مفهوم “الدولة” عند داعش
سعود الشرفات:
يحيل مفهوم الدولة ذهنيا في الحقبة الحالية من سيرورة العولمة إلى منظومة آليات الضبط والإكراه لشؤون العامة، ولفترة من الزمن منذ 29 حزيران/يونيو 2014م عند إعلان أبي بكر البغدادي الخلافة. بدأ مفهوم “الدولة” يحيل، وإن بشكلٍ ملتوٍ إلى “تنظيم داعش”، حيث أصبح اسم “الدولة” كاختصار مرادف أو دال على التنظيم الإرهابي المعروف بداعش، خاصة عند كوادر ومريدي التنظيم.
يتناول هذا المقال، بشكل مكثف التطور التاريخي والمعرفي لمفهوم “الدولة”، ومحاولة الإجابة عن سؤال: هل نجح داعش في بناء دولة أو شكل من الدولة الحديثة، وما هو هذا الشكل، وماذا يعني ذلك في المستقبل؟
تعريف الدولة الحديثة
تشير “الموسوعة السياسية” إلى أن “العصور القديمة والوسطى بغياب مفهوم الدولة بشكلها الحالي، حيث انتشرت مسميات مختلفة منها، الإمبراطورية، والسلطنة، والممالك؛ إلا أن أغلب الممالك التي حكمت في العصور الوسطى في أوروبا حكمت باسم الدين، كفرنسا على سبيل المثال، وكان لسلطة الكنيسة أثر سلبي في التحكم بالدولة وسياستها، وإمكانها في عزل الملوك والأمراء عن طريق سحب الثقة منهم وفصلهم من الكنيسة، ما يعني افتقادهم لثقة وطاعة الشعب الذي يثق بالكنيسة لما كانوا يروا من أنَّها تطبيق لإرادة الرب، فانتشرت الحروب الدينية لمدة ثلاثين عاماً، وانتهت في عام 1648 بتوقيع اتفاقية (وستفاليا) في أوروبا؛ واضعة حدّاً للحرب الدينية وسلطة الكنيسة على الحكم؛ بإنشاء نظام جديد للدول في أوروبا عرف فيما بعد باسم الدولة الحديثة وتَعَمَّمَ في أنحاء العالم فيما بعد.
وتعدّ الدولة منذ نشأتها الحديثة في أعقاب مؤتمر وستفاليا، إحدى حقائق الحياة السياسية المعاصرة التي رسخت تدريجيَّاً حتى أصبحت تشكل اللبنة الأولى في بنية النظام الدولي الراهن. وبالرغم من اعتبار الدولة مؤسسة عالمية ضرورية، إلا أن تعريفها واسع ومتنوع لا يكاد يجمع عليه اثنان، بل ويمكن أن يُقال إنَّ إيجاد تعريف واحد لمفهوم الدولة هو صراع إيديولوجي بحد ذاته؛ كون التعاريف المختلفة ناتجة عن نظريات مختلفة لوظيفة الدولة، مما يولد استراتيجيات سياسية ونتائج مختلفة؛ فمصطلح “الدولة” يشير إلى مجموعة من النظريات المختلفة والمترابطة والمتداخلة في كثير من الأحيان، حول مجموعة معينة من الظواهر السياسية”[1].
أمّا جذور كلمة الدولة، فتعود “للغة اللاتينية لكلمة Position” التي تعني الوقوف، كما ظهر مصطلح الدولة في اللغات الأوروبية في مطلع القرن الخامس عشر، وفي القرن الثامن عشر تطور مصطلح الدولة واستخدم تعبير Publicae اللاتيني، والذي يعني الشؤون العامة.
وهناك عدة تعريفات وُضِعت للدولة، إلا أن التعريف الأكثر شيوعاً لمفهوم الدولة في الأدبيات التي تبحث في مفهوم الدولة، فهو تعريف المفكر الألماني ماكس فيبر – Max Weber الذي عرَّفها بأنها منظمة سياسية إلزامية مع حكومة مركزية تحافظ على الاستخدام الشرعي للقوة في إطار معين الأراضي.
كما عرَّفت موسوعة لاروس – Larousse الفرنسية الدولة بأنها: “مجموعة من الأفراد الذين يعيشون على أرض محددة، ويخضعون لسلطة معينة.
في حين رأى العديد من فقهاء القانون الدستوري أن الدولة: كياناً إقليمياً يمتلك السيادة داخل الحدود وخارجها، ويحتكر قوى وأدوات الإكراه.
وثمة تعريف آخر مقبول عموماً للدولة هو التعريف الوارد في اتفاقية مونتفيديو – Montevideo بشأن حقوق وواجبات الدول في عام 1933. وقد عُرِّفَتْ الدولة بأنها: مساحة من الأرض تمتلك سكانا دائمين، إقليم محدد وحكومة قادرة على المحافظة والسيطرة الفعَّالة على أراضيها، وإجراء العلاقات الدولية مع الدول الأخرى”[2].
نظرية الدولة في الإسلام
هناك فقرٌ معرفي شديد في التنظير السياسي بشكل عام في التراث والحضارة الإسلامية وخاصة في “نظرية الدولة”. وتمحور التنظير الإسلامي حول مفاهيم الشورى والخلافة التي تتميز بأنها فضفاضة، ملتبسة، ومفخخة.
يرى “نزيه نصيف الأيوبي (1944 – 1995)” في كتابه “الإسلام السياسي، الدين والسياسة في الشرق الأوسط (1991)” أنّ السياسة الفقهية ونظريتها الخاصة بالدولة والقانون الإسلامية تأسست في ظل ندرة المناحي السياسية في القرآن والسنة، وتحت تأثير عدد من العناصر أهمها:
1 – أنماط الإنتاج، والتقاليد الثقافية السائدة في الأقاليم التي فتحها المسلمون، والتي حددت علاقة الدولة بالمجتمع، واستمرت مع الإسلام، بل إنّها صاغت طبيعة الدولة فيه، ومسار تطورها.
2 – المُؤثرات الفارسية على المُنظّرين المسلمين المُتأثرين بالكوزمولوجيا (علم الكون) والتراتبية الهرمية الكهنوتية بفارس.
3 – مؤثرات الفتنة الكبرى على الوعي الجمعي، وأولوية الوحدة السياسية، بواسطة حاكم مطلق على النظام السياسي القائم على الشورى أو التعددية.
4 – خلافة العباسيين، حيث بدأ التدوين الذي شمل الفقه.
كانت الخلافة أمراً واقعاً، أسس عليه الفقهاء آراءهم السياسية كبديهية، وقد تحوّلت آراء الفقهاء من نظرية سياسية وقانونية، إلى “شريعة خالصة” مُقدسة، صالحة لكل العصور (نظرية تحولت عبر التلقين المُلائِم لمصالح السلطة إلى بديهية)، عقب فصلها عن سياقها الاجتماعي-السياسي المشروط.
وعلى الرغم من الاختلاف بشأن مصطلح “الأمة” منذ وقت مبكر بين المفكرين المسلمين، بشأن ربطها بالعصبية، أو الإثنية، أو اللغة، فقد “مَثّلت “الأمة” الدينية وحدة التحليل الأساسية لدى الفقهاء؛ حيث منحوها بُعداً أيديولوجياً يربطها بالعقيدة، جاعلاً من وظيفتها نشر الدعوة الإلهية، واعتُبرت السلطة السياسية أداة نشر الدعوة، ليس ذلك فقط، وإنما تطبيق قانونها على المجتمع، بينما تمثلت غاية الدولة في مصطلح فضفاض هو “العدالة”، التي تتحمل السلطة السياسية مسؤوليتها مُتجسدة في الخليفة”.
هل نجح داعش في إقامة دولة؟
لم يكن الشكل الذي توفر لداعش خلال فترة إعلان الدولة يختلف في الجوهر عن الشكل الذي أشار إليه الأيوبي أعلاه، حيث بقيت الأمة الدينية هي وحدة التحليل الأساسية.
أن “الدولة (على النمط الشرقي) احتكرت الدين مثلما احتكرت الفائض الاقتصادي والمبادرة الاجتماعية، وشكلت طبقة العلماء المثقفة التي رسخت التقليد الشافعي، واحتكرت بدورها تفسير النصوص الدينية، فقدمت دفاعاً أيديولوجياً عن سلطة الدولة على الاقتصاد والمجتمع، وقد مَثّل ذلك لدى أيوبي الاختلاف الأساسي بين الشرق الأوسط وأوروبا، فبينما حاولت الكنيسة التدخل في شؤون الدولة، وهو ما سهّل عملية فصلهما، كان الدين في الشرق الأوسط ملكية للدولة، تديره باستقلال عن المجتمع”.[3]
تاريخيا تعود فكرة إقامة “الدولة” لدى داعش إلى الفترة المضطربة التي تلت الغزو الأمريكي للعراق مع فكرة تقسيم العراق إلى ثلاث دول: دولة كردستان، الدولة الشيعية بالجنوب، الدولة السنية، التي بزت بشدة بعد الحرب الأهلية العراقية. في 13 تشرين أول – أكتوبر 2006، اندمج التنظيم مع عدة تنظيمات إسلامية ضمن مجلس شورى المجاهدين في العراق، وتم إعلان اسمه الجديد “دولة العراق الإسلامية”.
وكان لتنظيم الدولة (داعش) صلات وثيقة مع تنظيم القاعدة حتى شباط – فبراير عام 2014، لكن بعد خلافات وصراع طويل على السلطة استمر لمدة ثمانية أشهر، قطع تنظيم القاعدة كل العلاقات مع جماعة داعش بحجة وحشية الدولة.
وابتداءً من عام 2014، وتحت قيادة زعيمها أبو بكر البغدادي، الذي أعلن الخلافة يوم 29 حزيران – يونيو 2014، وأصبح يعرف باسم أمير المؤمنين ويلقب بالخليفة؛ وتم تغيير اسم التنظيم إلى “الدولة الإسلامية” فقط. حينها ادعى الناطق الرسمي باسم الدولة أبو محمد العدناني أنه تم إلغاء اسمي العراق والشام من مسمى الدولة، وأن مقاتليها أزالوا الحدود التي وصفها بالصنم، وأن الاسم الحالي سيُلغى ليحل بدلاً منه اسم الدولة الإسلامية فقط.
ثم توسعت الدولة بشكل ملحوظ، وحصلت على الدعم في العراق بسبب التمييز الاقتصادي والسياسي ضد السنة العراقيين العرب، وكان لها وجود كبير في المحافظات السورية من الرقة وإدلب ودير الزور وحلب بعد الدخول في الحرب الأهلية السورية في 8 أبريل 2013، وتبنى اسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، قبل أن يتوقف هذا التقدم بشكلٍ مأساوي، بعد إنشاء قوات التحالف لمحاربة الدولة بقيادة أمريكا وتدخل من الروس وإيران.
وبدون الدخول في التفاصيل الدقيقة لتمدد الدولة وانكماشها، حتى إعلان هزيمتها في الموصل -العراق (9 ديسمبر/كانون الأول 2017)، ثم في سوريا (23 أذار/مارس 2019م) حققت الدولة الكثير من شروط تشكيل الدولة الحديث ومكوناتها الرئيسة (البشري، الطبيعي، التنظيمي، والمعنوي، الاعتراف الدولي) من حيث توفر الأرض والجغرافيا السياسية والمساحة التي بلغت أكثر من مساحة بريطانيا مساحة تفوق 240 ألف كيلومتر مربع تمتدّ بين سوريا والعراق، والشعب بكتلة بشرية أكثر منة 7 مليون نسمة، والسلطة والحكومة المركزية القادرة على فرض السلطة القهرية بالمعنى “الفيبري” (الدولة تحتكر وسائل “العنف الشرعي” في المجتمع).
توافرت الدولة على موارد مالية كافية قدرتها مصادر بملياري دولار سنوياً، مستمدة من حقول النفط والمناطق والمدن التي تسيطر عليها، والأراضي الزراعية الخصبة، والتي تقدم موارد ومحاصيل وافرة. وكانت “الدولة” تسيطر على الجزء الأكبر من شمال سوريا، بدءًا من الحدود مع تركيا عند مدينة منبج جنوبًا وحتى مدينة اكجاكال التركية الواقعة على الحدود شمالًا، وحتى مدينة البوكمال الواقعة على الحدود مع العراق. أما في العراق، فيسيطر التنظيم على مساحة شاسعة غرب البلاد تمتد إلى مدينة موصل في الشمال المدينة الثانية في العراق (1.8 مليون نسمة) انتصاراً مهما، بل وحاسماً لداعش، فقد كرست سيطرة التنظيم على أجزاءٍ واسعة من العراق، هي تقريبا المناطق السنية في غرب وشمال العراق، مضافا إليها أجزاء واسعة في شمال شرق سورية (دير الزور والرقة مرورًا بمدن كركوك وبيجي وتكريت وسامراء والفلوجة إلى الجنوب على مقربة من العاصمة العراقية بغداد)[4].
لكن الذي حدث بالفعل هو أنّ دولة داعش كانت دولة طوبى، دولة متخيلة، لأنه في الحقبة المعاصرة من العولمة، حيث يتعرض شكل الدولة الحديث نفسه للامتحان بسب آليات سيرورة العولمة المتخطية للزمكان والمجتمعات والثقافات، لا يستطيع كيان مهما كان أن يعيش خارج المجتمع المعولم، لا تستطيع أن ترفض العالم والمجتمع الدولي، وتطلب هذا المجتمع الدولي /أو العالمي أن يعترف بكيانك.
أن الدولة كما أسلفنا تنشأ ككيان مادي بمجرّد اكتمال عناصرها؛ من مواطنين، وإقليم، وحكومة واستقلال، وبالإضافة إلى هذه العناصر الأساسية، يجب اعتراف وإقرار الدول الأخرى بوجودها، والتعامل معها، والسماح لها بممارسة سيادتها الخارجيّة، واعتبارها عضواً في المجتمع الدولي، وقد يكون الاعتراف فرديّاً، صادراً من كل دولة على حدة تجاه الدولة الجديدة، من تلقاء نفسها، أو استجابةً لطلب الدولة الجديدة، وقد يكون الاعتراف جماعيّاً، صادراً عن مجموعة من الدول، أو عن منظمة، أو هيئة دوليّة مثل هيئة الأمم المتحدة، ويكون الاعتراف أثناء انعقاد مؤتمر دولي، ويتضمّن وثيقة أو معاهدة.
علاوة على ذلك وحتى تنجح هذه الدولة، لا بد أن تكون /أو تسعى أن تحقق شروط “الدولة المدنية” دولة المواطنة، وسيادة القانون، التي تُمنح فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة، فلا يمكن فيها التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو اللغة أو العرق أو اللون، والدولة المدنية هي التي تضمن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتضمن احترام التعددية، والتداول السلمي للسلطة، وأن تستمد شرعيتها من اختيار الشعب، وتخضع الحكومة فيه للمساءلة من قبل الشعب أو نوابه، واستناداً لهذا التعريف تبرز مقومات الدولة المدنية، وهي: المواطنة، سيادة القانون، عدم التمييز بين المواطنين، الحرية واحترام حقوق الإنسان، والتداول السلمي للسلطة، وكل هذه المفاهيم تنطلق من جوهر الديمقراطية وقيمها الأساسية[5].
شكل الدولة القادم
تحتاج تجربة “دولة” داعش الكثير من الدراسة والتحليل الموضوعي في عالمنا العربي والإسلامي، لأنها أكبر من موضوع تجربة تنظيم ديني متطرف تم القضاء عليه عسكرياً، بينما بقي فكره مستمراً. خاصة وأن احتمالات تجدد تجارب هذا التنظيم تبدو بلا نهاية طالما بقيت طوبى تأسيس الدولة الإسلامية على منهج النبوة حلماً يراود الملايين من المسلمين في العالم. ولا يقتصر شرط وجود هذه الدولة في العالم العربي، لأن هناك الكثير من البقع الجغرافية في دول فاشلة في العالم خاصة في آسيا وأفريقيا التي تبدو مناسبة مستقبلاً لإقامة هذه الدولة الجديدة.
لقد كانت “دولة” داعش شكلا هجينا من الدولة (تنظيم/ دولة) ترفض المجتمع الدولي، وتريد أن تعيش خارجه، وتحاربه ولذلك كان فشلها محتما. لكن وعلى الرغم من ذلك، فقد أعطت الكثيرين في العالم المؤمنين بفكرها أملاً بإمكانية تحقيق حلمها بتشكيل دولة إسلامية في المستقبل.
أن التطرف الدين العنيف والارهاب “يزدهران في الدول والمجتمعات الفاشلة والفقيرة وفي حالة غياب سيادة الدولة والعدالة وتطبيق القانون، ومن المرجح أيضا أن التطرف الديني والسياسي سوف يظلّان قائمين ومؤثرين، لأنه وببساطة لا يستمد داعش وجوده من مجرد فكر متشدد يلقى مؤيدين، فهذه النصوص الدينية التي يستند إليها التنظيم موجودة منذ ألف وأربعمائة عام ولم يكتشفها أبو بكر البغدادي ولا أيمن الظواهري من قبل، ولكنه فهم تشكل حول الشعور بالظلم والهزائم، ويمكن ملاحظة كيف تشكلت جماعات متشددة مقاتلة في التاريخ الإسلام”[6].
إنّ 99% من مجموع قتلى العمليات الإرهابية و96% من مجموع العمليات الإرهابية عالميا 2019م، حدثت في الدول التي تعاني من صراعات عسكرية، وارتفاع معدلات الإرهاب السياسي، وكان على رأسها دول عربية وإسلامية. وهذه هي الحاضنة الخصبة لاستمرار إعادة إنتاج متوالية العنف والإحباط وانسداد الأفق، والبحث عن الطوبى الدينية، وهذا ما يمنح داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية الأمل بإعادة المحاولة في المستقبل مع إجراء بعض التعديلات والمراجعات حول أسباب الإخفاق والفشل.
من المؤكد أن هناك من يعكف الآن من قيادات ومنظري داعش والجماعات الإرهابية الأخرى على دراسة تجربة تنظيم دولة داعش، ويحلل مكامن الخطأ في هذه التجربة الفريدة، ويحاول استخلاص العِبر والدروس منها لتجنبها في المستقبل. خاصة وأن هناك الكثير من الأدبيات التي تدل على أن الجماعات الإرهابية بداية من تجربة القاعدة الأم في أفغانستان كانت تخضع للدراسة والتقييم والمراجعة، وكانت تستفيد من تجارب بعضها البعض وتجارب تنظيمات وجماعات أخرى وتطور في أساليبها وأهدافها وتكتيكاتها بشكلٍ دائم.
ولعل التصريح الأخير للمتحدث باسم تنظيم داعش / أبو حمزة القرشي في تسجيل صوتي بث (27 كانون أول/يناير 2020م) أحدث مثال على ذلك، حيث دعا إلى إفشال خطة السلام الأمريكية. وبأن تنظيم داعش سيقوم مستقبلاً باستهداف إسرائيل والمصالح الإسرائيلية.
وهذا قد يعتبر تحوّلاً واتجاهاً جديدا للتنظيم 2020م بعيداً عن المقاربات القديمة المعروفة لتنظيم القاعدة وداعش باستهداف العدو البعيد، والعدو القريب (وهو ما قد يحتاج إلى دراسة منفصلة)
ولقد أثار الإعلان عن بدء “مرحلة جديدة” تستهدف إسرائيل؛ تساؤلات عدة لعل أبرزها هل يحاول التنظيم استغلال عرض الإدارة الأمريكية خطتها للسلام في الشرق الأوسط، والتي تلاقي معارضة شعبية وتحفظات رسمية في المنطقة، لاستعادة حضوره في المشهد وتجنيد عناصر جديدة، بعد الانتكاسات التي مني بها في سوريا والعراق ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي على يد قوات أمريكية؟
وقال المتحدث إن زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” الجديد أبا إبراهيم الهاشمي القرشي “عزم على نفسه وإخوانه المجاهدين على مرحلة جديدة ألا وهي قتال اليهود واسترداد ما سلبوه من المسلمين. وأن عيون أجناد الخلافة مازالت في كل مكان على بيت المقدس. بهجمات كبيرة في قادم الأيام” ويعتقد أن التنظيم يحاول من خلال هذا الظهور توجيه رسائل من قبيل أنه لا يزال ناشطا بقوة وقادرا على توجيه ضربات، فضلا عن محاولة استمالة الشباب المسلم الغاضب من خطة السلام الأمريكية[7].
والسؤال الذي يبقى معلقاً، ماذا لو جاء تنظيم آخر، وقام بمعالجة كافة الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها داعش.
[1]- فيصل براء متين المرعشي. (2020). مفهوم الدولة، الموسوعة السياسية،
https://political-encyclopedia.org/dictionary/مفهوم%20الدولة
[2]- المرجع السابق.
[3]- أمين حمزاوي (2019) الإسلام السياسي: كيف تحولت آراء الفقهاء السياسية إلى “شريعة”؟، صحيفة حفريات الإلكترونية،
https://www.hafryat.com/ar/blog/إيران-مناورة-جديدة-للخروج-من-العزلة-فهل-تنجح؟
[4]- إبراهيم غرايبة (2015).الامتدادات الجغرافية والبشرية لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مركز الدراسات الاستراتيجية، الجامعة الأردنية،
http://jcss.org/ShowNewsar.aspx?NewsId=428
[5]- أمين مشاقبة (2016). عناصر الدولة المدنية، صحيفة الدستور الأردنية،
https://www.addustour.com/articles/6738-عناصر-الدولة-المدنية
[6]- إبراهيم الغرايبة، مرجع سابق.
7- صحيفة العرب (2020) داعش يستهدف إسرائيل: حقيقة أم دعاية؟
https://alarab.news/داعش-يستهدف-إسرائيل-حقيقة-أم-دعاية؟
*مؤمنون بلا حدود
إضافة تعليق جديد