قبول تمديد مهمة المراقبين من دون تعديل والمشروع الروسي يواجه تحدياً غربياً في مجلس الأمن

18-01-2012

قبول تمديد مهمة المراقبين من دون تعديل والمشروع الروسي يواجه تحدياً غربياً في مجلس الأمن

رفضت دمشق، أمس، اقتراح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إرسال قوات عربية الى سوريا، ورأت أن من شأنه «تأزيم الوضع وإجهاض فرص العمل العربي وفتح الباب لاستدعاء التدخل الخارجي في الشؤون السورية»، وابلغت الجامعة العربية أنها لن تعترض على تمديد مهمة المراقبين العرب شهراً آخر، ما دامت تحول دون التدخل الدولي، وأبدت استعدادها لزيادة عدد المراقبين شرط عدم توسيع تفويضهم الحالي المنصوص عليه في البروتوكول الموقع من الجانبين.
وتلقت دمشق دعماً من موسكو وطهران اللتين حذرتا من إرسال قوات عربية أو غيرها إلى سوريا، وشددتا على ضرورة التمسك بالمبادرة العربية بصيغتها الراهنة، فيما تابع مجلس الأمن الدولي مشاوراته حول مشروع القرار الروسي الجديد الذي رفضته الدول الغربية واعتبرته غير كافٍ. مراقبو الجامعة العربية خلال اجتماعهم برجال الدين السوريين في دمشق أمس (أ ف ب)
واعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال لقائه ملك الأردن عبد الله الثاني في البيت الأبيض، استمرار أعمال «العنف» في سوريا أمراً «غير مقبول». وأشاد بالملك الأردني مذكراً بأنه كان الزعيم العربي الأول الذي يدعو الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي عن السلطة. وقال «ما زلنا نرى مستويات غير مقبولة من العنف داخل البلاد، ولذا فسنستمر في التشاور الوثيق مع الأردن لخلق الضغوط الدولية والظروف الدولية التي تشجع النظام السوري الحالي على التنحي».
وكان عبد الله الثاني قال، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نشرت أمس، «سنبقى نشاهد العنف والتظاهرات والنزاع في سوريا حالياً. لا أرى أي شيء سيغير ما نراه منذ شهرين إلا في حال تغير الوضع بشكل غير متوقع، حيث يتدخل المجتمع الدولي بشكل أكبر». وأضاف «هنا لدي اسبابي للقلق. الأردن اولاً يدعم الإجماع العربي، لكننا في الوقت عينه نقول دائماً إن لدينا سياسة عدم التدخل. وإذا استخدم الناس السلاح بشكل أكبر، فاعتقد أن هذا الامر خطير جداً». 
وكان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أعرب السبت الماضي عن تأييده لإرسال قوات عربية إلى سوريا لوقف أعمال العنف في هذا البلد، في أول دعوة من هذا النوع تصدر عن قائد عربي. وأعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، في أبو ظبي أمس الأول، أن اقتراح أمير قطر «سيكون على جدول أعمال اجتماع مجلس الوزراء العرب في 22 كانون الثاني في القاهرة».
وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية، في بيان نشرته وكالة  (سانا)، إن «سوريا تستغرب صدور تصريحات عن مسؤولين قطريين تدعو إلى إرسال قوات عربية إليها، وتؤكد رفضها القاطع لمثل هذه الدعوات التي من شأنها تأزيم الوضع وإجهاض فرص العمل العربي وتفتح الباب لاستدعاء التدخل الخارجي في الشؤون السورية».
وأكد المصدر أن «الشعب السوري الفخور بكرامته وسيادته يرفض جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونه وتحت أي مسمى كان، وسيتصدّى لأي محاولة للمساس بسيادة سوريا وسلامة أراضيها»، معتبراً أنه «سيكون من المؤسف أن تراق دماء عربية على الأراضي السورية لخدمة أجندات معروفة، لا سيما بعد أن باتت المؤامرة على سوريا واضحة المعالم».
وأضاف إن «سوريا، في الوقت الذي تفي بالتزاماتها المتفق عليها بموجب خطة العمل العربية، فإنها تجدّد الدعوة للدول العربية وجامعة الدول العربية للقيام من جانبها ببذل جهود ملموسة لوقف حملات التحريض والتجييش الإعلامي الهادفة إلى تأجيج الوضع في سوريا، والمساعدة في منع تسلل الإرهابيين وتهريب الأسلحة إلى الأراضي السورية، تحقيقاً للأمن والاستقرار الذي يمهد للحوار الوطني البناء الهادف لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا».
وقال نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي، في مقابلة مع صحيفة «الشروق» الجزائرية، إن «الجامعة لم تتلق بصفة رسمية أي اقتراح حول إرسال قوات عربية لوقف العنف في سوريا». وأضاف إن «الجامعة لم تتلق أي طلب رسمي أو اقتراح بإرسال قوات عربـــية إلى سوريا، وليست هناك مقـــترحات لإرسال قوات عربــية إلى ســـوريا في الوقت الحالي، لكنــها مستــعدة لدراسة أي مقترح تتقدم به أي دولة».
وكشف مفتي سوريا الشيخ أحمد بدر الدين حسون، في حديث مع وكالة «فارس» الإيرانية، عن وعد قطعته له القيادة السورية منذ عامين للتحاور مع المعارضة. وقال «أنا واحد ممن دعوا بعض المعارضة وبعض الإخوان المسلمين إلى العودة وأن يكون لهم دور في بناء الوطن، ولكنهم رفضوا المجيء». وأضاف «أقول لهم لا زال الباب مفتوحاً لكل صادق شريف نزيه يريد أن يبني الوطن مع إخوانه، الحكومة تتغير، الدستور يتغير، أما الأمة فباقية».
ونقلت «رويترز» عن مصدر في الجامعة العربية «نتيجة الاتصالات التي أجريت على مدى الأسبوع الأخير بين الجامعة العربية وسوريا، أكدت أن سوريا لن ترفض تمديد تفويض مهمة المراقبة العربية لشهر آخر، إذا دعا وزراء الخارجية العرب لذلك في الاجتماع المقبل».
وأضاف «في الاتصالات التي جرت بين الجامعة العربية وروسيا والصين أكد البلدان أنهما نصحا سوريا بقبول وجود مراقبين عرب لفترة إضافية (تنتهي فترة مهمتهم الخميس) إذا دعا إلى ذلك وزراء الخارجية العرب، ما دام وجودهم سيجنب فرص تدخل دولي».
وتابع إن سوريا ستوافق على زيادة عدد المراقبين، لكن لن تسمح بتكليفهم بمهام تقصي حقائق رسمية أو دخولهم «مناطق عسكرية» لم يتم الاتفاق عليها. وأشار إلى أن أي تغيير في مجال عمل البعثة، سواء كان ذلك يعني إضفاء الصفة العسكرية عليها أو منحها تفويضاً للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان واحتمال توجيه اللوم، سيحتاج إلى اتفاق جديد مع سوريا.
وقال وزير الخارجية المغربي سعد الدين عثماني «هناك اجتماع لوزراء الخارجية العرب في 22 (كانون الثاني) في القاهرة سيقدم خلاله منسق وفد المراقبين العرب إلى سوريا تقريراً مفصلاً. وستقرر كل الدول العربية المجتمعة بشأن متابعة هذه المهمة والشكل الذي ستتخذه». وأضاف «لا أحد يريد أن يستمر الشعب السوري في دفع ثمن ذلك من دمه، لكن الأمر ليس سهلاً». وتابع «سنرى كيف سيعرض المنسق الأمور. سيكون لكل دولة عربية، بما فيها المغرب الذي يشارك بمراقبين اثنين، تقرير من ممثليها».
وأعلن رئيس غرفة بعثة مراقبي الجامعة العربية إلى سوريا عدنان الخضير أن «الجامعة قررت إرسال 10 مراقبين جدد إلى سوريا من كل من السعودية ومصر والصومال». وقال إن «عدد المراقبين في سوريا يبلغ الآن 155 مراقباً بعد عودة 10 مراقبين إلى دولهم بسبب أعمالهم الخاصة»، مؤكداً أن «رجوعهم لأسباب شخصية بحتة وليس لأي أسباب أخرى».
وذكرت «سانا» «التقى فريق من المراقبين في دمشق عدداً من رجال الدين الإسلامي والمسيحي، بينما زار فريق آخر محافظة حلب». وأضافت «تم في محافظة درعا الإفراج عن موقوفين بحضور فريق من المراقبين. كما زارت وفود قرى في محافظة السويداء والرقة». 
وقال وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، في موسكو، إن «روسيا لن تقبل اقتراح إرسال قوات إلى سوريا، في حال تمّ رفع القرار إلى مجلس الأمن الدولي».
وحول احتمال صدور قرار إرسال قوات عربية إلى سوريا، قال غاتيلوف إن «جامعة الدول العربية لا تملك صلاحيات إصدار قرار كهذا، فهذه مهمة لا تدخل في بنود تفويضها». ودعا جميع من يفكر في إرسال قوات إلى سوريا «للتفكير جيداً بما سيؤدي إليه إرسال قوات، عربية أو غير عربية» إلى سوريا. وأضاف «اعتقد انه أمر لن يؤدي إلى أمر جيد، ولن يؤدي بالتأكيد إلى تسوية المشاكل العالقة في البلاد».
وأضاف إن «روسيا مستعدة لاستمرار مناقشة مشروع قرار في مجلس الأمن حول سوريا، لكن يجب ألا يحتوي القرار أي تفسير لإمكانية حل الأزمة بالقوة». وتابع إن «روسيا تؤيد استمرار مهمة بعثة المراقبين العرب في سوريا، لأن وجود المراقبين يساعد على إطلاق العملية السياسية التفاوضية، وهي العملية التي لا يجوز للمعارضة أن ترفضها».
وفي طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست، رداً على سؤال حول الدعوة لإرسال قوات عربية إلى سوريا، «نحن نعارض قطعياً التدخل في شؤون دول أخرى. نعتقد أنه لا يحل المشكلات، بل يزيدها تعقيداً». وأضاف «لدينا شكوك حول نوايا الدول التي تدعو إلى التدخل، حيث تستهدف دولة ما وتركز جهودها عليها، ولكنها تنسى الدول الأخرى في المنطقة التي تواجه أزمات أيضاً». وتابع «الإصلاحات الجيدة التي أعلنها مسؤولون سوريون تدفع المناخ العام نحو الحوار وحل المشكلات وإن كانت دول لا يعجبها هذا».
واعتبر مهمانبرست أن الاتهامات الفرنسية لطهران بتزويد سوريا بالأسلحة «لا تستند إلى دليل ولا أساس لها».
واتهمت واشنطن طهران بدعم سوريا بالسلاح. وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية إن زيارة قائد «فيلق القدس» إلى دمشق أوضح إشارة إلى أن طهران ترسل أسلحة إلى دمشق.
وتعليقاً على مشروع القرار الجديد الذي قدّمته روسيا إلى مجلس الأمن الدولي أمس الأول، قال دبلوماسي في نيويورك إن مشروع القرار هو «مجرد تجميع للتعديلات التي اقترحها الأعضاء الآخرون للمجلس»، من دون تقدم في الجوهر. وترفض البلدان الغربية رغبة موسكو في أن تضع النظام والمعارضة على قدم المساواة على صعيد إدانة العنف.
وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال إن مشروع القرار «بعيد جداً عن الاستجابة لواقع الوضع في سوريا». وأضاف «أذكركم بروح ما ترغب فرنسا في أن يعتمده مجلس الأمن للتعبير عن موقفه، وهي مطالبة النظام بوقف قمعه المتصلب والتمييز بوضوح بين هذا القمع وتعبير الشعب السوري عن المطالبة بحقوقه الأساسية، ودعم خطة الجامعة العربية للخروج من الأزمة». وتابع أن «على مجلس الأمن الإسراع في اتخاذ موقف وسنعمل على ذلك بكثافة».
من جهته، قال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله إن «مشروع القرار الروسي الجديد لا يصل إلى حيث يجب أن يصل، ألا أنني أرحب بحصول بداية تغيير ولو بسيط لبعض شركائنا مثل روسيا في مواقفهم». وأضاف «المهم بنظرنا هو إدانة واضحة وغير مبهمة من قبل مجلس الأمن للعنف الذي يقوم به نظام بشار الأسد. وسنواصل الضغط بهذا الاتجاه».
وفي لندن، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ «اعتقد انه كان على مجلس الأمن الدولي أن يتخذ قراراً بشأن سوريا منذ زمن»، مضيفاً «لست متفائلا إزاء تطور موقف روسيا في الوقت الحالي». وتابع «لكننا سنواصل نقاشاتنا مع روسيا واعتقد أنه في حال توجهت الجامعة (العربية) مباشرة إلى مجلس الأمن سيساعد ذلك».
ودعا وزير الخارجية الهولندي اوري روزينتال خلال اجتماعه مع رئيس «المجلس الوطني السوري» المعارض برهان غليون، المعارضة إلى الاتحاد، فيما وصف غليون الاقتراح القطري بإرسال قوات عربية إلى سوريا «بالمبادرة المهمة التي يجب دراستها بدقة».
وكرّر «قائد الجيش السوري الحر» رياض الأسعد، في مقابلة مع «رويترز» في تركيا، دعوته إلى تحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن، معتبراً أن «بعثة المراقبين العرب لم تتمكّن من الحد من القمع».
وذكرت «سانا» «استشهد أربعة مواطنين وأصيب سبعة بانفجار عبوة زرعتها مجموعة إرهابية بباص على الطريق بين إدلب وسراقب». وتابعت «أصيب ثلاثة من عناصر حفظ النظام جراء إطلاق مجموعة إرهابية مسلحة قذائف ار بي جي على القسم الخارجي لشرطة محافظة حمص. واستشهد عنصران من قوات حفظ النظام وأصيبت موظفتان مدنيتان في سجن إدلب المركزي جراء إطلاق مجموعة إرهابية النار على السيارة التي تقلهم عند دوار الملعب في إدلب».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...