بطريرك الكنيسة الكلدانية في العالم لويس ساكو: الشرق في خطر بلا المسيحيين..
يحذّر بطريرك الكنيسة الكلدانية في العالم لويس ساكو من مخطط إفراغ الشرق من مسيحييه. في نظره، "إذا تمّ تفريغ الشرق من مسيحييه فمصير المسلمين سيكون أسوأ بكثير"، ويشدّد على أن "الخطر يكمن، اليوم، في انتشار أصولية إسلامية تغذيها بعض الدول لتسعير الصراع المسلم ـ المسلم خدمة لإسرائيل والولايات والمتحدة".
يعبّر البطريرك العراقي ، عن قلق حول مستقبل المسيحيين في الشرق "فهم يعيشون رعباً حقيقياً في منطقة تعيش على فوهة بركان".
ويشدّد البطريرك، الذي حصل على دكتوراه في علم آباء الكنيسة من الجامعة البابوية في روما في العام 1983 وعلى ماجستير في الفقه الإسلامي في العام 1984 ودكتوراه في تاريخ العراق القديم من جامعة السوربون الفرنسية في العام 1986، على أن "تأجيج المشاعر الطائفية بدلاً من تحفيز المواطنة لدى الشعوب يؤدي دائماً إلى مأساة وطنية تكون الحروب والتهجير إحدى تبعاتها".
ويدعو مستشار المجلس البابوي للحوار بين الأديان في رسالته لمناسبة عيد الميلاد المجيد، المسلمين إلى الانضمام إلى مشروع السلام لأن بشرى الميلاد هي للجميع.
ويضيف "لنتعاون معاً لإيقاف منطق العنف والاقتتال والاعتداءات، ولنفعّل منطق الحوار من أجل تحقيق السلام والاستقرار والحرية والكرامة والعدالة في بلداننا التي تنهشها الصراعات".
وفي الآتي نصر الحوار:
1- لماذا لا يمكن تصوّر شرق أوسط خالٍ من المسيحيين، على ما قال البابا فرنسيس؟ وما هو الارتباط الذي أراد أن يعبّر عنه؟
بدايةً، أطلق البابا هذا الموقف خلال الجمعية العامة للكنائس الشرقية بحضور رؤساء هذه الكنائس حيث تطرّق إلى التحديات التي تواجه المسيحيين في المنطقة. ونقلنا للبابا أوضاع كنائسنا انطلاقاً من كونه المسؤول عن طوائف الكنيسة جمعاء ومن مكانته في المحافل الدولية. وقد شدّد الحبر الأعظم على ضرورة التجذّر في الأرض وعدم تفريغ المنطقة من مسيحييها وبحثنا خطوات عملية لتحقيق هذا الأمر. وقد قدّم قداسته دعماً كبيراً للمسيحيين في الشرق، مؤكداً أهمية الحفاظ على العيش المشترك وارتباط مصير المسيحيين بغيرهم من الطوائف. فإذا تمّ تفريغ الشرق من مسيحييه فمصير المسلمين سيكون أسوأ بكثير.
ما أعاد إلى الأذهان معاناة المسيحيين هو موقف البابا والتحوّل الكبير في موقف الفاتيكان بالإضافة إلى تردي أوضاع المسيحيين في العراق وسوريا وكان آخرها الاعتداء على معلولا، وقد كان للإعلام دورٌ كبير بعد أن تحوّل مشهد العراق إلى سوريا. وقد أكد البابا أهمية الحضور المسيحي في الشرق، معتبراً أن على المسلمين المحافظة على حقوق المسيحيين كما يحظى المسلمون في الغرب بكامل حقوقهم.
2- حذّرتم من أن يعاني مسيحيو سوريا مصيراً شبيهاً بمصير مسيحيي العراق، فما هو هذا المصير بالتحديد؟
هناك مخططٌ لإفراغ المنطقة من المسيحيين ودفعها باتجاه العنف والصراعات. 10 مسيحيين يقتلون يومياً في العراق، بحسب دراسات أجرتها مؤسسة عراقية. والخطر يكمن، اليوم، بانتشار أصولية إسلامية تغذيها بعض الدول.
3- ما هو دور المسيحيين في المنطقة؟ وفي أي إطار يصبّ استهدافهم؟ خدمة لمن؟ وهل ترى أن هناك حملة ممنهجة لتفريغ الشرق من مسيحييه؟
يقيناً، هناك حملة مبرمجة لتفريغ الشرق من مسيحييه عبر تسعير الصراع المسلم - المسلم الذي يخدم عدة دول على رأسها إسرائيل والولايات والمتحدة، فيما تعاني المنطقة من احتقانٍ شديد وكأنها تعيش على فوهة بركان. تونس، العراق، ليبيا، مصر وسوريا، لبنان، وفلسطين كلها دول تعاني، ولكن إلى أين ستؤول أحوال شعوب هذه البلاد؟ على كلٍّ منا أن يطرح هذا السؤال على ضميره. وعلينا العمل من أجل تغليب منطق الحوار من دون اللجوء إلى القوة، إذ ان هذه المنطقة لطالما عانت أزمات إلا أنه كان بالإمكان حلّها.
4- لمَ الحديث عن حملة لتهجير مسيحيي المنطقة، التي بدأت في فلسطين وتظهّرت في العراق وتجلّت في سوريا، فيما تطال التفجيرات الحسينيات والمساجد والمقاهي؟
صحيحٌ أن هناك حملة تستهدف المسيحيين إلا أن هناك محاولات حثيثة لإعادة المسلمين إلى ما قبل 1400 عام. فقبل 50 سنةً، لم تكن المرأة تُعامل بالشكل الذي يتم التعاطي معها اليوم وكان هناك انفتاحٌ واحترامٌ لرأي الآخر على اختلافه. المسيحيون غادروا منطقة تلفظهم صراعاتها. وهم يخرجون شيئاً فشيئاً من هذا الجسم الوطني فيما يتم العمل على تأجيج المشاعر الطائفية بدلاً من تحفيز المواطنة لدى الشعوب، وهو ما يؤدي دائماً إلى مأساة وطنية تكون الحروب والتهجير إحدى تبعاتها.
5- كيف تبدّلت حال المسيحيين وحياتهم قبل الاحتلال الأميركي وبعده؟
قبيل الحرب الأميركية على العراق، كان هناك مليون ونصف مليون مسيحي بالرغم من أن العراقيين عامة تعرّضوا، خلال حكم (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين، لحملات ضغطٍ وخاصة الشباب منهم. وقد كان السفر محظوراً حينها، ولم يكن هناك حرية، بالإضافة إلى ضغوط كثيرة. لم يوفّر النظام السابق ثروات العراق من أجل رفاه الناس، وهو ما أدى بطريقة أو بأخرى إلى تحفيز الشباب إلى التوجه نحو خيار التسلّح. وهنا نسأل من وراء هذا الأمر؟
يعيش المسيحيون في العراق بخوف. وحين سقط النظام ظنّ الجميع أن العراق سيتحوّل إلى جنّة، إلا أنه في الواقع تحوّل إلى جهنّم. وقد باتت التفجيرات والقتل وتصفية الحسابات قوتاً يومياً للعراق بالإضافة على التهجير والبطالة. قتل أكثر من ألف مسيحي وخطف أكثر من 200 وتعرّضت 67 كنيسة للاستهداف. وقد أثرت الأزمة السورية سلباً على الأوضاع الأمنية في العراق، والمسيحيون في وسط كل هذا يعيشون رعباً حقيقياً فيما وصل عددهم إلى حوالي 400 ألف.
6- هل تتواصل كنيستكم مع أبنائها بعد مغادرتهم العراق؟
نحاول بشتى الطرق والوسائل أن نكون حضناً لأبنائنا. والحكومة العراقية لطالما أكدت أن المسيحيين هم مكوّن أساسي من الوطن. المشكلة، اليوم، هي أن المسيحي فقد الثقة في المستقبل. ولكن بالرغم من كل ذلك، هناك محاولة للمّ شمل مسيحيي العراق.
7- ماذا قال البابا فرنسيس لرؤساء الطوائف في الشرق، خلال اللقاء الأخير؟ وهل وضعت آلية لتطبيق ندائه "لن نسمح بشرق أوسط خالٍ من المسيحيين"؟
ترجمة مواقف البابا تحتاج إلى وقت، إلا أن المهم والأساسي هو أن الإطار تغيّر. وقد شدد البابا وحمّلنا أمانة "الشهادة المسيحية" حيث نكون خدّاماً وقدوة حسنة لأبناء طوائفنا، كما أكد ضرورة أن ننشر وصية السيد المسيح الأساسية "المحبة" ومساعدة المحتاجين.
كارمن جوخدار
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد