أوباما على طريق بوش: النظام استخدم الكيميائي مرات عدة
بدا، أمس، أن الإدارة الأميركية تتجه نحو انعطاف كبير في مقاربتها للوضع في سوريا، بما يتجاوز التفاهمات الأميركية ــ الروسية الأخيرة بشأن مؤتمر «جنيف 2»، وذلك في ظل تبدّل الظروف الميدانية لصالح النظام، بعد استعادته السيطرة على القصير، وتقدّمه على محور حمص، واستعداده لخوض معركة حلب. وفي إعلان، هو الأول من نوعه، ذكر البيت الأبيض، أمس، أن وكالة الاستخبارات الأميركية خلصت إلى أن الجيش السوري استخدم أسلحة كيميائية على نطاق صغير ضد مسلحي المعارضة في سوريا.
وقال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس في بيان إنه «بعد مراجعة دقيقة وجدت أجهزة استخباراتنا أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد استخدم أسلحة كيميائية، منها غاز الأعصاب سارين، على نطاق صغير ضد المعارضة مرات عدة في العام الماضي».
وأضاف البيان أن «ما بين مئة و150 شخصاً قتلوا جراء استخدام الأسلحة الكيميائية»، مشيراً إلى أن «لا أدلة تشير إلى استخدام مسلحي المعارضة السورية للسلاح الكيميائي».
وتابع البيان «إن استخدام هذه الأسلحة يغير المعادلة بالنسبة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما في سوريا»، مؤكداً أن أوباما قرر تقديم الدعم السياسي والعسكري للمعارضة السورية من المعدات غير القاتلة في الأسابيع المقبلة، ولم يتم اتخاذ قرار بالسعي إلى فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا حتى الآن».
ولفت بيان البيت الأبيض إلى أنه «سيتم اتخاذ القرارات بشأن سوريا بحسب الجدول الزمني بخصوص الخطوات المقبلة»، مشيراً إلى أنه «سيتم إطلاع الشركاء الدوليين والأمم المتحدة على التقارير حول الكيميائي، كما أن واشنطن أمدّت موسكو بالتقييم حول استخدام هذه الأسلحة».
وإذ أكد البيان أن «روسيا لم توافق بعد على تنحي الأسد»، أشار إلى أن واشنطن ستواصل سعيها لعقد مؤتمر في جنيف لإيجاد حل سياسي «لكن عقده لن يكون سهلاً». وأضاف أن «أوباما سيتشاور مع الشركاء في مجموعة الثماني بشأن سوريا الأسبوع المقبل».
وكان أوباما أعلن في وقت سابق أمس، أنه «مهتم بألا تزيد التحركات في سوريا الوضع سوءا»، مشدداً على اهتمامه بمصالح الولايات المتحدة في الوقت الذي تلقى دعوة من الرئيس الأسبق بيل كلينتون لممارسة دور أكبر في الازمة السورية، مذكرا بأن تراجع الدور الاميركي في الصراع الأفغاني بعد الانسحاب السوفياتي أفقد الأميركيين مكاسبهم هناك.
في هذا الوقت تتجه الأنظار إلى قمة مجموعة الثماني في ايرلندا الشمالية الاثنين والثلاثاء المقبلين، والتي ستحاول فيها الدول الداعمة للمعارضة السورية الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتليين موقف موسكو من الأزمة السورية، وتسريع عملية «الانتقال السياسي» وخفض حدة العنف، الذي حصد، بحسب الأمم المتحدة، أكثر من 93 ألف شخص.
وأعلن رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون انه سيلتقي بوتين في لندن الأحد المقبل. وقال «أريد أن تركز القمة على اتخاذ خطوات ملموسة من اجل المساعدة في عملية الانتقال السياسي» في سوريا.
وقال مسؤول ألماني رفيع المستوى، لوكالة «اسوشييتد برس»، إن «بريطانيا وألمانيا تنويان خلال قمة الثماني الضغط على بوتين بشأن توريدات الأسلحة الروسية إلى سوريا، وان يضغط على الرئيس السوري بشار الأسد من أجل خفض حدة القتال». وأضاف أن «الزعماء يريدون أن يتركز جدول أعمال مؤتمر جنيف 2 على تشكيل حكومة انتقالية في سوريا». واعتبر أن «المسألة تزداد إلحاحا بسبب اتخاذ الحرب الأهلية السورية طابعا طائفيا بشكل متزايد، بسبب توسع دور حزب الله في النزاع»، محذرا من أن «ما يحصل يهدد بزعزعة استقرار العراق ولبنان».
وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني في واشنطن ان «الرئيس وكل عضو في فريقه للأمن القومي قلقون بشدة بسبب الوضع الفظيع والمتدهور في سوريا»، مضيفا إن «أوباما يراجع ويدرس الخيارات الأخرى المتاحة له وللولايات المتحدة وأيضا لحلفائنا وشركائنا لاتخاذ خطوات إضافية في سوريا، وتتواصل هذه العملية».
وتابع كارني «بقدر ما تكون فظاعة الوضع في سوريا يكون عليه اتخاذ القرارات حين تتعلق بالسياسة تجاه سوريا بما يحقق أفضل مصالح الولايات المتحدة»، موضحا أن «أوباما مهتم بألا تزيد التحركات في سوريا الوضع سوءا».
وأعلن أن «التخطيط لمؤتمر جنيف بشأن سوريا مستمر، لكن أوباما يواصل أيضا بحث ما يمكن عمله لدعم المعارضة على الأرض»، مشيرا إلى أن «سوريا ستكون موضوعا للنقاش في قمة مجموعة الثماني الأسبوع المقبل» والتي سيعقد أوباما وبوتين اجتماعا على هامشها.
وكانت وكالة «اسوشييتد برس» نقلت، أمس الأول، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن مستشاري أوباما للأمن القومي يتحفظون على تقديم أسلحة أميركية إلى المعارضة السورية. وأشاروا إلى أن بعض المسؤولين في البيت الأبيض والبنتاغون والاستخبارات لا يزالون مترددين حيال تقديم أسلحة وذخيرة إلى المجموعات المسلحة التي يهيمن المتشددون عليها.
وحاول الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون زيادة الضغط على أوباما، مطالبا بتدخل اكبر في الأزمة السورية، لكنه شدد على ضرورة عدم إرسال قوات أميركية إلى سوريا.
ونقلت صحيفة «بوليتيكو» عن كلينتون قوله، خلال ندوة مغلقة مع السيناتور الأميركي جون ماكين، «لا احد يطالب بإرسال جنود أميركيين إلى سوريا. السؤال الوحيد هو: بما أن الروس والإيرانيين وحزب الله الآن في سوريا، فهل يجب علينا أن نحاول القيام بأمر ما من اجل إبطاء مكاسبهم وإعادة التوازن ليكون أمام الجماعات المتمردة فرصة، إذا كانوا مدعومين من غالبية الشعب، للانتصار؟».
وقال كلينتون، الذي لم يقدم أي تفاصيل حول ما يجب تقديمه للمعارضة السورية، «برأيي فانه يجب ألا نعتمد أكثر من اللازم على دروس الماضي». وأضاف «لا اعتقد أن سوريا بالضرورة تشبه العراق أو أفغانستان. لم يطلب احد إرسال أي جندي إلى هناك. اعتقد أنها تشبه أفغانستان في الثمانينيات عندما كانوا يحاربون الاتحاد السوفياتي. اخطأ الرئيس (رونالد) ريغان، الذي حصل على الكثير من العرفان والنفوذ لمساعدته في إسقاط النظام التابع للاتحاد السوفياتي، بعدم التمسك بأفغانستان في محاولة لجمع المكاسب».
وفي مواجهة النجاحات التي حققها الجيش السوري على الأرض، يعقد في اسطنبول غدا اجتماع بين ممثلين عن الدول المؤيدة للمعارضة السورية و«رئيس أركان الجيش الحر» سليم إدريس.
وأعلن وزير النقل السوري محمود إبراهيم سعيد أن «قذيفة هاون سقطت على طرف المطار قريبا من المدرج ما أدى إلى تأخير هبوط طائرتين قادمتين من اللاذقية والكويت وتأخير إقلاع طائرة سورية إلى بغداد، ولم يصب أي منها ومن ركابها بأذى». وأشار إلى أن «قذيفة أخرى سقطت قرب احد المستودعات، ما أدى إلى سقوط زجاج وإصابة عامل».
وأعلنت الأمم المتحدة أن عدد القتلى في سوريا تجاوز الـ93 ألفا، بينهم 6500 طفل. ودعت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي «الطرفين إلى إعلان وقف فوري لإطلاق النار قبل أن يقتل أو يجرح آلاف آخرون». وأكدت أن العدد الحقيقي للقتلى قد يكون اكبر من ذلك بكثير.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد