الحضور العربي - الإسلامي في المطبوعات الإيطالية

14-08-2011

الحضور العربي - الإسلامي في المطبوعات الإيطالية

كتاب «الحضور العربي الإسلامي في المطبوعات الإيطالية - التاريخ المعاصر نموذجاً» الصادر عام 2000 عن وزارة الثروة والنشاطات الثقافية في روما، هو صورة للدراسات المختصة فى الربع الأخير من القرن الماضي، يقتفي أثر المطبوعات التصميمية التي نشرت استجابة لاهتمام جمهور القراء الإيطاليين المتزايد بالعالم العربي الإسلامي، وما ذلك إلا نتيجة لازدياد التبادل الثقافي والديني بين ضفتي البحر المتوسط، وكان إصدار هذا الكتاب كي يشهد على اهتمام المطبوعات الإيطالية بهذه الثقافة، ونظراً إلى تشعّب محتويات هذا الإصدار سنركز فقط على ما يخص التاريخ ومطبوعاته.

- فإذا تحدثنا عن «التاريخ المعاصر للعالم العربي في المطبوعات الإيطالية» نجد أن منذ أكثر من أربعين سنةً (1971) كان بحث «الدراسات حول الشرق الأوسط في إيطاليا» وتبين فيه أن القسم الأعظم من المطبوعات المخصصة لمواضيع التاريخ العربي الإسلامي كان حكراً على الأوساط الجامعية ولتأكيد ذلك يكفي تصفح ما كتبه في ذلك ألساندرو باوزانى A. Bausani أكبر دارس للعلوم الإسلامية - الإيطالية في القرن العشرين فقد أشار في مقاله المعنون «خمسون سنةً من الدراسات الإسلامية» إلى 150 نصاً اعتبرها تستحق الذكر. أكثر من مئة من النصوص المذكورة هي مقالات ظهرت في الدوريات العلمية والأكاديمية أو في الموسوعات أو نشرت في كتب جماعية، وتزداد نسبة الكتابات الموجهة إلى جمهور المثقفين قياساً إلى المقالات المخصصة للوسط الجامعي عندما تتعلق المواضيع المدروسة بالتاريخ (انظر دراسة ريزيتينو Rizzitano U. بعنوان: الدراسات حول التاريخ العربي) ثم تميل الكفة مرة ثانية لمصلحة الوسط الجامعي عندما يتعلق الموضوع المدروس بالتاريخ المعاصر (انظر: P.Minganti في دراسته: الدراسات حول الأحداث السياسية في العالم العربي في القرن العشرين).

- وفي الحقيقة يمثل الصراع مع إسرائيل الحافز الأول للنشاط المطبعي الإيطالي في مجال التاريخ العربي في القرن العشرين وتصنف تلك الكتابات في ما يعرف «بكتب الساعة instant book» وهي مزيج واسع يشتمل على المذاكرات وكتابات تشيد بمجمل المشروع الصهيوني أو بالاستخبارات الإسرائيلية (انظر: كتاب اليسار والمسألة اليهودية) وفي هذا المجال تقل الأعمال الموثقة في شكل جاد ومعمق، وأفضل نص حتى اليوم على رغم مرور زمن طويل على صدوره كتاب (أمدوجانين: المرحلة الأخيرة في المسألة الشرقية 13 - 1932) الذي يتناول الأحداث التي سبقت الصراع العربي - الإسرائيلي وأدت إليه، أيضاً يجب الإشارة إلى الموجز الدقيق الموثق الذي وصفه (ما سموها سارة: أرض الميعاد المفرط. الصهيونية والإمبريالية والحركة القومية العربية في فلسطين).

- وبالطبع يجب وضع الصراع العربي - الإسرائيلي في إطار التاريخ العربي العام. في هذا المجال تجدر الإشارة إلى بعض الدراسات الموضوعة كمدخل عام مثل (موسوعة الشرق الأوسط) إلى الفصول الأخيرة من كتب التاريخ العام للعالم العربي (فرنشيسكو جبريللي: النهضة العربية، فيليب: تاريخ العرب) أو للعالم الإسلامي (كتاب: العالم الإسلامي خمسة عشر قرناً من التاريخ) كما اهتم الكثير من الباحثين بمواضيع لا ترتبط مباشرة بالأحداث الراهنة بل تتصل بمسارات الاستعمار والاستقلال وتجدر الإشارة إلى الدراسات التي تناولت بالبحث العلاقة بين الالتزام الثقافي والأهداف الإستعمارية في مصر (كتاب: الاستشراق والاستعمار: البحث في مصر عن التعاطف مع الحملة على ليبيا؛ لـ: (A . Burdines) وتونس (كتاب Borodino . M: الصحافة الإيطالية في تونس التاريخ والمجتمع 1956 - 1838) وأخرى درست تأثير مسار نزع الاستعمار على قيام الحدود وتحديدها وعلى نشوء القوالب الجاهزة للعنصرية (كتاب: الاستعمار والاستعمار الجديد في كتب التاريخ للمدارس). وترتبط مسألة ما يسمى بالاشتراكية العربية بمسار نزع الاستعمار ارتباطاً وثيقاً وقد أثارت تلك المسألة حماسةً شديدةً في أوساط اليسار الإيطالي وكتب عنها بعض الكتب (محمود حسين: الصراع الطبقي في مصر 45 – 1970؛ الاشتراكية والعالم العربي لـ G . C. PajeTla) وتتصل بهذه المسألة قضية التمثيل السياسي (برنارد لويس؛ لغة الإسلام السياسية؛ ديموقراطية الآخرين) وأكثر منها الكتب التي تبحث في الوضع الاقتصادي في شكل عام (إيطاليا والبلاد العربية في الاقتصاد العالمي واقتصاد الشرق الأوسط. دور الصناعة الإيطالية) أو بمسألة اعتماد العالم العربي على دول الغرب أو اعتمادها لفترة محددة على المعسكر السوفياتي (دور الهيمنة والتحديث في الشرق الأوسط لـ A . Salvatore) بعد أفول الآمال التي عقدت على الاشتراكية العربية المحلية عقد الأمل في الخروج من التبعية للغرب على النفط وقد اهتمت المطبوعات الإيطالية بموضوع النفط وظهرت كتب موثقة في شكل جيد (النفط العربي، إيطاليا وأزمة الطاقة) كذلك حفز تاريخ بعض الدول وبعض رجالها دور النشر على إصدار كتب عنها أكثرها مترجم ففي مصر هناك (ناصر. حياته وأفكاره وكتاباته النموذجية) وعن سورية هناك كتاب ضخم عن سيرة رئيسها حافظ الأسد لكنه يقدم شرحاً مفيداً لتاريخ سورية المعاصر والبلد «لا غنى عنه للسلام مع إسرائيل» كما يقال أن لا غنى عن مصر للحرب (P . SeaLe؛ أسد دمشق. رحلة في الكوكب السوري عبر سيرة الرئيس) واهتمت دور النشر خصوصاً بالبلاد التي كانت محل المطامع الاستعمارية الإيطالية في شكل مباشر أو غير مباشر (كتب مثل: أنور باشا. يوميات الحرب الليبية؛ الموت من أجل هذه الصحارى. رسائل الجنود الإيطاليين من الجبهة الليبية؛ شرشات. مذبحة الواحة. الجيش الإيطالي في طرابلس؛ الإيطاليون في ليبيا؛ أريتريا واليمن. التوتر الإيطالي - التركي في البحر الأحمر 1885 - 1911) وهناك موضوع يمس اعتراضاً تاريخ معظم البلاد العربية هو موضوع الأقليات وقد تناولت كتب عدة بحث الموضوع بوجه عام (الأقليات في الشرق الأدنى والمغرب. قضايا منهجية ومسائل عامة) وبوجهه وأطره المحددة (الأكراد فى التاريخ) .

- أيضاً فقد حفز حدثان قريبا العهد دور النشر الإيطالية على تناول موضوعيهما. الحدث الأول هو الحرب العراقية - الإيرانية، الحدث الثاني هو اجتياح العراق الكويتَ وصدرت عقب الحدثين مجموعة من كتب الساعة تتميز بالسطحية وقلة من الكتب الجادة تستحق الذكر (الأزمة. التوتر وسياسة إيطاليا في الخليج الفارسي العربي، محاكمة الحرب) وعديده هي الدراسات التي تتناول بالتحليل حركات النضال الإسلامية التي ولد بعضها في عباب الثورة الإيرانية أو تمخضت عنه أحداثها ويشكل بعض هذه التحليلات مدخلاً جاداً لدراسة الموضوع ويتناول بعضها بتعمق تلك الظاهرة بمجملها وبعضها يدرس وجهاً محدداً من الأوجه المرتبطة بتطور تلك الحركات كالوجه الأمني (الحركات الأصولية؛ الأصولية الإسلامية. الجزائر وتونس والمغرب وليبيا؛ الإسلام العلماني. التقاليد الإسلامية العريقة التي تحجبها الجذرية المعاصرة؛ الإسلام الجذري، إله الجيوش. الإسلام والمسيحية. الحروب المقدسة؛ الفكر العسكري في العالم).

- يلاحظ أنه ليس هناك التزام منهجي بالتعميم الجاد، لكن بعض دور النشر قامت ببضع خطوات على هذا الطريق. فقد أصدر الناشر «لوثر Lose her» سلسلة كتب أحادية الموضوع تستحق الثناء ظهر منها مئة كتاب من بينها 6 كتب تدور حول إسرائيل والدول العربية من الوجه التاريخي والاقتصادي والجغرافي (الدول العربية الآسيوية، الدول العربية الأفريقية، صحراوات العالم) والثقافي (حضارة العرب) وكانت هناك سلسلة تعميمية أخرى تستحق الثناء امتازت بطموحها – ولكنها توقفت – هي سلسلة «كتب القاعدة Libridi Bade» والتي خصصت حيزاً مستقلاً للعالم الإسلامي والعربي وأصدرت نحو 150 كتاباً من بينها عشرة كتب تدور حول الإسلام في شكل عام والدول العربية بمجملها وفلسطين إضافة إلى إيران وأفغانستان وتركيا وبالطبع إسرائيل والطوائف اليهودية (عالم الإسلام؛ فلسطين؛ إيران وأفغانستان، دولة إسرائيل. ولايتها ومؤسستها وصراعاتها منذ عام 1948 حتى اليوم؛ الجاليات اليهودية في العالم).

السلسلة الوحيدة اليوم – 2000 – المخصصة للعالم العربي الإسلامي تصدر في روما وتهتم بتاريخه في شكل مباشر (العالم العربي الإسلامي) أو بانعكاسات ذلك التاريخ الثقافية أو بعلاقته بالغرب بأوجهها المختلفة (الإسلام والغرب، المسلمون الجدد. معتنقو الإسلام) ولا يجب أن نغفل الإشارة إلى دار نشر «غامبرتى Gambereti» التي خصصت القسم الأعظم والأهم من مطبوعاتها للعالم العربي أو لمواضيع مرتبطة به ارتباطاً وثيقاً. فقد أصدرت كتباً حول فلسطين ولبنان وسورية والمغرب وحول السياسة الأميركية في المنطقة وكذلك خارجها إن انعكست نتائجها على العالم العربي (البوليزاريو سفينة فضائية منسية في الصحراء؛ رفقة خطرة. التاريخ السري للعلاقات بين سي آي أي وموساد؛ من عام 1948 حتى حرب الخليج؛ الثقافة والإمبريالية. الأدب والاجتماع في المشروع الاستعماري الغربي لإدوارد سعيد؛ حواش العم سام. أهداف السياسة الأميركية).

عبد الحميد صبحي ناصف

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...