تركيا غير متحمسة لإرسال قوات أطلسية إلى لبنان
تواصل وسائل الإعلام التركية المتابعة المكثفة لتطور الأحداث في لبنان. وإضافة الى تحليل الجوانب المختلفة من المسألة، جاءت أنباء احتمال تشكيل قوة دولية أو أطلسية تشارك فيها تركيا أو ربما تقودها، لتصوّب الاهتمام نحو هذه النقطة.
ولعل أبرز ما في هذا الصدد، هو الخبر الرئيسي الذي نشرته صحيفة يني شفق المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم حول مقاربة تركيا الباردة تجاه مثل هذا الاقتراح. وقد أظهرت أنقرة، تقول الصحيفة، رد فعل على فكرة أن تأخذ مكانا عسكريا في قوة سلام تابعة لحلف شمال الأطلسي، فيما تواجَه بالرفض عملية عسكرية محتملة للجيش التركي ضد حزب العمال الكردستاني.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين في وزارة الخارجية التركية أن إرسال قوة أطلسية الى لبنان في وقت يستمر مناخ الحرب، ومشاركة تركيا فيها، هو مجرد اختلاقات. وقالت مصادر الوزارة ان تسريب هذا النوع من الأخبار هدفه الأوحد جس نبض أنقرة.
ونشرت الصحف التركية أمس أن السفير اللبناني في تركيا جورج سيام عبّر عن سروره من أية مشاركة تركية في مثل هذه القوة التي يجب أن تكون قوة تؤسس للسلام وتضمن أمن الحدود.
أما إسرائيل فقد أعلنت عن موافقتها على مشاركة تركيا في هذه القوة على اعتبار أن تركيا عضو في الحلف. كما ان الجنود الأتراك محترفون جدا ومدربون عاليا!
لكن جريدة راديكال التركية نظرت بحذر الى هذا الاقتراح باعتباره ربما يكون ثمنا لعدم إقدام تركيا على مهاجمة قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، لتجد نفسها، وسط المثلث الإسرائيلي اللبناني الفلسطيني.
يقول سامي كوهين، في صحيفة ميللييت، ان تركيا قادت بنجاح قوات دولية في الصومال والبوسنة وأفغانستان وكوسوفا، وزاد ذلك من احترامها على الصعيد العالمي. وتركيا، بلا شك وكمبدأ، الى جانب تأسيس سلام وحمايته في الحالة اللبنانية. لكن احتمال أن تتحول هذه المهمة الى مغامرة وأن تنتهي الى فشل يتعارض مع مصالح تركيا، يوجب على الدبلوماسية التركية أن تحسب حساباتها جيدا، وكل ذلك يتعلق أولا بوقف النار وإجماع مؤتمر روما.
يلفت النائب المعروف إينال باتو من حزب الشعب الجمهوري المعارض الى أن أية قوة عسكرية تتشكل إما لإقامة السلام أو لحمايته. أما حماية السلام فهي مهمة لسلام قائم. أما إقامة السلام فيعني إمكانية الدخول في مواجهات لإرسائه. وفي حال كانت مهمة القوة العسكرية إقامة سلام فعلى تركيا ألا تكون تحت أي ظرف جزءاً من هذه القوة. فعندما يتحدثون عن إقامة السلام فمعناه تجريد حزب الله من سلاحه وهذا يعني أن هذه القوة مهمتها الدخول، باسم الولايات المتحدة وإسرائيل، في صدامات مع حزب الله. لذا، يقول باتو، إن المهمة المقترحة علينا ممتلئة بالأفخاخ. ثم ان أميركا وإسرائيل لا تريدان السلام. فمقابل خطف عسكريين قتلوا حتى الآن 370 مدنياً. إنهما تريدان إضعاف إيران من خلال ضرب حزب الله، اللعبة هنا. أما السلام فمجرد خرافة.
يذكّر مراد يتكين، في صحيفة راديكال، بأن الدولتين اللتين يُراد لهما قيادة قوة الأطلسي في لبنان، فرنسا وتركيا، كانتا الحاكمتين السابقتين للبنان، ولكل منهما روابط ثقافية وتاريخية في المنطقة. ويقول إنه من المهم التعريف بشكل جيد لمهام وشروط هذه القوة قبل اتخاذ القرار بالمشاركة أو عدمها.
وتعكس الصحيفة لجانب آخر من هذه المسألة. وهو أن أية مشاركة خارجية تركية عسكرية تتطلب موافقة البرلمان التركي، كما حصل عندما رفض البرلمان نفسه في الأول من آذار 2003 المشاركة في غزو العراق. وإذا كان يبدو للوهلة الأولى أن البرلمان الحالي قد يوافق على هذه المشاركة في لبنان، إلا أن النقاشات قد تأخذ طابعا معاكسا. فلماذا تشارك تركيا في قوة عسكرية في لبنان، ولا تستطيع التدخل في شمال العراق؟ ولماذا يسقط جنود أتراك في صدامات مسلحة بين إسرائيل وحزب الله؟ وختمت الصحيفة بالقول إن قرارات صعبة تنتظر أنقرة.
من ناحية أخرى واصل العديد من الكتّاب ذوي الاتجاهات الإسلامية انتقاداتهم اللاذعة ضد مواقف مصر والسعودية والأردن من العدوان على لبنان. وكتب إبراهيم قره غول الكاتب المعروف في شؤون الشرق الأوسط، في صحيفة يني شفق ان المواقف التي اتخذتها تلك الدول كانت مخجلة ومعيبة، كذلك انتقد فتاوى بعض رجال الدين في السعودية التي تعتبر دعم حزب الله حراماً. وهذا ما قابلته واشنطن ووسائل إعلامها بالترحاب. وذكر الكاتب ان مهمة سعود الفيصل في واشنطن لم تكن لوقف الحرب بل لإرسال قوات أطلسية الى لبنان. وتساءل إبراهيم قره غول عن دور منظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية وقال إنهم متواطئون وهي لا تمثل العالم الإسلامي بل مجرد منظمة تابعة للولايات المتحدة وبريطانيا.
وقارن ديريا سازاق، في ميللييت، بين عدوان إسرائيل على لبنان والحصار الذي سبق احتلال العراق وقال ان الهدف هو عينه وهو تدمير شعب وبلد وليس تدمير نظام أو حزب. واليوم ان الشعب العراقي يعيش في مأساة أسوأ مما كانت قبل الاحتلال. إنه السيناريو نفسه الذي يُراد للبنان. وكذلك انتقد شاهين ألباي، المفكر اليساري، في صحيفة زمان، ديماغوجية الولايات المتحدة وقال ان الدعم السافر من واشنطن لإسرائيل ضد لبنان وفلسطين، والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها تزيد عالياً موجة كراهية كبيرة ضد أميركا وضد الغرب عموماً. وقال إن بوش المشغول بالديموقراطية هو نفسه وعبر إسرائيل يهدم الديموقراطيات في فلسطين ولبنان.
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد