تداعيات قرار إعدام صدام حسين في العراق والعالم
توالت ردود الأفعال الدولية والعربية الرسمية والشعبية المتباينة على الحكم بإعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في قضية الدجيل. وتراوحت الآراء بين الترحيب والرفض والانتقاد وعدم المبالاة والتريث في إصدار أي تصريح.
فقد رحب البيت الأبيض بالحكم ووصفه بأنه "يوم جيد للشعب العراقي"، واعتبره المتحدث باسمه توني سنو دليلا مطلقا على وجود نظام قضائي مستقل في العراق.
واعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الحكم بأنه يشكل "تذكيرا إيجابيا لجميع العراقيين بأن سلطة القانون يمكن أن تسود على الخوف".
كما وصف سفير واشنطن بالعراق زلماي خليل زاد الأحكام على صدام ومعاونيه بأنها "خطوة تاريخية مهمة" تؤكد التزام الشعب العراقي بمحاسبة هؤلاء.
وأعلنت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت ترحيبها "بتطبيق العدالة" على الرئيس المخلوع ومعاونيه. أما وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي فاكتفى بالقول إن باريس "أخذت علما" بحكم الإعدام بحق صدام حسين، وتأمل بألا يؤدي إلى توترات جديدة في العراق.
وانتقد رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو ضمنا الحكم بالإعدام على صدام، لكنه أوضح أن على الأخير أن يتحمل مسؤولية أفعاله شأنه شأن أي قائد سياسي.
كما انتقد رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي الحكم بإعدام صدام واعتبره ضد التقاليد والأخلاق الإيطالية وينبغي إعادة النظر فيه، لكنه في الوقت نفسه اعتبر أنه يعكس "رأي المجتمع الدولي بأسره" في الرئيس العراقي المخلوع.
وفي هولندا اعتبر رئيس الوزراء جان بيتر بالكيننده أن حكم إعدام صدام يتماشى و"حكمه الإرهابي" رغم إشارته إلى معارضته للحكم.
وقد دعت الرئاسة الفنلندية للاتحاد الأوروبي العراق إلى عدم تنفيذ حكم الإعدام في صدام. وحذرت موسكو من "عواقب كارثية" على العراق في حال إعدامه، لكنها رجحت عدم تنفيذ حكم الإعدام.
كما رحبت إيران بصدور الحكم، وأضاف المتحدث باسم خارجيتها محمد علي حسيني أن الإعدام هو "أقل ما يستحقه" صدام. عربيا رفض الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى -الذي يزور سوريا حاليا- التعليق على حكم إعدام صدام.
وقال "لا أعلق على أحكام القضاء إنما على عموم التطورات في العراق وهذا جزء منها. والإنسان لو نظر من أي زاوية إلى المشهد العراقي سيجد أن العراق يواجه مشاكل كبيرة تشغل بالنا جميعا، سواء ما يجري في الشارع أو النزاعات الطائفية التي تشترك فيها مليشيات كثيرة".
من جانبه اعتبر مصطفى فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان التابعة للرئاسة الجزائرية، الحكم على صدام غير قانوني ما دام لم يصدر عن محكمة في "عراق حر".
وقد رحب عضو في مجلس الشورى السعودي محمد آل زلفة بحكم الإعدام واعتبره أهم منجز للشعب العراقي منذ الاجتياح الأميركي لبغداد عام 2003.
واعتبر سياسيون وحقوقيون مصريون الحكم جائرا غير شرعي، وقالوا إنه يمثل رسالة أميركية غير مباشرة للحكام العرب. وقال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف إن "جرائم" صدام حسين لا توازي "جرائم الاحتلال".
وفي سوريا شكك أعضاء بمجلس الشعب في شرعية المحكمة، وقال النائب سليمان حداد إن الحكم كان متوقعا، مضيفا أنه من الشائن أن يحكم على صدام بالإعدام من قبل أميركا وليس من قبل الشعب العراقي.
وفي السعودية اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي الكاتب خالد الدخيل أن محاكمة صدام حسين كانت "غير عادلة ومهزلة سياسية وقانونية لا تختلف عن المحاكمات التي كان يجريها نظام صدام حسين نفسه لمعارضيه".
من جانبها اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في تعقيبها على محاكمة صدام أنه يتوجب تقديم القوات الأميركية والإسرائيلية للمحاكمة إثر "الجرائم" التي ترتكبها، معتبرة أن صدام حسين كان له دور في دعم الشعب الفلسطيني.
وقد استقبل الشارع في الدول العربية الحكم بإعدام صدام بمزيج من الإحباط واللامبالاة والترحيب.
حقوقيا دعت المفوضة العليا للأمم المتحدة المكلفة حقوق الإنسان لويز أربور، الحكومة العراقية إلى تعليق تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق صدام واثنين من معاونيه.
وانتقدت منظمة العفو الدولية بشدة حكم الإعدام قائلة إن المحاكمة "شابتها أخطاء خطيرة".
كما انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش حكم الإعدام وقالت إن محاكمته أخفقت في إثبات الوقائع، ولذلك فإنها "أضاعت فرصة على الضحايا".
ومن جهته رفض الرئيس العراقي جلال الطالباني التعليق على حكم الإعدام شنقا الذي أصدرته المحكمة الجنائية المختصة اليوم ضد الرئيس السابق صدام حسين، بتهمة القتل العمد لـ143 شخصا ببلدة الدجيل عام 1982.
لكن الطالباني الذي يقوم بزيارة إلى فرنسا وصف مسار المحاكمة بأنه كان عادلا.
بدوره اعتبر رئيس الوزراء نوري المالكي أن إعدام صدام هو حكم على "حقبة ظالمة" ورسالة لمؤيديه بأن "عهد هذا الطاغية قد أصبح جزءا من الماضي وبدون رجعة".
ووصف المالكي في كلمة موجهة للشعب العراقي الحكم بأنه "انتصار لضحايا مجزرة الدجيل، ولضحايا جميع النظام البائد، ويمثل نهاية مرحلة سوداء وبداية مرحلة جديدة لبناء عراق حر ديمقراطي اتحادي يسود فيه حكم القانون ودولة المؤسسات ويتساوى فيه الجميع".
واستذكر رئيس الحكومة في خطابه المتلفز الحرب العراقية الإيرانية التي قال إنها حصدت أرواح مئات آلاف العراقيين، كما اتهم صدام بتبذير أموال البلاد بسبب ما أسماه "أوهامه وأحلامه الزائفة".
وهاجم المالكي هيئة الدفاع التي تولت الدفاع عن صدام حسين، وقال إنها وضعت نفسها في موضع خصومة مع الشعب العراقي وإن دفاعها عن صدام هو عار على جبين كل فرد من أفرادها.
وبدورها رحبت الحكومة على لسان الناطق باسمها علي الدباغ بقرار الحكم بالإعدام على صدام. ومن جانبه قال برهم صالح نائب رئيس الوزراء إن صدام "حصل على العدالة التي حرم شعب العراق منها" خلال أكثر من 35 عاما.
كما أشاد عبد العزيز الحكيم زعيم أقوى تكتل إسلامي شيعي في الحكومة بالحكم، وقال إن الوقت حان الآن لكي يتوحد العراقيون. وأضاف بتصريحات تلفزيونية "لقد ولى صدام وعهده ونظامه وطغيانه وظلمه إلى الأبد، وهو درس للجميع وهو أن الطغاة جميعا سينالون يوما جزاءهم على أيدي المظلومين ومهما تجبروا، أدعو جميع العراقيين إلى رص صفوفهم".
ووصف برلماني سُني رفض الكشف عن هويته الحكم بأنه سياسي، وصادر عن محكمة سياسية.
وعلى صعيد ردة فعل الشارع العراقي، فقد أثار الحكم على صدام انقساما بالموقف الشعبي.
فقد خرج الآلاف من مدينة الصدر الشيعية معقل التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر إلى الشوارع وتجمعوا أمام مكتب الصدر بالمدينة، وجاب المتظاهرون شوارع المدينة وهم يرفعون الأعلام العراقية وصور مقتدى الصدر رغم حظر التجوال.
وفي مدينة العمارة انطلق نحو 300 شخص من أهالي المدينة للشوارع وهو يحملون صور مقتدى الصدر، وفي مدينة الكوت شارك نحو 200 شخص بمظاهرة شارك فيها عدد من "ضحايا النظام السابق" وأطلق سكان المدينة عيارات نارية في الهواء ابتهاجا بصدور حكم الإعدام.
وفي مدينة النجف تظاهر المئات من سكان المدينة ابتهاجا بالحكم، وأحرقوا دمى كتب عليها "هذا مصير الظالم".
وفي بلدة الدور السنية بالقرب من تكريت معقل الرئيس المخلوع تظاهر المئات احتجاجا على الحكم، واعتبروا أن المحكمة غير شرعية. كما شارك المئات بمظاهرات احتجاجية في كل من مدينتي بيجي وتكريت التي تدفق نحو ألف من أبنائها للشوارع للمشاركة بمظاهرة بدأت قبيل صدور الحكم، وأجهش العديد منهم بالبكاء لحظة النطق بحكم الإعدام، وقد طوقت الشرطة المتظاهرين في محاولة لحصر المظاهرة.
وفي مدينة بيجي أطلقت القوات الأميركية النار عشوائيا على المتظاهرين، واعتقلت عددا كبيرا منهم لتفريقهم.
وفي مدينة الفلوجة سمعت ثلاثة انفجارات تبعها إطلاق نار بثلاث مناطق متفرقة بالمدينة بعد صدور الحكم.
وفي مدينة الأنبار سمع دوي عيارات نارية تبين أنها مواجهات مع القوات الأميركية نشبت بعد صدور الحكم.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد