هجمات على كنائس في الضفة وغزة والبصرة
تعرض عدد من الكنائس في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي مدينة البصرة العراقية لاعتداءات يعتقد أن لها صلة بما ورد على لسان البابا بينيديكتوس السادس عشر عن الإسلام و"الجهاد" خلال محاضرة له في جامعة ريغينسبورغ الألمانية الثلثاء الماضي واعتبرت مهينة للإسلام. ولم يحل إعراب الحبر الأعظم عن "أسفه الشديد" للعبارات التي أساءت الى المسلمين، دون استمرار المطالبات باعتذارات عن أقواله التي رفضها كذلك زعماء كبار في كنائس شرقية.
وأعلن السكرتير الجديد لدولة الفاتيكان تارسيسيو بيرتوني أن البابا "آسف للغاية لكون بعض مقاطع خطابه بدت مهينة لمشاعر المؤمنين المسلمين".
وعلّق القيادي في جماعة "الأخوان المسلمين" في مصر عبد المنعم ابو الفتوح: "لم يصدر اعتذار، وسكرتير دولة الفاتيكان قال ان البابا يأسف لأنه أسيء فهم تصريحاته في حين انه ليس هناك اي سوء فهم وهذا تضليل، فتصريحاته تضمنت اساءة واضحة وصريحة لاكثر من مليار مسلم".
واعتبر زكي بني ارشيد الأمين العام لـ"جبهة العمل الاسلامي"، الذراع السياسية للأخوان في الأردن، أن الأسف "خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية. نحتاج الى تطمينات أخرى".
وقال شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي ان "هذه التصريحات تنم عن جهل واضح بالاسلام".
وفي السعودية ندد مفتي عام البلاد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بتصريحات البابا، مؤكدا ان مثل هذه التصريحات "كذب" ويمكن ان تسمم العلاقة بين الديانتين.
وطلبت الحكومة الايرانية من البابا "تصحيح" تصريحاته، معتبرة انها "خطأ جسيم".
واعرب مسؤولون اسلاميون في اندونيسيا، أكبر دولة اسلامية بعدد السكان، عن اسفهم لتصريحات البابا، داعين الى عدم تأجيج الاجواء بين الاديان. وطلب رئيس الوزراء الماليزي عبد الله احمد بدوي الذي تتولى بلاده رئاسة منظمة المؤتمر الاسلامي، من البابا تقديم اعتذارات.
وقال رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان إنه يتعين على البابا بينيديكتوس الـ16 أن يسحب تعليقاته "القبيحة" عن الإسلام.
واستدعى المغرب سفيره في الفاتيكان علي عاشور للتشاور. وكذلك استدعت وزارة الخارجية الكويتية القائم بأعمال سفارة الفاتيكان للتعبير عن استياء الكويت "مما ورد في المحاضرة التي القاها البابا وتعرض فيها بالاساءة الى الدين الاسلامي الحنيف". واستدعت وزارة الخارجية المصرية مبعوث الفاتيكان في القاهرة للاعراب عن "أسف مصر البالغ" من كلمة البابا.
وتسببت تصريحات البابا بهجمات على كنائس. والقيت زجاجات حارقة على كنيستين في نابلس من دون ان تؤديا الى ضحايا او أضرار قبل ان يقتحم رجال مسلحون كنيسة ثالثة خالية وأطلقوا النار داخلها.
كذلك اطلق مسلحون النار على أقدم كنيسة ارثوذكسية في غزة بعدما القيت على سورها الخارجي الجمعة اربع عبوات ناسفة.
وأعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم "جماعة سيف الحق الاسلامية في فلسطين" مسؤوليتها عن اطلاق النار داخل كنيسة الروم الارثوذكس في حي الزيتون في غزة. ولم تتبن أي جهة الهجمات على الكنائس الأخرى.
وأصدر وزير الداخلية الفلسطيني سعيد صيام أمرا بحماية الكنائس في غزة والضفة الغربية عقب الهجمات على الكنائس. وندد بتلك الأعمال "المسيئة للشعب الفلسطيني"، مؤكدا أن "الاخوة المسيحيين يتمتعون بكل حقوق المواطنة والحماية في فلسطين".
وفي العراق، هدد تنظيم " جيش المجاهدين" المسلح في بيان نشر على الانترنت باستهداف روما والفاتيكان ردا على اقوال البابا.
وفي الصومال، دعا رجل دين قريب من المحاكم الشرعية في مقديشو المسلمين الى "الانتقام" من البابا.
وأوردت وكالة الانباء الايطالية "انسا" أن الاجراءات الأمنية ستشدد في محيط المقر الصيفي للبابا بينيديكتوس السادس عشر في كاستيل غاندولفو بضواحي روما، حيث من المقرر ان يحيي البابا قداس الأحد اليوم.
الى ذلك، حرص المسيحيون الشرقيون على اتخاذ موقف متميز عن البابا. وأعلنت الكنيسة الأرثوذكسية في أنقرة أن البطريرك المسكوني برثلماوس الأول "صدم بعمق" من تصريحات البابا بينيديكتوس. وقال: "إن المنحى الذي تتخذه العلاقات بين الديانتين المسيحية والمسلمة... آذت البطريرك بشدة". وأضاف: "علينا أن نظهر عزمنا واهتمامنا بألا يؤذي بعضنا البعض الآخر، وتلافي الأوضاع التي نؤذي فيها معتقدات بعضنا البعض".
كما أكدت الكنيسة القبطية المصرية التي يشكل اتباعها اكبر طائفة مسيحية في المنطقة "رفضها الكامل لأي مساس بالاسلام وأي اساءة الى رموزه".
وتوالت ردود الفعل اللبنانية على محاضرة البابا. فقال وزير الثقافة طارق متري: "إن لغة السجالات العقائدية تعيدنا الى ماضٍ يرى كثيرون من المؤمنين، مسيحيين ومسلمين، انه مضى الى غير رجعة".
وإذ لفت الى "صلات مودة حقيقية قامت بين المسلمين والمسيحيين، من العصور الماضية والى أيامنا الحاضرة"، دعا الى تجنّب "مخاطر الاساءة الى المشاعر الدينية وإثارة الانقسامات أو تعميقها، وهو الذي يعني اللبنانيين شر الفرقة ويؤهلهم على نحو متجدد لأن يكونوا شهوداً للمودة التي تشد المسيحيين الى المسلمين".
"حزب الله" استغرب في بيان "كثيراً مما نقل من تصريحات لبابا الفاتيكان". ودعا الى "مراجعة حقيقية للموقف المعلن الذي يؤدي الى الانقسام العالمي ويستفيد منه اعداء الانسانية من المحافظين الجدد وعلى رأسهم (الرئيس الاميركي جورج) بوش".
ودعا العلامة المفتي السيد علي الأمين الى "دراسة هادئة ومتأنية للكلام المنقول عن قداسة البابا بعيداً من الضجيج الاعلامي والانفعال وحركة الشارع"، وشدد على "الابتعاد عن التنديدات والاتهامات"، داعياً الى "المودة التي تفتح المجال الواسع للكلمة المسؤولة".
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد