نحو تحالف عربي تركي أميركي لدخول برّي إلى سوريا
اتجاه لتشكيل تحالف عربي تركي بمشاركة أميركية لدخول برّي إلى سوريا. لم يعد الأمر مجرد تكهنات، ولا آراء محللين. بات حديث الساعة في أكثر من عاصمة إقليمية. أحمد داوود أوغلو لمّح إليه. كذلك فعلت الرياض وأبو ظبي. لكن الأطروحة المتكاملة جاءت على لسان عضوي مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين وليندسي غراهام، في خلال زيارتهما قبل يومين لبغداد.
رئيس الوزراء التركي أعلن من بروكسل أن تركيا ستبدأ عملية جديدة مع السعودية و«دولة أخرى»، لم يسمّها، لـ«مكافحة الإرهاب» في سوريا، بدعم إقليمي. وأكد، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الأمين العام لـ«الأطلسي»، ينس ستولتنبرغ، الحاجة إلى قنوات دبلوماسية للوصول إلى هذه المرحلة، في وقتٍ شدد فيه على أن حدود تركيا مع سوريا هي حدود حلف «شمال الاطلسي».
السعودية سارعت إلى الردّ على دعوة داوود أوغلو بإعلان تأييدها تكثيف جهود «التحالف الدولي» في محاربة تنظيم «داعش» في سوريا والعراق. ونقلت وكالة الانباء السعودية عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله إن الرياض تعتبر من الدول المؤسسة لـ»التحالف الدولي» ضد «داعش» في سوريا والعراق، ومن أوائل الدول التي شاركت بفعالية في العمليات العسكرية ضد التنظيم في سوريا. وأضاف المصدر أن السعودية تعرب عن تأييدها «لتكثيف جهود التحالف، بما في ذلك توسيع مشاركة بريطانيا لتشمل العمليات العسكرية».
أما الامارات، فكان ردّها أوضح على تصريحات داوود أوغلو، إذ عبّرت عن استعدادها للمشاركة في جهد دولي «يتطلب تدخلاً برياً لمكافحة الارهاب»، ولكن من دون تحديد مكان هذا التدخل. وأكد وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أن «دول المنطقة تحمل جزءاً من العبء»، معتبراً أنه «لا مجال لتدخل أجنبي كالتدخل الاميركي لتحرير الكويت، حيث لم يعد هذا السيناريو مجدياً».
ورأى قرقاش أن «التحالف العربي في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية هو النموذج البديل لنا كدول».
وفي الملف السوري، أكد قرقاش أن «حل الأزمة السورية هو مفتاح نجاح هذه الحرب»، معتبراً أن «مصير الأسد وموقعه في المرحلة الانتقالية ومخرجه من بعدها هو ما يعرقل حل الأزمة السورية، وبالتالي نجاح الحرب على الإرهاب».
وتعليقاً على الضربات الجوية، رأى قرقاش أن أي تدخل «سيعقّد المشهد، سواء كان روسياً أو من أي طرف آخر»، مستطرداً بالقول إن «أحداً لن يستاء من القصف الروسي لداعش أو القاعدة، فهو قصف لعدو مشترك».
وتكمن أهمية كلام داوود أوغلو أنه يأتي غداة دعوة العضوين الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي، جون ماكين وليندسي غراهام، إلى تشكيل قوة من 100 ألف جندي أجنبي، معظمهم من دول عربية وإسلامية مثل مصر والسعودية وتركيا، إضافة الى إرسال عشرين ألف جندي أميركي إلى كل من سوريا والعراق، لقتال تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش). ودعا غراهام وماكين إلى زيادة عديد القوات الأميركية في العراق إلى عشرة آلاف، والذي يقدّر حالياً بثلاثة آلاف و500 مستشار عسكري.
وانتقد ماكين وغراهام الاستراتيجية التي ينتهجها الرئيس باراك أوباما بشأن تنظيم «داعش»، والتي تعتمد على الضربات الجوية والدعم المتواضع للقوات البرية المحلية في العراق وسوريا، معتبرَين أن الهجمات التي وقعت في باريس، الشهر الماضي، أكدت ضرورة زيادة التدخل الأميركي. وأكد غراهام أن «الوسيلة الوحيدة لتدمير «داعش» هي باستخدام عنصر بري، مضيفاً أن «القصف الجوي لا يغيّر مسار معركة».
وقال ماكين إن «حشد الحلفاء العرب للمساهمة في القوة البرية المقترحة في سوريا أمر ممكن ولكنه ليس سهلاً»، معتبراً أن «عزل (الرئيس السوري بشار) الأسد»، هو السبيل «لجعل الدول العربية السنّية تدعم القوة البرية المقترحة». وكان ماكين قد اقترح في الآونة الأخيرة تدخل قوة برية أوروبية وعربية في سوريا، يدعمها عشرة آلاف مستشار ومدرب أميركي.
وذكر ماكين أن «رئيس الوزراء (العراقي حيدر العبادي) قال إنه يريد وجوداً أميركياً أكبر هنا» في العراق. بدوره، نقل غراهام حديثه مع العبادي حين سأله غراهام إذا كان يرغب في مساعدة أميركية أكبر، فكانت إجابة العبادي: «نعم».
وأضاف ماكين: «أعتقد أن 100 ألف سيكون الإجمالي المطلوب»، مضيفاً أن حشد هذه القوة «لن يكون صعباً على مصر، سيكون صعباً على السعوديين، كما سيكون صعباً على الدول الأصغر، ولكن تركيا كذلك يمكن أن تساهم بقوات».
وأوضح غراهام أن هذه القوة قد تشتمل كذلك على نحو 10 آلاف جندي أميركي «يوفرون قدرات لا يملكها العرب»، متسائلاً «متى كانت آخر مرة قام بها جيش عربي بمناورة؟».
وتابع غراهام القول إن «الوضع الحالي يختلف عن الحربين الماضيتين»، في إشارة الى الحرب التي استمرت 14 عاماً في أفغانستان وغزو العراق عام 2003، وآثاره المستمرة منذ نحو تسع سنوات في العراق. وأضاف «هذه المرة ستتألف القوات من جيش إقليمي كبير مع قوة غربية صغيرة، في حين أنه خلال الحربين الماضيتين كانت القوات الغربية كبيرة والقوة الاقليمية صغيرة جداً». وأوضح «في اعتقادي أن القوة التي ستبقى ستكون دولية، وسيتمكن العرب السنّة من السيطرة على جزء من سوريا يلقون فيه ترحيباً» بعد خروج تنظيم «داعش».
في المقابل، ردّت الحكومة العراقية بصورة غير مباشرة على دعوة ماكين وغراهام، مجددةً تأكيدها على قدرة القوات الأمنية والمتطوعين المساندين لها من مقاتلي «الحشد الشعبي» والعشائر على إلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش». وفيما رحّب بيان الحكومة بزيادة الدعم في السلاح والتدريب والإسناد من «الشركاء الدوليين» في «حربنا ضد الارهاب»، أكد أن لدى العراق ما يكفي من الرجال والعزيمة لإلحاق الهزيمة بداعش وأشباهها من الجماعات الاجرامية الأخرى. وتابع البيان أن «هذه الحرب ليست حرباً بين الطوائف أو الاديان أو الجماعات الاثنية، بل هي حرب عادلة ضد قوى الظلام والدمار والقتل».
من جهته، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، أن العبادي «لم يطلب قوات أميركية مقاتلة على الأرض، لكنه طلب مزيداً من الأسلحة والمستشارين لزيادة الدعم الجوي للقوات العراقية».
مصرياً، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أهمية مكافحة التنظيمات الإرهابية في سوريا وليبيا، وذلك خلال لقائه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، غداة اجتماعه بوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، بحضور قيادات وزارة الدفاع الفرنسية وأعضاء الوفد الرسمي المصري.
وكالات
إضافة تعليق جديد