«الحرية لغزة» معرض كاريكاتير دولي في دمشق

21-02-2009

«الحرية لغزة» معرض كاريكاتير دولي في دمشق

أقيم أخيراً في المتحف الوطني بدمشق معرض لفن الكاريكاتير تحت عنوان «الحرية لغزة»، جمع حوالى مئة وثلاثين عملاً، من ثمانية وثلاثين بلداً، حيث شارك في المعرض، الذي رعاه «تجمع العودة الفلسطيني»، فنانون من أميركا اللاتينية وألمانيا وإيطاليا وصربيا واليونان وبلجيكا وأذربيجان والصين وأندونيسيا وباكستان وبلغاريا وكازاخستان والنرويج واستراليا وإسبانيا ورومانيا وأفغانستان ومقدونيا وكوريا والنمسا وهولندا، لكن المشاركة الأوسع جاءت من تركيا وإيران وسورية وفلسطين. الأندونيسي عارف سوتريستانو
المعرض جاء إثر العدوان الإسرائيلي على غزة، بمبادرة فردية من فنان الكاريكاتير الفلسطيني فؤاد عياش، الذي راسل كثيراً من فناني الكاريكاتير حول العالم، وهو قال تعليقاً على الفارق بين محتوى الرسوم: «نحن، فناني القضية، اشتغلنا بردة فعل، أما لدى فناني العالم المشاركين في المعرض فقد برز لديهم بعد إنساني مؤثر».
اللافت في المعرض أيضاً أن تجيء مشاركات من بلاد لا يتوقع المرء منها معرفة بالوضع الفلسطيني أو تعاطفاً إلى هذا الحد، ولكن يمكن القول أيضاً إن الأعمال لا تخرج في محتواها عن روح التظاهرات التي لفّت العالم أثناء الحرب، وتمكن الإشارة إلى ثلاثة محاور أو عناوين توزعت عليها اللوحات المشاركة، المحور الأول والغالب يدور حول إدانة المجتمع الدولي والأمم المتحدة خصوصاً إلى حدّ اتهامها أحياناً بالمشاركة والتواطؤ مع المعتدين؛ فغالباً ما ترسم غزة كحدث يمر على شاشة سينما فيما العالم يتفرج كمن يتابع فيلماً سينمائياً. فهذه لوحة من سورية تصور المجتمع الدولي كفزاعة علقت عليها لوحات الاستنكار والشجب وعلى مقربة منها جندي إسرائيلي يخنق طفلة بوحشية. وفي لوحة أكرم رسلان من سورية تصوير لرجل ينام مطمئناً قرب حريق غزة الهائل متدثراً بغطاء كتب عليه «مبادئ حقوق الإنسان». وضمن هذا المحور نجد أعمالاً تدين تعديات إسرائيل على المجتمع الدولي وقوانينه، مثل لوحة تصوّر الأمم المتحدة كلباً تدوسه إسرائيل، وأخرى لجندي إسرائيلي يبول على كتاب نُقش عليه «القانون الدولي». وأحياناً سنجد أن بعض اللوحات تدين الموقف السلبي للعالم من غير تحديد، فقد تكررت لوحات تصوّر غزة غريقاً مضرجاً بالدم وقربه من يتسلى بالفرجة. أما الإيراني جهاد سعيد عسكري فقد بلغت إدانته للمجتمع الدولي القناة في الإخبارية البريطانية BBC، حيث أظهر شاشتها تصور أحداث غزة ربيعاً وقد كُتب على الشاشة everything is ok .
المحور الثاني في المعرض هو الإدانة للعرب، وهم هنا عرب الخليج حصراً، كما يظهرون في لباسهم التقليدي، ومثالها لوحة السوري جواد مراد التي تصوّر شافيز، الرئيس الفنزويليّ، يركل السفير الإسرائيلي في الهواء، ليتلقّفه خليجيان. كذلك لوحة المصرية رشا مهدي التي ترسم عربياً على شاطئ غزة (الملون بالأحمر) سريره العلم الأميركي، وغطاء عورته العلم الإسرائيلي. الفلسطيني فؤاد عياش فقد صوّر الجيوش العربية على هيئة مانيكان يرتدي ثياب جنرال مدجّج بالأوسمة مراقباً أحداث غزة كخبر عاجل على شاشة التلفزيون. أما الفنانة الفلسطينية أمية جحا فقد جمعت في لوحتها إدانة مزدوجة حين رسمت طفلاً فلسطينياً على طبق، يقطعه الإسرائيلي بسكين الصمت العربي، ويأكله بالشوكة الأميركية. السعودي محمد مسعود
المحور الثالث غالباً ما رسم بطولة الفلسطينيين على بساطة ما يمتلكون بمواجهة جبروت الآلة العسكرية الإسرائيلية، فتلك على فقرها شجاعة، وهذه جبانة رغم تفوقها العسكري. هكذا رسم عماد حجاج العملاق الغزاوي في مواجهة الدبابة الإسرائيلية قرب طاولة للخمر كتب عليها الواقع العربي. وقد صوّرت المصرية رشا مهدي الشجاعة الفلسطينية والجبن الإسرائيلي في لوحة «قلوبنا وقلوبهم».
في العموم ظلت معظم اللوحات تصرخ بهتافات الشوارع ذاتها، وقلما وجدت عملاً بعيداً عن الصراخ، كلوحة الاسترالي لويس بول الذي صوّر فلسطينياً يمدّ يده عبر حفرة في الجدار ليصل إلى رغيف خبز. اللوحات في معظمها مسيسة بغضب لا يميز في غالب الأحيان، إنها لوحات ساخطة على العالم وحسب، فليس صحيحاً على سبيل المثال أن الـ BBC صورت أحداث غزة ربيعاً، والحق أنه لم تشب تغطيتها شائبة لولا امتناعها بعد الحرب من بث نداء الإغاثة. والمجتمع الدولي، كما العرب، ليس واحداً. لكن ما يفسر هذه الاختيارات للوحات الغاضبة، أن وراءها «حماس»، رغم أن المعرض بدأ بمبادرة فردية، حماس التي تقف اليوم بسخاء وراء العديد من الفعاليات الثقافية والإعلامية الفلسطينية، وبالتالي يصعب أن تنجو الثقافة والفن والإعلام من نبرتها.

راشد عيسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...