العالم يستكمل انقلابه: اعادة الاعتبار ليهوذا

07-04-2006

العالم يستكمل انقلابه: اعادة الاعتبار ليهوذا

قرار الجمعية الوطنية الجغرافية الامريكية بترجمة ونشر ما يعرف بانجيل يهوذا الاسخريوطي، التلميذ الذي سلم يسوع المسيح، قد يساهم بتحسين سمعة يهوذا الذي يعتبر من اكثر الشخصيات التاريخية التي ترمز الى الخيانة.
ويعود انجيل يهوذا الى القرن الثالث او الرابع بعد المسيح، وهو مكتوب على ورق البردي، يروي قصة موت يسوع المسيح من منظار التلميذ المغضوب عليه.
وتعتبر المخطوطات المكتشفة نسخة عن نص قديم آخر لانجيل يهوذا، تظهره وكأنه صانع خير اذ "ساعد يسوع المسيح بانقاذ البشرية من خلال موته على الصليب"، الا ان الكنائس المسيحية لطالما وصفت تاريخيا هذه التعاليم بالهرطقة.
ويقع انجيل يهوذا بـ31 ورقة بردي، كتب في اللغة القبطية واكتشف في مصر خلال السبعينات من القرن الماضي، وستظهر الجمعية الوطنية الجغرافية الامريكية لاول مرة بعض المخطوطات.


ومنذ الفي عام حتى اليوم، تصف الديانة المسيحية يهوذا بالخان معلمه بقبلة وسلمه الى السلطات التي صلبته، وذلك مقابل "ثلاثين من الفضة" حسب ما ورد في الاناجيل الاربعة التي تعتمدها الديانة المسيحية وهي اناجيل متى، مرقص، لوقا ويوحنا.
وتقول هذه الاناجيل ان يهوذا مات بعد وقت قليل من خيانته يسوع، اذ شنق نفسه بشجرة تين.
تلميذ مستنير؟
في المقابل، يظهر انجيل يهوذا هذا التلميذ بصورة مختلفة فيصفه بالتلميذ المفضل لدى يسوع، ويضع خيانته في خانة استكمال المهمة السماوية التي تقود الى "موت يسوع على الصليب لانقاذ البشرية"، واسس لوجود احد اهم المبادئ في  الديانة المسيحي، وهو ما تسميه الكنيسة "سر القيامة".
وتتطابق وجهة انجيل يهوذا مع نظرة نظرة المذهب الغنوسطي الذي يعود الى القرن الثاني بعد الميلاد والذي اعتبر حينها خصما اساسيا للكنيسة الاولى.
"قبلة يهوذا" اصبحت مصطلحا
ويعتبر الغنوسطيون يهوذا اكثر تلاميذ المسيح استنارة لانه تصرف بطريقة سمحت بتحقيق خلاص البشرية من خلال موت يسوع وقيامته.
ويعتقد ان الغنوسطيين وثقوا نظرتهم هذه في اللغة اليونانية في سنة 150 م، ويعتقد بعض المؤرخين ان انجيل  يهوذا الذي يعود الى القرن الثالث او الرابع قد يكون نسخة عن الوثائق الغنوسطية.
وكانت الكنيسة المسيحية في مراحلها الاولى اعتبرت ان تعاليم الغنوسطيين هرطقة وذلك في عام 180 م.
وتم العثور على انجيل يهوذا بالقرب من منطقة بني مسار في سبعينات القرن العشرين، وفي عام 2000، وضعت جمعية الفنون القديمة في بازل (سويسرا) يدها على المخطوطات التي تشكل انجيل يهوذا، وبدأت بترجمتها.
وفي عام 2005، وقعت الجمعية الوطنية الجغرافية الامريكية على عقدا بقيمة مليون دولار امريكي مع الجمعية السويسرية من اجل نشر انجيل يهوذا.

وستنشر الجمعية الوطنية الجغرافية الامريكية مقالا عن هذا الموضوع في مجلتها الشهيرة "ناشونال جيوغرافيك"، وستبث قناة "ناشونال جيوغرافيك" التلفزيونية وثائقي مدته ساعتين عن انجيل يهوذا في التاسع من شهر ابريل/ نيسان الجاري.
المصدر:هيئة الإذاعة البريطانية

 

حكاية يهوذا كما وردت في الاناجيل

(وجهة نظر مسيحية)

       وجاءوا الى ضيعة اسمها جتسماني فقال لتلاميذه امكثوا هنا حتى اصلي. واخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا وطفق يرتاع ويكتئب وقال لهم ان نفسي حزينة حتى الموت فامكثوا هنا واسهروا. ثم تباعد قليلا وخر على الارض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة ان كان يستطاع. ويقول ابا* ايها الآب ان كل شيء مستطاع عندك فأجز عني هذه الكأس لكن ليس مشيئتي تكون بل مشيئتك.

                                                  مرقس 14: 32-36

     *عبارة للتحبب تشبه بابا  او يابا

     صرخ المسيح بلغة حميمة لا يستعملها الا الابن مع والده العزيز فقط، فقال: "أبا".. "يا بابا" .. ابحث عن طريقة اخرى من فضلك. ولكنه اخضع ارادته لابيه السماوي وصلى قائلا: لتكن مشيئتك.

     وفيما هو يتكلم اذ اقبل يهوذا الاسخريوطي احد الاثني عشر ومعه جمع كثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكنهة والكتبة والشيوخ. وقد اعطاهم الذي اسلمه علامة قائلا، الذي اقبله هو هو فامسكوه وقودوه باحتياط.                                               

                                                           مرقس 14: 43،44

      فخرج يسوع وهو عارف بجميع ما يأتي عليه، وقال لهم من تطلبون ؟ فأجابوه يسوع الناصري.

                                                   يوحنا 18: 4،5

 

تكـلم
           فقال لهم يسوع انا هو. وكان يهوذا الذي اسلمه واقفا معهم.

                                                          يوحنا 18: 5

        أجاب يسوع على السؤال ب"أنا" مؤكدة، ولا تظهر كلمة "هو" في النص الاصلي اليوناني. وكما رأينا فان "انا" هي اسم الله، وتعني الموجود بقدرته. ولم يكن يتفوه بها اي شخص. كان الله هو نفسه، وجدير بنا ان ندرك المعنى الذي يوحي به ذلك.

         فلما قال لهم انا هو، ارتدوا الى الوراء وسقطوا على الارض

                                                  يوحنا 18: 6

       لم يسقطوا على الارض بسهولة، فقد ارتدوا الى الوراء وسقطوا. نفخ المسيح على اقدامهم نفخة صغيرة من جلاله. وبعد ان نهضوا وقد اصابتهم الدهشة وازالوا الغبار عنهم…

         سألهم ثانية من تطلبون ؟  فقالوا: يسوع الناصري.

                                                          يوحنا 18: 7

       اثار المسيح عليه السلام القلق بين الناس، وظهر شعور بالخوف والاحترام بينهم. لم يكن هذا القاء قبض عادي، وشق المسيح حائط الثقة بينهم، عندما كشف عن علامة الخيانة التي تم الاتفاق عليها بينهم:

       … فقال له يسوع يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن البشر ؟

                                                   مرقس 14: 45

وأخذ الاحد عشر تلميذا الآخرين بالاستعداد . وكان مع سمعان بطرس سلاح…

       واذا واحد ممن كانوا مع  المسيح عليه السلام مد يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع اذنه.

                                                    متى 26: 51

 

 

شـفاء

فأجاب يسوع قفوا لا تزيدوا . ثم لمس اذنه فأبراه.

                                               لوقا 22: 51

      ماذا يمكن ان يقال ؟ كان المسيح عليه السلام وسط هذا الوضع المتأزم يفكر بالآخرين. قام بشفاء عبد رئيس الكهنة. كانت المحاولة التي قام بها بطرس دون فائدة ولا تؤدي الى نتيجة - حماس دون معرفة. وعلى المستوى البشري، كان عدد الجمع يفوق كثيرا عدد التلاميذ. ولابد لنا ان نقدر الجهد الذي قام به بطرس، فقد حاول على الاقل! وكان واضحا ان مهارته في الصيد كانت اكثر من مهارته في القتال. فمن يصوب السيف نحو الرأس ويقطع اذنا، يشير بوضوح الى عدم مقدرته في القتال.

 

اسـئلة اسـئلة
     ثم سأل يسوع سؤالا صعبا:

       وفي تلك الساعة قال يسوع للجمع كأنما خرجتم  الى لص بسيوف وعصي لتأخذوني. اني كل يوم كنت عندكم في الهيكل جالسا أعلم ولم تمسكوني. انما كان هذا كله لتتم كتب الانبياء. 

                                                          متى 27: 55، 56

      تكشف اسئلة الله دائما عن افكار الشخص الحقيقية. ولو فكر عامة الناس لحظة، لادركوا عدم صواب اعمالهم. ولكنهم كانوا ثابتين في تصميمهم على التخلص من المسيح عليه السلام. وان مواجهة اخرى مع قوته العجيبة، لن تردعهم بتاتا. ولم تكن كلمات المسيح التي اشار فيها الى أنهم يتممون التنبوءات المعروفة للانبياء، كافية لكي توقفهم عن تنفيذ مقاصدهم الاجرامية.

      وهرب التلاميذ في الليل خوفا علىحياتهم.

       حينئذ تركه تلاميذه كلهم وهربوا. ثم ان الفرقة والقائد وخدام اليهود اخذوا يسوع واوثقوه.

                                         مرقس 14: 50، يوحنا 18: 12

       ويشعر المرء عندما يقرأ عن هذه الامور، انها قد حدثت بصورة غير متوازنة. فقد كان المسيح شخصا واحدا فقط. وكان عدد افراد الفرقة التي ارسلت لالقاء القبض عليه ما بين 300 و 600 جندي. وكان بينهم عدد كبير من الرسميين من اليهود والكهنة والخدام. كان في محاولة القتل هذه الكثير من المبالغة. ولا يسعك هنا الا ان تتساءل اذا كان هؤلاء الناس يشعرون بالضعف في اعماقهم، فاسرعوا بالمسيح واوثقوه.

 

في المحكمة
         فذهبوا بيسوع الى رئيس الكهنة واجتمع كل رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ.

                                                               مرقس 14: 53

          لم تكن جلسات المحاكم في الهيكل تعقد في الليل. وان عقد اجتماع للسانهدريم الذي كان يتألف من واحد وسبعين رجلا بهذه السرعة، يشير الى طبيعة المؤامرة. ان استعدادهم للاجتماع في منتصف الليل يكشف عن حقيقة الامر بصورة واضحة. ان ما كانوا يفعلونه لا يتوافق تماما مع الشريعة. وبالنسبة لهؤلاء الذين لا يعرفون النظام القضائي لتلك الايام، يجب ان يدركوا ان المخالفات في هذه المحاكمة كانت واضحة بشكل مؤلم. لم يعد احترام القوانين بالنسبة لهم شيئا هاما، لانهم ارادوا المسيح عليه السلام ميتا.

      وكان رؤساء الكهنة وكل المحفل يلتمسون على يسوع شهادة ليقتلوه فلم يجدوا. لان كثيرين كانوا يشهدون عليه زورا ولم تتفق شهاداتهم. ثم وقف قوم يشهدون بالزور ويقولون اننا سمعناه يقول اني انقض هذا الهيكل المصنوع بالايدي        وفي ثلاثة ايام ابني آخر غير مصنوع بالايدي. ولا في هذا ايضا اتفقت شهادتهم. فقام رئيس الكهنة في الوسط، وسأل يسوع قائلا: اما تجيب بشيء عما يشهد به هؤلاء عليك ؟ واما هو فكان صامتا ولم يجب بشيء.           

                                                       مرقس 14: 55-61

      فسأله رئيس الكهنة ايضا هل انت المسيح ابن الله المبارك ؟

                                                    مرقس 14: 61

      كان السؤال واضحا: "هل انت المسيح الذي وعدت به السماء ام لا؟"

       فقال له يسوع أنا هو وسترون ابن البشر جالسا عن يمين قدرة الله وآتيا على سحاب السماء. فشق رئيس الكهنة ثيابه وقال ما حاجتنا الى شهود. قد سمعتم التجديف فماذا ترون. فحكم عليه الجميع بأنه مستوجب الموت.

                                                    مرقس 14: 62-64

           ادرك رئيس الكهنة "قيافا" تماما ما قاله المسيح عليه السلام. كان يقول انه مساو لله تعالى. كان أي شيء يؤذي شخصية الله يعتبر تجديفا، وان يدعى مجرد انسان انه ابن الله الازلي، يعتبر تدنيسا للمقدسات. ولكن المسيح لم يكن مجرد انسان، كان المسيح كلمة الله الازلية… والمخلص الموعود الذي كتب عنه جميع الانبياء ! ولكن لم يؤمن به قيافا ولا زعماء الدين اليهود، فحكموا عليه بالموت. ولقد واجهت رئيس الكهنة وزعماء اليهود مشكلة هامة، اذ لم يكن للسانهدريم سلطة في اصدار حكم الموت، وكانت هذه السلطة في يد الرومان فقط.

 

2-  مكان الجمجمة
           ولما كانت المحاكم الليلية غير قانونية، اجتمع السانهدريم مرة ثانية بعد شروق الشمس مباشرة، للقيام بالاجراءات القانونية لمحاكمة المسيح عليه السلام. لا بد ان المسيح كان منهكا، ولم ينم طيلة الليل، ولكنهم جلدوه بعنف ليتأكدوا بأنه قد عرف انهم اقوياء واصحاب سلطة.

          ثم قام جميع المجلس وقادوه الى بيلاطس    

                                                            لوقا 23:1

هل انتم المباركون
بيلاطس البنطي
        كان بيلاطس البنطي حاكم اليهودية يملك سلطة روما الامبراطورية. ولما كانت المحاكم اليهودية في معظم الاحوال لا تستطيع  فرض عقوبة الموت، فقد احتاجت الى موافقة الرومان. كان بيلاطس هو الرجل المطلوب. عرف زعماء الهيكل انه كان رجلا ضعيفا، فتطلب الامر القليل من الاقناع.

      وطفقوا يشكونه قائلين: إنا وجدنا هذا يفسد امتنا ويمنع من اداء الجزية لقيصر ويدعي انه هو المسيح الملك.

                                                    لوقا 23: 2 

       لم يمنع المسيح ابدا اتباعه من دفع الضرائب، بل كان يقول عكس ذلك تماما. كان هذا الكذب مقصودا، وتجاهلوا العديد من الاجراءات القانونية، ولم يحتفظوا بقيد او سجل؟ وفي المقابل كان ادعاء المسيح بأنه المسيا صحيحا!

         فسأله بيلاطس قائلا هل انت ملك اليهود ؟

                                                        لوقا 23: 3

      اجاب يسوع ان مملكتي ليست من هذا العالم، ولو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يحاربون عني لئلا اسلم الى اليهود. والآن فان مملكتي ليست من هنا.

                                                           يوحنا 18: 36

      بدأ المسيح حكمه ملكا في قلوب البشر، ولم تكن له طموحات سياسية.

     قال له بيلاطس افملك انت اذن. اجاب يسوع انت قلت اني ملك، اني لهذا ولدت ولهذا اتيت الى العالم ، لاشهد للحق فكل من كان من الحق يسمع صوتي. فقال له بيلاطس: وما هو الحق ؟     

                                                          يوحنا 18: 37، 38

       ولا يزال الناس يسألون هذا السؤال نفسه الى اليوم، ولكن بيلاطس لم يكن في مزاج يسمح له بالاستماع، ولم ينتظر لسماع الجواب.

         قال هذا وخرج ايضا الى اليهود وقال لهم: انني لا اجد فيه علة.

                                                         يوحنا 18: 38

      لم يثق بيلاطس بالكهنة. فقد كان يعرف ان اليهود يكرهون حكام روما، وكان يعتقد جيدا بأن المصالح العليا لقيصر لم تكن هي الحافز الحقيقي لطلب الكهنة. ولا شك ان لدى اعضاء السانهدريم دوافع اخرى من اجل طلب الموت للمسيح.

      فقال بيلاطس لرؤساء الكهنة والجموع اني لم اجد على هذا الرجل علة. فلجوا وقالوا انه يهيج الشعب، اذ يعلم في اليهودية كلها مبتدئا من الجليل الى ههنا. فلما سمع بيلاطس ذكر الجليل سأل هل الرجل جليلي. ولما علم انه من ولاية هيرودس ارسله الى هيرودس، وكان في تلك الايام في اورشليم.

                                                  لوقا 23: 4-7

       كان بيلاطس يملك سلطة تسمح له بالاستماع الى قضية المسيح عليه السلام، ولكن الموقف اصبح ليس مريحا. كان المسيح متهما بتحريض الناس على الثورة. كيف سيشرح ذلك لرؤسائه في روما، اذا قام المسيح بثورة حقا؟ سيكون من الاسهل عليه ان يحول كل هذه الفوضى المؤسفة الى هيرودس. اضافة الى ان هيرودس لم يكن صديقا له. وهكذا تخلص بيلاطس من المسؤولية.

 

هيرودس انتيباس
       كان هيرودس انتيباس ابن هيرودس الكبير، حاكما تابعا لروما. كانت صلاحياته تمتد الى منطقة الجليل موطن المسيح عليه السلام. وقد جاء الى القدس من اجل الاحتفالات بعيد الفصح.

      فلما رأى هيرودس يسوع فرح جدا، لانه من زمان طويل كان يشتهي ان يراه لسماعه عنه اشياء كثيرة، ويرجو ان يعاين آية يصنعها. فسأله بكلام كثير فلم يجبه بشيء.

                                             لوقا 23: 8، 9

صامـت

     عرف المسيح عليه السلام ان هيرودس كان يسعى الى التمتع بحدوث معجزة امامه، مظهرا عدم احترامه الواضح له، لانه لم تكن لديه مصلحة في بيان الحقيقة. ولكن المسيح لم ينزل الى مستوى هيرودس، وبقي بدلا من ذلك صامتا.

      وكان رؤساء الكهنة والكتبة والشعب واقفين يشكونه بلجاجة، فازدراه هيرودس مع جنوده وهزأ به وألبسه ثوبا لامعا ورده الى بيلاطس. وتصادق هيرودس وبيلاطس في ذلك اليوم، وقد كانا من قبل متعاديين.  

                                         لوقا 23: 10-12

 

أصلبـه
           شارك المسيح عليه السلام بعد القاء القبض عليه في خمس جلسات للمحاكمة! ثلاث جلسات منها مع اليهود واثنتان مع الرومان. وستكون الجلسة السادسة هي جلسته الاخيرة. وانتشر الخبر في ذلك الوقت في جميع انحاء المدينة. لم يكن رئيس الكهنة والسانهدريم هما الوحيدان اللذان وجها الاتهام اليه. فقد انضم اليهم جمهور متقلب، كان قبل بضعة ايام فقط يصرخ قائلا "هوشعنا"، ولكنه يصرخ الآن بلجاجة "اصلبه!". كان بيلاطس في ورطة. فكلما تعامل مع المسيح عليه السلام كلما ازداد قناعة بوجود شيء غير عادي في هذا الرجل!

        فدعا بيلاطس رؤساء الكهنة والعظماء والشعب وقال لهم قد قدمتم الي هذا الرجل كأنه يفتن الشعب، وها انا قد فحصته امامكم فلم اجد على هذا الرجل علة مما تشكونه به، ولا هيرودس ايضا ، لاني ارسلتكم اليه وهوذا لم يصنع به شيء من حكم الموت. فأنا اؤدبه واطلقه.

                                                لوقا 23: 13-16

       لم يستطع هيرودس ولا بيلاطس ان يجدا المسيح عليه السلام مذنبا بأي شيء يستحق عقوبة الموت. وفي الحقيقة لم يستطع احد ان يتهمه بأية جريمة. عرض بيلاطس حلا وسطا متساهلا يتألف من جزئين:

 

ا-سيجلد يسوع:

     لم يكن هذا جلدا عاديا. كان السوط يتألف من عصا ثبت على طرفها سيور جلدية، كانت ترتبط بنهايتها قطع من العظم او المعدن تشبه الفراشة. وكان يتم ربط ذراعي المحكوم فوق راسه، ويربط الى عمود بحيث يعرض ظهره كاملا للجلد. وكلما سقط السوط على الجسم، كان العظم او المعدن ينغرز في اللحم. وعند سحب السوط كان ينتزع معه لحم الظهر. كان هذا النوع من الجلد قاسيا، بحيث تتعرض الضحية للموت غالبا. وحسب القانون، لا ينفذ الجلد الا على سجين مدان. وكان بيلاطس نفسه قد قال قبل قليل ان يسوع كان بريئا. ولان الجلد الروماني كان معاناة مخيفة، فلا شك ان بيلاطس كان يأمل بأن يقبل الذين اتهموا المسيح عليه السلام عرضه التالي.

 

 

ب-سيطلق سراح المسيح:

      كانت عادة الرومان في فلسطين ان يقوموا باخلاء سبيل مجرم مدان في الفصح كبادرة حسن نية. اقترح بيلاطس ان يتم اخلاء سبيل المسيح بعد ان يتم جلده. ولكن الجمهور كان على رأي واحد في رده:

      فصاحوا كلهم جملة قائلين ارفع هذا واطلق لنا برأبا... فناداهم بيلاطس مرة اخرى وهو يريد ان يطلق يسوع ، فصرخوا قائلين اصلبه! اصلبه! فقال لهم مرة ثالثة وأي شر صنع هذا. اني لم اجد عليه علة للموت فأنا أؤدبه واطلقه.

                                   لوقا 23: 18، 20-22

حينئذ اخذ بيلاطس يسوع وجلده

                                                 يوحنا 19: 1

لم يرض الجنود بقساوة الجلد. قرروا ان يضيفوا شيئا من السخرية:

       وضنغر العسكر اكليلا من شوك ووضعوه على رأسه، والبسوه ثوبا من ارجوان وكان يقبلون اليه ويقولون السلام يا ملك اليهود ويلطمونه.

                                            يوحنا 19: 2،3

       لم يكن الاذلال جزءا من حكم بيلاطس. كان ثوب الارجوان يلبس عادة من قبل الملوك، وكانت الاشواك محاكاة ساخرة للتاج الامبراطوري. كانت هذه السخرية في ابشع صورها.

         وكان النبي اشعيا قبل 700 عام من هذا الوقت قد كتب:

        مزدرى  ومخذول من الناس… فلم نعبأ به

                                                     اشعيا 53: 3

فخرج بيلاطس ايضا وقال لهم ها انا اخرجه اليكم لتعلموا اني لا اجد فيه علة. فخرج يسوع وعليه اكليل الشوك وثوب الارجوان فقال لهم هوذا الرجل.

                                            يوحنا 19: 4،5

       لا بد ان بيلاطس كان يشعر في اعماق قلبه بأنه كان يضع العدالة جانبا. ولا شك انه كان يأمل أن يثير منظر هذا الرجل الممزق والمتوج بالشوك وينزف دما، الشفقة لدى الجمهور.

       فلما رآه رؤساء الكهنة والخدام صرخوا قائلين اصلبه اصلبه. فقال لهم بيلاطس خذوه انتم واصلبوه فاني لا اجد فيه علة.

                                               يوحنا 19: 6

       عرف بيلاطس جيدا بأنهم لن يستطيعوا فعل مثل هذا الشيء. لا تستطيع المحاكم اليهودية فرض عقوبة الموت.

 

ابـن الله

        اجابه اليهود ان لنا ناموسا وحسب ناموسنا فهو مستوجب الموت، لانه جعل نفسه ابن الله. فلما سمع بيلاطس هذا ازداد خوفا، ودخل ايضا الى دار الولاية وقال ليسوع : من أين انت ؟…

                                           يوحنا 19: 7-9

           لقد سمع بيلاطس للتو أن المسيح عليه السلام كان من الجليل، ولهذا ارسله الى هيرودس. والآن مرة ثانية، كان يسأل المسيح من أين هو ؟ لا شك انه كان يشعر بقليل من العصبية مع شخص ادعى بأنه ابن الله ونزل من السماء! اعتقد اليونانيون ان الآلهة نزلت من جبل اوليمبوس لتتآخى مع الانسان. ربما كان بيلاطس يتساءل اذا كان المسيح يناسب تلك الفئة. بالتأكيد لم يكن هذا مجرما عاديا. ان الطريقة التي تصرف فيها في المحكمة، اظهرت لديه سلاما وثقة يسببان له القلق. يا مسيح من اين انت في الحقيقة؟

…فلم يرد يسوع عليه جوابا. فقال له بيلاطس الا تكلمني ؟ اما تعلم ان لي سلطانا ان اطلقك ولي سلطانا ان اصلبك. فأجاب يسوع ما كان لك علي من سلطان لو لم يعط لك من فوق. من اجل هذا فالذي اسلمني اليك له خطيئة أعظم. ومذ ذاك كان بيلاطس يطلب ان يطلقه. لكن اليهود كانوا يصرخون قائلين ان انت اطلقته فلست محبا لقيصر، لان كل من يجعل نفسه ملكا يقاوم قيصر. فلما سمع بيلاطس هذا الكلام اخرج يسوع ثم جلس على كرسي القضاء في موضع يقال له ليتستروتس وبالعبرانيه جبعتا. وكانت تهيئة الفصح…

                                         يوحنا 19: 9-14

كان يوم التهيئة الذي يذبح فيه حمل الفصح.

      فقال لليهود هوذا ملككم. أما هم فصرخوا ارفعه، ارفعه، اصلبه! فقال لهم بيلاطس أأصلب ملككم ؟ فأجاب رؤساء الكهنة ليس لنا ملك غير قيصر.

                                       يوحنا 19: 14، 15

      كان هذا رفض اسرائيل الاخير ليسوع كملك لهم. لقد اختاروا القيصر الروماني بدلا من ذلك الذي ارسله الله.

       حينئذ اسلمه اليهم ليصلبوه. فأخذوا يسوع ومضوا به. فخرج وهو حامل صليبه الى الموضع المسمى الجمجمة (1)، وبالعبرانية يسمى الجلجلة حيث صلبوه وآخرين معه من هنا ومن هنا ويسوع في الوسط.

                                       يوحنا 19: 16-18

الصـلب

     كان الصلب شكلا من اشكال عقوبة الموت التي استعملت للعبيد وكبار المجرمين. وكان طريقة شائعة للاعدام. ويسجل التاريخ اسماء المئات الذين تم صلبهم في الحال. وتظهر الدراسات والاحداث التاريخية انواعا مختلفة من الصلب منها الانواع التالية:

الشجرة الواقفة: كان يربط المحكوم عليه وظهره الى الشجرة، مهما كان شكل تفرع الاغصان. ويسجل يوسيفوس وهومؤرخ يهودي من القرن الاول، ان الجنود الرومان كانوا يمتعون انفسهم بصلب الاسرى في اوضاع غير عادية (2).

الصلب بشكل حرف الI: يوضع عمود بسيط في الارض، وكانت اليدان تسمران فوق الرأس.

الصلب بشكل حرف ال X :  يثبت جذعا شجرة بشكل زوايا متقاطعة، ويمدد الجسم فوقها، وتثبت اليدان والرجلان بالزوايا الاربع.

الصلب بشكل حرف ال T : عامود وقضيب يتقاطع معه من الاعلى. كان هذا الشكل مألوفا مثل الصلب على شجرة. وكان يتم مد اليدين على القضيب.

الصلب بشكل حرف ال  t  : يخصص عادة للمجرمين سييء السمعة. ويتم تثبيت شهادة تبين جرم الشخص في اعلى جزء من الصليب، وربما كانت هذه هي الطريقة التي صلب بها المسيح.

     وكانت الضحية تمدد عارية عادة، وتثبت اليدان والرجلان بواسطة مسامير تدق من خلال عظام الرسخ والكاحل.

       اوصى الله قبل 1000 عام النبي داود ان يكتب مزمورا كاملا (3) عن الطريقة التي  سيموت بها المسيح عليه السلام، يقول الكتاب المقدس :

 ثقبوا يدي ورجلي . احصي جميع عظامي، ينظر الي الناس ويسرون.

                                      مزمور 22: 16، 17

       كتبت هذه الكلمات قبل مجيء الرومان للسلطة بوقت طويل، وقبل 800 عام من اتباع الرومان للصلب كأحد الاشكال الرسمية لعقوبة الاعدام. ويعتبر الصلب حتى هذا اليوم اكثر اشكال الاعدام وحشية. كان الموت بطيئا، وقد يستغرق في بعض الاحيان اياما. وكان المرء يموت في النهاية بسبب الاختناق. وعندما يكون المرء معلقا من الذراعين الممدودتين، يجعل الضغط الواقع على الحجاب الحاجز التنفس مستحيلا. كان باستطاعة المرء ان يستنشق الهواء برفع نفسه الى الاعلى، وبسحب الذراعين ودفع القدمين لافساح المجال امام الحجاب الحاجز لكي يعمل. وكان هذا يتم بطبيعة الحال ضد الضغط المؤلم جدا للمسامير. وكان الموت يحل  بالمرء عندما يجعله الانهاك غير قادر على رفع جسمه.

       لم يكن الألم الذي تسببه المسامير، ولا صعوبة التنفس مصادر الكرب الوحيدة، فقد عانى المرء ايضا من العطش والصلب امام الناس. فقد كان الناس يأتون للنظر اليه، وفي حالة المسيح فقد جاءوا للسخرية منه:

       وكتب بيلاطس عنوانا ووضعه على الصليب، وكانت المكتوب فيه يسوع الناصري ملك اليهود. وهذا العنوان قرأه كثير من اليهود، لان الموضع الذي صلب فيه يسوع كان قريبا من المدينة، وكان مكتوبا بالعبرانية واليونانية واللاتينية. يوحنا 19: 19-22

      وان الجند لما صلبوا يسوع اخذوا ثيابه وجعلوها اربعة اقسام لكل جندي قسم، واخذوا القميص ايضا، وكان القميص غير مخيط منسوجا كله من فوق. فقالوا فيما بينهم ، لا نشقه ولكن لنقترع عليه لمن يكون…

                                       يوحنا 19: 23-24

         كانت القرعة تسلية عن عمل ملطخ بالدماء. وبينما كان الجنود جالسين تحت صليب المسيح عليه السلام، ربما يدحرجون النرد في خوذة، لم يعرفوا انهم كانوا يتممون نبوءة قديمة.

     وكان هذا ليتم الكتاب الذي قال: اقتسموا ثيابي بينهم وعلى لباسي اقترعوا. هذا ما فعله الجند. 

                            يوحنا 19: 24  قارن المزمور 22: 18

      وكان الشعب واقفين ينظرون، والرؤساء يسخرون منه معهم قائلين: قد خلص آخرين فليخلص نفسه ان كان هو مسيح الله المختار.

                                               لوقا 23: 35

وقد قال الله قبل عشرة قرون من خلال النبي داود بأن المخلص الموعود سيهزأ به:

       ولكني دودة ولست انسانا مزدري ومحتقر من قبل الناس، كل الذين يروني يسخرون مني، ويكيلون الاهانات ويهزون برؤوسهم.

                                             مزمور 22: 6،7

حتى كلمات السخرية تنبأ بها داود:

       وكّل امره الى الرب، دع الرب ينقذه. دعه يخلصه لانه يسر به

                                                      مزمور 22: 8

        وكان الجند أيضا يهزأون به مقبلين اليه ومقدمين له خلا وقائلين ان كنت انت ملك اليهود فخلص نفسك. وكان احد المجرمين المصلوبين يجدف عليه قائلا: ان كنت انت المسيح فخلص نفسك وايانا. فأجاب الآخر وانتهره قائلا: اما تخشى الله وانت مشترك في هذا القصاص. اما نحن فبعدل لانا نلنا ما تستوجبه اعمالنا، واما هذا فلم يصنع شيئا من السوء. ثم قال ليسوع يا رب اذكرني متى جئت في ملكوتك. فقال له يسوع الحق اقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس.

                               لوقا 23: 36، 37، 39-43

              

       قال المسيح عليه السلام الى احد المصلوبين معه، بأنه حالما يموت كل منهما، فان روحيهما ستتلاقيان في الفردوس، لانه عرف بأن هذا الرجل كان يؤمن به، وينتظر الخلاص من نتائج الخطيئة  والعقاب الابدي.

   

       وكان نحو الساعة السادسة فحدثت ظلمة على الارض كلها الى الساعة التاسعة…

                                                 لوقا 23: 44

        وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا، الوهي الوهي لما شبقتني الذي تفسيره الهي الهي لماذا تركتني.

                                              مرقس 15: 34

      ونقرأ مرة ثانية في الكتاب المقدس، ان الله قد تنبأ قبل الف سنة، من خلال النبي داود بأن المسيا سوف يقول هذه الكلمات تماما:

          الهي ، الهي، لماذا تركتني ؟

                                                      مزمور 22: 1

       لم يصرخ المسيح بصوت عظيم دون سبب، وسنرى معنى ذلك في فصل لاحق.

لا نستطيع التأكيد بشكل كاف على اهمية اللحظات الاخيرة للمسيح على الصليب. يقول الكتاب المقدس…

      ونادى يسوع بصوت عظيم قائلا قد تم، يا ابت في يديك استودع روحي. ولما قال هذا اسلم الروح… وأمال رأسه وأسلم الروح.

                          لوقا 23: 46 ويوحنا 19: 30

فانشق حجاب الهيكل اثنين من فوق الى اسفل.

                                              مرقس 15: 38

       مات المسيح ! ولكن.. هل انتصر الشيطان وأبالسته على الله ؟ كان هذا هو السؤال الحقيقي. كانت هناك اسئلة تحتاج الى اجابة. لماذا انشق حجاب الهيكل من فوق الى اسفل ؟ ولماذا صرخ يسوع قائلا قد تم ‍ بمثل هذه الحدة ؟

 

 

 

الحـجاب المشـقوق

         كان الهيكل نسخة دائمة للمظلة الاصلية. وكان الحجاب المذكور يفصل المكان المقدس عن قدس الاقداس. ولم يكن امرا هينا ان ينشق هذا الحجاب، وذلك للاسباب التالية:

اولا:  كان الحجاب كما يقول الكتاب المقدس يعزل اقدس مكان عن نظر الانسان. وكان النظر الى ما وراء الحجاب يؤدي للموت. قال الله لموسى قبل عدة قرون…

     مر هرون اخوك بأن لا يدخل القدس في كل وقت الى داخل الحجاب الى امام الغشاء الذي على التابوت لئلا يموت لاني متجل في الغمام فوق الغشاء.

                                          سفر الاحبار 16: 2

ثانيا: يعد شق الحجاب عملا ضخما، مهما كانت الطريقة التي تم بها. فقد كان الحجاب يرتفع ستين قدما (18 مترا) وعرضه ثلاثين قدما (9 امتار)، وفي سمك يد الانسان - حوالي 4 بوصات (10 سم) (4)

ثالثا: ان شق الحجاب من فوق الى اسفل كان يعني شيئا واحدا: ان الله قد مزق الحجاب وليس الانسان.

      وبناء على الحسابات اليهودية، مات المسيح في الساعة التاسعة، وهي الثالثة بعد الظهر. كان الهيكل مليئا بالكهنة الذين يؤدون واجباتهم المقدسة. كان هذا وقت ذبيحة المساء، التي يذبح فيها الحمل، وكان عيد الفصح ايضا. كان هنالك اناس كثيرون في المكان، وكان الحدث مذهلا بحيث لم يكن بالامكان نسيانه او اخفاء خبر الحجاب المشقوق. وسيتم شرح اهمية هذا الحدث في الصفحات التالية.


صرخة الانتصار‍
         ان عبارة "قد تم" مترجمة عن كلمة يونانية واحدة هي "تيتيليتساي". وتحمل هذه الكلمة معان مختلفة، ولكن الاستعمالات الثلاثة التالية، لها اهميتها بالنسبة لهذه القصة(5).

1-         تستعمل هذه الكلمة من قبل الخادم عندما كان يخبر سيده عن اتمام مهمة:"ان العمل الذي كلفتني به قد انتهى".

2-          كانت هذه الكلمة مصطلحا مألوفا في الحياة التجارية اليونانية. وتدل على اتمام الصفقة عندما كان يتم دفع الدين بالكامل. وعندما كان يتم الدفع النهائي، كان بامكان المرء ان يقول "تيتيليتساي" أي ان الدين قد انتهى. وقد وجدت ايصالات ضرائب نقدية كتبت عليها كلمة "تيتيليتساي" اي دفعت بالكامل.

3-         كان اختيار الحمل من اجل التضحية في الهيكل له اهمية خاصة دائما. كان يتم تفتيش القطيع، وعند العثور على حمل بلا عيوب، كان المرء يقول "تيتيليتساي" - لقد تمت المهمة.

    وقد صرخ المسيح عليه السلام بصورة حرفية:"ان العمل الذي كلفتني به قد تم، قد تم دفع الدين، قد تم العثور على حمل. ان العبارة تقول، ان المسيح صرخ بصوت عظيم: "قد تم" .

     فلما رأى قائد المائة ما حدث، مجد الله قائلا: في الحقيقة كان هذا الرجل صديقا

                                                 لوقا 23: 47

       ومن الجدير بالملاحظة ان قائد المائة، وهو ضابط مسؤول عن 100 جندي، عقب في الحال على صرخة المسيح عليه السلام، اذ عرف بصفته رجلا عسكريا، الفرق بين لهاث الهزيمة وصرخة الانتصار.

        ثم اذا كان يوم التهيئة فلئلا تبقى الاجسام على الصليب في السبت، لان يوم  ذلك السبت كان عظيما. سأل اليهود بيلاطس ان تكسر سوقهم ويذهب بهم.

                                               يوحنا 19-31

 

اكسر الساقين
          كان الزمن اسبوع عيد الفصح، وكان هذا اليوم ذروة العيد التي يتم فيها ذبح الحمل. اراد رؤساء الكهنة ان يفرغوا من قضية الصلب لكي لا تفسد العيد. طلبوا ان يكسروا ساقي المسيح عليه السلام. وكان هذا يعني ان المصلوب لن يستيطع ان يرفع نفسه الى اعلى لكي يتنفس، مما ينتج عن ذلك الاختناق السريع، ما لم تكن الصدمة الناتجة عن كسر عظامه قد قتلته اولا.

     فجاء الجند وكسروا ساقي الاول والآخر الذي صلب معه. واما يسوع فلما انتهوا اليه ورأوه قد مات لم يكسروا ساقيه، لكن واحدا من الجند فتح جنبه بحربة فخرج للوقت دم وماء.  

                                         يوحنا 23: 32-34

       وقام احد الجنود الرومانيين المدربين على فن القتل، بدفع حربة الى قلب المسيح عليه السلام. وكان تنفيذ حكم الاعدام كل عام، قد اكسب هؤلاء الجنود المهارة الكافية في القتل. عرف الجندي بالضبط كيف يدفع باداة الموت تلك، ليتأكد بأنه لن تبقى اية نسمة حياة. ويقول الكتاب المقدس ان الماء والدم قد سالا من جسد المسيح. ويقول الاطباء أن مثل هذه الظاهرة تمثل اشارة الى أن الموت قد تم، وان المسيح عليه السلام كان ميتا بالتأكيد.

      والذي عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم انه يقول الحق لتؤمنوا انتم. لان هذا كان ليتم الكتاب المقدس، انه لا يكسر له عظم وقال ايضا كتاب آخر سينظرون الى الذي طعنوا .

                                         يوحنا 19: 35-37

 

4-        القبر الفارغ

يوم الجمعة: بعد الظهر
        تم ان يوسف الذي من الرامة وكان تلميذا ليسوع، ولكنه كان يستتر خوفا من اليهود، سأل بيلاطس ان يأخذ جسد يسوع، فأذن له بيلاطس فجاء وأخذ جسد يسوع. وجاء ايضا نيقودمس الذي كان قد جاء الى يسوع ليلا من قبل، ومعه حنوط من مر وصبر نحو مئة رطل. فأخذا جسد يسوع ولفاه في لفائف كتان مع الاطياب على حسب عادة اليهود في دفنهم. وكان في الموضع الذي صلب فيه بستان وفي البستان قبر جديد لم يوضع فيه احد بعد. فوضعا يسوع هناك لاجل تهيئة اليهود لان القبر كان قريبا.

                                          يوحنا 19: 38-42

       وكانت النساء اللواتي اتين معه من الجليل يتبعن فأبصرن القبر وكيف وضع فيه جسده، ثم رجعن وأعددن حنوطا واطيابا وفي السبت قررن على حسب الوصية.

                                                لوقا 23: 55، 56

        ورغم ان يوسف ونيقودمس كانا من  اعضاء السانهدريم، فانهما قد آمنا ان المسيح هو المسيا الموعود. وقاما حسب التقاليد بلف جسد المسيح بقطعة طويلة من قماش الدفن، تخلله خمسة وسبعون رطلا (34 كغم) من الحنوط الطيب الرائحة، ووضعاه في القبر. ودحرجا امام الضريح حجرا كبيرا يشبه العجلة، ربما كان يزن طنين  (8ر1طن). راقبت النسوة ما جرى، ثم رجعن الى البيت لتحضير الحنوط الاضافية للدفن الاخير. وكانت الآن ليلة الجمعة.

 

السبت
          وفي الغد الذي بعد التهيئة اجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون الى بيلاطس قائلين: ايها السيد قد تذكرنا ان ذلك المضل قال وهو حي اني بعد ثلاثة ايام اقوم. فمر ان يضبط القبر الى اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ويسرقوه ويقولوا للشعب انه قد قام من الاموات، فتكون الضلالة الاخيرة شرا من الاولى. فقال لهم بيلاطس ان عندكم حراسا فاذهبوا واضبطوا كما تعلمون. فمضوا وضبطوا القبر بختم الحجر واقامة الحراس.

                                         متى 27: 62-66

          لم تكن مجموعة الجنود التي ارسلت لحراسة القبر مجموعة غوغائية. كان الحرس الروماني يتألف من اربعة الى ستة عشر رجلا، وكان كل رجل مدربا لكي يحمي مساحة ستة اقدام من الارض. وكانوا قادرين معا على الدفاع عن انفسهم ضد كتيبة كاملة (6).

       واعطى بيلاطس تعليماته لرؤساء الكهنة والفريسيين بأن يختموا القبر. ومدت حبال عبر الباب الحجري الكبير، وثبتت بالطين المبلول، ثم ختم الطين بختم التوقيع. ان اي تلاعب بالحجر الكبير سيظهر بصورة واضحة.

 

الاحـد

        وقف الحراس في اماكنهم يوم السبت، وهو عطلة اليهود. وفي يوم الاحد بينما كان لا يزال الظلام مخيما…

       واذا زلزلة عظيمة قد حدثت لان ملاك الرب نزل من السماء، وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس فوقه. وكان منظره كالبرق ولباسه ابيض كالثلج ومن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كالاموات.

                                             متى 28: 2-4

      استغرق الامر لمحة ليكتشف هؤلاء الجنود الخشنون والكالحون، أنهم لم يكونوا ندا لهذا الملاك الواحد. وكانت جملة "صاروا كالاموات" هي الطريقة التي يتم التعبير بها في القرن الاول عن غياب الوعي نتيجة للخوف! يا لها من صدمة! من كان يحلم بأن يكون القبر فارغا. من الواضح بأن المسيح عليه السلام قد عاد الى الحياة . مستحيل!

 

وفي تلك الاثنـاء…

        اشترت مريم المجدلية ومريم ام يعقوب وسالومة حنوطا ليأتين ويحنطن يسوع. وبكرن جدا في اول الاسبوع، وأتين القبر وقد طلعت الشمس. وكن يقلن فيما بينهن من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر. وتطلعن فرأين الحجر قد دحرج وكان عظيما جدا.

                                          مرقس 16: 1-4

      نظرت مريم المجدلية للوهلة الاولى الى القبر المفتوح بصدمة ورعب. لقد افترضت الامر الواضح - ان جسد المسيح عليه السلام قد تم التمثيل به. وبينما هي تشهق، دارت وركضت لتخبر التلاميذ. ولكن مريم وسالومة اندفعتا ودخلتا الى داخل القبر.

       فلما دخلن القبر رأين شابا جالسا عن اليمين عليه لباس ابيض فانذهلن* فقال لهن لا تنذهلن انكن تطلبن يسوع الناصري المصلوب. انه قد قام وليس هو ههنا، وهوذا المكان الذي وضعوه فيه. فاذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس انه يسبقكم الى الجليل، وهناك ترونه كما قال لكم. فخرجن مسرعات من القبر بخوف وفرح عظيم، وبادرن ليخبرن تلاميذه. فاذا يسوع لاقاهن وقال سلام لكن. فدنون وامسكن قدميه وسجدن له. وحينئذ قال لهن يسوع لا تخفن، اذهبن وقلن لاخوتي ليذهبوا الى الجليل وهناك يرونني.

                                           متى 28: 8-10

 

لقد قـام
         عندما تقرأ عن قيامة المسيح عليه السلام(7) تستطيع ان تحس الفوضى والاثارة التي احدثتها اخبار الصباح الباكر، وخاصة لهؤلاء الذين شاهدوا موته. وقوبلت الاخبار التي حملتها النساء الفرحات بقدر كبير من الشك …

            فكان عندهم هذا الكلام كالهذيان ولم يصدقوهن.
       لوقا 24: 11
     وركض بطرس لينظر الى القبر، وركض يوحنا ايضا، وسبق بطرس في الطريق، ولكنه انتظر امام المدخل.

     ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودخل القبر، فرأى الاكفان موضوعة والمنديل الذي كان على رأسه غير موضوع مع الاكفان، بل ملفوفا في موضع على حدته.

                                           يوحنا 20: 6، 7

         لم يكن المشهد يدل على ان القبر قد تعرض للنهب، كانت شرائح القماش الطويلة المستعملة لكفن الجسد لا تزال ملفوفة كما هي، ولكنها كانت متراكمة وفارغة! لقد خرج الجسد منها تماما. وكان منديل الرأس ملفوفا كأن احدا قد رتبه قبل ان يغادر. ويقول الكتاب المقدس ان بطرس رأى ما حدث، ولكن يوحنا رأى وآمن. ولم يكن هناك شك بالنسبة ليوحنا بأن المسيح حي! ولكن افكار بطرس كانت مضطربة. لقد كان بحاجة لوقت للتفكير.

         لا بد ان الوقت كان في الصباح الباكر عندما رجعت مريم المجدلية …

        كانت واقفة عند القبر خارجا تبكي، وفيما هي تبكي انحنت الى القبر، فرأت ملاكين بثياب بيض جالسين حيث وضع جسد يسوع، احدهما عند الرأس والآخر عند الرجلين. فقالا لها يا امرأة لم تبكين ؟ فقالت لهما انهم اخذوا ربي ولا أعلم اين وضعوه.

                                       يوحنا 20: 11-13

        كان القبر يقع في داخل بستان، وربما لهذا السبب ظنت مريم المجدلية ان الملاكين اللذين شاهدتهما كانا بستانيين. كانت حزينة جدا بحيث انها لم تترك المجال لنفسها للتعرف عليهما. يجب ان ندرك انها كانت حزينة جدا واجرت كامل المحادثة وهي تبكي.

       فلما قالت هذا التفتت الى خلفها فرأت يسوع واقفا ولم تعلم انه يسوع. فقال لها يسوع يا امرأة لم تبكين من تطلبين. فظنت انه البستاني فقالت له يا سيدي ان كنت انت حملته فقل لي اين وضعته وأنا آخذه. فقال لها يسوع: مريم.

                                       يوحنا 20: 14-16

      اذا استطاع شخص ان يقول اسما بطريقة تسترجع ذكريات كل مقابلة سابقة مع شخص محبوب، فانه يكون قد فعل مثل المسيح تماما. تعرفت مريم على الصوت في الحال.

فالتفتت وقالت له رابوني الذي تفسيره يا معلم

                                             يوحنا 20: 16

     واصبح لديها الآن سبب مختلف للبكاء. لا بد انها القت بذراعيها حوله، ربما عانقت قدميه حسب تقاليد تلك الايام.

                قال لها يسوع لا تلمسيني ، لاني لم اصعد بعد الى ابي، بل امضي الى اخوتي وقولي لهم…فجاءت مريم المجدلية واخبرت التلاميذ انها رأت الرب وانه قال لها هذا.

                               يوحنا 20: 17-18

الـحراس

      بينما كان يحدث كل هذا، كان الحراس يفتشون عن رؤساء الكهنة. لن يعودوا ابدا لمواجهة بيلاطس.

        وفيما هن منطلقات أتى قوم من الحراس الى المدينة فاخبروا رؤساء الكهنة بكل ما حدث. فاجتمعوا هم والشيوخ وتشاوروا واعطوا الجند فضة كثيرة قائلين قولوا ان تلاميذه أتوا ليلا وسرقوه ونحن نيام. واذا سمع هذا عند الوالي اقنعناه وجعلناكم مطمئنين. فأخذوا الفضة وفعلوا كما علموهم فذاع هذا القول عند اليهود الى اليوم.

                                         متى 28: 11-15

         احتاج الامر الى مبلغ ضخم من المال لاقناع هؤلاء الجنود المتعجرفين ان يقولوا بأنهم كانوا نياما. ولكن هذا لم يكن صحيحا. وللمرة الثانية كانت يد الشيطان خلف كل هذا الامر، من اجل ان يسيطر بسرعة على الضرر الحاصل، ولكي يحفظ ماء وجهه. لا شك في ان الشيطان أبو الاكاذيب، وقد ادرك انه قد هزم. ان يسوع المسيح عليه السلام، قد سحق رأس الشيطان تماما كما وعد الله في جنة عدن.

 

حـي

           عاد المسيح الى الحياة! كان حيا بالجسد بصورة حقيقية! وبقي هذا الجسد في القبر لمدة ثلاثة ايام بلا حياة، وقد انفصلت الروح عن الجسد. ولكن المسيح عليه السلام قام بصورة مدهشة وخارقة للطبيعية من بين الاموات بجسد جديد.

        وكان المسيح عليه السلام قد تحدث خلال كرازته عن موته:

        من اجل هذا يحبني الآب لاني ابذل نفسي لآخذها ايضا. ليس احد يأخذها مني، ولكني ابذلها باختياري ولي سلطان ان ابذلها، ولي سلطان ان آخذها ايضا…

                                       يوحنا 10: 17، 18

لماذا مات المسيح ؟
      لم يكن موت المسيح عليه السلام موتا عاديا بالنسبة للبشرية، لان الموت ناتج عن الخطيئة - مخالفة شريعة الله. ولكن المسيح حفظ الوصايا العشر تماما وكان بلا خطيئة، ولم يكن عليه ان يموت. كان بامكانه حسب قانون الخطيئة والموت ان يعيش للأبد. ولكن لماذا مات؟ لم يقتل الشيطان او اليهود او الرومان المسيح ضد رغبته. لقد اختار ان يموت بارادته. ولكن لماذا ؟ ان الفصول اللاحقة من هذا الكتاب سوف تجيب عن هذا السؤال.

     كانت احداث ذلك الصباح الباكر مجرد بداية، وظهر المسيح عليه السلام على مدى الاربعين يوما التالية لكثير من هؤلاء الذين عرفوه جيدا. ولكن قبل ان نترك يوم القيامة هناك قصة اخرى يجب معرفتها.

 


الحكاية من وجهة نظر إسلامية

 

كان جالساً في المعبد . . في البيت المقدس ، عمره ثلاثون سنة . . طويل القامة ، نحيفاً . . حاف القدمين ، يرتدي قميصاً من الصوف ، يفكّر في مصير أمّته وشعبه .

غادر المعبد ، متجهاً نحو التلال . . كان الرعاة يسوقون أغنامهم عائدين ، فقد جنحت الشمس للمغيب ، وفكّر المسيح في بني إسرائيل وتساءل :

كيف لي أن أسوق خراف بني إسرائيل الضالة إلى ينابيع النور ؟

كيف لي أن أردّ الضائعين إلى الطريق .

غابت الشمس ، وعاد الرعاة إلى منازلهم ، والأغنام إلى حظائرها ، والطيور إلى أوكارها ، والأطفال إلى أحضان أمهاتهم . .

أمّا المسيح فلا يعود . . لماذا ؟ لأنه ليس له بيت !

كان ينام في البريّة ، أمّا إذا نزل المطر أو الثلج فأنه يأوي إلى المغارات في الجبال ، وعندما يجوع فأنه يقتطف بعض ما تنبته الأرض من النباتات البرّية . .

هكذا كان يعيش المسيح حرّاً زاهداً لا يخاف أحداً إلاّ الله ، عاش عزيزاً لأنه لا يطمع بشيء في هذه الدنيا .

حلّ المساء وحان وقتُ النوم ، توسّد عيسى حجراً ونام .

كان ينظر إلى السماء الواسعة المرصّعة بالنجوم . .

فجأة ظهر الملاك . . نوره يملأ المكان . .

ان الله يأمرك بإبلاغ الرسالة !

ونهض المسيح بأمر الله . . ان روح القدس تؤيده والله معه وهو ناصره .

الإعلان السماوي :

وكان السوق مكتظاً بالناس ، ووقف عيسى ليعلن نبأ السماء .

هتف المسيح بشجاعة .

{ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }[1].

في ذلك الوقت كان " فونتيوس فلاتوس " حاكماً على فلسطين وكانت الحكومة القيصرية ، تفرض على حكام الولايات الاستجابة إلى مطالب الناس في الأقاليم المحتلة إذا لم تمس أمن الإمبراطورية الكبرى .

كان الحاكم يراقب عن كثب ما يجري في مقاطعته ، وذات يوم وصلته تقارير عما يجري في البلاد ، إنّ شاباً يدعى عيسى ، يقول أنه رسول من الله ، وهو يدعو الناس إلى العودة إلى فطرة الله والابتعاد عما يلوّث النفس .

كان الكهنة اليهود أول من انزعج لدعوة المسيح . . لماذا ؟ لأن المسيح يدعو الناس إلى مواساة الفقراء وإطعام الجياع . . لأن المسيح يقول ان الكهنة حرّفوا التوراة .

لأن الكهنة يخدعون الفقراء . . ينهبون أموالهم باسم النذور !

في ذلك الزمان كان بعض اليهود ينكرون يوم القيامة ، والحياة بعد الموت ، ولا يؤمنون بالحساب والعقاب والثواب ، لم يكونوا يعلنون ذلك ، كانوا يتظاهرون بالدين ويضمرون الانحراف . . يتظاهرون بالإيمان ويُضمرون الكفر .

الصراع :

بدأ الكهنة حربهم ضد المسيح . . راحوا يطلقون الشائعات يتهمونه بالكفر !

كانوا يصيحون بحقد لو كان نبياً فأين معجزاته . . لقد كان لموسى معجزات كثيرة ، فما الذي جاء به عيسى ؟

وكان يقولون عن مريم أشياء سيئة !

كانوا يتهمونها ، وهي الطاهرة البيضاء !

ووقف عيسى في البرّية يدعو بني إسرائيل إلى الروح . . إلى أن يتخلصوا من أسر المادّة . .

قال أحدهم :

الروح هي الدماء التي تجري في عروقنا .

قال عيسى بن مريم :

الروح كلمة الله .

لا نفهم ما تقول .

انحنى المسيح وتناول قبضة من الطين وقال :

ما هذه ؟

قبضة طين !

هل فيها روح ؟

كلاّ .

فإذا صنعت منها كهيئة الطير . . وإذا نفخت فيها وأصبحت طيراً بإذن الله !

قالوا بدهشة :

ماذا تعني ؟!

اعني انني قادر على انفخ فيها فتصير طيراً بإذن الله . . ذلك أن الله هو واهب الحياة . . وأن الله على كل شيء قدير .

وفي تلك اللحظات كان عيسى ( عليه السلام ) يصنع في قبضة الطين شكلاً يشبه الطير . .

اكتمل الشكل ، ونفخ في ذلك الشكل الطيني .

فجأة تحولت قبضة الطين إلى حمامة بيضاء ، صفقت بجناحيها ، ثم طارت في الفضاء الأزرق .

وامتلأ المسيح خشوعاً لله القادر الخالق البارئ المصوّر .

الحوّاريون :

هل آمن بنو إسرائيل بعيسى ؟ . . هل خشعوا لله ؟ كلاّ ، كان الكهنةُ يزدادون حقداً ، وراحوا يشيعون بين الناس البُسَطاء : إن عيسى شابٌ كافر .

راحوا يتآمرون لقتله ، شعر عيسى أن الكفر يبرق في عيونهم من أجل هذا هتف !

مَن أنصاري إلى الله ؟


فنهض اثنا عشر رجلاً وهتفوا :

نحن أنصار الله . . آمنا بالله واشهد بانّا مسلمون . .

ثم اتهجوا بأبصارهم نحو السماء وقالوا :

ربّنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول ، فاكتبنا من الشاهدين .

عازر :

كان سيدنا المسيح يحب صديقاً له اسمه عازر ، وكان عازر شابّاً مؤمناً .

ذات يوم ذهب عيسى إلى منزل عازر سأل عنه ، خرجت أمّه تبكي قالت :

لقد مات . . ودفن قبل ثلاثة أيام .

قال المسيح :

أتحبين أن تريه ؟

قالت الأم المؤمنة :

نعم يا روح الله !

قال عيسى :

غداً سآتي لأحييه بأذن الله .

وفي الصباح الباكر ، جاء عيسى وقال للأم :

انطلقي معي إلى قبره .

وقف المسيح عيسى بن مريم أمام القبر واتجه ببصره إلى السماء وراح يتضرع إلى الله واهب الحياة ، ثم هتف بإيمان ملتهب :

انهض من نومتك يا عازر !

فجأة انزاح التراب ، وانشق القبر، وخرج عازر من قلب التراب !!

عانقت الأم ابنها ودموع الفرح تموج في عينيها .

قال المسيح :

أتحب أن تبقى مع أمّك ؟

قال عازر :

نعم يا كلمة الله .

قال المسيح :

ان الله قد كتب عمراً جديداً ، سوف تتزوج ويرزقك الله أولاداً صالحين .

المائدة السماوية :

أوحى الله إلى الحواريين ، أن آمنوا بي وبرسولي ، قالوا : آمنّا واشهد باننا مسلمون .


التف الحواريون حول الرسول عيسى بن مريم يصدقونه ، ويدافعون عنه ، كانوا مثل جيش صغير ، ولكنّه قوي .

وكان المسيح وجيهاً في الدنيا والآخرة ، بلغ من إيمانه انه كلّما سأل الله سبحانه شيئاً استجاب له .

ولم يكن عيسى ليسأل إلاّ من أجل يؤمن الناس بالله ويعودوا إلى فطرتهم الأولى .

كان مثل راع طيّب ، حريص على خرافه أن تشذّ فتخطفها الذئاب ، وكان الفقراء من بني إسرائيل ، مثل خراف ضالّة ، وكان الكهنة المنافقون مثل الذئاب ، يختطفون الفقراء ، ويقتلون في نفوسهم الإيمان برسالة المسيح ( عليه السلام ) .

ذات يوم مضى المسيح ومعه الحواريون . . مضى إلى التلال القريبة كان يريد نشر الإيمان بين أهالي القرى .

جلس قرب نبع من الماء وجلس معه الحواريون ، راح المسيح يغسل أقدامهم ، تعجبوا من عمله ، قالوا له :

لم تفعل ذلك يا رسول الله ؟!

قال المسيح ونفسه تفيض بالتواضع :

أريدكم أن تفعلوا مع الناس كما أفعل . . ان تخدموهم كما أخدمكم .

كان الحواريون جائعين ، وكان المسيح عندما يجوع يقتطف بعض النباتات البرّية ويسدّ بها جوعه .

الحوّاريون لا يستطيعون ذلك ، لقد كان المسيح زاهداً ، علّم نفسه كيف يكون سيّداً لمعدته !

تهامس الحواريون فيما بينهم ، ان المسيح الذي خلق من الطين كهيئة الطير ، ثم نفخ فيه فكانت طيراً ، والمسيح الذي نادى على عازر في قبره فنهض ، يستطيع أن يسأل الله طعاماً نأكله .

من أجل هذا قالوا :

يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزّل علينا مائدة من السماء ؟!

تأثر عيسى بشدّة ، هل يشك هؤلاء بقدرة الله ؟ قال لهم مخدراً :

اتقوا الله إن كنتم مؤمنين !

قالوا :

نريد أن نأكل منها ، ونعلم أن قد صدقْتنا ، ونكون عليها من الشاهدين .

من أجل أن تطمئن قلوبنا ، ولسوف نشهد بهذه المعجزة أمام الناس جميعاً ، فتكون دليلاً آخر على صدق رسالتك . . ونريد أيضاً أن نتبرك بمائدة سماوية كريمة .

سكت سيدنا عيسى ( عليه السلام ) ، وكان وجهه المضيء حزيناً ، وقد شعّ من عينيه نور سماوي .

سجد المسيح لله رب السماوات ، ثم رفع رأسه إلى الفضاء الأزرق وهتف من أعماق نفسه الطاهرة :

{ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }[2].

وتألق نور سماوي غمر المكان وسمع عيسى ( عليه السلام ) والحواريون كلاماً مهيباً ينفذ في القلوب إنّ صوت الله يقول لهم :

{ قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ }[3] .

وهبطت مائدة سماوية فيها رزق كريم ، وكانت حافلة بالخبز واللحم ، وملأت رائحة الطعام الفضاء ، وجاء الجياع ، وجاء الفقراء الذي لا يجدون شيئاً يأكلونه . . جاءوا إلى عيسى بن مريم ليطعمهم . ووجدوا المائدة الكريمة ، فأكلوا وشبعوا . . وأكل الناس في ذلك اليوم أهنأ وأطيب طعام .

على ساحل البحر :

ومضى السيد المسيح يتفقد الناس الفقراء ، ورآه الصياديون فهتفوا :


جاء المعلم !

كانوا حزينين ، لقد ألقوا شباكهم في البحر دون أن يحصلوا على شيء .

بعضهم كان جالساً على الشاطئ وبعضهم في قوارب الصيد ينظرون إليه بأسى ، وبعض كانوا يلفوّن الأشرعة وقد سيطر اليأس على الجميع .

ركب عيسى قارباً وأشار إلى الصيادين باستئناف رحلة الصيد .

ارتفعت الأشرعةُ من جديد ، وكانت القوارب تجري خَلف قارب المسيح ( عليه السلام ) .

توقفت القوارب في نقطة من البحر الأزرق ، وأشار المسيح ( عليه السلام ) أن القوا شباك الصيد في المياه . وكانت المفاجأة أن كل الشِباك عادت وهي مليئة بالسمك ثم ألقيت مرة أخرى وأخرى حتى امتلأت القوارب بالأسماك .

وعاد الصيّاديون يصدحون بأناشيد الفرح ويشكرون الله على ما رزقهم .

الشفاء :

ذات مرّة دعا أحد الحواريين سيدنا المسيح إلى منزله ولبّى المسيح الدعوة فمضى معه .

في الطريق رأى المسيح شابّاً يسير والناس يسخرون منه !!

كان الشاب أبكم . .لا يسمع شيئاً لهذا فهو لا يستطيع أن يتكلم . . لأنه لم يسمع كلاماً أبداً . . ولكنه كان ينظر بحيرة إلى الناس وهم يضحكون منه .

وضع المسيحُ كفّيه بلطف ومسح على رأسه وأذنيه . . وحدثت المعجزة أن الشاب ولأول مرّة بدأ يسمع ؟!

وتحولت سخريات الناس إلى دهشة ، وبعضهم آمن بالمسيح وأصبح من أتباعه .

ومضى المسيح في طريقه إلى منزل صديقه .

في الصباح سمع المسيح أصوات طَرْق على الباب ، وكانت الحجارة تنهال بشدّة .

وخرج المسيح ليرى ما يجري ، رأى رجلاً أبرص والناس يقذفونه بالحجارة لكي يجبروه على مغادرة القرية !

كانوا يرمونه من بعيد ، ويتقززون من رؤيته .


وضع المسيح يده المباركة ومسح على وجهه مثلما يذوب الملح في الماء اختفت آثار المرض وعادت الفرحة إلى وجه الفتى .

أمّا الناس فقد راحوا يتدافعون نحو السيد المسيح للتبرّك به .

المؤامرة :

هكذا عاش المسيح من أجل الفقراء . . من أجل البؤساء والمساكين . كان يُرشدُ الناس إلى النور ويبشرّهم بالرسول الأكرم يسمّيه المعزّي فيقول لهم .

" وأمّا المعزّي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكّركم بكل ما قلته لكم "[4].

وكان يقرأ لهم ما ورد في التوراة مما قاله الله سبحانه لموسى ( عليه السلام ) :

" أقيم لهم نبياً من وسط إخوانهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به "[5].

من أجل هذا ، حقد كهنة اليهود ، وراحوا يحرّضون على قتل المسيح .


راحوا يشيعون عليه أنه ساحر ، وانه مرتدّ عن شريعة موسى ( عليه السلام ) .

وذات يوم اندفعوا نحو المعبد ، وكان المسيح مع حوّاريه ، كانوا يريدون قتله .

وتدخلت الشرطة ، وكان الحكم " فيلاتوس " استهدف من وراء اعتقاله حمايته من شرور اليهود والتحقيق في أفكاره ودعوته .

وسيق المسيح مخفوراً إلى القصر ، واندفع الغوغاء وراءه ، خرج فيلاتوس ليتحدث معهم حول سبب نقمتهم ، فجاءت الصيحات من كل مكان :

هو كافر!

ملحد!

خائن!

أغلق الحرسُ بوابة القصر ، وراح فيلاتوس يتأمل في وجه المسيح . . الصفاء والسلام يشعان من عينيه ، تساءل في نفسه :

إن شاباً كهذا لا بدّ وانه يحمل أفكاراً صافية !

قال فيلاتوس :

هناك من يقول انك تدعو الناس وتحرّكهم ضد الحكومة .

قال المسيح بثقة :

انني أدعو إلى عودة الروح . . إلى أن يحسن الإنسان إلى أخيه الإنسان . . إلى أن يعبد الله الواحد الأحد .

كان فيلاتوس قد قرأ عن مذاهب بعض فلاسفة اليونان فلم يجد في أفكار عيسى خطراً على روما .

من أجل هذا فتُحت بوّابة القصر وأُفرج عن المسيح .

أمّا اليهود فقد راحوا يُشِيعُون ان الحاكم قد تأثر بأفكار المسيح ، وأنه يريد خيانة القيصر .

كانوا خبثاء لم يكتفوا ببث الشائعات بل راحوا يسجّلون الطوامير ويبعثون بالرسائل إلى روما لعزله عن الحكم .

وهكذا حدثت فوضى في البلاد ، وخاف الحاكم من أن تنقلب الأمور ضدّه ، فسمح لليهود أن يفعلوا بالمسيح ما يشاءون .

كان اليهود في ذروة حقدهم ، وكان الكهنة مثل الذئاب يبحثون عن المسيح ، ليمزّقوه بأسنانهم ، لا لذنب إلاّ لإنسانيته!! إلاّ لأنه جاء بالشريعة الحقيقية ، كما أنزلها الله على سيدنا موسى ( عليه السلام ) !

كان كهنة اليهود في اجتماع صاخب ، يبحثون في كيفية القاء القبض على عيسى ين مريم ( عليه السلام ) .

وانتشر الجواسيس في كل مكان للبحث عنه ، وكان اختفاء المسيح قد اُثار لهم قلقاً ، لأنّ في بقائه خطراً على مصالحهم .

رَصدَ الكهنةُ جوائزَ مغرية لمن يعثر عليه أو يقدّم لهم معلومات تساعد في القبض عليه!

آلام المسيح :

لقد تعذّب المسيح كثيراً ، تعذب هو وأمه .

اليهود عذّبوا مريم منذ ميلاد عيسى ( عليه السلام ) وبدل أن تخشع قلوبهم للمعجزة فأنهم اتهموا مريم ، وقالوا ان والد عيسى رجل اسمه يوسف النجار .

وعندما كبر عيسى وحمل أعباء الرسالة راحوا يطاردونه في كل مكان ،وهاهم الآن يحرّضون الحكومة على قتله ، ويتّهمون الحاكم بخيانة القيصر!

نجح اليهود في الحصول على الضوء الأخضر في قتله ، وهاهم يبحثون عنه في كل مكان ، وقد وضع الحاكم الروماني مفرزة من الجنود تتولى القبض عليه وصلبه .

ولكن أين ياتُرى كان المسيح ( عليه السلام ) ؟


كان المسيح يتنقل بخفاء من مكان إلى آخر ، وكان يمضي كل ليلة في مكان ومعه بعض أتباعه . وذات ليلة ، اختبأ عيسى ( عليه السلام ) في بستان مع بعض الحوّاريين ونهض المسيح _ بعد أن تناولوا طعامهم _ ليلقّن أتباعه درساً في التواضع ، فغسل أيديهم ، قائلاً :

لقد فعلت ذلك حتى أكون لكم قدوة ، فتواضعوا للناس !

وفي تلك الليلة قال المسيح وقد شعر الغدر .

أخبركم ان الراعي سيذهب ، وستبقى الغنم وحدها وسيكفر بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرّات .

وتبادل الحوّاريون النظرات ، وكانت عينا يهوذا الاسخريوطي تبرقان بالغدر .

كانت تلك الليلة شتائية قارسة البرد ، عندما نام الجميع تسلّل يهوذا خارجاً .

كان يفكر في الذهب . . في الجائزة التي سيحصل عليها ، لهذا اتجه إلى المعبد حيث كهنة اليهود يترقّبون الأخبار .

وهمس يهوذا في أذن الكاهن الأكبر ، وتسلّم حفنة من النقود الذهبية .

وصاح الديك ثلاث مرّات ، وأصدر الكهنة أوامرهم إلى مفرزة الجنودِ الرومان بمرافقة يهوذا الاسخريوطي ، كان يهوذا متلثماً حتى لا يعرفه أحد .


كان يسير والجنود يسيرون وراءه ، واستيقظ الناس وحدثت الفوضى ، واقتحم عشرات الجنود البستان .

فرّ الحوّاريون في جميع الاتجاهات .

وأراد الله أن ينتقم من الغادر فألقى شبه السيد المسيح على وجه يهوذا .

اما المسيح فقد رفعه الله إلى السماء بعيداً عنهم وخلّصه من مؤامرات اليهود القذرة .

الصليب :

لم يعثر الجنود الرومان على المسيح . . ولم يكونوا ليعرفوه من قبل لأنهم لم يروه سابقاً ، وفي غمرة الفوضى وقعت أعينهم على يهوذا ورأوا أن العلامات تنطبق عليه تماماً فألقي القبض عليه وسيق مخفوراً .

أراد اليهود التخلّص من المسيح بأسرع وقت .

فأُخِذَ فوراً إلى تلّ الجلجلة .

وهناك صُلب الشبيه ، ليسدلُ الستار على قصّة المسيح ( عليه السلام ) .

ولكن هل انتهت قصته حقاً ؟

كلاّ ، انتشرت شائعات كثيرة عن ظهوره . . ولعلّ الفقراء الذين كانوا يحبونه هم وراء مثل هذه الشائعات .

ومع ذلك فقد خاف اليهود لأنهم لم يتيقّنوا من قتل المسيح ، لهذا راحوا يشيعون بأنهم قتلوا عيسى بن مريم وأنهم صلبوه .

أما الحقيقة ، فان الله سبحانه يقول في القرآن الكريم : { ..وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا }[6].

وسيعود المسيح ذات يوم .. متى ؟

في اليوم الموعود . . يوم يظهر الإمام الثاني عشر من ائمة أهل البيت : الإمام محمد المهدي ( عليه السلام ) الذي بَشّر بظهوره سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) .

سيشهد المسيح بصدق المهدي ، وسينصر الحق على الباطل ، ويسودُ الأرضَ الربيعُ والسلام .


 المصدر: مركز الاشعاع الاسلامي
--------------------------------------------------------------------------------
 
[1]  سورة الصف ( 61 ) ، الآية : 6 .

[2] سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 114 .

[3] سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 115 .

[4]  إنجيل يوحنا : 14 / 26 .

[5]  التوراة / سفر التثنية .

[6]  النساء : الآيات 157 / 158 .


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...