تصنيع الإسلام الأناضولي في أمريكا وإعادة تصديره إلى تركيا والمنطقة
الجمل- قسم الترجمة- جولة (الجمل) على الصحافة الإيرانية:
تركيا ذراع الغرب للنفوذ إلى العالم الإسلامي:
تتماهى تركيا وسياساتها مع الغرب وتنسق معه على أعلى المستويات في مختلف القضايا لتحصل مقابل ذلك على امتيازات عسكرية واقتصادية. إذا كيف تسير منفصلة عنه؟! كيف لا تحذوه وكيف لا تكون تابعة له ؟! للإجابة عن هذه التساؤلات نسلط الضوء على تشكّل النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الحالي في تركيا وسنتناول بالبحث الإستراتيجية الطويلة الأمد التي رسمها الغرب لهذا البلد.
أوجب انتصار ثورة إيران إيجاد الكثير من المعادلات السياسية والنظريات الاجتماعية كما غيّر مفاهيم كثيرة أيضاً، حيث كانت أهم خصائص الثورة الإسلامية الإيرانية هي إحياء الإسلام ومحاولة تقديمه مرة أخرى للعالم بنسخة جديدة مطورة. إنّ كراهية الظلم وكراهة الإسلام للاستكبار أوجب أن يقوم الغرب وأمريكا خصوصاً باستهداف إيران ومواجهة الثورة فيها منذ بداية انطلاقها، وقد ابتدعت طرق متنوعة لمواجهة ايران التي كانت تسعى لتجعل نفسها أنموذجاً للدولة الإسلامية المعتدلة والمتطورة ومنها:
المواجهة القاسية:
إنّ نشوب الحرب العراقية الإيرانية مثال واضح لمواجهة الغرب الشديدة مع إيران وتصديه لها كما أنّ اغتيال شخصيات سياسية وثقافية كان أحد طرق مواجهة الغرب خلال العقد الأول من عمر الثورة الإيرانية. يذكر أنه خلال هذه المواجهة كان الغرب يتّبع نظرية صراع الحضارات، لكنه لم يحقّق أهدافه كما أنّ هذه المواجهة أدّت إلى جعل ايران مثالاً لمقارعة الظلم والاستكبار.
المواجهة الخفية:
وقد تمثّلت بإيجاد مجموعات كالقاعدة أو حركة طالبان الذين يقدّمون أنفسهم على أنّهم ممثلو الإسلام الحقيقي ويقومون بأعمال عنيفة ودموية لتشويه صورة الإسلام المتسامح. إنّ الأعمال التي يقوم بها عناصر القاعدة من تفجير المراكز العامة مثل (المطارات، محطّـات مترو الأنفاق، القطارات، المراكز الطبـيّـة والمجمّـعات العامة) جعلت المسلمين في كل العالم ينظرون للأمور بنظرة انفعالية غير فاعلة ويتخذون بموجبها ردات فعل انفعالية.
المواجهة الناعمة:
اتّبع الغرب في مواجهته الناعمة مع إيران أساليب متعددة فكانت حرب الإعلام والثقافة من أبرزها، ومن مفرزاتها تأتي"الحرب الثقافية، الدعاية والفبركة في وسائل الإعلام، المواجهة السياسية في الداخل وفي الخارج".
المواجهة الثقافية:
قامت الدول الغربية وخصوصاً أمريكا بتشكيل جبهة ثقافية كبيرة ضدّ إيران تمخض عنها إعداد وإنتاج مئات الأفلام العالمية بالإضافة إلى نشر الروايات والقصص في كل مكان في العالم، وإنّ أفلاماً مثل "300 محارب _ أبداً من دون ابنتي وغيرها..." تعدّ أنموذجاً بارزاً لهذه الدعايات، كما أنّها عملت على إيجاد وخلق أذواق مختلفة في مجالات ثقافية متعددة من أجل كسب النشء الجديد وكان هذا من أهم وأخطر أساليب مواجهة الغرب الثقافية مع إيران.
الدعاية في وسائل الإعلام:
أحد أفضل وأخطر الأساليب لحرب الغرب الثقافية كان إنشاء محطّـات إذاعية وتلفزيونية تبث برامج تحريضية ومعادية لإيران.
التشجيع على المواجهة السياسية في الداخل:
إنّ تشجيع التيارات والمجموعات السياسية داخل إيران على المواجهة مع النظام يعدّ من الأساليب الأخرى لحرب الغرب الناعمة ضدّ إيران، والأحداث السياسية والاضطرابات التي وقعت خلال السنوات الماضية تؤكد هذا الادّعاء.
التشجيع على المواجهة السياسية في الخارج:
هناك مجموعة من الإجراءات اتخذت تدلّ على وجود حرب ناعمة في ساحات صراع السياسيات الدولية موجهة ضدّ إيران ويتّضح ذلك ببث "دعايات سياسية متعددة" مثل (التحذير من الأنشطة النووية الإيرانية، أوضاع حقوق الإنسان، التشكيك في الحريات الفردية والاجتماعية، وفي النهاية فرض عقوبات متعددة)...
صناعة أنموذج:
يعرف أصحاب الرأي وخبراء الحرب الناعمة أنه يتم استخدام آليات كثيرة متنوعة في هذه الحرب، ويدركها المفكرين جيداً والرأي العام العالمي: مثل تأليف الكتب والمقالات وإلقاء الخطب والكلمات وعرضها على الرأي العام العالمي واستغلال الدعايات في الإعلام وتوظيف الفن بالإضافة إلى استغلال العادات والتقاليد وموارد أخرى.
-مع انكشاف هذا الآليات وقدمها ابتدع الغرب طريقة جديدة وعلى ما يبدو غفل عنها الخبراء والمفكرين حتى الآن، تُعرف هذه الطريقة بـ"ابتداع أنموذج"، فانبرت تركيا لتحمّل هذه المسؤولية ولعب دور المحارب الناعم في مواجهة إيران.
تتخلص هذه الآلية بالقيام بتقديم دولة مثل تركيا كأنموذج للعالم الإسلامي، وجعلها متفردة بتشكّيل هذا الأنموذج للمسلمين في العالم، لأنّ هناك مزايا عدة تصبّ في مصلحة الغرب منها:
1- تركيا دولة علمانية وفي حال قبِل المسلمين أنموذج هذه الدولة الإسلامية، فالشعوب حكماً ستقبل بعلمانية هذه الدولة أيضاً دون أن يعرفوا بذلك.
2- بالرغم من اتخاذ تركيا لإجراءات عدة ضدّ إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، لكنها لا تَعتبر مواجهة الكيان الصهيوني أمراً راسخاً وعقيدة ثابتة، إلا أنها سياسياً تعارض بعض الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل.
3- تعترف تركيا بشكل رسمي بالكيان الصهيوني فإذا ما قبل المسلمون الدولة التركية كأنموذج لدولهم المنشودة فهذا يعني أنهم قبلوا الاعتراف بإسرائيل بشكل رسمي أيضاً.
4- تجري الكثير من الأعمال في تركيا "مخالفة للشرع" تحت راية العلمانية، وإذا قبل المسلمون الأنموذج التركي للإسلام فهذا يعني أنهم يقبلون القيام بأعمال كهذه مخالفة للقوانين الإسلامية.
5- في حال قبل المسلمون تحت أيّ عنوان الأنموذج التركي، فهذا يعني أن قيادة العالم الإسلامي ستنتقل إلى أنقرة وهذا يعدّ نصراً كبيراً للغرب.
تركيا والتحدّيات الإسرائيلية:
واجهت تركيا خلال السنوات الماضية تحدّيات جديّة في علاقاتها مع إسرائيل، وكان اتخاذ أنقرة لمواقف معادية لإسرائيل أمر غير مسبوق في تاريخ السياسة التركية المعاصرة. المشادة الكلامية التي جرت بين رئيس الوزراء التركي "أردوغان" و"شيمون بيرز" في اجتماع دافوس قبل سنوات عدة مثال على ذلك، حيث اتهم أردوغان بيريز بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية على أثر قصف غزة الأمر الذي أثار انتباه الرأي العام العالمي والرأي العام في العالم الإسلامي بشكل خاص.
-استهداف سفينة المساعدات الإنسانية التركية المتوجهة إلى غزة (قبل 16شهر) من قبل القوات الإسرائيلية ومقتل ثمانية من ركابها أدى إلى توتّر العلاقات التركية الإسرائيلية وإلى مطالبة أنقرة إسرائيل بالاعتذار.
-صدر عن الأمم المتحدة تقرير ذو وجهين يعلن أنّ إسرائيل باستهدافها سفينة المساعدات الإنسانية لم ترتكب أيّ خطأ ما دفع الرئيس التركي "عبدالله غل" لعدم قبول هذا التقرير وقامت الحكومة التركية بطرد السفير الإسرائيلي من أنقرة ويُعدّ هذا الأمر غير مسبوق في تاريخ السياسة التركية الحديثة، وعلى أثرها توتّرت العلاقات التي استغرق بناؤها وتعزيزها قرابة النصف قرن.
-بعد طرد السفير الإسرائيلي من تركيا ألغت أنقرة كل الاتفاقيات العسكرية والأمنية مع إسرائيل.
تركيا والمنطق السياسي:
من الواضح أن إجراءات تركيا لا تتطابق مع منطق السياسة، ومن أجل إدراك ماهية هذه الأحداث علينا الاستعانة بمنطق آخر يساعد على فهمها، حيث أن تصريحات الرئيس التركي "عبدالله غل" عن عدم قبول بلاده التقرير الصادر عن الأمم المتحدة حول غرق سفينة المساعدات الإنسانية المرسلة إلى غزة وطرد السفير الإسرائيلي من أنقرة تحمل معاني كثيرة منها:
-تحول تركيا بشكل مباشر إلى رأس الحربة ضد الغرب.
-رفضت تركيا كلّ الاغراءات والامتيازات الاقتصادية والسياسية المقدّمة من قبل الغرب.
-تركيا تدخل حرباً دبلوماسية مع إسرائيل.
-تركيا تغضّ الطرف عن الانضمام إلى الاتحاد الأوربي.
-تركيا وضعت نفسها في الخط المتقدّم للمواجهة مع إسرائيل.
لمَ ومقابل ماذا؟
لمَ دخلت تركيا في نزاع كهذا مع إسرائيل وما هي محفّزاتها لاتخاذ مواقف كهذه؟
هل أنقرة مستعدة بعد غرق سفينة مساعدات إنسانية لتضحي بكلّ مصالحها التي اكتسبتها من الغرب خلال نصف قرن دفعة واحدة؟
في الحقيقة تركيا غير قادرة على اتخاذ مواقف كهذه بسبب وجود محوريين أساسيين هما:
1-المحور الأول: إنّ النظرة السياسية التركية تجاه إسرائيل هي نظرة ليست عقائدية، فتركيا تعترف بوجود إسرائيل لذلك فهي ليست قادرة على مجابهة إسرائيل بشكل جدي.
لو كانت تركيا تضع نفسها في جبهة المعادين لإسرائيل مثل "سوريا وحزب الله" لمَ لا تلتحق بركب هذا المحور؟!.. ولمَ تعادي سوريا وتتدخّل في شؤونها الداخلية وتسعى لإسقاط النظام المقاوم فيها؟!.
2-المحور الثاني: تركيا لديها اتفاقيات وتعهدات تمنعها من خوض مواجهة جدية ضدّ إسرائيل لأسباب عدة وهي:
-تركيا عضو في حلف الناتو، حلف الناتو مكلّف بشكل غير مباشر عن طريق الاتفاقيات الأمنية الموقّعة مع واشنطن وتل أبيب بحماية إسرائيل والدفاع عنها.
-إذا أرادت أنقرة أن يستمرّ اقتصادها في النمو عليها أن تحافظ على علاقاتها مع الغرب، لأنّ الاقتصاد التركي يعتمد بشكل أساسي وحيوي على الأسواق الغربية، وفي حال توتّرت العلاقة مع الغرب سينعكس هذا حتماً بشكل سلبي على الاقتصاد التركي.
-من الممكن أن يقال إنّ حكام تركيا الجدد ينتهجون آلية متفاوتة ومختلفة اتجاه القضايا الداخلية والخارجية وإنّهم يسعون لإصلاح النظام السياسي وإعادة النظر في المواقف السياسية التركية.
- وهنا علينا أن نعطي مثالاً: في حال لم تتمكّن الحكومة التركية من إقناع الرأي العام الداخلي والخارجي في هذا البلد من أنّ النساء والفتيات لهنّ حقّ الدخول إلى الجامعات بأيّ لباس يرغبن بارتدائه فكيف ستستطيع إقناع المسؤولين الأمريكيين بأن تبقى تركيا عضواً في حلف شمال الأطلسي وهي في الوقت نفسه على حالة عداء سياسي مع إسرائيل ؟
الواقع المخفي:
الواقع على ما يبدو أنّ أنقرة لا تسعى لدخول مواجهة جديّة مع إسرائيل أو الغرب بل على العكس يمكن إدراج هذه الإجراءات كجزء من مشروع التنسيق حتى تتمكّن أنقرة من تقديم نفسها كأنموذج لدولة مثالية لقيادة العالم الإسلامي. وعلى ما يبدو أن الغرب وصل إلى نتيجة مفادها أن تركيا أفضل أداة للنفوذ إلى العالم الإسلامي.
في عام 2001 وصلت تركيا إلى حافة الانهيار أثر أزمة اقتصادية شديدة، ولكن بعد أن وصل حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى السلطة تغيّر كل شيء فجأة. لقد وضع "كمال درويش" أحد مدراء البنك الدولي والذي كان من المقرر أن يخلف "سترواس" برنامجاً اقتصادياً عظيماً أعطى نتائج مبهرة، وهنا يمكننا القول وبشكل قطعي إنّ هذا البرنامج الاقتصادي ما كان ليكون فعالاً ومؤثراً لو وجد في ظل حالة من العداء للغرب أو إسرائيل، ومع تطبيق هذا البرنامج وصل النمو الاقتصادي التركي عام 2007 إلى 6% حيث إنه لا توجد دولة حتى الآن استطاعت أن تخرج من الأزمات الاقتصادية بين عامي 2008 و2009 مثلما خرجت تركيا، كما أن نمو الاقتصاد التركي تجاوز عتبة الـ 9% في عام 2010، بعبارة أخرى "تركيا مثل الصين تملك أكبر نمو اقتصادي بين دول العالم أجمع".
يبلغ مجموع ديون تركيا 41% من الدخل المحلي الإجمالي حيث إنّ كل الدول الأوربية بلا استثناء تحلم بامتلاك وضع اقتصادي كما هو عليه الآن الاقتصاد التركي.
تضاعف الدخل السنوي التركي منذ تسلّم أردوغان للسلطة إلى ثلاثة أضعاف، وقد وصفت صحيفة "الاكومونيست" البريطانية تركيا بأنها "صين أوربا" لذلك تركيا غير قادرة حتى على التفكير في خوض مواجهة ولو دبلوماسية مع الغرب.
أصول حزب العدالة والتنمية:
-يعتبر مؤسسو حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان أنهم أبناء وتلاميذ حزب "الرفاه" بزعامة "نجم الدين أربكان" لكنّ الواقع يدل على أنّ لحزب العدالة والتنمية وجهات نظر ورؤى مختلفة عن حزب الرفاه الإسلامي وزعيمه "أربكان"، حيث يبدو واضحاً تأثر حزب العدالة والتنمية بالأفكار الإسلامية لـ(كولن وحركته) الذي يعد المرشد الروحي و الزعيم الفعلي لحزب العدالة والتنمية.
-سعى نجم الدين أربكان كإنسان مسلم إلى إحياء الفكر الإسلامي على الصعيد السياسي وحاول أن يطبّق نظرية الاقتصاد الإسلامي في تركيا، كان أربكان ينتقد علناً العلمانية لهذا جوبه بردّ فعل قوي من العسكر وتمّ الانقلاب عليه وإزاحته حتى أن العسكر منعوه من مزاولة العمل السياسي أيضاً.
-يعتقد زعماء حزب العدالة والتنمية أنّه يمكن التوفيق بين الإسلام والليبرالية لهذا يقدّم أردوغان نفسه على أنه يتبنى الفكر الإسلامي ومن جهة أخرى يدافع عن العلمانية ويعتبر نفسه مرتبطاً بها.
من هو "فتح الله كولن"؟
"محمد فتح الهف كولن" مواطن تركي يعمل أستاذاً للتربية الدينية ويعيش في ولاية بنسلفانيا الأمريكية.
-يعتقد كولن أنه قدّم للعالم نسخة محدّثة عن الإسلام يمكن أن تكون سبباً في تقدّم وتطوّر المسلمين والعالم الإسلامي ويسمى هذا النوع من القراءة للإسلام "بالإسلام الأناضولي"، كما أنّ تعاليم كولن متأثّرة بشكل كبير بتعاليم العالم الإسلامي التركي "سعيد نورسي" والمحور الأساسي لفكر كولن مبني على قيم التسامح.
يُعرف "كولن" في الأوساط التركية بأنّه رجل أصولي معتدل وطبعاً متديّن، ويعتقد أنّ تغيير المجتمع يجب أن ينبع من تغيير منظومات التربية والتعليم.
-يعتقد كولن أنّ تغيّر وتطوّر المجتمعات ينشأ عن تغيّر منظومة التربية والتعليم لذا أقدم في عام 1970 وعلى نفقته الشخصية بإحداث منظومة تعليمية عرفت "بحركة كولن".
-بدأت هذه الحركة فعاليتها ببناء مدارس مختلفة في تركيا وبعدها في مناطق مختلفة في كل أنحاء العالم.
-يُقال إنّ حركة كولن تضمّ(4)ملايين شخص ناشط، الناشطون في هذه الحركة غالبيتهم من الطلاب، المعلمين، التجار والصحفيين وآخرين باختصاصات مختلفة.
-تضمّ حركة كولن مدارس، جامعات، مؤسسات حرفية وحتى محطّات إذاعية وتلفزيونية.
-كتبت مجلة "نيوزويك" عام 2009: يدير أعضاء حركة كولن عدداً كبيراً من المدارس في مختلف أنحاء العالم حيث يعملون على تعليم أكثر من (2) مليون تلميذ والكثير من هؤلاء التلاميذ يحصلون على منح دراسية كاملة من هذه الحركة.
-يبلغ تعداد مدارس كولن في تركيا قرابة (300) مدرسة وهناك ما يقارب الـ (1000) مدرسة منتشرة في القارات الخمس.
- تَعتبر مدارس كولن إجادة اللغة الإنكليزية إحدى أولوياتها لذا فإنّ كل خريجي هذه المدارس يتكلّمون اللغة الإنكليزية بطلاقة.
-المستوى العالي للتعليم في هذه المدارس في مختلف نقاط العالم لم يؤدّ فقط إلى جذب الأتراك لتسجيل أبنائهم في هذه المدارس بل إنّ المواطنين الأصليين في هذه الدول يفضلّون تسجيل أبنائهم في هذه المدارس .
أسئلة ملحّة عن ماهية وبنية حركة كولن:
1-إذا كان هدف كولن من تأسيس مثل هذه الحركة عام 1970 هو إحياء الإسلام الحقيقي على الساحة الاجتماعية والسياسية في تركيا، لمَا لم تضع الحكومات العلمانية والعسكرية التركية في ذلك الوقت وبعده عوائق أمام أنشطة وفعاليات هذه الحركة؟!.
لقد استمرت أنشطة هذه الحركة دون توقّف خلال الأعوام "43" الماضية في حين كانت الحركات الإسلامية مهما بلغ حجمها وتمثيلها على الأرض تُواجه بردود فعل خشنة وعنيفة من قبل القوّات العلمانية والعسكرية التركية ومثالها أنشطة "حزب أربكان".
2-حسب الإحصائيات: لدى حركة كولن (300) مدرسة فقط في داخل تركيا في حين يوجد (1000) مدرسة منتشرة في كل أنحاء العالم يتمّ إدارتها من قبل هذه الحركة.
3- لمَ يفكر كولن إلى ما بعد الحدود التركية؟
هل تجري هذه الأنشطة والفعاليات الضخمة فقط على النفقات الشخصية؟
هل يمكن لمنظمة أن تستمرّ في عملها وفي تقديم خدماتها دون وجود منظمات سياسية داعمة لها ودون أن تواجه أيّ عوائق أو ضغوطات؟
الجواب:
1-مع تصاعد الحس الديني خلال السنوات الأخيرة من عقد التسعينيات وخصوصاً بعد وصول الإسلاميين في إيران إلى الحكم ونظراً للأصول والميول الإسلامية الموجودة في تركيا توصّلت دوائر صنع القرار في الغرب إلى نتيجة مفادها أنّه لا يمكن للمدرسة العلمانية بعد الآن أن تمنع نشاطات الحركات الإسلامية في تركيا، لذا بدأت مساع مبنية على قراءة جديدة للدين الاسلامي من خلال قيم التسامح مع ميول جديّة واضحة نحو الليبرالية لتقديمها للشعب التركي.
2- من جهة أخرى أدركت دوائر صنع القرار في الغرب أنه عاجلاً أم آجلاً ستجتاح أمواج الأصولية الإسلامية المتأثرة بالأنظمة الإسلامية الموجودة في المنطقة ستجتاح العالم، لذلك سعوا بدايةً لإيجاد مجموعات متطرفة مثل "طالبان" لخدش صورة الإسلام أمام الرأي العام العالمي ليصار بعد ذلك إلى تقديم أنموذج إسلامي معتدل ذي ميول ليبرالية يستطيع أن يجذب إليه كلّ من يطالبون بأنظمة تستقي قوانين حكمها من الإسلام، الآن يمكن فهم موضوع إحداث (1000) مدرسة تُدرّس عقيدة حركة كولن في كل أنحاء العالم.
3-تعمل منظمة كولن الآن بشكل أكثر فاعلية بعد الدعايات الواسعة المنتشرة عنها حيث تحظى بدعم مالي وسياسي من قبل المستشاريات الثقافية التركية، وهذا ما يظهر نقاط القوة لدى حزب العدالة والتنمية.
الأصول الفكرية لكولن:
-بعد وقوع الانقلاب العسكري الذي قاده "كنعان أورند" عام 1980 تمّ الإعلان عن إجراءات عدة اتخذتها الحكومة العسكرية حول تحرير الاقتصاد كان أبرزها إيجاد فرص عمل للمنظمات غير الحكومية ومنها المنظمات الدينية، ليتمّ مرة أخرى إحياء الطرق الدينية ومنها "طريقة النور" التي أسسها "سعيد نفيسي" (1873-1960) حيث وقع "فتح الله كولن" تحت تأثير أفكاره وطريقته بشدة، مع أنّه لم يرَ أبداً سعيد نفيسي.
-يعتبر فتح الله كولن اليوم في تركيا مؤسس الإسلام المتنوّر والمعتدل لأنّه أسّس واتّبع طريقة يُعتقد بأنّها استطاعت أن توفّق بين التديّن والقومية مع قيم التسامح والديمقراطية.
-الكثير من المطبوعات في الغرب تعتبره زعيم حركة اجتماعية إسلامية غير معادية للغرب حيث تسوق حركته الشرق الأوسط باتجاه الإسلام الاجتماعي.
-قرّر فتح الله كولن قبل ما يقارب 30 عاماً وبالتعاون مع عدد من أصدقائه في أزمير بدء أنشطة في مجال تعليم وتربية الأجيال الجديدة داخل وخارج تركيا فهو يهدف إلى :
1-بناء مدارس تعليمية خارج تركيا قبل أن تقوم أيّ دولة أخرى بهذا الأمر مثل "إيران".
2-تنشئة جيل متفوّق يتمكّن من إدارة تركيا بعد (10) أو (15) عاماً، ونلاحظ اليوم علامات عن هذا الأمر (أردوغان وفريقه).
3-يقول كولن: "لن نستطيع خلال (3إلى 4) سنوات أن نتجاوز حدود الـ (200) مدرسة في آسيا ولكن في كل عام يضاف إلى تعداد الـ (200) مليون شخص الذين يتحدّثون اللغة التركية (40.000) شخصاً يتطوّعون بصفتهم مبشرين للدعاية عن تركيا في جهات العالم الأربع.
4-حسب معتقدات كولن: المعلمون الذين يتمّ إرسالهم للتعليم في أنحاء العالم يستطيعون أن يكونوا دبلوماسيين يبنون جسوراً بين تركيا والدول التي يعملون فيها ويهيّئون أرضية للتعاون الاقتصادي أيضاً.
ملاحظة: أغلب أبناء المسؤولين البارزين في المنطقة وخصوصاً سفراء وممثلو الدول الأجنبية المقيمون في المنطقة يتعلّمون في هذه المدارس.
نماذج مدارس كولن:
1–بعد سقوط الاتحاد السوفييتي تمّ بناء 1500 مسجد في جمهورية أذربيجان يقال إن لتركيا نفوذاً كبيراً في هذه المساجد، ويقول كولن:" في عام 1990كانت روسيا تعاني من أزمة فأرسلنا مبعوثين إلى جمهورية أذربيجان، وبدأت جامعة كولن عملها في أذربيجان في عام 1993، حيث بلغ مجموع الطلاب الدارسين في هذه الجامعة أكثر من 750 طالباً، وفي كلّ عام يصل عدد الراغبين في الالتحاق بهذه الجامعة إلى ما يُقارب الـ (7000) طالب 10% منهم يحظون بفرصة إكمال دراستهم في هذه الجامعة.
2-ويوجد لكولن أصدقاء في (10) جمهوريات من جمهوريات الاتحاد الروسي الذي تشكّل من 13 جمهورية مستقلة يعملون في حقل التربية والتعليم وفي عاصمة سيبيريا التي تتبع اليوم للاتحاد الروسي يتكلّم فيها الأطفال الروس اللغة التركية مثل لغتهم الأم، وبالإضافة إلى وجود (500) تلميذ في المدرسة، كما يرتاد كبار السن وبشكل واسع المراكز الثقافية التركية ليتعلّموا اللغة التركية.
3- خلال 5سنوات تمّ إنشاء 20 مؤسسة تعليمية في تركمانستان تخرّج منها "302" تلميذ 96% منهم استطاعوا أن يلتحقوا بالجامعة.
4-في أوزبكستان وخلال العام الدراسي 1992-1993 تمّ إحداث (18) مجمّعاً تعليمياً بكلفة قدرها 12مليون دولار ومع مرور 6 سنوات من هذا التاريخ أصبحت المؤسسات التعليمية التركية تعدّ من أكثر المدارس تفوّقاً في أوزبكستان..
5- في البوسنة عام 1995 وعلى الرغم من عدد السكان القليل بدأت 3 كليات تركية بالعمل هناك.
6-في أفغانستان رغم الحرب هناك فإنّ (4) كليات تتبع لحركة فتح الله كولن تُقدّم خدماتها التعليمية.
7-في عام 1996 تمّ افتتاح جامعة كازاخستان الدولية خلال مراسم احتفالية حضرها الرئيس التركي "سليمان ديميريل" والرئيس الكازاخي "نور سلطان نزارباييف" ويدرس في هذه الجامعة أكثر من (400) طالب في اختصاصات العلوم الإدارية والاقتصادية والتربية والهندسة.
8- إنّ (جامعة "الاداغ" في كازاخستان، المعهد العالي للهندسة المدنية في منغوليا، كلية "باك-ترك" الدولية في باكستان، المعهد الإسلامي في بلغاريا، معهد في داغستان، كلية العلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة الاستشراق وكلية "مريدين" في لندن) تعدّ من المؤسسات التعليمية التي تتبع لمنظمة فتح الله كولن.
داعمو كولن:
حظي فتح الله كولن بدعم رؤساء تركيا خلال ممارسته لأنشطته وفعالياته.
1-قام "تركت أوزال" الرئيس الثامن للجمهورية التركية بإجراء أخر زيارة له إلى مدارس فتح الله كولن حيث قال لكولن في المستشفى:" لقد أوصيت المسؤولين ووزارة الخارجية (50) مرة بالفعاليات والأنشطة التعلمية".
2-أرسل الرئيس التركي السابق "سليمان ديميريل" رسالة إلى "إدوارد شوارد بادزه" رئيس جورجيا في ذلك الوقت تتعلّق بمدارس فتح الله كولن.
3-قال الرئيس التركي السابق "بلند أجويت" في دعم كولن: "لو لم يقم كولن وأتباعه بنقل التعليم الحديث لهذه الدول لاحتلت إيران والسعودية المكانة العليا في هذه الدول".
4-يقول كولن:" طلبت من "تركت أوزال" أن يتصل مع "كريموف" في أوزبكستان، لقد قام بهذا الأمر مرات عدة، وقال: سأتصل لكن أخاف ألا يردّوا.
والسؤال الأخير الذي يطرح نفسه :
لمَ دعم جميع رؤساء تركيا العلمانيين وعلى اختلاف تياراتهم السياسية الأنشطة الدينية التي تقوم بها حركة فتح الله كولن؟.
ترجمة (الجمل) عن موقع "برهان" الإيراني
إضافة تعليق جديد