الدور السعودي في "وهبنة" الثورات والتركي في "أخونتها" والأمريكي في استثمارها
الجمل- قسم الترجمة- جولة (الجمل) على الصحافة الإيرانية:
سوريا؛ اقتسام السلطة أم نقل السلطة؟
الغاية من السلطة البديلة التي تطمح أمريكا لإيجادها الحفاظ على نوع من أنواع التوازن الاستراتيجي للقوة بين النظام الحاكم وبين المعارضين بحيث لا يتمكن أي من الطرفين من الحصول على موقع المسيطر بقوة. ويمكن القول أن هناك تقارب بين وجهتي النظر الأمريكية والروسية.
دخلت الأزمة السورية مرحلة حساسة أكثر من المرحلة السابقة وأجبرت الأوضاع الحساسة كل الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية المتدخلة في الأزمة السورية على التحرك. توازن القوة العسكرية النسبي بين الحكومة السورية والمعارضين المسلحين ما يزال في مستوى لا يستطيع أي طرف من الطرفين الإطاحة بالطرق المقابل وإلغائه من ساحة الصراع على السلطة عسكرياً، على أي حال كلا الطرفان يأملان حدوث هذا في المستقبل.
يأمل المعارضون حدوث انشقاق في الجيش والقوى الأمنية الوفية للنظام كي يؤدي إلى انهيار كبير غير قابل للتعويض في بنية الجيش، في حين تأمل الحكومة السورية بأن يصاب المعارضين باليأس والتشتت بانقسامهم إلى مجموعات مختلفة مما يهيئ الإمكانية للمصالحة دون اللجوء إلى نقل السلطة.
في المحصلة على ما يبدو يدرك الطرفان الداخليان المتواجهان محدودية إمكاناتهما ويعرفان أن الحل النهائي للأزمة مشروط بالدعم الخارجي القطعي. وإذا توجهنا إلى مستوى أبعد من المنافسات الإقليمية في سوريا وافترضنا بجدية أكبر المنافسة الأمريكية-الروسية على سوريا يمكن القول أن للطرفان وجهات نظر متفاوتة لهذا يقدمان طرحان مختلفان للحل على الشكل التالي:
1-الطرح الروسي: اقتسام السلطة بين النظام الحاكم والمعارضين.
2-الطرح الأمريكي: نقل السلطة للمعارضين مكان النظام الحاكم الحالي.
الطرح الروسي يحيل مصير الرئيس السوري إلى انتهاء ولايته الرئاسية عام2014 لكنه يتضمن تقسيم السلطة على مستوى واسع إلى حد ما، حيث سيتم منح المعارضين تقريباً كل الوزارات فيما تبقى الوزارات السيادية المفتاحية كالدفاع والداخلية في يد الحكومة الحالية.
لو قدمت روسيا هذا الطرح أبان اندلاع الأزمة ربما لم تكن لتقع حرب داخلية وكان قبوله في البداية عملي ولكن في الظروف الحالية هناك عناصر خارجية تتدخل بشكل واضح وسافر وهي من يقوم بتقرير واتخاذ كل الخطوات ووضع الخطط بالوكالة حتى عن العناصر الداخلية لذلك حصول أي اتفاق محتمل يقنع الأطراف الداخلية يحتاج إلى موافقة الأطراف الإقليمية والدولية المتدخلة في الأزمة السورية.
من غير المتوقع أن تكون أمريكا مستعدة للسماح للروس بإيجاد مبادرات حل للأزمة السورية تراعي وتتوافق مع مصالحهم ومنافعهم. كما لدى أطراف المنطقة المتدخلة في الأزمة "تركيا وقطر والسعودية" الداعمين لجناح معارضي الرئيس الأسد مصالحهم التي تتضارب مع المصالح الروسية ولن يتمكنوا بسهولة من تنسيق مصالحهم مع المصالح الروسية.
في حين أن أمريكا غير متعجلة في تنفيذ مخططها لنقل السلطة ربما لعدم توضح ملامح وأبعاد وحضور الجناح الداخلي المعارض الساعي للحصول على السلطة خاصةً إذا أخذنا بالاعتبار التوجه السياسي- الإيديولوجي لهؤلاء المعارضين فهناك غموض كبير حول مستقبل سوريا مما جعل الأمريكيين يراقبون بحذر، وهناك ثلاثة توجهات للمعارضين مع قدرة على التأثير متفاوتة واليوم أصبح بالإمكان التعرف عليهم:
1-الجناح الليبرالي الغربي والذي قبل ذهنياً الدور الأمريكي في سوريا.
2-الجناح الإسلامي الأخونجي "المعتدل".
3-الجناح الراديكالي الإسلامي السلفي.
في مشهد الحرب الداخلية الدائرة في سوريا هناك القوى المتماهية مع الغرب وهي تشكل أكثرية المعارضين الليبراليين الذين يقبلون بأي شكل من أشكال المصالحة حتى لو كان مقترحاً روسياً، لهؤلاء دور سياسي فقط وليسوا في الحرب المسلحة في موقع يمكنهم من التأثير على الآخرين. تتحدث التقديرات الأمريكية عن هؤلاء بأنها قوى تتواجد في الخارج وهي غير مسلحة وتدعّي أن لها تأثير قيادي في الداخل السوري لكنها في الواقع لا تملك أي قوة لتطبيق هذه القيادة على الأرض. وقد دفعت هذه الحقيقة أمريكا لتضغط على هذه القوى للتوحد في قطر تحت قيادة ورؤية واحدة لكي تتمكن من تسويقها في الطروحات القادمة.
في هذه الأجواء يظهر الإسلاميين المعتدلين الذين لديهم قدرة ما على توجيه الأحداث في سوريا من خلال العمليات العسكرية ، إذ من المحتمل أن يحظوا بفرصة لتقديم مبادرات. حيث تم تركيز المساعي في الدوحة على إيجاد قيادة مشتركة لما يسمى "الجيش الحر" والعصابات المسلحة في حال وجدت ظروف مناسبة لتطبيق الطرح الأمريكي بحيث لا تؤول السلطة إلى الإسلاميين الراديكاليين والسلفيين. إلا أن السبب الرئيسي من وراء كل هذا هو الخوف على إسرائيل التي تعتبر خطا أحمر بالنسبة لأمريكا و أوربا.
لكن الظن الغالب ينبئ بأن الموضوع السوري لن يسوى قريباً حتى تطمئن أمريكا و أوربا بشكل كافي إلى أن التحولات السورية لن تشكل تهديداً لأمن اسرائيل. إن ما يدور في المنطقة و-إطلاق القذائف العشوائية- تتحدث عن جدية القلق على إسرائيل وببساطة لا يمكن تجاهل هذا الوضع ولو كلف الأمر نشوب حرب عربية-إسرائيلية جديدة.
وعلى ما يبدو بُذلت مساع في قطر لجعل تيارات المعارضة غير المتجانسة تتخذ قرارا يضع إسرائيل في الأولوية، بعبارة أوضح هناك توجه لبناء سلطة بديلة قادرة على استقطاب عدد أكبر من الجمهور بحيث تقوم أولاً بالوقوف في وجه القوة المتصاعدة المحتملة للسلفيين في سوريا، وثانياً جعل القوى الليبرالية والأخونجية في جبهة تكون قادرة على استيعاب المنشقين عن نظام الرئيس بشار الأسد في صفوفها. لذلك تسعى أمريكا لإيجاد سلطة بديلة تستوعب كل المعارضين في نوع من أنواع التوازن الاستراتيجي بحيث لا يحتل أي منهم موقع يكون فيه المسيطر. ربما يمكن القول أن هناك إمكانية لحدوث تقارب بين وجهات النظر الأمريكية والروسية وإذا حدث واتفقت موسكو وواشنطن حول القضية السورية عندها يمكن توظيف النقاط المشتركة نسبياً في التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين.كما تستطيع الأطراف في المنطقة أيضاً أن تكيف مواقفها في أجواء افتراضية كهذه.
الاسلام "الأخونجي" يتماهى مع التوجهات التركية بالرغم من أنه لا يرضي كثيراً قطر والسعودية لكن أغلب الدول العربية في المنطقة تعتبره الخيار الأقل مجازفة وخطورة وأكثر تماشياً من الربيع العربي الأمر الذي من شأنه أن يخفف القلق الإسرائيلي إلى حد ما.
على أي حال يتوجب الأخذ بعين الاعتبار أن سوريا من بين الدول التي لا يمكن التنبؤ بشيء حول مستقبلها ومن المحتمل حدوث كل الاحتمالات. لكن الشيء الذي يبدو قطيعاً إلى حد ما هو تضارب مصالح الأطراف الداخلية في الأزمة السورية مع مصالح الأطراف الإقليمية وتضارب مصالح الأخيرة مع مصالح الأطراف الدولية وبناءً على هذا ليس من السهولة بمكان إيجاد حالة وفاق وتقارب بين هذه المصالح المتضادة وهذا يعني استمرارا للأزمة السورية وفي حال لم تحصل جميع الأطراف المتدخلة في الأزمة على الحد الأقل من تحقيق مصالحها سيبقى خطر التدخل الخارجي العامل الرئيسي لكل المخاوف.
في المحصلة لا يمكن تصور التدخل الخارجي في قوالب تم تجربتها فيها في باقي الدول العربية التي واجهت الربيع العربي ومن المحتمل تهيئة مقدمات التدخل في قطر على شكل فرض حظر جوي أو نقل زعيم المعارضين إلى الداخل السوري أو تسليح المعارضين وقلب ميزان التوزان العسكري لصالح المعارضة المسلحة.
بيرمحمد ملازهي: خبير في القضايا الدولية
المصدر: مؤسسه ابرار معاصر تهران
تركيا على أعتاب نهاية عصرها الذهبي:
" طموحات تركيا تدفعها إلى ارتكاب أخطاء كبيرة والغرب لا يجيز أي طموحات من هذا القبيل".
ما سبب العداوة التركية للصديق القديم؟:
بما يتعلق بالتغيير المفاجئ و الجذري في السياسة الخارجية التركية وفي المواقف التي اتخذتها تجاه سوريا يجدر القول أن أنقرة تعول أكثر من الحد اللازم على قدرة الغرب في الانتصار المسبق في هذه الأزمة.
تقرب تركيا من الغرب جعلها تنخرط في الأهداف التي يسعى الغرب لتحقيقها كما تسبب في أن تربط تركيا تحقيق أهدافها بانتصار الغرب المحتمل دون أي تحفظ. برأيي تقترب تركيا شيئاً فشيئاً من نهاية عصرها الذهبي لأن طموحات تركيا تدفعها إلى ارتكاب أخطاء كبيرة والغرب لا يجيز أي طموحات من هذا القبيل. لأردوغان وسياسته العثمانية حدود إذا ذهب أبعد منها ستنتهي باختلال التوزان في الداخل التركي وقلق يصيب الجيران في الخارج. كما أن الأدوار التي يرسمها الغرب لهذا النوع من الحلفاء محدودة وبما أن تركيا تمثل نموذج لإسلام مرغوب من الغرب تم تحديد عمره بفترة زمنية محددة ولن يكون عملياً لكل الأزمنة لأنه في اليوم الذي سيتلاشى فيه خطر المتطرفين الإسلاميين ستنتهي مهمة تركيا أيضاً.
هل تتحالف تركيا مع السعودية في سوريا؟
حول الأهداف التي تسعى تركيا لتحقيقها عبر التدخل الواضح والسافر في الأزمة السورية وموازاتها مع الأهداف السعودية يجدر القول أنه ليس هناك أي تشابه بين السياسة التركية الساعية للحصول على غنائم الحرب _وهذا أمر نتيجته واضحة_ وبين السعودية التي تنتهج سياسة واضحة وتدفع بها قدماً باستمرار. طبعاً في حال سقوط النظام السوري ستؤول السلطة إلى المعارضة وبشكل طبيعي سيكون هذا الأمر في صالح تركيا. لكن تركيا تسعى لانتهاج سياسة في سوريا تشبه السياسة التي تتبعها إيران في العراق حيث تحلم بامتلاك النفوذ نفسه التي حصلت عليه طهران في العراق.
تأثير الأزمة السورية على مصير الحزب الحاكم في تركيا:
يجب التأكيد على أن المسلمين الأتراك عندما يشاهدون أن إسلامهم أضحى وسيلة للتسلط عبر إشعال الحروب سيبتعدون عن حزب العدالة والتنمية، بالإضافة إلى ذلك يطالب الشعب التركي كما باقي شعوب العالم بإحلال السلام والاستقرار في حين أن هذه التدخلات التي تقوم بها حكومة العدالة والتنمية ستؤدي في النهاية إلى تحميل الشعب أعباء وضغوطات اقتصادية وإيجاد زلازل وأزمات اقتصادية تصيب الاقتصاد التركي الصاعد حديثاً، كما أن للأزمة السورية تداعيات سياسية أهمها إيجاد وضع أمني يؤدي إلى الحد من حرية المواطنين.
وفي المحصلة الإصرار على إتباع سياسات خاطئة سيوجد خلافات في هرم السلطة وينشر الذعر بين الهيئة الحاكمة وسيشعل المنافسة بين أركان النظام التركي. وعلى ما يبدو سعي أردوغان للهيمنة سيطيح بمثلث أردوغان-غول- داوود أوغلو .كما أن الخلاف بين أخوة الأمس سيضع ختم النهاية على حزب العدالة والتنمية والسياسات النصف تقدمية التي يتبعها.
أحمد نقیب زاده: أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران.
المصدر: وكالة كرد برس
إيران والسعودية تعسكران المنطقة لتحقيق أهدافهما الخاصة:
القوة الاقتصادية تفتح الطريق لنفوذ سياسة الدول، لذلك تسعى السعودية وإيران لتوظيف قدرتهما لعسكرة المنطقة والتحكم بمسار أحداثها حيث أنفقت السعودية خلال السنوات العشر الأخيرة أكثر من 200 مليون دولار كمساعدات للفلسطينيين كما دفعت في عام 1990 فقط 100مليون دولار لإعادة إعمار لبنان، طبعاً إيران تقوم بدفع مبالغ مشابهة للغرض نفسه. الأهداف السياسية التي تسعى القوتين الشمالية والجنوبية في منطقة الشرق الأوسط لتحقيقها تتم عبر توظيف هذه الأدوات والوسائل للبحث عن دور رئيسي يكون مؤثرا وفاعلا في المنطقة.
حظيت حماس بدعم مالي ومعنوي إيراني في حين اعتمد زعيم فلسطيني الضفة الغربية محمود عباس على الدعم السعودي وسعى من خلال إقامة مصالحة وتفاهم بين فتح وحماس للحصول على مساعدات أكبر من السعودية. طبعاً بغض النظر عن الأهداف الإنسانية لهذه المساعدات فالقسم الأكبر منها يصل إلى جهات إيديولوجية ومذهبية في هذه الدول. وبحسب وثائق نشرها موقع ويكليكس؛ تعتبر وزيرة خارجية الولايات المتحدة أن السعودية أكبر داعم مالي للمجموعات المسلحة في العالم وجاء في التقرير أن أكثر المساعدات المالية التي تقدمها السعودية تذهب إلى تنظيم القاعدة وحركة طالبان وجيش طيبة الباكستاني.
وفق هذه التحليلات ماهي أوضاع دول المنطقة في ظل الرؤى والتطلعات الإيرانية والسعودية؟
الثورة البحرينية:
خلال الأشهر الأخيرة تصاعدت حدة التوتر بين إيران والسعودية حول قضية البحرين وأخذت المواجهة منحنى جديا إلى حد كبير جداً. طبعاً قضية التوتر بين طهران والرياض لها جذور تاريخية وثقافية مغرقة في القدم ولا تعود لعدة أشهر ولم تظهر خلال السنوات الأخيرة لكن في الوقت الراهن أثرت هذه العلاقات المتوترة على المنطقة بشكل خاص.
انتشار الربيع العربي واقترابه من الحدود السعودية ونفوذه إلى عقر دار آل سعود تسبب في إغضاب المملكة من السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة إزاء هذه الحركات الثورية. كما أن قيام الولايات المتحدة بصفتها الداعم الأكبر لآل سعود بدعم معارضي حكومة مبارك في مصر وبن علي في تونس أدى إلى انخفاض مستوى ثقة السعودية بحليفها المقرب إلى حد كبير لكن واشنطن تحاول تعويض خسائرها لحلفاء مهمين في حرب السيطرة والهيمنة الدائرة في المنطقة.
لم توافق السعودية على أيٍ من السياسات الأمريكية المتبعة اتجاه موجة ما يعرف بالربيع العربي إلا في الموضوع الليبي والسوري. حيث تبذل السعودية مساعٍ على قضية واحدة وهي جعل الثورة البحرينية (الشيعية) عقيمة لا تنتج شيئاً لمنع حصول إيران على موطئ قدم واحدة في مناطق آبار النفط السعودية التي تسكنها أغلبية شيعية.
أثرت الثورة البحرينية إلى حد كبير في الشعب السعودي لكن في الجهة المقابلة بدر من السعودية ردود فعل مضادة في الشأن السوري بالرغم من أن الرئيس الأسد تقرب بشكل كبير جداً من النظام السعودي خلال السنوات الأخيرة لكن الرياض لم تتعاطف مع الحاكم العربي لسوريا بل قدمت الدعم المادي لمعارضي الأسد. من جهة أخرى فقدت إيران البحرين عام 1971 ولا ترغب في أن تحكم أغلبية شيعية الأقلية في هذا البلد. في هذه الأثناء تسعى الولايات المتحدة لتحقيق أهداف مغايرة حيث لا تود واشنطن أن تخسر مقر قيادة الأسطول الخامس المتواجد في البحرين وبالتالي لا تريد أن تخسر صداقة آل خليفة ومن جهة أخرى لا تستطيع أن تتجاهل شعارات الديمقراطية التي تتبجح بها أمام دول العالم ليلاً نهاراً.
الأصدقاء الناجحين:
بعد سقوط مبارك وبن علي لم تكن أوضاع بعض الرؤساء العرب جيدة ويمكن القول أن السعودية خسرت أكبر حليف لها، كما أجبرت الاحتجاجات الشعبية والخسائر الكبيرة في اليمن الولايات المتحدة بالمطالبة بنقل السلطة في هذا البلد. في حين أن السعودية المحاصرة من قبل الثورات العربية والقلقة جداً من النفوذ الإيراني قامت مباشرةً بالتوسط لنقل السلطة في اليمن. لكن الشعب اليمني وخصوصاً الزيديين في الشمال مشمئزين من الدور التي تلعبه السعودية حيث يحّملونها مسؤولية المذبحة التي وقعت في عام 2009 في صنعاء وبشكل عام يعتبرون أن السعودية سبب فقرهم وتعاستهم. على أي حال سيشكل اليمن تحد ٍ كبير أمام السعودية بالرغم من أنها تدفع نفقات هذا البلد.
في الجبهة المعاكسة واجهت الحكومة السورية المدعومة من قبل إيران احتجاجات وحاولت إظهار الوضع على أنه طبيعي وبدأت تغازل الأكراد والإسلاميين السنة. لكن في حال سقط النظام السوري لن تفقد إيران أفضل حلفائها في المنطقة فحسب بل من الممكن أن تفقد الاتصال مع حزب الله والفصائل الفلسطينية أيضاً.كما كان للاجتماع الأخير لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي عقد في السعودية تأثير كبير بهذا الخصوص.
الذاهبون مع الريح:
إن تجربة السعودية خلال السنوات الأخيرة في فقدان حكام دول المنطقة أدت إلى أن تقحم نفسها بشكل جدي في عسكرة المنطقة.
تعزيز قوة المالكي في العراق وحكومة نجيب ميقاتي في لبنان أمال كفة الميزان إلى حد كبير باتجاه إيران كما يتسبب العراقيون الحلفاء لإيران بخلق تحدٍ مقلق للسعوديين. خروج القوات الأمريكية من العراق بالرغم من أنه تم تعويض هذه الخسارة إلى حد ما بزيادة عدد الموظفين في السفارة الأمريكية في بغداد لكن هذا الأمر فتح طريق واسع لنفوذ إيران عميقاً في هذا البلد. ويعد العراق حالياً أكبر مستورد للصادرات الإيرانية بمبلغ يزيد عن (4) مليار دولار.
في لبنان بالرغم من إعلان سعد الحريري عن وجود للنفوذ الإيراني إلا أن السيد حسن نصرالله يقول أن الاتحاد الإيراني اللبناني يبعث على الفخر. وحالياً يترأس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الذي اختاره حزب الله وتدعمه إيران.
وليس خفياً أن سقوط حسني مبارك أفقد السعودية أكبر حليف لها في مواجهة إيران وحتى قبل انتخاب محمد مرسي سمحت القاهرة للسفن الإيرانية بالعبور من قناة السويس كما أعلنت عن استعدادها لاستئناف العلاقات مع طهران بعد 30 عاما من القطيعة.
الإخوان المسلمين ضد اسرائيل ولكنهم لا يريدون أن يهمشوا السعودية كونها أكبر داعم عربي لهم وفي الآونة الأخيرة ظهر هذا الأمر في تصريحات مرسي.
تشير الاشتباكات الأخيرة في صحراء سيناء أن مثلث مصر-إيران-السعودية أعقد بكثير مما كان يتوقع وحتى اللحظة لا يمكن الحكم مطلقاً إذا كان الاسلاميين المصريين يميلون إلى تلقي دعم السعودية أو توجيه الانتقاد لها. ربما لم يكن هناك أشهى من إسقاط العقيد القذافي بالنسبة للسعوديين من كل الثورات التي حدثت. يذكر أن عقيد العرب دعم إيران خلال الحرب الإيرانية العراقية ولهذا السبب لم تقدم الحكومات العربية خلال الحرب التي شنها عليها حلف الناتو دعما كبيرا له. على أي حال تأثير ليبيا على مستوى نفوذ إيران والسعودية ليس كبيراً جداً بسب البعد الجغرافي.
الساحات الهادئة:
لاعبو المنطقة الآخريين سعيدين جداً لعدم انتقال عدوى الربيع العربي إلى بلادهم ويدعمون السعودية تحقيقاً لأهدافهم العربية. حيث لا يرغب الملك عبدالله الأردني بأي تقارب مع إيران ويحافظ على علاقاته مع آل سعود ومن الممكن أن تغير اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل في المستقبل القريب نظرة الإخوان المسلمين في مصر وباقي العرب ممن أصابتهم الصحوة في المنطقة وحتى نظرة الشعب الأردني إلى العائلة الهاشمية لكن حتى اللحظة لا تسعى تيارات المعارضة المتشددة في الأردن إلى إسقاط الملك ويقبلون بإصلاحات سياسية.
قطر الحليف الآخر للسعودية ترغب فعلياً بتوسيع مستوى العلاقات والتعاون في مجال النفط والغاز مع إيران لكنها تدعم ما تقوم به السعودية في البحرين وترسل طائرات للمتمردين الليبيين وطبعاً واجهت موجة انتقادات واسعة بسب دعمها المالي لقناة الجزيرة التي أغضبت الكثير من الأنظمة العربية بسبب تغطيتها المنحازة للأحداث في هذه الدول.
الإمارات العربية المتحدة تتبع معيارين مزدوجين إزاء المكاسرة الإيرانية السعودية. حيث خصصت 16.7% من الواردات الإيرانية كبضائع تقوم بإعادة بتصديرها ولا تريد اطلاقاً أن تخسر هذا الشريك التجاري الجيد وهذا الحجم الضخم من الاستثمارات. من جهة أخرى تتسم نظرة مشايخ الإمارات إلى حكام السعودية وللأرض التي تعتبر مسقط رأسهم بالود والدعم الدائم.
إثارة قضية الجزر الثلاث و"عملية تغيير اسم الخليج "الفارسي" التي تسير بوتيرة متسارعة" يعد مؤشرا على تطابق مواقف هذا البلد مع السياسات السعودية كما تتماهى تدريجياً مع السياسات الأمريكية المتبعة تجاه إيران.
قطع المغرب علاقاته مع إيران بعد الثورة الإسلامية وكانت دوماً داعماً للسعودية في ميدان هذا الصراع. في الماضي اتهم "الملك الحسن" إيران بتحريض الشيعة في بلاده وفي تصريح مضاد آخر بعد عدة أشهر أنكر فيه وجود حتى شيعي واحد في بلاده.
الخصومة الدبلوماسية:
أحد الأساليب التي توظفها السعودية لتحضير المنطقة وتهيئة الأجواء لبسط سيطرتها تتمثل في طرح قضية التهديد الشيعي وتسليط الضوء على الاختلافات المذهبية، حيث تقوم السعودية عبر بث دعايات واسعة النطاق بالإدعاء بأن إيران تقف وراء الاضطرابات الأخيرة التي وقعت في البحرين.
طبعاً عدم وجود رغبة قوية لدى قطر وعُمان لحضور الاجتماع الأخير الذي عقد في الرياض (ربما حضراه قسراً) يعتبر مؤشر على وجود خلافات بين الحلفاء العرب، تعود هذه الخلافات إلى الأوضاع الداخلية في السعودية حيث تعتبر قطر وعمان والإمارات دول متحضرة أكثر بكثير من السعودية ولهذا فإن مشروع "الذوبان الفكري في السعودية الكبرى" يواجه عقبات واختلافات اجتماعية ومدنية متعددة.
في الوقت الراهن تواجه السعودية أوضاعا داخلية وخارجية سيئة متوترة مما يعتبر فرصة مناسبة جداً لجهاز الدبلوماسية الإيرانية لتوظيف تردي الأوضاع في المملكة لتجنيد المنطقة وعسكرتها بشكل أكبر ولاستغلالها من جهة أخرى في نزع فتيل التوتر مع الرياض وبالتالي يمكن للسعودية أن تمد يد الصداقة باتجاه إيران وهذا أمر متوقع من خلال تعاطي السعودية مع الهيئة الإيرانية التي زارت مكة وكذلك من خلال مؤتمر قمة حركة عدم الانحياز الذي عقد في طهران. في الظروف الاستثنائية اتحاد هذين البلدين يمكن أن يعزز قدرات نفوذهما وتأثيرهما إلى حد كبير جداً في المنطقة نظراً لأهميتها الاستراتيجية.
من جهة أخرى الخصومة والعداء بين أكبر دولتين منتجتين للنفط يخلق اضطرابات وتوترات في المنطقة تهدد أمن عملية تأمين الطاقة العالمية وهذا الأمر لن يكون في صالح أي دولة من دول العالم.
المصدر: ماهنامه اقتصاد ایران
السعودية؛ الداعم المالي لمخططات الموساد ضد إيران:
ظاهرياً تبدو السعودية بأنها المدافع الصلب عن حقوق الشعب الفلسطيني والمشجع على الوحدة بين جميع الفصائل وإنهاء احتلال القدس من قبل إسرائيل. لكنها في الخفاء اتبعت سياسة استرضاء إسرائيل بالرغم من أنها تعارض احتلال الأراضي العربية بعد حرب 1967.
في 2002 اقترح الملك عبدالله خطة الأرض مقابل السلام بموجبها ستقوم جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية بالاعتراف رسمياً بإسرائيل بالتزامن مع انسحابها من الأراضي المحتلة في 1967 والعودة إلى حدود 1948 وسيعترفون رسمياً بدولتين لفلسطين وإسرائيل، طبعاً لم تلتفت إسرائيل لهذا المقترح.
في عام 2007 جددت السعودية عرض هذا المشروع بحلة جديدة ما أدى إلى تصلب في موقف إسرائيل المعادي للعرب. في عام 2005 خطت السعودية خطوة أخرى في مجال تحسين علاقاتها مع إسرائيل وألغت العمل بقانون مقاطعة البضائع الإسرائيلية، في تلك الأثناء برر المسؤولون في الرياض هذا الأمر بأنه جاء نتيجة التزاماتها بقوانين منظمة التجارة العالمية التي تعتبر إسرائيل عضو فيها حيث لا يستطيع الأعضاء مقاطعة بضائع الدول الأعضاء الأخرى.
مع تصعيد إجراءات الدول الغربية ضد إيران فيما يتعلق بملف الطاقة النووية السلمية نشرت صحيفة "التايمز" تقريراً جاء فيه أن السعودية منحت إسرائيل الضوء الأخضر وأظهرت لها أنها تستطيع متى رغبت أن تستخدم المجال الجوي السعودي لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية وليس هناك أي مانع من ذلك.
قامت السعودية وإسرائيل مباشرة - وكما يتوقع أن يحدث - بتكذيب هذه الأخبار في العلن، النقطة المهمة في علاقات السعودية وإسرائيل المتصاعدة هي أنها تجمعهما علاقات قوية مع أمريكا التي تنظم علاقاتها مع تل أبيب والرياض وفق مصالحها الخاصة.
في 28 أكتوبر من العام الحالي نشرت صحيفة " Arutz Sheva" تقريراً أعدهBarry Lando" " المعد السابق في قناة CBS الأمريكية تناول فيه مصدر تمويل المؤامرات السرية التي يحيكها الموساد ضد إيران وقال "لاندو" أن مصدر معلوماته صديق ثقة يعمل في الحكومة الإسرائيلية وكشف في مقابلة مع صحيفة إسرائيلية أنه بحسب المعلومات التي وصلته فإن السعودية دفعت مليون دولار للموساد لاغتيال علماء الذرة الإيرانيين و المسؤولين السعوديين سعيدين جداً بدفعهم هذه المبالغ حيث يعتقدون أن هذه الاغتيالات أثرت سلباً على البرنامج النووي الإيراني السلمي والأمر يستحق كل ما يدفع لأجله.
وبحسب"باري لاندو" أن هجمات سايبري (الإلكترونية) الأخيرة التي شنتها إيران ضد منشآت تصدير النفط السعودي "أرامكو" تظهر بشكل جيد أن طهران تعرف جيداً موضوع التنسيق والتعاون اللصيق بين السعودية وإسرائيل، وبالتزامن مع تحليق طائرة الاستطلاع الإيرانية الصنع (أيوب) فوق أجواء المنشآت النووية الإسرائيلية شنت إيران هجوم سايبري الكتروني على منشآت النفط السعودية بهدف إيصال رسالة واضحة للحليفين الاستراتيجيين السعودية وإسرائيل.
وكتب لاندو؛ تعتبر السعودية خط الدفاع الأول عن إسرائيل والأمل الوحيد المتبقي لتل أبيب للحفاظ على موقعها في العالم العربي بعد الربيع العربي حيث خسرت أغلب أصدقائها وحلفائها التقليدين في المنطقة مثل مبارك.
ألّف باري لاندو مؤخراً كتاباً حول أوضاع المنطقة بعنوان : "دوامة الخداع، تاريخ خيانة الغرب في العرق من تشرشل حتى كندي وجورج بوش". يقول لاندو: في الثمانيات عندما كان معد برنامج "60 دقيقة" في قناة CBS تنبه إلى أن أمريكا تملك معلومات قليلة عن إيران ولا تدرك احتياجات طهران الإستراتيجية أصلاً, وأوضح أنه في عام 1980 وبالتزامن مع احتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران أعّد برنامجاً حول السوابق التاريخية للعلاقات بين أمريكا و إيران وقال أنه من الأفضل لواشنطن بدل تقديم الدعم الأعمى للشاه في فترة ما قبل الثورة الإيرانية أن تعتذر للشعب الإيراني، اتصل البيت الأبيض بمدير القناة وطالبوا بتغيير محتوى وعنوان البرنامج موضحين أن بث هذا البرنامج سيضعّف من موقف واشنطن في المفاوضات التي تجريها مع إيران.
ويوضح لاندو أنه في النهاية تم تغيير عنوان البرنامج من " يجب أن تعتذر واشنطن من إيران؟" إلى عنوان بدون أي خاصية "ملف إيران".
ربما الوقت غير مناسب لإزاحة الستار عن العلاقات السرية بين إسرائيل والسعودية ولكن دون شك سننشر في المستقبل وثائق كثيرة حول هذا الأمر تكشف أسرار العلاقات بين تل أبيب والرياض.
محسن صور اسرافي
المصدر: سياست ما
بدأت المدارس السلفية الممولة من قبل السعودية تدق ناقوس الخطر بالنسبة لأمن المنطقة:
"انخرطت السعودية بكل صدر رحب وعلى صعيد واسع بعد خروج القوات الأمريكية بإنشاء شبكة من المدارس المدعومة من قبلها والتي تروج للفكر السلفي والوهابي".
قبل مدة نشرت بعض وكالات الأنباء تقارير مقتضبة عن اتصال هاتفي أجري بين حامد كرازي رئيس الجمهورية الإسلامية الأفغانية ونواز شريف زعيم حزب الرابطة الاسلامية حيث تبادلا وجهات النظر حول قضية مكافحة الإرهاب والتطرف. بناء على البيان الصادر عن مكتب الرئيس الأفغاني جرى تبادل التهاني بمناسبة الأعياد كما أكد الرئيس كرازي على التعاون الوثيق والجدي بين البلدين لجهة إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان وباكستان والمنطقة حيث طمأن نواز شريف قائلاً: نسعى لإيجاد تنسيق بين أفغانستان وباكستان، وأن بلاده مستعدة لأي تعاون بين البلدين في سبيل تأمين السلام والاستقرار ومكافحة الإرهاب.
لم تمض ساعات قليلة على هذا الاتصال حتى نشرت وكالة الأنباء الفرنسية من كابول تقريراً عن إعلان "دايي الحق عابد" وزير الشؤون الدينية والحج الأفغاني عن تأسيس مركز إسلامي يحمل اسم الملك السعودي عبدالله في العاصمة كابول بدعم من المملكة السعودية وقال: تبلغ تكاليف تأسيس هذا المركز مليون دولار ومن المقرر أن يستوعب أكثر من 5.000 طالب وجرى توقيع اتفاقية إنشاء هذا المركز في جدة وسيبدأ العمل ببنائه خلال الأشهر القادمة. يشبه تصميمهمسجد فيصل في العاصمة"اسلام أباد" الذي أحدث عام 1980 ويستوعب 15.000 مصلي في وقت واحد. ومن المقرر أن تشرف السعودية ووزارة الشؤون الدينية والحج الافغانية بصورة مشتركة على ادارة هذا المركز الذي يضم جامعة ومسجد في حين كانت وزارة التعليم العالي الأفغانية دوماً تشرف على إدارة أمور الجامعات.
كما قالت بعض وسائل الإعلام الأفغانية أن قيام السعودية بإنشاء أكبر مركز ديني في العاصمة كابول يعتبر من أهم الفرص التي وضعها حامد كرازي في اختيار هذا البلد لنشر الوهابية والترويج لها ويذكر أن السعودية وباكستان والامارات العربية المتحدة كانت الدول الوحيدة التي اعترفت رسمياً بحكومة طالبان خلال أعوام 1996-2001.
ويجدر بالذكر أن نواز شريف رئيس الوزراء الباكستاني السابق هرب إلى السعودية بعد الانقلاب الذي قاده الجنرال مشرف وعاش لسنوات طويلة يتمتع بدعم الملك السعودي.
السؤال الرئيسي هنا؛ تعتبر باكستان دولة ذات حكومة مستقلة لكن لماذا اتصل كرازي برئيس جناح (جناح نواز) من الحزب العلماني المسلم وبحث مستقبل العلاقات بين البلدين؟
منذ زمن بعيد تسعى وزارة المعارف الأفغانية إلى إحداث مدارس دينية في أفغانستان حتى لا يذهب طلاب العلوم الدينية الأفغان إلى المدارس الباكستانية لوجود تصور يقول أن المدارس الدينية الباكستانية لها دور هام في التربية العقائدية لحركة طالبان وإعداد العناصر الانتحارية حيث يتم تلقين الطلاب الشبان أن الحرب ضد القوت الأجنبية في أفغانستان هي جهاد في سبيل الحق.
تعتقد الحكومة الأفغانية أنها إذا قامت بتأسيس مركز تعليم ديني بأموال سعودية سيكون بديلاً للمدارس الباكستانية ذات النفوذ الواسع والكبير. لكن هناك نقطة هامة يتم تجاهلها وهي؛ السعودية أحد أكبر الداعمين الماليين للمدارس الباكستانية الدينية التي تقوم بتنشئة عناصر حركة طالبان وتقدم لهم السلاح للجهاد ضد حكومة كرازي حيث حصدت العمليات الانتحارية القاتلة التي تتم عبر ارتداء الأحزمة الناسفة المتفجرة أرواح مئات البشر الأبرياء وخلفت آلاف الرجال والنساء والأطفال المعاقين.
لذا فإن أثار صدور هكذا ترخيص على مدى طويل سيعزز من هيكل وبنيان التطرف ولم يمض وقت طويل جداً على الآثار التخريبية التي خلفتها معارضة هؤلاء لتقاليد الشعب الأفغاني الدينية حيث قاموا بتدمير أماكن الزيارات وتفجير الأبنية والتماثيل التاريخية في منطقة "باميان" في أفغانستان، إن أفكار الوهابية السعودية التي تروج عبر دفع أموال لا حدود لها في العالم الإسلامي والآن في أفغانستان تحت مسمى الدين سيكون لها انعكاسات خطيرة جداً على هذا البلد وعلى المنطقة برمتها.
عزز قدوم السلفيين إلى أفغانستان مرة أخرى موقع طالبان وبث روح جديدة فيما تبقى لها من أنفاس في أفغانستان وضاعف مساعيها لوضع وصف لدين الإسلام. بعبارة أبسط ستنخرط السعودية ببال مرتاح أكثر بنشر "أفكارها" عن طريق شبكة المدارس التي تدعمها في باكستان.
الشيء الواضح أنه ليس هناك أي خلاف ايدلوجي-ديني بين السعودية وطالبان ففي السعودية الحكومة المنتخبة غير شرعية وتأسيس هذه المراكز في أي مكان من العالم ستتحول إلى مراكز لتنشئة عناصر متطرفة تحمل فكر طالبان.
في الحقيقة يمكن القول أن الدعايات التي تنشر منذ مدة والداعية إلى لزوم اشراك طالبان في السلطة طرحتها حكومة كرازي وتلقى دعما أمريكيا في حال أعادت طالبان هيكلتها، مع اقتراب زمان خروج القوات الأمريكية التي تعمل تحت اسم الناتو في أفغانستان سيغدو هذا المركز الديني مركز قيادة جديد في المنطقة ليمارس باسم دين الإسلام نشر الفوضى والاضطرابات وشن الحروب واقتتال الأخوة في أفغانستان والمنطقة وتشويه صورة الإسلام الحق.
على ما يبدو يرتدي أعداء الاسلام هذه المرة عباءة تشويه صورة الدين عبر شن حرب عليه وعلى الثقافة الإسلامية بعبارة أخرى يسعى هؤلاء بدل نشر تعاليم الإسلام المليئة بالرحمة والعشق والانسانية إلى تغيير حدوده الثقافية عبر ممارسة العنف ضد النساء وتعميم قتل الانسانية بهدف فتح جبهات جديدة لمحاربة الاسلام الحقيقي.
حول هذا الأمر كتب موقع بي بي سي:" يتخوف الأفغان من انتشار هذه المراكز المدعومة من الحكومة السعودية ومرد خوفهم يعود إلى ظهور جيل جديد على الساحة يعتنق مذاهب ضيقة الأفق حيث يقومون بتضيق الخناق على الآخرين الأمر الذي سيترافق برد فعل المجموعات المنافسة وسينتهي الأمر باندلاع أعمال العنف والفوضى.
بنظرة على المراكز المتعددة المرتبطة بالسعودية والمنتشرة في دول أخرى يظهر أنه لم ينتج عنها سوى الترويج لنشر السلفية (الوهابية) وكانت النتائج العامة لهذه المراكز تتجلى في انخفاض مستوى التقبل والتسامح بين الناس في هذه الدول، وارتفاع مستوى العداوة المذهبية ومن بعدها ظهور مجموعات متطرفة مسلحة وبدء الحروب الداخلية. وهذا الأمر ،بوجود آلاف المدارس الدينية والمؤسسات الدينية في أفغانستان، لا يحظ بأولوية في المجتمع الأفغاني.
قال الرئيس السابق لـ"مركز الأبحاث الاستراتيجية" الأفغاني ان قيام السعودية بإحداث مركز اسلامي في كابول خبر صادم ومقلق لأن قراءة السعودية لدين الاسلام ، قراءة حكومة طائفية تنشر الفرقة وتجدد العداوة والأحقاد، ونشر الشبكات الوهابية والسلفية كايدلوجية رسمية لآل سعود سيؤدي إلى تشديد الاختلافات المذهبية وإلى صدام بين الثقافات وتصاعد الاشتباكات المحلية والوطنية ومحاربة القيم كالمساواة، التسامح والعيش السلمي المشترك. ويعتقد الدكتور "ذاكر حسين ارشاد" الأستاذ الجامعي والخبير في العلوم السياسية ان تأسيس المركز الإسلامي بواسطة الدولة التي تدعم حركة طالبان مالياً لتقوم هذه الحركة كل يوم بقتل الشعب الأفغاني ونشر التعصب والتطرف يعتبر خطراً جدياً يواجه هذا البلد. وإذا ما سارت الأوضاع كم خُطط لها سيكون من العبث توقع حدوث سلام واستقرار في مستقبل أفغانستان.
قبول الحكومة الأفغانية بتأسيس هذه المدارس التي يبدو ظاهرها ديني وجامعي في الحقيقة ليس إلا تعريض استقرار الشعب الأفغاني ومستقبل هذا البلد للخطر، وسوف يتحول الطلاب المتطرفين خريجي هذه المدارس إلى أذرع ثقافية وعملياتية تتحكم بها القوات الأمريكية بعد خروجها من أفغانستان عام 2014.
رحمت الله بختیاری: خبير في شؤون شبه القارة
المصدر: خبر آنلاين
إضافة تعليق جديد