دون الأسد»، مشيرا الى ان «حدوث انتقال (سياسي) في وجود الأسد لا يمكن أن يكون حلا ولن تقبله المعارضة على أي حال». وأعلن انه سيسافر إلى موسكو ودول الخليج لبحث الأزمة السورية.
وقال اردوغان إن تركيا أجرت اختبارا على عينات دم مأخوذة من قتلى وجرحى سوريين، وتتبادل ما لديها من معلومات بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية مع الولايات المتحدة وبريطانيا والآخرين. وأضاف «طبقا لحلف شمال الأطلسي فإنهم استخدموا 283 صاروخا وطبقا لمعلومات أخرى فإنهم يستخدمون غاز السارين. هذه قضايا يجب أن تناقش في مجلس الأمن وربما أيضا في الجمعية العامة للأمم المتحدة».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن كيري سيحضر محادثات في العاصمة الأردنية عمّان بشأن سوريا الأربعاء المقبل، مضيفة أن زيارة كيري لعمان جزء من رحلة تستمر أسبوعا تبدأ في سلطنة عمان الثلاثاء وتتضمن محادثات بشأن الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني في تل أبيب ورام الله الخميس والجمعة إلى جانب حضوره قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا السبت. ومن المقرر أن يعود كيري بعد ذلك إلى الأردن لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد