المقاربة السورية لمنطقة بحر قزوين (إستراتيجية البحار الأربعة)
الجمل: أعدت المحللة السياسية كريستينا واي لين، خبيرة الشؤون الشرق أوسطية، ورقة بحثية حول التطورات الجارية في بحر قزوين، وما كان مثيراً للاهتمام أن الورقة البحثية قد ركزت على استخدام فرضية طريق الحرير الجيو-سياسي الجديد، والذي سوف يربط بين طرفين هما: بكين الصينية ودمشق السورية: ما هي خلفيات المفهوم الجيو-سياسي الجديد لطريق الحرير؟ وما مدى مصداقية المقابلة بين طرفي خط دمشق-بكين؟
* طريق الحرير: السياق الجديد المفترض على خط دمشق-بكين
سعت الورقة البحثية التي أعدتها كريستينا واي لين، إلى ترسيم المعالم الرئيسية لتطورات الأحداث والوقائع الجارية في المنطقة الممتدة من بكين وحتى بحر قزوين، والمنطقة الممتدة من دمشق إلى بحر قزوين، ثم سعت بعد ذلك إلى الجمع بين المنطقتين ضمن إطار جيو-سياسي افترضت بأنه يتميز بقابلية التحقق، وإضافةً لذلك، فقد سعت المحللة وخبيرة الشؤون الشرق أوسطية إلى المفاضلة وإجراء التحليل المقارن بالنسبة للخطوط الأخرى التي يمكن أن تشكل طريق حرير افتراضية أخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر:
- خط بكين-بحر قزوين-المنطقة العربية.
- خط موسكو-بحر قزوين-المنطقة العربية.
- خط آسيا الوسطى-بحر قزوين-أوروبا.
- خط آسيا الوسطى-بحر قزوين-تركيا.
- خط شبه القارة الهندية-بحر قزوين-أوروبا.
تقول المحللة السياسية كريستينا واي لين، بأن منطقة بحر قزوين أصبحت تنخرط في شبكة واسعة النطاق من التفاعلات المتقاطعة التي تغطي المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بما يشمل بتحديد أكثر أنشطة التجارة والنقل والطاقة والأمن، إضافةً إلى التحالفات الدولية والإقليمية المختلفة والأنواع المتعددة الأغراض.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن ورقة المحللة السياسية كريستينا واي لين قد تم نشرها ضمن ملفات موقع مؤسسة جيمس تاون الاستخباري الأمريكي، وما كان لافتاً للنظر، أن الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع لجماعات اللوبي الإسرائيلي قد قام بإعادة نشر الورقة، بالتزامن مع نفس تاريخ نشرها الذي صدرت به في موقع مؤسسة جيمس تاون.
* المقاربة الصينية لمنطقة قزوين
أشارت الورقة البحثية إلى أن الصين، وبحسب الأرقام والمعطيات، تعتبر اللاعب الدولي-الإقليمي الذي يتميز بالحضور المتزايد النمو والسرعة في منطقة بحر قزوين، مقارنة باللاعبين الدوليين الآخرين، وعلى وجه الخصوص روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وفي هذا الخصوص تشير الورقة البحثية إلى المعطيات المتعلقة بالحضور الصيني القوي على النحو الآتي:
• الحضور الصيني في منطقة شرق بحر قزوين: يطل ساحل بحر قزوين الشرقي على كازاخستان وتركمانستان. بالنسبة لكازاخستان، فلقد بلغت الاستثمارات الصينية حوالي 16 مليار دولار أمريكي، إضافة إلى قروض بمبلغ 10 مليار دولار قدمتها بكين لكازاخستان. أما بالنسبة لتركمانستان، فقد بلغت الاستثمارات الصينية حوالي 7.1 مليار دولار، إضافة إلى قروض في حدود 4 مليار دولار قدمتها بكين لتركمانستان. ومن أبرز المشروعات التي تقوم بكين بتنفيذها نجد خط أنابيب نقل الغاز الذي بُدئ العمل فيه ويمتد على طول 1833 كم من الحدود الصينية وحتى داخل الأراضي التركمانستانية، إضافة إلى 37 مشروع استثماري صيني جاري العمل فيها داخل تركمانستان.
• الحضور الصيني في منطقة جنوب بحر قزوين: يطل ساحل بحر قزوين الجنوبي على الجمهورية الإيرانية، و بالنسبة لإيران، فقد تزايدت وتائر الحضور الصيني، بحيث بلغ حجم التجارة الصينية مع إيران حوالي 21.1 مليار دولار أمريكي، إضافة إلى عقد استثمارات صينية مع إيران في حدود 120 مليار دولار، مع وجود أكثر من 100 شركة صينية ناشطة داخل إيران.
• الحضور الصيني في منطقة غرب بحر قزوين: يطل ساحل بحر قزوين الغربي على أذربيجان، وتشير المعطيات والأرقام إلى أن الحضور الصيني في أذربيجان يتميز بالضعف النسبي مقارنة بدول بحر قزوين الأخرى، والسبب الرئيسي يتمثل في قوة الحضور الأمريكي، إضافة إلى سعي أذربيجان لجهة الانفتاح نحو خيار التعامل مع أمريكا، وذلك بسبب تداعيات الصراع الأذربيجاني-الأرمني على مصير إقليم ناغورنو-كرباخ والحرب التي اندلعت بسبب ذلك، ووقوف روسيا إلى جانب أرمينيا، الأمر الذي دفع أذربيجان تلقائياً إلى السعي نحو أمريكا بما يتيح بناء تحالف أذربيجاني-أمريكي يعادل ويوازن التحالف الأرميني-الروسي. هذا، وبرغم ذلك، فقد بلغت الاستثمارات الصينية في أذربيجان حوالي 3 مليار دولار، مع احتمالات المزيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة خلال الفترة المقبلة.
• الحضور الصيني في شمال بحر قزوين: يطل الساحل الشمالي لبحر قزوين على جمهورية روسيا الاتحادية. هذا، وبرغم وجود العديد من الروابط الاقتصادية والتجارية بين روسيا والصين، فإن ما هو أكثر أهمية في علاقات خط بكين-موسكو هو التفاهم المشترك لجهة مكافحة النفوذ الأمريكي. وعلى هذه الخلفية، فإن أبرز ما يجمع بين روسيا والصين هو منظمة تعاون شنغهاي ذات الطابع الأمني-العسكري-الاقتصادي، والتي تمثل في حد ذاتها محاولة روسية-صينية لمعادلة وموازنة وجود حلف الناتو الذي تقوده واشنطن.
بالنسبة لبقية دول آسيا الوسطى التي لم تتم الإشارة إليها: قيرغيزستان، طاجكستان وأوزبكستان وأيضاً بالنسبة لدول منطقة بحر قزوين الأخرى، مثل جورجيا و أرمينيا وتركيا، فإن الحضور الصيني مازال ينمو بتسارع وتقدم حثيثين، بما ينطوي على مؤشرات تفيد لجهة أن الصين سوف تصبح في هذه البلدان رقماً هاماً يصعب على دوائر صنع واتخاذ القرار في هذه البلدان تجاوزه في كل حساباتها الإقليمية والدولية.
* المقاربة السورية لمنطقة بحر قزوين
أشارت ورقة بحثية، وبحسب الأرقام والمعطيات، إلى أن سوريا تعتبر اللاعب الدولي-الإقليمي الذي يتميز بالقدرة على التحرك الفاعل لجهة تجميع دول منطقة شرق-شمال-غرب-جنوب بحر قزوين، وفي هذا الخصوص، أشارت المحللة السياسية واي لين إلى ما أطلقت عليه تسمية إستراتيجية «البحار الأربعة» التي تسعى دمشق إلى تنفيذها وإسقاطها على أرض الواقع، والبحار الأربعة هي:
• البحر الأبيض المتوسط.
• البحر الأسود.
• بحر قزوين.
• بحر العرب (منطقة الخليج العربي).
رصدت الورقة البحثية أن تحركات دبلوماسية دمشق قد سعت إلى بناء شبكة من الخطوط ضمن إطار جيو-سياسي يتضمن الآتي:
- خط دمشق- أنقرا (تركيا).
- خط دمشق –باكو (أذربيجان).
- خط دمشق-طهران (إيران).
- خط دمشق-ييرفان (أرمينيا).
- خط دمشق-بغداد (العراق).
- خط دمشق-منطقة الخليج (الرياض، الكويت، المنامة، الدوحة، مسقط وأبو ظبي).
وتشير الورقة البحثية إلى أن نجاح دمشق في تجميع هذه الخطوط كلياً أو جزئياً، سوف يتيح صعود كيان جيو –سياسي جديد يغطي كل منطقة بحر قزوين من الاتجاه الإستراتيجي الغربي، والتي مع اكتمال نجاح بكين في بناء كيان جيو-سياسي يغطي منطقة بحر قزوين من الاتجاه الإستراتيجي الشرقي، يمكن بكل سهولة وبقليل من الجهد، أن يظهر إلى حيز الوجود ما أطلقت عليه الورقة البحثية تسمية «طريق الحرير الجديد» الذي سوف يصل بين دمشق وبكين.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد